السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 02:23 م - آخر تحديث: 02:03 م (03: 11) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المستقبل للوحدة
صادق‮ ‬بن‮ ‬أمين‮ ‬أبوراس - رئيس‮ ‬المؤتمر‮ ‬الشعبي‮ ‬العام
البروفسور وهيب عبدالرحيم باهديله في رحاب العُلماء الخالدين
أ.د عبدالعزيز صالح بن حبتور
ثورة الـ "14" من أكتوبر عنوان السيادة والاستقلال والوحدة
بقلم/ يحيى علي الراعي*
14 أكتوبر.. الثورة التي صنعت المستحيل
قاسم‮ محمد ‬لبوزة‮*
زخم الثورة وحاجته لسلوكٍ ثوري
إياد فاضل*
خواطر في ذكرى تأسيس الموتمر الشعبي العام
د. أبو بكر عبدالله القربي
المؤتمر الشعبي رائد البناء والتنمية والوحدة
عبدالسلام الدباء*
شجون وطنية ومؤتمرية في ذكرى التأسيس
أحمد الكحلاني*
ليبارك الله المؤتمر
راسل القرشي
ميلاد وطن
نبيل سلام الحمادي*
رؤية وطنية تلبّي احتياجات الشعب
أحلام البريهي*
المؤتمر.. حضور وشعبية
أحمد العشاري*
دين
بقلم: محمد أحمد الكامل -
علم السيرة النبوية في الفكر التاريخي عند المسلمين
إن من أوائل الاهتمامات التاريخية عند المسلمين، هو تسجيل سيرة الرسول -r - ومغازية، وكل الجوانب المتعلقة بحياته، ذلك أن للسيرة النبوية العطرة نكهة خاصة وطعم مميز عند المشتغلين بالعلوم الشرعية ولإنسانية عامة؛ وما ذلك إلا لأنها تتعلق بأحب شخصية من البشر خلقها الله إلى قلوب المؤمنين، تعلقاً ذاتياً يمتزج فيه الخبر بالأمنية، ووحي السماء بأنباء الأرض، والحوادث البشرية بالمعجزات النبوية. .
والسيرة النبوية كانت في الأصل جزءاً من علم التاريخ الأوسع، إلا أنها أُفردت عنه بعلم خاص له موضوعه ومزاياه وكتبه. حتى أصبح علم السيرة ـ أو المغازي والسير كما سمي ابتداء ـ علماً مستقلاً، تناول بالتفصيل حياة النبي -r- ونسبه وشخصيته وصفاته الخُلقية والخلْقية، وجميع تصرفاته الخاصة به كنبي يتلقى الوحي ورسول يخاطب الناس، وداعية له طريقته المميزة الرائعة، ومربِ اعتنى أشد العناية بأصحابه. كما تناول علم السيرة أيضاً أخبار غزواته التي شارك فيها بنفسه، أو سراياه التي بعث بها أصحابه، والقبائل التي دخلت في حلفه أو آمنت به، أو تلك التي رغبت عنه وحاربته، وأخبار علاقاته بالأمم الأخرى والملوك الحاكمين من حوله. ولشدة العلاقة و ثقة الصلة بين النبي -r- وبين أصحابه، فقد ألحقت أخبار الصحابة الكرام الذين آزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه بسيرته، حتى أصبحت جزءاً لا يتجزأ منها. وعلى امتداد السنين والحقب فقد حظيت السيرة النبوية بفنون من الاهتمام، وضروب من العناية يفوقان التصور والتخيل، وذلك لأسباب كثيرة منها:
1. أن السيرة النبوية ليست أخباراً تنقل للعلم فقط، كباقي أخبار التاريخ، بل هي وسيلة للإقتداء بهدي النبي-r - والتأسي به، مصداقا قوله سبحانه: } لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً.{ (سورة الأحزاب: آية 21.) فالرسول-r- قدوة للمسلمين، وسيرته هي الصورة المثلى للحياة الإنسانية الراقية. وهي الوسيلة العملية المثلى لفهم القرآن الكريم كون الرسول- r- كان خلقه القرآن ،أو القرآن يمشي على الأرض ، كما ورد عن السيدة عائشة –رضي الله عنها-.
2. والسيرة النبوية العطرة إضافة إلى ماسبق، تقف بالقارئ على بداية الأحداث الكبرى التي غيرت وجه التاريخ فيما بعد، وأدت إلى سقوط دولتي الفرس والروم، وأدت إلى بروز الحضارة الإسلامية ودولها، وفجرت ينابيع الحكمة للخلق.
3. ولا ننسى أن للسيرة النبوية دوراً رائداً ومهماً في جمع الأمة الإسلامية، حيث أنها الجزء التاريخي المشترك بينها جميعا،ً على الرغم من اختلاف ألوانها وألسنتها وبلدانها.
4. مقارنة بين سيرة النبي- r- وسير الأنبياء السابقين- عليهم السلام – لمعرفة الخط الفكري الذي سار عليه الأنبياء والمرسلين في الدعوة إلى الله منذ آدم – عليه السلام – وحتى خر الأنبياء والمرسلين محمد- r- .
لذلك كله كان للسيرة النبوية عند المسلمين اهتمام خاص... وخاص جداً، دفعهم إلى تسجيل كل شاردة وواردة عن حياة رسول الله- r - في كل حال من أحواله، من حين ولادته ـ لا بل قبلها ـ إلى حين وفاته، يوماً فيوماً، وحدثاً فحدثا،ً ومكاناً فمكاناً. كل ذلك مع تدقيق وتمحيص واعتزاز وافتخار، إلى الحد الذي كانوا فيه ـ سلفاً صالحاً ـ يلقنون أبناءهم مغازي رسول الله- r- ويحفظونهم إياها، كما يلقنونهم القرآن ويحفظونهم إياه. واستمر على ذلك الخلف الصالح للمسلمين.
فعلم السيرة النبوية ينقل إلينا أصح صورة وأصدق سيرة من سير الأنبياء والمرسلين وغيرهم، ممن يهتم الناس بأخبارهم وأحوالهم. ولو جُمع كل ما كتب عن عظماء العالم، وقدر بما كتب عن رسول الله- r-، لرجحت كفة سيرة المصطفى- r- من جوانب عديدة، سواء من ناحية الكمية أو النوعية أو وسائل النقل و حياد الباحثين.. فلقد نقلت المصادر إلينا أكله وشربه، ونومه وقيامه، وكلامه وفعله، سره وعلنه، وتطهره وعبادته، ووصفه ومشاعره، وأقرباؤه وجيرانه، وصحته ومرضه، وغناه وفقره، وكل ما يتعلق به من جميع الجوانب، حتى أصبح متتبع السيرة يكاد ينظر إلى رسول الله- r- عياناً، ويدرك أدق تفاصيل حياته، لا يخفى عليه منها شيء على الرغم من البعد الزمني الكبير..
فإلى جانب علم الحديث الذي اهتم بتدوين أحاديث الرسول -r - وأقواله وأفعاله في مختلف المجالات الشرعية والحياتية والمعرفية، فقد نشأ علم مستقل خاص ذو اتجاه تاريخي، - سمي بعلم السير والمغازي، حيث كان منشأه في المدينة المنورة على يد رجال من متأخري الصحابة وأبناءهم، والتابعين، أمثال: عبد الله بن عباس ( ت78هـ )، و سعيد بن المسيب ( ت 94هـ) أبان بن عثمان بن عفان( ت ب 94هـ) وعروة بن الزبير بن العوام(ت 94هـ)، وشرحبيل بن سعد (ت 123هـ)، وغيرهم ممن كانوا يسجلون جوانب مختلفة من حياة الرسول- r- إلى أن أتى محمد بن إسحاق( ت151هـ) فجمع سيرة الرسول -r - كاملة وألحق بها أخبار الخلفاء الراشدين، وهي السيرة التي هذبها ابن هشام الحميري ( ت 218هـ) والمعروفة بـ( سيرة ابن هشام). وكتب الواقدي كتاب ( المغازي ) وتبعه تلميذه محمد بن سعد حيث ضمن السيرة النبوية الجزء الأول من كتابه ( الطبقات الكبرى ) وتلاهم بعد ذلك المؤرخين في مختلف العصور والأماكن، حيث ظلت السيرة النبوية بمختلف جوانبها، فيتعلق بحياة النبي وخصائصه وآل بيته، مصدرا للكتابة التاريخية في كل زمان ومكان، بل وكانت من أوائل الاهتمامات التاريخية عند العلماء المسلمين، وهي الأساس في كتابة السير والتراجم الأخرى بعد ذلك. وقد أفرد كل من السخاوي وابن حجر العسقلاني قوائم بالمؤلفات التاريخية في هذا المجال حتى عهدهم(نهاية العصر المملوكي) . فكانت كثيرة جدا.
وإذا تتبعنا كتب السيرة النبوية نجدها تتنوع في الاتجاهات والأقسام والمنهجية: فهناك النوع الذي تخصص في السرد التاريخي لحياة النبي-r- منذ ولادته حتى وفاته، يسرد في خلال ذلك الأحداث متسلسلة تسلسلاً زمنياً. وهذا النوع هو الأشهر والأكثر في كتب السيرة الذي مثاله مما بين أيدينا (السيرة النبوية) لابن هشام، وكتاب (إنسان العيون في سيرة الأمين والمأمون) المسماة بالسيرة الحلبية لعلي بن إبراهيم الحلبي، و(السيرة النبوية) لابن كثير ـ وهي جزء من تاريخه. وهناك نوع من كتب السيرة اهتم بالأوصاف الخلقية والخلقية للنبي -r- وهو ما يسمى بكتب الشمائل المحمدية، مثل كتاب (الشمائل) للترمذي، و(المواهب اللدنية بالمنح المحمدية) القسطلاني ومختصره (الأنوار المحمدية) للشيخ يوسف النبهاني. وهناك نوع من كتب السيرة النبوية اهتم بالدلائل الشاهدة على صدق رسول الله- r - في ادعائه النبوة، مثل كتاب (دلائل النبوة) للبيهقي، و(دلائل النبوة) لأبي نعيم الأصبهاني و(دلائل النبوة) للماوردي. وهناك كتب من كتب السيرة تضمنت أخبار الصحابة الكرام حتى وفاتهم، إضافة إلى سيرة النبي - r- حتى وفاته، أي إنها اعتبرت السيرة النبوية ممتدة في جيل الصحابة حتى نهايته، ومن هذه الكتب:(الإصابة في تمييز الصحابة) لابن حجر العسقلاني، و(أسد الغابة) لابن الأثير الجزري و(الطبقات الكبرى) لابن سعد. وهناك كتب في السيرة النبوية تناولت حقوق المصطفى- r- على أمته، أو خصائصه التي تميز بها عن غيره ـ صلى الله عليه وسلم ـ مثل كتاب (الشفا بتعريف حقوق المصطفى) للقاضي عياض، و(كتاب الخصائص الكبرى) للسيوطي.
وهكذا فإن السيرة النبوية بمختلف اتجاهاتها كانت هي الأساس الأول للكتابة التاريخية عند المسلمين، لما لها من أهمية في مسيرة حياة المجتمع الإسلامي بمختلف جوانبه، كونها ترصد حياة قائد الأمة الإسلامية ومعلمها محمد-r-.









أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "دين"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024