السبت, 11-مايو-2024 الساعة: 12:01 ص - آخر تحديث: 11:48 م (48: 08) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
ضبابية المشهد.. إلى أين؟
إياد فاضل*
شوقي هائل.. الشخصية القيادية الملهمة
راسل القرشي
المؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
قضايا وآراء
المؤتمر نت -
سيف العسلي -
ألا في الفتنة سقطوا!
على الرغم من المحاولات العديدة والجهود الحثيثة والتسامح الكبير والحرص الشديد التي أبدته وتبديه القيادة السياسية لإخراج أحزاب اللقاء المشترك من مستنقع الفتنة التي ساقها إليه بعض قياداته فلا زالت غارقة فيه حتى أذنيها إن ذلك يشير بوضوح إلى عمق الحقد في قلوب هؤلاء القادة بسبب تأثير الفكر الشمولي عليهم والذي غرس في قلوبهم حب السلطة والولاء المطلق للأيديولوجيات التي تربوا عليها، ولذلك فإني أعتقد أن الطريقة السليمة لإنقاذهم هي تطبيق الدستور والقانون. فلا يوجد في الدستور وفاق وطني ولا نضال سلمي ولا مقاطعة للانتخابات.

فتنظيم الأحزاب طوعيا والمشاركة في الانتخابات طوعيا. يحق لحزب الأغلبية أن يحكم وفقا للدستور وتستطيع المعارضة إخراجه من السلطة إذا فازت في الانتخابات. يستطيع كل من الحزب الحاكم أو أحزاب المعارضة أن تعدل الدستور والقوانين وفقاً للآليات المحددة.
إن رفض هذه الأحزاب للاحتكام إلى الدستور والقانون يعكس بجلاء عمى الفتنة التي وقعوا فيها نتيجة حبهم الشديد للسلطة وولائهم المطلق لأيديولوجياتهم. ولذلك فإنهم يحقدون على كل شيء لا يتفق مع ذلك. إنهم يحقدون على اليمن الموحد الديمقراطي لأنه لا يقبل ذلك. ولذلك فإنهم لا يستطيعون أن يميزوا بين النظام والدولة وبين الحكومة والشعب وبين التداول السلمي للسلطة والاستيلاء عليها بالقوة وبين الأحزاب السياسية والجماعات الشمولية وبين العنف المشروع والإرهاب المنبوذ وبين المصلحة العامة والمصالح الخاصة وبين التعبير عن الرأي والتضليل.
فعلى الرغم من أن القيادة السياسية قد أعطتهم الوقت الكافي والفرصة تلو الفرصة كي يتأقلموا مع المفاهيم والتقاليد والممارسات الديمقراطية فإنهم يتعمدون إضاعتها. من المؤكد أنهم سيضيعون أي فرص أخرى ما دام شغفهم الشديد بأفكارهم وأيديولوجياتهم على ما هو عليه.

فالحزب الاشتراكي لا زال يصر على اعتناقه للاشتراكية العلمية. وبالمثل فإن التجمع اليمني للإصلاح لا زال يدعي أنه الجماعة الوحيدة الشرعية لأنها الأقدم والأشمل. وأيضاً فإن حزبي الحق والقوى الشعبية ما فتنا يدافعان عن التوجهات الشيعية. وكذلك فإن حزبي البعث والناصري لا زالا يصران على تمسكهما بالتوجهات القومية.

فتحالف هذه الأحزاب لم يغير من توجهات الشمولية وبالتالي فإن تحالفها لن يغير من تصرفاتها. ولذلك فإن هذا التحالف فبدلا من أن يعمل على تطوير الممارسات الديمقراطية فقد سعى بكل جد لإعاقتها. ولا شك أن مجرد التحالف لا يدل على قبول هذه الأحزاب بالديمقراطية كأسلوب لإدارة الحكم بدليل عدم حدوث أي تحولات ديمقراطية لدى الأحزاب المنتمية له. فتحالف كل من ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشستية واليابان المتعصبة عرقياً لم يجعلها دولا ديمقراطية. بل على العكس من ذلك فقد كانت هذه الدول ديكتاتورية وبالتالي فقد كان تحالفها معادياً للديمقراطية أشد ما يكون العداء.

وبالمثل فإن تصرفات هذا التحالف لم تكن منسجمة مع التقاليد الديمقراطية, وعلى العكس فقد كانت متناقضة معها إلى أبعد الحدود. فعلى الرغم على مرور فترة زمنية على قيام هذا التحالف فإن الأحزاب المنضوية فيه لم تعلن صراحة تخليها عن أيديولوجياتها ولم تعمل على مراجعة أدبياتها وممارساتها ومواقفها المتناقضة مع الديمقراطية. إنها تعاملت معها كمن ينحني أمام العاصفة حتى تمر بدون أن يتأذى أحد منها.
إن ترك هذه الأحزاب وحالها وعدم إلزامها بالدستور والقانون سيغريها بالتمادي في تصرفاتها المضرة باليمن الموحد والديمقراطي لأنها غارقة في مستنقع الفتنة. ويتمثل ذلك في تغليبها لآثار ما تعتقد أنه فتنة لبعض قياداتها على حساب ما تمارسه من فتن محققة ومضرة للوطن وللمجتمع لأنصارها وقواعدها.

ويتضح ذلك من خلال تحليل موقفها من العديد من القضايا ولعل من أهمها التعديلات الدستورية والانتخابات وما أطلق عليه القضية الجنوبية وفتنة الحوثي. ففي ما يخص التعديلات الدستورية فقد رفضت التجاوب مع مبادرة فخامة الأخ الرئيس وأصرت على ضرورة تطبيق النظام البرلماني لا لشيء وإنما لأنه يستحيل تطبيق ذلك في اليمن حتى تبرر عدم التزامها بالدستور الذي أجمع عليه غالبية أفراد الشعب.

وعلى الرغم من عدم قناعتها بالانتخابات كوسيلة للتداول السلمي للسلطة بدليل عدم استخدامها في داخلها فإنها تثير الزوابع حول بعض القضايا الجزئية وكأنها تؤمن بها إيمانا مطلقا. ومما يدل على عدم تخلي هذه الأحزاب عن العنف كوسيلة للوصول إلى السلطة هو تشكيكها المستمر بنزاهة الانتخابات المتعددة التي أجريت في اليمن لأنها لم تحقق المكاسب التي تطمح إليها. يندرج في إطار ذلك أنها تصر على عرقلة تشكيل اللجنة العليا للانتخابات بدون أي هدف أو مطالب واقعية وواضحة.

ومما يؤكد عدم صدقها في مطالبها لإصلاح العملية الانتخابية. عدم عملها على معالجة الأخطاء والممارسات غير الديمقراطية التي نسبت إلى أنصارها وقواعدها ووثقتها الجهات المحايدة.. بل أنها لم تقدم أي اعتذار عن حدوثها ولم تعد باتخاذ الإجراءات المناسبة لمنع تكرارها في المستقبل. إنها تكتفي فقط بالتشنيع بتلك الممارسات التي تصدر عن الأحزاب المنافسة لها.

ولذلك فإنها لن ترضى حتى بتشكيل اللجنة العليا بالكامل من بين أعضائها وبالتالي فإنها لن تتردد في هذه الحالة بعدم القبول بنتائج الانتخابات إذا لم تنجح فيها. فقد تعاملت مع الانتخابات الماضية بانتقائية غريبة فتقبلها بدون قيد أو شرط إذا ما حققت فيها أي نجاح وترفضها بشكل مطلق إذا ما خسرتها. وبالتالي فإن حكمها على أي انتخابات في المستقبل سيعتمد فقط على نجاحها من عدمه وليس على سلامتها. فهي حرة ونزيهة وشرعية إذا نجحت فيها وهي مزورة وغير نزيهة وباطلة إذا فشلت فيها كيفما كانت إجراءاتها.

لم تكتف هذه الأحزاب بذلك بل إنها لم تترد في تبني أي الأنشطة غير الديمقراطية. فموقف أحزاب هذا التحالف من أحداث الشغب في بعض المحافظات اليمنية دليل على ذلك. لم يردعها من تبنى مثل هذه التصرفات أن آثارها الضارة لا تمس فقط النظام الحاكم وإنما تعمل على تهديد الوحدة والديمقراطية والتي ليست ملكا للنظام وإنما هي ملك للشعب كله. لم يتغير موقفها من هذه الأحداث حتى بعد أن استجابت الحكومة للمطالب الأولية التي رفعها مثيرو أحداث الشغب.

فقد استمرت في تبنيها حتى بعد أن رفعت شعارات ومطالب غير مشروعة وغير وطنية. ولا زالت هذه الأحزاب حتى اليوم تعمل على تشجيع أعمال الشغب وتدافع عن مثيري ومتبني المطالب غير الوطنية وغير المشروعة. فإذا كانت هذه الأحزاب تلتزم بالدستور والقانون فإنها كانت ستساند الحكومة في تطبيقهما بدلا من اعتراضها على قيام الدولة بما يمليه عليها واجبها الدستوري والقانوني.

فلو كان هذا التحالف مؤمنا بالديمقراطية حقا لما تعاطف بأي شكل من الأشكال مع من يحاول القضاء على الديمقراطية وإحلالها بحكم سلالي شمولي عنصري. فقد كان عليها أن تصطف مع الدولة التي تتمتع في ظلها بالعديد من الحقوق. فالمنطق السليم يحتم الربط بين الحقوق والواجبات. فإنه لا يسمح وفقاً للقواعد الديمقراطية باستخدام الحقوق للتهرب من الواجبات. فهما كل لا يتجزأ. فمهادنة وممالأة ومساندة هذه الأحزاب لتمرد الحوثي هو في الحقيقة تنصل من واجباتها فهذه العصابة ليست عضوا في هذا التحالف ولا تكن لبعض الأحزاب المنتمية له أي احترام أو تقدير.

وهكذا يتضح من تصرفات هذه الأحزاب هروبهم من فتنة متوهمة وخاصة إلى فتنة محققة وعامة. فالتخلص مما يعانونه من فشل وإحباط لا يبرر لهم السعي لتعميم ذلك على الوطن كله. ولا شك أن تصرفاتهم هذه دليل على إصابتهم بعمى الفتنة. ولذلك فإنهم لا يستطيعون التفرقة بين فتنتهم وإفتان الآخرين. فأشد أنواع الفتن تلك التي يعتقد الذي يسقط فيها أنه يفر منها ولكنه يوقع نفسه فيها. ولقد صور القرآن الكريم هذا الموقف أبلغ تصوير.

حيث يقول الله تعالى في سورة التوبة: "{وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ ائْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي أَلاَ فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ(49)إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُواْ قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِن قَبْلُ وَيَتَوَلَّواْ وَّهُمْ فَرِحُونَ(50)قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ(51).

فمن يتقي الفتنة فعلا فعليه أن يتجنبها بكل أنواعها. أما من يحاول اتقاء ما يعتقد أنه فتنة بإشعال فتنة أخرى أو بالسكوت عنها فإنه لا بد وأن يسقط فيها. فلا فرق بين أن يسقط المرء فيما يتفتتن ويغر به وبين أن يسقط في الفتنة والبلية الشاملة. فالفتنة فتنة.

فمن اتهم الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم بإيقاعه في الفتنة كان في الحقيقة يعاني من عمى الفتنة. فطلبهم إذن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالقعود وعدم الخروج إلى الجهاد من أجل أن لا يقعوا بالفتنة بسبب ما في الغزوة من نفائس الغنائم ومشتهيات الأنفس أو بسبب ما فيها من المحنة والمصيبة والبلية هو في حد ذاته وقوع في الفتنة. فلو أذن الرسول للجميع بالقعود وعدم الخروج بالجهاد لإغراء ذلك عدوهم ولهاجمهم في عقر دارهم. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن طلبهم الأذن لتحاشي فتنة محتملة ومتوقعة قد أوقعهم في فتنة مؤكدة ومحققة. فالذي هم عليه من الكفر والنفاق وسوء السريرة، والذي من آثاره هذا القول الذي تفوهوا به هو بعينه فتنة سقطوا فيها فقد فتنهم الشيطان بالغرور، ووقعوا في مهلكة الكفر والضلال والتي هي أشد من أي فتنة أخرى.

فما أشبه حال هؤلاء بحال أولئك فهروبهم من فشلهم إلى إشعال فتنة الاضطرابات وإلى تمني استمرار فتنة الحوثي وإلى عرقلة اللجنة العليا للانتخابات هو هروب من فتنة محتملة إلى فتن محققة. لا شك أن ذلك سوف لن يخرجهم من الفشل بل سيدخلهم في فشل أكبر وأخطر. ففشلهم سيكون كبيراً ومحققا ففي حال توسع الاضطرابات أو في نجاح الانفصال ولا سمح الله أو في استمرار فتنة الحوثي أو في حال تأجيل الانتخابات. فربما أغراهم بذلك الفشل الذي سيصيب القادة أما أضرار هذه الفتنة فستصيب الوطن والقواعد والأنصار.

فالوطن لا يهمهم في شيء والقواعد والأنصار فأنه يمكن تبرير ذلك لهم. ونظراً لعدم وجود انتخابات داخلية حرة ونزيهة ولا توجد شفافية ولا يسمح بأي نقاشات حرة فأنه مهما أبدت قواعدهم من امتعاض فإن مواقعهم أمنة وباقية. فمن غير المعقول في ظل وجود انتخابات حرة أن تقتنع القواعد بالمبررات التي يقدمها قياداتها لمواقفهم من فتنة الحوثي من قبيل أن النظام هو الذي أوجدهم وأنه هو الذي يدعهم وأنه هو الذي يتحمل مسئولية استمرار الفتنة. فحتى لو كان النظام قد قام بذلك فإن ذلك لا يبرر التخاذل في وجه دعاة الفتنة وتشجيعهم للاعتداء على أفراد القوات المسلحة والأمن والمواطنين الأبرياء. ناهيك في حال كون ذلك غير صحيح. فما الذي فعلته القوات المسلحة والأمن بهؤلاء حتى يحملوها مسئولية اندلاع الفتنة وبالتالي فإنهم يعترضون حتى على قيامها بالدفاع عن نفسها. فالدعوة إلى وقف الحرب من جانب واحد هو في الحقيقة دعوة للقوات والمسلحة والأمن بالتوقف عن القتال بدون قيد أو شرط.
إن هذه الدعوة ظالمة . لأن القوات المسلحة لم تعتد على هؤلاء وإنما هم المعتدون. القوات المسلحة تقوم بواجبها الوطني والدستوري وهم خارجون على ولي الأمر بدون أي مبرر. فقد كان على هذه الأحزاب أن تدعو دعاة الفتنة للتوقف عن الاعتداءات وتسليم نفسها للأجهزة المختصة بدون قيد أو شرط. لم يتوقف ظلم هذه الأحزاب للقوات المسلحة عند هذا الحد إذْ أنها قد مارست حربا نفسية قاسية عليها. فعندما تتوقف القوات المسلحة عن القتال فإن هذا الحلف لا يتوانى في اتهامها بالتقصير. وعندما تحرص القوات المسلحة والأمن على صون دماء الأبرياء من خلال التمهل في ملاحقة دعاة الفتنة فإنها تصور ذلك على أنه عجز وضعف.

وفي نفس الوقت فإن وسائل إعلام هذا الحلف قد أخذت على عاتقها نشر دعاية دعاة الفتنة. فقد صورتهم على أنهم مظلومون وأنهم منتصرون. إنها تنقل ادعاءاتهم وأكاذيبهم بدون أي تمحيص أو تدقيق. وفي نفس الوقت فإنها تشكك في بيانات الحكومة بما يوحي أنها كذب محض. فما يقوم به أفراد هذه العصابة من قتل للمدنين الأبرياء تصوره هذه الوسائل بأنه خسائر للقوات المسلحة وما تقوم القوات المسلح به من ردع لهذه العصابة فإنها تصوره على أنه قتل للمواطنين العاديين.

ولا شك أن التعامل الصحيح مع منطق الفتنة هذا ليس المداراة والتسامح غير المحدود مع هذه الأحزاب. بل أن التعامل الصحيح معه هو السعي لإخراجها من مستنقع الفتنة. ولن يتحقق ذلك إلا إذا تم القضاء على حب السلطة وعلى ولاء هؤلاء المطلق لأيديولوجياتهم. ولا شك أن أول خطوة في ذلك السعي لإقناعهم بأن السبيل الوحيد لوصولها إلى السلطة هو التداول السلمي للسلطة وليس من خلال أي فرض لأيديولوجياتها على الناس بالقوة. فاستمرارها بإشعال الفتن لن يوصلها إلى الحكم إطلاقا. فلو نجحت هذه الأحزاب بإضعاف النظام ولا سمح الله فإن عليها أن تدرك أنها لن تصل إلى الحكم بل إنها ستتقاتل في ما بينها. وإن عليها أن تدرك أنها أول من سيصطلي بالآثار الضارة المترتبة على ضعف الوحدة. وأن عليها أن تدرك أن أنصارها وقواعدها سيكونون أول ضحايا فتنة الحوثي.

عليهم أن يدركوا أن الشعب رفضهم لا لكرهه إياهم وإنما لعدم اقتناعه بأيديولوجياتهم ومن ثم فإن إصرارهم على التمسك بها هو سبب فشلهم. إن وقوفهم مع مشعلي الفتن لن يزيدهم عن الشعب إلا بعدا.

إن عليهم أن يدركوا أن تأخر حسم هذه الأحداث أو إشعال أحداث جديدة أخرى سوف لن سيدفع الحكومة إلى استجداء دعمهم لحسمها من خلال فرض التقاسم للسلطة من جديد. بل على العكس من ذلك فوقوفهم مع الحكومة هو الطريق الوحيد لتحقيق المصالح المشروعة. إن عليهم أن يتخلصوا من سعيهم لفرض تقاسم السلطة على الحكومة من خلال نشر الفتنة حتى تضطر لطلب العون منهم مقابل ذلك. فالظروف التي أحاطت بأحداث المناطق الوسطى في الثمانينيات تختلف جذريا عن الظروف التي تحيط بالأحداث الحالية. فمؤسسات الدولة في تلك الفترة تختلف عن مؤسسات الدولة في الوقت الحاضر. والوضع الإقليمي والدولي في الفترتين مختلف.
فإذا كان من الصعب على القادة قبول هذا المنطق فإن قواعدهم وأنصارهم سوف يدركون المخاطر التي تهددهم وتهدد الوطن. فمن غير المعقول أن يسمح لهؤلاء القادة الاستمرار في تهميش أنصار هذه الأحزاب وقواعدها ليظلوا صامتين أو مغيبين. فإذا ما كسرت هذه السيطرة فإنهم سيأخذون على أيدي بعض قادتهم. لأنهم إن تركوهم وما يفعلون فإنهم قد يهلكون جميعاً وإن اخذوا على أيديهم فإنهم قد ينجون جميعاً.

إن خروج هذه الأحزاب من مستنقع الفتنة يتطلب ضرورة ممارسة التداول السلمي للسلطة داخل هذه الأحزاب. فالقوى الجديدة هي التي يمكن أن تخرج هذه الأحزاب من نفق ثقافة الفتنة وهي التي ستعمل على تغيير خطاب الفتنة وهي التي ستتلمس المخارج منها. فمهما كابر زعماء الفتنة فإنهم لا محالة منتهون.

إن تطبيق القوانين على هذه الأحزاب بصرامة وليس الاستمرار في مداراتها سيعجل من خروج العقول المتحجرة وسيساعد أصحاب العقول النيرة على ممارسة دورها. فإذا كانت هذه الأحزاب تطالب الدولة بما هو حق وما هو باطل فإن على الدولة أن تلزمها بما هو واجب فعلى الأقل عليها أن تطبق ما تطالب الدولة بتطبيقه.
*عن الثورة








أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "قضايا وآراء"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024