علي أحمد باكثير و35 عاماً على الغياب هو الكاتب الإسلامي الكبير والأديب النابه الذي تجسدت فيه روح الطموح العربي وتجلت فيه الرغبة الوطنية الأصيلة في استنهاض الهمم وإيقاظ العقول وجمع الكلمة ونبذ الخلاف وفهم الإسلام فهما صادقا صحيحا، هذا الكاتب الكبير الذي أثرى المكتبة العربية بآلاف القصائد وخمس روايات طويلة، وتسع وثلاثين مسرحية من بينها ملحمة عمر بن الخطاب، ذات التسعة عشر مجلدا، بالإضافة إلى عدد كبير من القصص القصيرة. ولد علي أحمد باكثير في بلدة «سورا أبايا» في اندونيسيا سنة 1910 لأب يمني هاجر الى اندونيسيا، وبعثت به الأسرة الى موطنها الأصلي «حضرموت» ليعيش اللغة العربية وينشأ على التقاليد والعادات العربية وينهل من الدين والعروبة والتراث الاسلامي، وبدأ دراسته الأولية في مدينة سيوون، حيث التحق بمعهدها الديني، اذ كانت الدراسة فيه خليطا من العلوم الدينية واللغوية والأدبية، وظهرنبوغ علي أحمد باكثير مبكراً، فبدأ في نظم الشعر وعمره ثلاث عشرة سنة، وقرأ شعر المتنبي وامرئ القيس، وزادت الرغبة في العلم والثقافة فاتجه الى الفقه والأصول والفلسفة والمنطق والبلاغة، وذهب الى القاهرة وهو يحمل على كتفيه 24 عاما من العمر، وقد حفظ القرآن الكريم، وكانت العروبة والاسلام شغله الشاغل مضمونا ولغة وهدفا وحياة وسلوكا، ذهب وكانت أشعاره الباكرة عن مشكلات وطنه حضرموت، وتعرف على مسرح شوقي وأعجب بمسرحياته الشعرية اعجابا كبيرا، وإثر ذلك دخل قسم اللغة الانكليزية في كلية الآداب في جامعة فؤاد (جامعة القاهرة الآن)، افتتن أثناء دراسته بمسرح وليام شكسبير وتخرج في قسم اللغة الانكليزية في كلية الآداب سنة 1939، وعين مدرسا في وزارة المعارف في منتصف الخمسينات، وانتقل للعمل في مصلحة الفنون التابعة لوزارة الارشاد القومي، ثم مشرفاً في احدى شعب المسرح الشعبي، فمديرا لادارة المسرح في الرقابة على المصنفات الفنية وأسند اليه تدريس الأدب المسرحي في المعهد العالي للدراسات العربية وأصدر محاضراته في كتابه «فن المسرح، من تجاربي الشخصية». تعددت أعمال باكثير الأدبية من شعر ومسرح ورواية وسينما، فقد كتب الشعر المرسل بعد الأستاذ محمد فريد أبو حديد، وقدم للمسرح المصري سبع مسرحيات فقط، من أعماله التي قدمت على المسرح: «سر الحاكم بأمر الله»، «وأبو دلامة مضحك الخليفة»، و«جلفدان هانم»، و«قطط وفيران» و«حبل الغسيل»، كما كتب الروايات الأدبية، وخصوصا الاسلامية حينما طالعنا بروايته الطويلة «وا إسلاماه» ، وألف عددا من القصص مثل: «شعب الله المختار»، و«إله اسرائيل»، و«التوراة الضائعة»، و«سلامة القس»، و«عودة الفردوس»، و«استقلال اندونيسيا»، و«مسيرة شجاع»، وله مؤلفات أخرى مثل: «فن المسرح، من خلال تجاربي الشخصية، ومعركة الجسر، والملحمة الاسلامية، وكسرى وقيصر، ومن فوق سبع سماوات، وغيرها، وللسينما قدم روايته الخالدة «وا إسلاماه»، وسلامة ومسمار جحا، وبعد وفاته «فيلم الشيماء». نال علي أحمد باكثير الجائزة التشجيعية من الدولة للآداب والفنون سنة 1962، ومنح ايضاً وسام العلوم والفنون سنة 1962، كما حصل على وسام مهرجان العلم سنة 1963، وعاش وقضاياه الأساسية هي الاسلام والعروبة وفلسطين وكانت المحاور الأساسية لابداعه، وقد أحب أمته وعقيدته، وكان ذكر المسجد الأقصى يلح دائماً في معظم قصائده، وفي العاشر من نوفمبر العام 1969 رحل عن عالمنا الأديب الكبير علي أحمد باكثير، بعد أن ترك للمكتبة العربية العديد من المؤلفات ذات القيمة العالية. نقلاً عن الرأي العام |