السبت, 27-أبريل-2024 الساعة: 11:52 م - آخر تحديث: 11:29 م (29: 08) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
المؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
بنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!
راسل القرشي
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
تطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م
إياد فاضل
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
أخبار

الجانب السوري رفض تضمينها في المسلسل

المؤتمر نت-خاص -
(المؤتمرنت)تنشر نص الرؤية التاريخية التي كتبها الأستاذ مطهر الإرياني لمسلسل(سيف بن ذي يزن)(الحلقة الثالثة)

حصل(المؤتمرنت) على نسخة من الرؤيا لتاريخية التي كان الأستاذ مطهر الإرياني قد كتبها بهدف إدراجها ضمن سيناريو مسلسل (سيف بن ذي يزن)الذي عرض على شاشة الفضائية اليمنية
وشاشة الفضائية السورية والمنتج من قبل شركة (لين) السورية بالاشتراك مع المؤسسة العامة اليمنية للإذاعة والتلفزيون ولاقى رفضاً قويا من قبل اليمنيين بسبب تشويهه لتاريخ بطل يمني هو سيف بن ذي يزن.
مطهر الإرياني انتقد المسلسل بشدة واوضح أن الجانب السوري تعمد الإساءة الى سيف بن ذي يزن وانه رفض اخذ مضمون ما كتبه في هذا الجانب.
(المؤتمرنت) يواصل نشر نص الرؤية التاريخية التي كتبها الأستاذ مطهر الإرياني في حلقات.

وتضع على المنصدة صفحةً من الفضة عليها إبريق رشيق من المرمر وقد حان وتنصرف باسمه .
ويحمل (وهب إيل) الإبريق ويملأ منه القدحين قائلاً:

هذا من عصير أعناب (مَسْوَر) لا مثيل لعنبه ولا نظير لعصيره فاشرب كاسك هنيئاً مريئاً، ونشر بها غداً مع الملك في (غُمدان).

يشربان. ويقول (وهب إيل) بإلفة:

أيها الصديق الحميم. إن لي عيوناً يذهبون ويأتون إلى معسكرات الأحباش بأكناف (ظفار)، ويأتونني بالأخبار. وبالأمس اعلموني بما هو ناشب بين (أبرهة) و (أرياط) من خلاف وانتم على علم به أيضاً. ولكن آخر الأخبار هو ما جاءني هذا اليوم، وهو أن الأحباش يتهيئون لرفع معسكراتهم متجهين نحو (صنعاء) عدا حامية يتركونها في (ظفار) لا يتجاوز عددها المئات.

يظهر الاهتمام واضحاً على وجه (معدي كرب) ويضع الكأس من يده، ويقول بجد وحميمية:

إن هذا حقاً جديد، ولا اكتمك أيها الصديق العزيز، أن نهاية مهمتي التي كلفت بها هي الوصول إلى أكناف (ظفار) والتواصل مع من في معسكرات الأحباش من الأقيال، لتدبير الوصول بهذا الشقاق بين الاحباش إلى غايته المرتجاه. وهذا الخبر لا يغير من غايتي وإنما يغير من خط سيري، فبدلا من المرور عبر صنعاء، سأنطلق غداً من هنا إلى (يكلأ)، والمطلوب الآن هو أن نبعث رسولاً سريعاً إلى (بني ذرانح) في (يكلأ) ليخبرهم أني لن أبيت غداً إلا عندهم، وليطلب من (ذي ذرانح) أن يبعث رسولاً من عنده إلى (ذي هران) بقرب (ذمار) أني بعد غد سأكون عنده

يهبّ (وهب إيل) واقفاً بحماس. ويقول:

لبيك يا ابن ذي يزن ولك الكرامة . . سينطلق الرسول الآن.

ويخرج (وهب إيل) مسرعاً، بينما ينصرف (معدي كرب) إلى النظر من النافذة وكأنه يتأمل المناظر التي أمامه بينما هو في الواقع يفكر في مهمته ويرسم في ذهنه أساليب تنفيذها، ويستغرق في التفكير بعمق حتى أن عودة (وهب إيل) لم تقطع عليه استغراقه ولا يتنبه إليه منتفضا إلا حينما يخاطبه قائلاً:

لقد ذهب الرسول ولن يبيت إلا في (يكلأ). . (ويقول مستطرداً): أما الآن فإلى طعام الغداء وبعده تخلد إلى الراحة من وعثاء السفر.

وينهض (معدي كرب) وينصرف مع (وهب إيل) وفي ممر من ممرات القصر ينضم إليهما (سيف) ورفاقه الثلاثة ثم الآخرون من كبار القوم.
ونلاحظ الكاميرا حركة الفتيان والفتيات ذهاباً وإياباً نحو انات الطعام
وتأخذ الكاميرا لقطة سريعة لقاعة الطعام وفي وسطها منصة طويلة قد وضع عليها الطعام الذي تغلب عليه الكباش المشويه والمحشية وصحون (السبئية) المغمورة بالسمن والعسل. وقد رصت الأقداح وعدد من الأباريق فيها شراب القوم . .
تعود الكاميرا في الصباح الباكر حيث نرى عدداً من الرجال يشدون الخيل، ثم نرى (معدي كرب) و (وهب إيل) ومعهم (سيف) والفرسان الثلاثة المرافقون وقد انتهوا من إفطارهم وهم على أهبة السفر ثم نراهم يهبطون درجات القصر. ويلتفت (معدي كرب) إلى (وهب إيل) قائلاً وهو يسلمه رقاً مطوياً:

هذه رسالة إلى الملك ، انتدب لها أيها القيل الكريم رسولاً مخفّاً يذهب بها لايلوي على شيء حتى يسلمها إليه في (كدور). وعند الباب يودع القوم بعضهم بعض بحرارة.
وترافق الكاميرا(معدي يكرب) ومن معه وقد امتطوا جيادهم متوجهين الى غايتهم. ونشاهد طلوع الشمس في الجبال وكيف تلامس أشعتها أول ما تلامس قمم الجبال الشامخة.
وعند الأصيل نشاهد(معدي كرب) وصحبة وقد وصلوا (زراجة) وهم يسيرون لعرولة في (الزيلة) وزبلة زراجة مرج أخضر من أوسع المروج في اليمن، وهو مكسو بالحشائش القصيرة –النجيل- حيث تعطيه كله ببساط أخضر سندسي الخضرة، وتلوح في نهايته -على بعد- بلدة ريكلأ ببيوتها العالية وعلى ربون منفردة يظهر قصر (النخلة الحمراء) الأشم، ويلتفت (معدي كرب) الى (سيف) والآخرين، وقد كبحو الخيل وجعلوها تمشي الهيدبا. ويقول:
انظروا ما أجمل الغروب على هذه الدور والقصور وقد بسطت الطبيعة أمامها هذا الباسط السندسي الأخضر، وجدول الماء الزلال ينساب على أطرافه يا (سيف).. يامعشر الإخوان.. كان للملوك الحميريين مقرات خارج العاصمة (ظفار) وكانوا يقضون فيها بعض أيام السنة ومن هذه المقرات(بَيْنون) و(هلي) و (مَوْكل) و(يكلأ) وغيرها وفي كل مفر كان لا بد أن يوجد الى جانب بيوتها العالية، قصر للملك ومعبد كبير ومسود. واشهر الملوك الذين كانوا يترددون على (يكلا) الملك (ذمار على يهبر) وابنه (ثأران يهنعم) وكل منهما بعد (تُبَعاً) من (تبابعة حمير)، وسنرى لهما عند مدخل مسودبهلا تمثالين كبيرين من البرونز المذهب.
سيف ينظر باحترام إلى (عمه ـ كما يناديه ـ ) وهو يسير بجواده إلى يمين عمه ويسأله بصوت طفولي رقيق:
عماه .. ياعم: كنت أريد أن اسألك عن (المسود)؟ ويحرك يمناه بعلامة الأستفهام
معدي كرب: اسم المسود يا بني من السيادة، وهو بناء مستقل ليس للسكن بل للاجتماع وللتشاور وتبادل الرأي، ولهذا لا يكون فيه من الرياش إلا المقاعد لجلوس الناس عند إجتماعهم، و(مساود) العواصم تلزم الملوك بقرار، ومساود المدن والبلدان تلزم الأقبال وكبار القوم في المناطق.
المرافق المرح يتقدم معارض من اليمين ويقلد سيف قائلاً:
قيلاه … ياقيل: إني على سني لأجهل من ضفدعة فهل لي أن اسأل؟
معدي كرب: اسأل ما بدا لك … يا أخا بني أسلم.
الفارس: كنت اسمع الناس يتحدثون بإجلال عن (التبابعة) فظننت ـ ولا أزال ـ أنهم ملوك عمالقة ( عاد الأولى )، ويبدو أنني ظلمت على ضلال الى اليوم، ومن سأل ما ضل. فما هو(التُبًع) أيها القيل؟
معدي يكرب: (التبابعة) هم ملوك حمير في عصور قوة المملكة الحميرية وعزتها ولم يكن الملك يسمى بـ(التبع) حتى يجمع اليمن كله تحت رايته ويكون له مهابة وولاء بين العرب جميعا في سائر أرجاء جزيرتهم، ومن أشهر تبابعة حمير (ياسر يهنعم) و (شمر يهرعش) و ( أسعد الكامل) و…
يصمت (معدي كرب) وينظر الى الأمام قائلا:
هاهم المقيمون هنا من (بني ذرانح) وقد خرجوا لاستقبالنا..
نشاهد جمعا من الرجال ينحدرون من التلة التي تقع عليها (يكلأ) ويقتربون فيستطرد (معد كرب) وهو يحدق فيهم قائلا:
وارى على راس المسقبلين أحد أقاربهم (خيران ذوذرانح) أما القيل الكبير والده فهو في معسكر الأحباش.
ويترجل (معدي كرب) وصحبه ويقبل (خيران ذو ذرانح) فاتحا ذراعيه وهو يقول مرحبا:
مرحبا.. يا مرحبا بـ( معدي كرب ذي يزن ) ابن (سميفع أشوع) آخر ملوك اليمن. يا مرحبا به وبصحبه الكرام.
يرد ( معدي كرب ) تحيته بصوت علا، ويلاحظ أن في كلام(ابن ذيرانح) يدل على أن أخبار لقاء (كدور) ومبايعة (ذي سمهر) ملكا لم تصل بعد الى مسامع (خيران) فيميل عليه هامسا له:
ولنا بعد السميفع ملكُ، ومن بعده ملوك. بقوة الإله.
يصعدون التلة نحو البلدة ويصلون عند الغروب ولكن (معدي كرب) يصر أن يُري (سيفا) التمثالين: صورة للتمثالين من المتحف وتدمج الصورة في المشهد ـ ومعدي كرب يشير إلى الذي على يمين المدخل ويقول:
هذا الأب (ذمار علي) وهذا إبنه (ثاره)
ويقول (ابن ذي ذرانح) مخاطبا المستقبلين:
أيها الحاضرون الكرام، إن ضيفكم بحاجة إلى الراحة، ولقاؤنا في (المسود) سيكون غداً ما لم يعد عنه العوادى.
ينصرف الجميع عدا منهم من سكان القصر وحاشيته ويدخل القيلان وسيف والفرسان الثلاثة، ويصعدون سلالم القصر المضاءة بالسرج وأمامهم عبد حبشي يحمل سراجاً أكبر وفي الطابق الثالث يقول (ذو ذرانح) مخاطباً العبد:
يا (وَدْفَه) اذهب بضيوفنا الأربعة إلى (المفرج الغربي)
نرى (سيفا) ورفاقه الثلاثة يتوجهون نحو تلك القاعة الغربية ويدخلونها، ويستمر القيلان في الصعود إلى الطابق الرابع، وفي الطريق يخاطب (ذو ذرانح) (معدي كرب) قائلاً:
من هذا الغلام ذو الطلعة المشرقة والعينين البراقتين الذي تصطحبه.
معدي كرب: اسمه (سيف) وهو ابن قريب لي مات عنه، فضممته إلى كنفي.
ذو ذرانح: هل أدعوه ليكون معنا؟
معدي كرب: لا . دعه وسندعوه فيما بعد.
يفضيان إلى قاعة جميلة مؤثثة برياش فاخر، وقبل أن يجلسا، يخاطب (ذو ذرانح) العبد قائلاً:
يمكنك الإنصراف يا (وَدْفَه) وابعث إلينا الوصيفة (ربابة)
يجلسان، وبعد قليل تقف ربابة بالباب قائلة:
عمت مساءً مولاي.. مرحباً بك أيها الضيف الكريم.. أمرك مولاي
ذو ذرانح: اذهبي فاحضري لنا الشراب.
تذهب ويعلمان أنها ستعود قريبا، فلا يخوضان في الحديث الهام الآن
معدي كرب: هل هي حبشية أيضاً؟ إنها لجميلة يا (خيران).
خيران ذو ذرانح: نعم: إنها حبشية عثرت عليها طفلة صغيرة في (ظفار) حينما اقتحمها (ذو نواس) الملك (يوسف أسأر يثأر) وقتل الحامية الحبشية كلها، وهي نبيهة جداً فرغم صغر سنها سألتها عن أبيها قالت (الرأس شَدَع) فعرفت أنها ابنة ضابط من ضباطهم، وقد احسنت معاملتها فلما شبت لم أجعلها أَمةً، بل جعلتها وصيفة لأهلي، ومَحْظِيِّةً لي، وهي ذات مواهب.
يضحكان ويستدرك (ذو ذرانح) قائلاً:
نعم مواهبها كثيرة وخاصة في الغناء وهو ما عنيته الآن.
تعود (ربابة) وتضع على منضدة بإزائهما صفحة من فضة وإبريقاً وقد حين وتنصرف (خيران) يصب وهو يقول:
هذا أيها القيل من عصير عنب وادي (نُمارة) بالقرب من (بينون) ولن يذهب بوعثاءِ السفر وإجهادِه غيره.
يشربان قليلاً ويضعان كاسيهما، ويعتدل (معدي كرب) في جلسته، ويمر بيده على شاربيه، ويتطلع إليه (ذو ذرانح) وهو يعلم أنه يحمل إليه أخبار هامة
معدي كرب: هل بلغكم خبر لقاء (مصنعة كدور) أيها القيل الكريم.
ذو ذرانح: نعم أيها القيل الكريم والأخ الحميم : بلغنا خبره، ولم يبلغنا مما تم الاتفاق عليه فيه إلا مبايعة كبيرِ الأقيال (جرة ذي سمهر) ملكاً، ونعمَّا هو من قيلٍ ومن ملك.
معدي كرب: إذاً فاعلم أيها الأخ الحميم إني محدثك في أمرين، أولهما ما أوكله إليَّ الملك والأقيال لإبلاغه إليك، والثاني سنفضي إليه بعد الانتهاء من الأول.
فأما لقاء المصنعة فقد حضره . .
تنصرف الكاميرا عن متابعة حديثهما لأنه أصبح معلوما
وتذهب الكاميرا إلى (المفرج) الغربي، لنجده غرفة واسعة جميلة، (ونجد سيفاً) ومرافقيه وهم يضحكون لما يلقيه الفارس (الأسلمي) من الفكاهات والطرائف. وبينما هم كذلك إذ وقفت على الباب عجوز طاعنة في السن قد غضن الزمن وجهها وقوس ظهرها، وادرد فمها، وأوهن قواها فهي لا تستند في سيرها ووقوفها إلا على عكازتها ورغم ما فعله بها العمر الطويل، إلا أن العين لا تفتحها، والنفس لا تنفر منها، ففي زيها وهندامها غرابه، وعلى وجهها بقية من جمال ومهابه، وفي عينيها بريق غريب، ولصوتها رنين عجيب حيث قالت وهي تطوف عليهم بنظراتها بدءاً من (سيف) وانتهاءً إليه:
العجوز لسيف برقة:
عِمْتَ مساء أيها الغلام الصغير، ذو القدر الكبير.
ثم للآخرين بجفاء:
وعِمْتُم.
سيف باحترام:
عمتِ مساء أيتها السيدة الجليلة.
أحد الفرسان واسمه (ينوف الجعدي) بعدم اكتراث:
عمتِ مساء يا خالة.
الفارس المرح وكانه يخاطب نفسه:
لقد أصبح (الأجعودي) خالة، فلأكن أعلى منه درجة.
ثم للعجوز بمرح ساخر:
عمت مساء يا عمه.
ومستطرداً ومخاطباً الثالث الوقور:
لقد فزت بالدرجة الأعلى أيها الفارس الصامت فقل: عمت مساء يا أمي.
الفارس الثالث يشير بيده كأنه ينفضها من الأمر ويقول بجد:
عمت مساء أيتها المرأة الكبيرة. ماذا تريدين. هل تأمرين بشيء. إني طوع أمرك.
كل هذا والعجوز تدور بنظرها وتستقر على (سيف) بدء وختاماً، فلما سكتوا دارت بنظرها عليهم، وبعد أن استقرت بنظرتها على (سيف) بحبٍّ قالت:
ما اسمك يا بني؟
سيف: اسمي (سيف) يا سيدتي.
العجوز : اسمك بتمامه إن سمحت.
سيف: (سيف الرحمن)
العجوز: اسمك من نسبك
سيف: (سيف الرحمن اليزني)
العجوز: قلتُ نَسبَكَ لا نِسبتَك ونسبُك يبدأ بأبيك.
وتذكر (سيف) أن أباه لا يعرف إلا بكنيته (أبي مرة) واسمه الأصلي (عامر) ولكن مجمل الناس لا يعرفونه فلا مانع من ذكره فقال:
سيف بن عامر اليزني، من الأقيال (بني ذي يزن) هل يرضيك هذا ايتها (العرَّافة) الحكيمة.
العجوز: نعم: أنا عرافة من سبأ الأباطح، استقربي المقام في بني ذرانح، لا أعتمد على السانح والبارح، بل على إلهام القلب والجوانح، والتفرُّسِ في العيون والجوارح، وقراءة الوجوه والملامح، وقد تفرستُكَ يا بين وقرأتكْ، وإن أذنت لي باخبارك عن طوالعك اخبرتُكْ . .
سيف : لا يكون ما تطلبين إلا بإذنٍ من عمي.
العجوز: إن هاجسي الملهم الأمين، لا ينتظر إذن الآذنين، وإن قلبي بك لضنين، فاسمع يا ابن الأكرمين.. إعلم إنك ستنال كل المطالب، وتبلغ أعلى المراتب، ولكن حذارِ ثم حذار.. إحذر الحيات الزرقا، التي لا تحقن بالسم بل تنفثه زرقا. أحذر النيازك، كما قال لكم العراف مالك.
وشملت العجوز الحاضرين بنظرة من عينين تكاد تقدح بالنار. وانسحبت تدق الأرض بعكازها. ويهمهم الفارس المرح كأنه يحدث نفسه:
أُسبِّح الرحمن لطلعتها المهيبة، وأعوذ به من نبوءتها الرهيبة.. العجيبة.. الغريبة.
ثم مخاطباً للآخرين بمرح يضحكون جميعاً إلا (سيف) فقد أُستغرق في تفكير عميق:
ها أنا قد تعلمت السجع الموزون، من هذه العجوز الحيزبون.. . زون. . زون.. بون.. بون.. نون.. هل تفهمون..
تنصرف الكاميرا، فنلتقي بـ (ذي ذرانح) وهو عائد من خارج القصر عائداً إلى القاعة التي ينتظره فيها (معدي كرب) ويدخل عليه فيحييه ليخرجه من تفكيره الذي رآه فيه:
عمت مساءً يا (مَعْدْ)
معدي كرب ينتفض متنبها:
هاه . . عمت مساء يا (خيران) هل تم إنفاذ ما انتهينا إليه من المهمات؟
خيران : نعم: لقد بعثت الرسل بمهماتهم، لإبلاغ من أرسلوا إليهم بما تم الاتفاق عليه في (مصنعة كدور)، وما انتهينا إليها من تفاصيل مستجدة، ولم تتأخر عودتي إليك إلاّ لأنني الآن عيوناً لي كنت قد بعثتهم فعادوا من (ذمار) بأخبار الأحباش، وأن معسكراتهم قد ضُربت حول (ذمار) وبدأوا يلحقون بها الخراب والدمار كونها من مقرات ملوك حمير، وقد عرفت عيوني أنهم سبقونا هنالك خمسة أيام لإنجاز مهماتهم الهمجية في تدمير المدينة وما حولها من مقرات الملوك.
يعتدل (معدي كرب) ويظهر عليه الاهتمام، ويتنهد قائلاً:
نعم: القتل.. الخراب.. الدمار.. هذا هو أول ما يفعله هؤلاء الأشرار، في كل مكان يصلون إليه، وها نحن قد أفضنا إلى الأمر الثاني الذي قلت أننا سنتحدث أيها الأخ الكريم: لقد علمت في (صرواح) أن معسكراتهم تترفع من أكناف (ظفار) قاصدة (صنعاء) حماها الرحمن وليتحنن على ذمار.
(خيران) يشارك (معد) ما هو فيه من الألم ويقول:
لعل الخبر الذي بلغك في (صرواح) لم يصل إلا وقد ترفعوا من أكناف (ظفار) وبدأو الزحف نحو ذمار فوصلوها اليوم.
معدي كرب: كلامك صحيح. وأنت تعلم أن للأحباش عيونا يدلونهم على مقرات الملوك، وسيدلونهم على (هكر) و (موكل) و (بينون) ولا أريد أن أزعجك فسيد لونهم على هذه البلدة الجميلة (يكلأ) وسيعفون فيها على كل أثر لملوك حمير وخاصة (ذمار علي يهبر) وابنه (ثأران بُهَنْعِم) فقد كانت حربهما لغارات الأحباش السابع على سواحل اليمن قوية وحاسمة.
خيران: سنصدهم ما استطعنا، ولكنهم الآن في إبَّان حملتهم وعنفوان قوتهم كأنهم إعصار أرعن، فلن يصددهم أحد حتى تجتمع كلمة اليمنيين لحربهم، وهذا ما نعد له، وإنا عليهم غدا لمنتصرون بقوة الرحمن.
معدي كرب: نعم: بقوة الرحمن واجتماع الكلمة، وإننى غداً لمنطلق إلى (حصن هران) المطل على ذمار لأكون قريباً من معسكراتهم والعمل الدؤوب على تحقيق ما ذكرته لك من الغايات.
خيران: أما الآن فقد أرخى الليل سدوله، وأدينا ما علينا عمله اليوم، ولم يبق إلا أن تتناول طعامك وترتاح بعد هذا الجهد والإجهاد، وقد قدمنا لمرافقيك طعامهم، وبعد العشاء سأجعل محظيتي ربابه ورفيقها نافخ الشبابه يغنيان لك غناءً هادئاً شجيا، يجعل نومك عميقاً هنيا، لتستيقض نشيطا قوياً على حمل مهماتك.
يضحكان.. وينصرفان إلى العشاء، ونرى (سيفا) وقد حضروا معه زوجة (خيران) ومن الواضح أنها تعامله بحنان أموي كبير، وهي امرأة نصف جميلة تلبس ملابس البيت الخفيفة والجميلة أيضاً، وتحدث (سيفا) وهي تعد له فراشه حديثا يدل على أنها قد جلست معه أثناء انشغال زوجها وضيفه.
زوجة خيران: آه يا سيف.. إنك لصبي ظريف ووسيم وذكي، ولقد دخلت إلى قلبي واتجذت لك موضعا فيه كواحد من أبنائي.
(سيف) ينظر إلى (أم طعَّان)-وهذه هي كُنيتُها- بحب ويقول:
لك الشكر يا (أم طعان) وإنك عندي بمنزلة أمي تماما
أم طعان: وأين والدتك يا (سيف)؟ وهل أنت مشتاق إليها بُنَىّ؟
سيف: أمي تعيش في (صرحة ذي يزن) بصنعاء، وأنا مشتاق إليها جداً جداً، وكان أملي أني سأراها بـ (صنعاء) في هذه الرحلة، ولكن عمي غير طريق سيره بسبب ما استجد من الأخبار.
(أم طعان) وهي لا تزال مهتمة بإعداد فراشه:
ستراها قريبا يا حبيبي
ثم وقد فرغت:
أما الآن فإلى النوم أيها الحبيب، فقد لاقيت من سفرك عنتا ومشقة، ولكنك صبي جلد صبور، كأن الإله أعدك لمهمات الأمور.
ثم وهي تساعده على دخول الفراش وترد عليه غطاءه:
ليكلأنك الرحمن في ليلك ونهارك، وغدوك ورواحك.
وتجلس (أم طعان) متوارية عن مجال نظره حتى تسمع انتظام تنفسه فتنصرف، ثم يدخل زوجها وضيفه، ويبدأ (خيران) بالتبسط وطرح صرامة الجد، والتصرف بعفوية، فينادي بصوت عال جهير (ياوَدْفَه.. هلم هيّا يا ودفه) وسرعان ما حضر العبد:
نعم : مولاي
خيران: خذ هذه الصفحة وما عليها، وابلغ (ربابه) أن تجددها وأن تحضر ومعها مِعزفها ورفيقها نافخ الشبابه.
حُباًّ وكرامة يا مولاي.
ينصرف العبد، ويتخفف (معد) من بعض ثيابه معلقاً لها على مشاجب مذهبه في الجدران ويدخل إلى الحمام ليغتسل، وتحضر (ربابه) ورفيقها وتضع الصفحة على المنضد متأبطة آلتها الوترية ويجلسان في مكان معهود لهما ويخرج (معد) بثيابه الخفيفة، فيدخل إلى نصفه في الفراش الوثير المعدله، ويصب في قدحه، ويرفع كأسه، وينظر إلى الأنيسين مبتسماً فيبدآن العزف. كل ذلك ومضيفة (خيران) واقف بتعهد كل ما يلزم لراحة ضيفه ببشاشة وسرور واضح لأن ذلك من شروط إكرام الضيف وبعد أن يطمئن ويرى ضيفه مرتاحاً، يلقى نظره على (سيف) للإطمئنان على راحته، ثم ينصرف قائلاً:
والآن أتركك أيها الضيف الكريم، ليؤنسك هذان-يشير إلى ربابة ورفيقها-حتى ترتاح وتنام برعاية الرحمن وحفظه عِم مساء وصباحا أيها القيل.
وينحنى وينظر إلى وجه (ربابة) برقة قائلاً:
اعزفي برقة يا حبيبتي.
وينظر إلى رفيقها بجد قائلاً:
وأنت انفخ برفق.. لا تكن علجا أيها الولد.
ويلتفت إلى ضيفه فيجده مبتسماً بسرور، فيلوح بسرور مبتسماً وينصرف.
قبيل الفجر نرى الرجال يسرجون الجياد، وفي القاعة العليا نجد (معدي كرب) و(سيفا) ووالدته ومعهما شاب وسيم في نحو العشرين وفتاة جميلة في نحو الخامسة عشرة وصبية في نحو العاشرة جميلة مشرقة باسمة بحياء.. ويلقى (خيران التحية عنهم جميعاً):
عمت صباحاً أيها القيل.
ويلتفت إلى (سيف):
عمت صباحاً يا بني.
ويقدم من معه واحداً واحدا فيقول بادئاً بزوجه ويقوم عند التقديم بالإشارات اللازمة:
هذه زوجتي وقد عرفتها واسمها (قَيْلَة) ولقبها كما عرفت (أم طعان) وهي من (بني جُرَت) أهل (مقولة)، وهذا ابني (أسعد) وهذه ابنتي (بَرِيْلَة) وهذه ابنتي (رواع).
يصافح (معد) كل واحد عند تقديمه وتنصرف (أم طعان) إلى سيف فتقول له:
كيف أصبحت يا إبني
سيف: بخير يا سيدتي
وتشير (أم طعان) إلى ابنتها الصغرى (رواع) فتذهب إليها وتقول لها أمها:
هذا هو (سيف الرحمن اليزني) جاء أمس ليلا إلى جناحنا في القصر فتعرفنا عليه وكنتِ قد أخلدتِ للنوم فهل ترحبين به؟
تمد (رواع) يدها مصافحة:
أهلاً بك بيننا يا (سيف)
سيف: أشكرك يا (رواع)
ويدخل (ودفة) وفتى آخر يحملان طاولة من الخشب يضعانها أدنى القاعة، وبعدهما تدخل (ربابة) وفتاة أخرى يبدو عليها انها من العاملات في القصر، وتضعان صحائف الطعام على الطاولة وتشرف (أم طعان) على وضع الطعام عليها ويدعوهما (خيران) إلى تناول فطورهما قائلاً:
أعرف حرصك على سرعة الإنطلاق أيها القيل فتفضلا.
يجلسان وتذهب الكاميرا إلى باحة القصر لنرى الفرسان المرافقين وقد أعدوا الخيل وتناولوا فطورهم، وقد حضر عدد من كبار القوم للتوديع فقد علموا أن ما يجري قد أعجل القيل، ويظهر (معد) و (سيف) ومعهما (خيران) فيقول الأخير مخاطبا الحاضرين:
تعرفون أيها الحاضرون الكرام أن أموراً قد جدت وأعجلت ضيفنا الكريم ودعته إلى سرعة الانطلاق، وسنلتقي في (المسود) بعد توديع ضيفينا الكريمين لأبلغكم بكل ما أبلغ إليّ ولنتشاور فيما يحدث.
أكبر من حضروا سنا: نعم: نعلم ذلك فأهلاً بهما ووداعاً لهما، ولينطلق القيل الكبير على بركة الرحمن لما هو عازم عليه.
يمتطي المسافرون جيادهم وينطلقون جنوبا باتجاه (ذمار) وقبل أن ينطلقوا يسلم (معد) إلى (خيران) أنبوبا مختوماً قائلاً:
يا أخا (ذي ذرانح) هذه رسالة إلى الملك في (كدور) انتدب لها فارسا نجداً يصل بها إليه على وجه السرعة.
خيران: سأفعل وللملك ولك الكرامة.
تنقل الكاميرا المشاهد إلى (مصنعة كدور) لنشاهد أن جموعا من رجال الأقيال المحاربين قد توافدوا ونصبو الخيام وأصبح السهل الممتد تحت (كدور) وكأنه معسكر تذهب فيه الخيل والهجن وتجيء ويتحرك الرجال هنا وهناك (يمكن أن نشاهد سباقاً بين فرسان في مكان.. وتدريب على السلاح في مكان) ونشاهد فارسا مسرعا ينطلق في أول السهل ويتوغل فيه متجها نحو (المصنعة) وترافقه الكاميرا حتى يصل إلى البوابة التي يحرسها عدد من الرجال الأشداء فيترجل بسرعة من هو على عجل ويظهر عليه أنه قادم من بعيد وأنه يحمل رسالة، ويتقدم نحو البوابة ويتقدم نحوه كبير الحرس وهو رجال مهيب طويل وعريض ولكنه يمشي برشاقة وقوة لا يرتدي إلا منزرا وعلى صدره وظهره وشاح يرسم عليهما شكل علامة (X) ورأسه حاسر وشعره طويل يبلغ كتفيه وليس على رأسه إلا طوق من لمحاسن يجمع متشعثة حول رأسه متشحا لسيفه متمنطقاً بخنجره وفي يده رمح طويل يدق بعقبه الأرض ويتدانياً فيقول للقادم:
من أنت ؟ وماذا تريد؟
الرسول: أنا (عَنْبَسَة الخولاني) رسول (معدي كرب ذي يزن) أحمل منه رسالة من (صرواح) إلى ملكنا الجليل.
الحارس: انتظر هنا قليلاً.. ولك الكرامة.
ويرسل كبير الحرس أحد رجاله ويلقنه الإبلاغ فيذهب وبعد فترة قصيرة يعود قائلاً بصوت عال فيه مبالغة بالاهتمام:
ليدخل رسول القيل (معدي كرب ذي يزن).
يسلم الفارس عنان فرسه لأحد الحراس طالباً الاعتناء به لأنه قد أجهده، ويدخل برفقة المبلغ الذي يتجه به إلى المبنى الذي على اليسار الذي عقد فيه الأقيال اجتماعهم الأول وقرروا فيه مبايعة (ذي سمهر) ملكاً، ويفضي به الصعود إلى باب يفتح على قاعة فيها طاولة طويلة مليئة بالرقاق، ويعرف الجالس عليها فقد سبق أن قابله فيدخ عليه محييا:
سلام الرحمن عليك يا كبير (بني ذ سحر).
مرة ذو سحر: وعليك سلامة يا أخا خولان القادم علينا من (صرواح).
الرسول: نعم: إنني رسول القيل (معدي كرب ذي يزن).
ويدخل يده في ثيابه ويخرج أنبوبة نحاسية يسلمها قائلاً:
هذه رسالة القيل (معدي كرب) إلى ملكنا الجليل (جُرت ذى سمهر).
يسلمها منه مرة ويستدعى أحد العاملين في تدبير شؤون المقيمين في (المصنعة) وبأمره أن يُنزِل الرسول في منزل مريح وأن يعتني بجواده قائلاً للرسول:
اذهب الآن فاسترح وانتظر حتى نرى ما يأمر به الملك.
ينصرف الرسول، ويصلح (مُرَّة) من شأن نفسه ويخرج متجها إلى مقر الملك، فيخرج ويمر بالساحة التي لاتزال على ما أعدت عليه لعقد مؤتمر الأقيال، ويدخل من ذلك الباب الجانبي ويتوجه إلى مقر الملك ويصعد الدرج إلى حيث يستقبل الملك زواره، ولا يعترضه الحرس لأنهم أُبلغوا أن (مرة) يدخل على الملك متى ما شاء، ويفتح له آخر الحراس باب القاعة فليجها محييا الملك:
سلام الرحمن عليك أيها الملك الجليل
الملك: وعليك سلامٌ ورحمة يا حكيم (بني ذي سحر).. إجلس
ويشير الملك له إلى مكان جلوسه المعتاد على يمينه فيجلس ويسأل الملك:
أما من خبر عن قادم جديد من الأقيال؟
مرة: لا أحد بعد من وصلوا من قبل، ومن وصلوا حتى أمس هم أقيال وكبار المناطق الشرقية أو القريبة من المشرق.
الملك وقد بد عليه بعض التجهم: نعم: ولكن أسماءً معينة من المناطق القريبة كنت أتوقع وصولها فلم تصل
مُرَّة: لا تدع الأمر يقلقك أيها الملك. ولننتظر أياماً أخرى
الملك متنَهِّراً: أما من خبر عن (معدي كرب)؟
مرة: بلى: أيها الملك وهذه رسالة منه وصل بها رسوله الآن من (صرواح).
يقف (مرة) ويخرج الأنبوبة من حيبه ويقدمها إليه ويجلس، فيعضّ الملك إلا نبوية ويتناثر شيء من ختْمها الشمعي ويُخرِج الرق المطوي فينثشره ويأخذ في قراءته وتظهر عليه إمارات الجد والصرامة ثم يلتفت نحو (مرة) قائلاً:
إلى الملك الجليل من (معدي كرب ذي يزن) مرسلة من (صرواح) وآخر ما عرفته هو أن الأحباش يترفعون من معسكراتهم حول (ظفار) قاصدين (صنعاء) وما أظن هذه الرسالة تصلك إلا وقد بلغوا (ذمار) وأتوقع أن يمكثوا حولها بضعة أيام، يقومون خلالها بالعمل الذي لا يجيدون غيره.. القتل.. الأسر.. النهب.. التدمير.
غيرت طريقي لأصل أسرع وأنا منطلق الآن إلى (يكلأ) ومنها إلى (حصن هرَّان) لأقوم بما أوكل إلي ومما بلغني أن الخلاف بين القائدين-أبرهة وأرياط- يشتد كل يوم وسأتابع المهمة والكتابة إليكم.. وسلام الرحمن على الملك. وسلامٌ على ملكوت حمير، والخربي والذل للأحباش.
معدي كرب
مرة: لِيَسْحَقَنَّهم الرحمن ولِيْقْتِلَنَّهم بأيدينا. إن هذا الخبرٌ مهم أيها الملك.
الملك: نعم . . نعم . . إنه لخبر مهم.
ويستغرق في تفكير عميق ويصمت (مرة) احتراماً لاستغراقه، فيلتفت إليه الملك بعد برهة قائلاً:
قبل أن نَبُتَّ برأيٍ في هذا الأمر الجديد، دعني أفضي إليك يا (مرة) بمكنون صدري وهو أمر لا أريد إشاعته الآن فلكل شيء، أوانه . .
يصمت الملك مفكرا ومستطلعا فيقول مُرَّة:
حدّثني بما تريد، فإنني مصغٍ أمين
الملك: تعلم أن الناس يقولون عني.. إن هذا الشيخ المسنّ لينظر في الغيب ويُخبِر عنه، وأنا لا أضع نفسي هناك، وإنما أنا امرؤ يقرأ الأحداث، وينظر في مسيرتها، ويحدس بنهايتها وما سينجم عنها، وهذا التفكير المرتب عمليةٌ إنسانية خالصة، وليس عِرافة ولا تنجيما ولا كهانة، وهو يصدق أكثر مما يصدق العرَّافون والمنجمون والكهنة.. أليس الأمر كذلك يا (مُرّة)..
وينظر الملك من النافذة جائلاً بنظراته الثاقبة المتوهجة في الآفاق، ويجيب (مرة) قائلاً:
نعم.. إن الأمر كذلك أيها الملك الحكيم.
ينتزع الملك نفسه كأنه عائد من بعيد ويقول:
لقد نظرت في ما نحن فيه منذ منشأة عام (640) من سني حمير، أي منذ نزول جيوش الأحباش على شواطئ بحر حمير الجنوبية، وتشتت الأقيال، وإقدام الملك (يوسف أسأر يثار) على إغراق نفسه في لجة البحر أنفة، واستيلاء الأحباش على مقاليد الأمور في بلادنا بهذه النظرة المستقرئة والتفكير المرتب وصلت إلى نتائج عديدة منها ماولى، ومنها ما نراه، ومنها ما نتوقع.
يسكت الملك قليلاً ثم يستطرد:
فما هو قائم وستكون له نتائج، هذا الخلاف الناشب بين فريقى (أبرهة) و (أرياط)، والناس وإن كانوا يقولون: كلبان يتهارشان لا يؤذيناإلاَّ عواؤهما، إلاّ أنهم يميلون إلى (أبرهة) ويتمنون له النصر على (أرياط).
ينظر الملك في عيني (مرة) فيهز رأسه موافقاً، ويقول الملك فجأة:
أما أنا فليس الأمر عندي كذلك. فما رأيك يا (مرة).
يبدو على (مرة) أنه فوجئ بالنتيجة، فهو نفسه يكره السفاح (أرياط) ويتمنى له الشر، وإن كان ليس له انخداع الأغرار بـ (أبرهة).. كلاهما شر، ولكن بعض الشر أهون من بعض. تدور برأسه هذه الخواطر فيطرق قليلاً ثم يرفع رأسه قائلاً:
أيها الملك الحكيم.. أنا لست صخراً حتى لا أكره السفاح (أرياط) كل الكراهية، ولاغِرًّا فأنخدع بـ(أبرهة) المراوغ، ولكن إذا كان الشيطان على رأس (أرياط) الملعون.
الملك يعيد التحديق في وجه (مرة) ويقول وهو يهز رأسه بدهاء:
أما أنا فأكره العدو السفاح أشد الكراهية ولا أخشاه لأنه يحفر لنفسه قبراً بيده، وأكره العدو المراوغ أشد الكره وأخشاه. يا (مرَّة) يا (ذا سحر) تعلم أن الفرقة والاختلاف هما قاصمة الظهر والطامة الكبرى في حياة كل الشعوب، أليس كذلك؟
مرة : لاشك في هذا أيها الملك.
الملك وقد بدأ ينفعل قليلاً:
ألم يتشتت الأقيال من حول (يوسف أسأ)؟ ألم تتشعب سبلهم أمام الزحف الحبشي فاعتصم أكثرهم بمصانعهم وحصونهم وقلاعهم، ووقع بعضهم في يد الأحباش فلاينوهم؟
وتوجه بعضهم شرقاً فاستقروا هنا ثائرين.. ناقمين.. رافضين للذل وبدون أن تتوحد حولهم الكلمة فماذا تراهم صانعين.
الملك يصمت قليلاً حتى يهدئ أنفعاله، ويقول بصوت عمق:
الفرقة.. الفرقة.. هي البلاء الأعظم.. أليس كذلك
مرة: نعم: أيها الملك الحكيم
الملك وهو يقلب يديه مدللاً على أن ما يقوله أمر بديهي:
إذاً فالوحدة…الوحدة ..هي الملاذ والمعتصم .
ثم يستطرد بلهجة من يضع مقدمات لها نتيجة حتمية فيقول:-
أو ليس أن (أرياط) بوحشيته الفطرية، وهمجيته الطبيعية، قد أنزل بالبلاد والعباد من القتل.. والأسر.. والسلب والنهب. . والتخريب.. والتدمير ما لا يزيد عليه، وما لا قدرة له على ارتكاب أكثر منه؟
(مرة) يستمع باستغراقٍ شديد ويكتفي بهز رأسه موافقاً.
الملك: ثم أو ليس أنه بهذا السلوك الوحشي، قد ملأ نفوس الناس بالكراهية له والحقد عليه.. وعمت هذه المشاعر قلوب الناس في شرق البلاد وغربها وجنوبها وشمالها، حتى صارت الصدور تغلي عليه غليان المراجل؟
ثم الملك بلهجة من أوشك على الوصول إلى النتيجة:
أخيراً ألا ترى معي أن الكراهية العامة للعدو، والحقد الشامل عليه هما عاملاً توحيد لما تفرق، وجمع لما تشتت، فهما خيطان أوليان في لحمة واحدة الصف وسداها، وإذا كان اليوم عاملين في حالة القوة والكمون، فسيخرجان غداً إلى طور الفعل والظهور، خاصة إذا ما استمر المؤثر والمثير في عمله المحرض. ألست معي في هذا يا (مرة)؟
يلقي الملك بالسؤال في آخر كلامه ويعتدل في جلسته بعد أن كان قد مال حتى صار وجهه في وجه مرة وينظر إليه منتظراً جوابه
مرة: نعم إنني معك أيها الملك في كل ما قلت.
الملك يرفع يديه إشارة التسليم بأمر مسلم به، ويقول بلهجة حاسمة:
إذن فَلْيَدُمِ المؤثرُ والمثير، ولتبقَى النارُ مضطرمة تحت المرجل، لِيَسْتَمر (أرياط) فلم يعد في وسعه أن يفعل أكثر مما فعل، فلن يكون إلا نصبا أسود للقسوة والطغيان، تسهدفه سهام الكراهية، وتهوي عليه سيوف الانتقام، وتتحد على حربه والنيل منه قلوب اليمانيين، إنه القائد الأرعن الذي يحفر قبره بنية.. وقد فعل.
ويتنفس الملك الصعداء ثم يستطرد بصوت ساخر كأنما يسخر ممن يثقون بـ (أبرهة) فيقول:
أما هذا الـ (أبرهةُ زِيِمْان)، ومقالاتُه التي يرددها في كل مجالسه.. أنا (جَعْزِي) أصيل.. أنا من صميم (حمير).. أنا الذي سأجدد أمجاد (التبابعة).. أنا الذي سأنتزع من يد (الأعراب) ما أخذوه من (أهل اليمن).. وأعيد الحياة والحركة التجارية إلى موانئ اليمن وإلى مدنه العريقة.. سوف أخلع على (كاتب الأصبحة) طاعته ، فإنه هراء وكلام أجوف.
ثم يدني الملك وجهه من وجه (مرة) ويقول بصوت جاد:
ولكنه... نعم يا (ذو سحر) ولكنه السمُّ في العسل.. السمُّ الزعاف في أنياب حية ملساء ناعمة الملمس براقة الألوان.
ويستطرد بصوت تقريري:
إن الناس (يا مرَّة) يُقادون أحياناً من آذانهم، ويصغون بـ آذانهم للكلام كما تصغي الخيل الظماء لصوت الصغير.
يسكت الملك ناظراً إلى (مرة) كأنه يستطلع رأيه فيقول مرة:
أيها الملك الحكيم إن عقلك الراجح الوهاج، قد أضاء لك الأمور أمراً أمراً، وكان بعضها يخامرني أشتاتا فلا استطيع ترتيبها في نسق منتظم، ولم يبق لي مما أقول إلا سؤال عن حقيقة موقف كبار الأقيال ممن هم حوله (أبرهة) أو ممن يراسلهم ويراسلونه؟ هل هم ما يرون له على بصيرة؟ أم منساقون وراءهُ على أمل؟ وهل يمكن أن ينخدعوا به إنخداع الأغرار من العامة؟
يتنهد الملك ويقول بشيءٍ من الحزن:
يا (مرَّة) إنهم يربتون على كتفه ويقولون له تخٍ بَخْ مسايرةً له ويضمرون أمرا، وهو يحمد لهم هذه المؤازرة ويضمر أمراً، وفي النهاية لا نعلم أي الأمرين سيكون. وأظن انتظارنا لن يطول، وعلينا أن نهتم بما نحن عازمون عليه.
ويصمت الملك. وينتظر إلى رسالة (معدي كرب) أمامه فيلتقطها، ويعيد النظر إليها بسرعة ثم يخاطب (مرة) قائلاً:
أما الآن، فاذهب يا (أخا ذي سحر)، فاجتمع بـ (يزيد بن كبشة) و(حنيف ذي حليل) ومن وفد من الأقيال، واقرأ عليهم رسالة (معدي كرب) واطلب منهم أن يواصلوا الاستعداد، وراسلوا الأقيال الذين حضروا لقاءنا الأول ليعودوا وسننتظر من يصلنا من الأقيال الآخرين، وخلال أيام معدودة سنعقد لقاء آخر على بينة من الأخبار التي ستأتينا.
ينهض (مرة) وينصرف قائلاً:
أتركك برعاية الرحمن أيها الملك.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تعود الكاميرا بالمشاهد إلى (معدي كرب) وصحبه وقد تجاوزوا أنحاء (يكلأ) وعبروا سلسلة الجبال التي تقع شرق (قاع جهران)، وهم الآن يسيرون هرولة في هذا (القاع=السهل) وعلى يمينهم بقع الجزء الممتد بين (ذمار) و (صنعاء) من محجة اليمن العامة، ويشاهدون عليها قافلة من الجمال، وجمال مفردة محملة مع حداتها ومسافرين على بغال وعلى حمير السفر ومسافرين مشاة ثم تركز الكاميرا على مجموعة تسير متجمعة ظهور الدواب وبعضهم يمشون على الأقدام، وينظر (معدي كرب) وأصحابه فيقول (معد): (تمر الكاميرا على هذه المشاهد)
تلك مجموعة من النساء والأطفال والشيوخ، ويبدو أنهم من أواخر الناجين بأنفسهم من (ذمار) بعد اقتحام الأحباش لها.
(معد) يفكر قليلاً، ثم ينظر إلى (سيف) باسما ويقول:
هذه أول مهمة لك يا (سيف)، المسافة من هنا إلى المحجة لا تزيد عن ألف ذراع أو يزيد قليلاً، فانزل عن جوادك دعني أجنبه لك، وانطلق إليهم عدوا، فإذا وصلت فحيهم ثم أعتمد على ذكائك وفصاحة لسانك في معرفة ما لديهم من الأخبار، وسننتظرك في ظل تلك الغيضة التي تقع في اسفل تلك المزرعة.
(سيف) يترجل مسرعا ويسلم جواده لعمه ويقول:
سمعاً وطاعة يا عماه.
وينطلق عدوا وتدنو معه الكاميرا فيميز المشاهد النساء والأطفال الراكبين، ويميز شيخين كبيرين على بلغتين، ويتابع (سيف) حتى يصل ويختلط بالقوم، ثم تدنوا الكاميرا حتى نسمعه
سيف: ليكن الرحمن في عونكم أيها القوم
تهمهم المجموعة بالرد ونسمع كلمة عونك وصبي كأنهم قالوا "وفي عونك أيها الصبي" نشاهد (سيف) وعيناه تبرقان وهو يجيلهما متخيراً منهما من يوجه خطابه إليه، وتستقر عييناه على أحد الشيخين وكلاهما بملابس تنم عن شيء من اليسر والوجاهة، ويخاطب الشيخ الذي اختاره:
أيها العم: إنني رسول ممن يهمه أن يعرف ما يجري في (ذمار) الآن.
الشيخ بصوت يدل على العطف:
سر معي فلا نريد التوقف وأعمل إنني أعرف أيها الصبي أنك رسول تلك الكوكبة من الفرسان التي تسير هنا-يشير إلى الجهة- ويبدو عليهم الوجاهة، فقل لهم إن ما يجري في (ذمار) هو العمل المعهود من هؤلاء الغزاة.. القتل.. الأسر.. النهب والسلب.. التخريب، فليتجنبوا المدينة حتى تنقشع عنها البلوى، وقد خفف الرحمن عنها البلاء، ببعض ما يجري بين الأحباش.
استراح (سيف) لإجابة الشيخ الواضحة ونرى ذلك على وجهه ويدنو من الشيخ بدالَّة الابن على أبيه ويحك الجانب الأيمن من جبينه مفكراً بطفولية ويقول:
إنك لذو فراسة صائبة يا عم، فتلك الكوكبة من الفرسان هم من ذوي الشأن، فهل لديك ما تحب أن يعرفوه فانقله إليهم.
الشيخ: استمر في السير معي وقل لهم عني: إنني شيخ مسن من (بني ذي مَذْرَح) أقيال (آنِس وألهان) فأنا من المتتبعين للأخبار، وقل لهم: أنَّ ما بين (أبرهة) و (أرياط) قد أصبح متباعداً، وسيحسم الأمر بينهما قريباً، ومنذ أن وصلوا إلى (ذمار) ضرب (أبرهة) معسكره منفرداً، ومعه نحو نصف الجند، ولم يشترك في مجلس حرب (أرياط) ولم يشارك من معه في اقتحام (ذمار) بل خر بعد ظهر يوم وصولهم ومعه بعض أقيال اليمن للصيد غرب (ذمار) ولم يعودوا إلا مساءً

ينظر (سيف) إلى الشيخ (المذرحي) مبتسماً بامتنان ويرفع يديه إلى الأعلى وهو يقول:
لك الشكر أيها الشيخ الحكيم فقد أخبرت وأبلغت.
وينطلق سيف عدواً فلما وصل حياهم وهو يلهث وسرد عليهم ما سمعه من الشيخ بتفاصيله، فاكتفى (معدي) بالتعليق قائلاً:
أحسنت يا (سيف) وإن صاحبك لرجل حكيم.
ثم لاح لهم على مسافة غير بعيدة ثلاثة شخوص، كهلٌ يحمل سلة، وامرأة نصف تحمل على رأسها طبقاً فيه بعض الأواني، وفتاة يافعة تحمل صحفة عليها إبريق وأقداح، فتساءل (سيف) بفضول طفولي:
من تحسبون هؤلاء القادمين؟
فربت عمه على كتفه قائلاً:
إنهم أسرة من المزارعين من أصحاب تلك القرية التي تقع على كتف الجبل –يشير له إليها- وهم قادمون إلينا بما يسمونه (ضيفة الطريق) وهذه عادة أهل القرى في اليمن، فكلما رأوا مسافراً أو مسافرين وقد جلسوا للراحة بالقرب من ديارهم بادروا إليهم بهذه الضيافة، وسترى أنهم لن يكتفوا بهذا بل سيدعوننا إلى قريتهم ليضيفونا كما يحبون ولا يقبلون إلا عذراً لا محيص عنه، فهذه عادة عند أهل اليمن في جميع الأرياف.
ويصل القادمون فيضع الرجل سلته وفيها بعض الفواكه من عنب وتين وخوخ، وتضع المرأة طبقها وفيه خبز، وإناء فيه سمن، وتضع الفتاة صحفتها وفيها إبريق للماء وعدد من الأقداح، ويقول الرجل:
هذه تحية الطريق، وغداؤكم في البيت.
فأثنوا على كرمه واعتذر له (معدي) قائلاً:
أنت حاضر وسامع لعذرنا، ومضيفنا في (حصن هران) غائب ولا نملك أن نسمعه عذرنا، وهو ينتظرنا.
فقبل عذرهم، وبينما انصرفوا لتناول بعض ما قُدم لهم، انصرف الرجل وزوجه إلى بعض العاملين في المزارع وطلب منهم تقديم العلف والماء للخيل.
فلما فرغوا وشربت الخيول وتناولت بعض العلف نهضوا واتجهوا إلى خيلهم فامتطوها والحاضرون يودعونهم ببشاشة.
تواكب الكاميرا انطلاقهم لبرهة، ثم تجول على تلك القرى التي يقع بعضها في قمم الجبال، وبعضها على هذا الكتف أو ذاك من أكتاف الجبال.
تعود الكاميرا إلى كوكبة الفرسان وقد لاح لهم (حصن هران) على جبل مفرد ليس شديد الإرتفاع، ومع دنوهم يتضح لهم أن أعلى الجبل حصن مسور ليس فيه بيوت عالية، أما قصر (ذي هران) فيقع على الكتف الغربي من الجبل، ويلاحظون مجموعة من الرجال تنحدر من القصر على المنحدر غير المرتفع والذي يفضي إلى السهل الشمالي تحت القصر، فيقول معدي كرب:
لا شك أن هذا هو (شرحبيل ذا هران) ومعه بعض المحاربين من رجاله بسبب حالة الحرب القائمة.
ويتدانى الجمعان فيترجل الفرسان ويتعانقون ونرى (شرحبيل) يعانق (معدي كرب) بحرارة ويقبّل (سيفاً) مربّتاً على كتفه ويعانق الفرسان القادمين ويقول:
مرحباً بك أيها القيل الكبير.. مرحباً بكم أيها الرجال الكرام.. هيا بنا تفضلوا.
ويتقدمهم (شرحبيل) صاعدين إلى القصر وهو لا يكف عن الترحيب بهم، ورجاله المحاربون يتواثبون من حولهم بقاماتهم الطويلة الرشيقة وملابسهم الخفيفة فهم متزرون بأزر لا يكاد يتجاوز طولها ركبهم، وينتعلون أحذية مشبكة من الجلد، ويطوون على خصورهم شرائح طويلة (محشات) تطوى عدة طيات ويثبتون خناجرهم فيها، وشعورهم مرسلة إلى أكتافهم وليس عليها إلا أطواق من الفضة أو البرونز، ويصلون إلى القصر فيدخلون ويصعدون درجاته يتقدمهم فتى رشيق خفيف الحركة، وفي الطابق الثالث يتوجه المرافقون ومعهم (سيف) إلى القاعة المخصصة لهم، ويصعد (معدي) و(شرحبيل) إلى الطابق الرابع فيدخلون قاعة مستطيلة في أعلاها نحو الجنوب نافذة واسعة، وفي ناحيتها الغربية نافذتان، وقبل أن يجلسا يقول (شرحبيل) للفتى الذي صعد معهم:









أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "أخبار"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024