|
14 أكتوبر.. الثورة التي صنعت المستحيل تحتفلُ اليمن بالعيد الواحد والستين لثورة 14 أكتوبر المجيدة التي انطلقت من جبال ردفان الشماء عام 1963م، الثورة التي فتحت باب الكفاح الشعبي المسلح على مصراعيه لتهب من خلالها النيران التي اشتعلت تحت أقدام الاستعمار البريطاني الغاصب في الشطر الجنوبي المحتل من الوطن اليمني الواحد.. وثورة الـ 14 من أكتوبر لا شك أنها امتداد لنضال الحركة الوطنية اليمنية المعاصرة التي تخلقت في القرن العشرين الماضي ضد الاستعمار البريطاني والسلطنات التي تماهت مع مشروعه التفكيكي لليمن لحماية مصالحها ومشاريعها الصغيرة فتعاونت معه كي تبقى وتواجه المقاومة الوطنية الوليدة التي هدفت الى الحرية والاستقلال وبناء الدولة الوطنية.. وعند الحديث عن الـ14 من أكتوبر المجيد لا بد من الربط بين أثرها الذي لايمكن أن تغفله الكتابات التاريخية في دعم ثورة السادس والعشرين من سبتمبر ومد مسيرتها الكفاحية بسبل البقاء في المواجهة ..خصوصا وأنها نقلت مربع المواجهة بين أعداء الثورة ورجالها كطرف جمهوري إلى داخل الشطر الجنوبي الذي كان مستعمراً ومحتلّاً آنذاك.. وقد عرفنا كيف ان الاستعمار البريطاني جنّد السلطنات التي كانت تحكم بعض المناطق الجنوبية والشرقية لمواجهة الثورة والنظام الجمهوري لوأد الثورة في مهدها والإبقاء على حالة الشتات والتشرذم والصراعات من أجل أن يبقى المستعمر مسيطراً على اليمن و متحكما بمسارات الصراع حتى لا تنشأ دولة وطنية في اليمن.. ويُحسب لهذه الثورة العظيمة أنها اخذت بعدا واسعا بفتحها العديد من جبهات الكفاح الشعبيّ المسلح ضد الاستعمار وأذنابه في الجنوب اليمني المحتلّ، وهو الأمرُ الذي أسهم في تعزيز مفاعيل الكفاح الوطني والسير قُدُماً في تحقيق الأهداف الكبرى للثورة اليمنية، ومن بينها التحرّر من الاستعمار وتحقيق وَحدة الوطن وبناء المجتمع الديمقراطي.. وهي مناسبة ينبغي تعظيمها لأنها تعمدت بنضال شعبنا ضد الاستبداد والاستعمار ومن أجل استكمال الاستقلال الوطني والوحدة بالتضحيات الكبيرة التي لا يمكن تجاوزها أو تجاهلها.. وبفضل هذه التضحيات العظيمة انتصرت ثورة 14 أكتوبر المجيدة، وتمّ تحرير الوطن من دنس المستعمرين، وإنْهَاء الكيانات الانفصالية التي بلغ عددُها 22 سلطنة وإمارة ومشيخة، وصولاً إلى توحيدها في إطار كيان شطري واحد ومؤقت حمل اسم اليمن عقب رحيل آخر جندي بريطاني وإعلان الاستقلال في 30 نوفمبر 1967م، كخطوة على طريق تحقيق وحدة الوطن اليمني أرضاً وشعباً، حيث تم إعلان قيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبيّة وهي ثاني دولة وطنية تحمل اسم اليمن، حيث أُعيدت الهُويّة الوطنية اليمنية للشطر الجنوبي الذي كان محتلا ثم أصبح حراً بفضل انتصار ثورة 14 أكتوبر.. وكان ذلك مقدمة لاستكمال تحقيق أَهْــدَاف ثورتَي 26 سبتمبر وَ14 أكتوبر في الوحدة والديمقراطية، حيثُ تم رفعُ علَمِ الجمهورية اليمنية الموحدة في مدينة عدن يوم 22 مايو 1990م.. واليوم نقول للمحتل الجديد لا تختبروا صبر شعبنا أكثر ولا تركنوا إلى أدواتكم الرخيصة التي للأسف وضعت المحافظات الجنوبية تحت أقدام أصغر محتل في التاريخ، وهي مناطق التاريخ والثورة، ومنها ذلك المرتفع العزيز جبل ردفان الذي انطلقت من قممه العاليات أول طلقة ضد المستعمر البريطاني.. لكن حسبنا أن هذه الذكرى المجيدة تذكّرنا بأن قدر الشعب اليمني أن يكون واحدا وموحدا في مواجهة العدو الأجنبي بدليل ذلك الزخم اليماني الذي وقف خلف الرابع عشر من أكتوبر والذي خلقته آنذاك صنعاء وعدن وكل المناطق اليمنية، تماما كما هو اليوم يقف ضد تحالف العدوان البغيض من أقصى نقطة في صعدة الى أقصى نقطة في المهرة بصرف النظر عن حجم التباينات بين المكونات السياسية فالموقف الشعبي بقي نفسه ذلك الموقف الوطني الواحد والموحد وسيبقى كذلك مهما عميت عنه عيون وقلوب، وكل المكونات السياسية اليمنية إنما تقوى اليوم وتضعف بمقدار قربها أو بعدها عن هذا الموقف اليمني الواحد والموحد. وأكثر من ذلك اصطفاف شعبنا حول قضية الأمة المركزية فلسطين وهو الرد الأبلغ سواء للمستعمر او أدواته بأن مشاريع الغزو والاحتلال لن تكون أبدا إلا مشاريع فاشلة ومتلاشية ومثيرة للكراهيات والأوجاع وتلك حقيقة يصدقها ما صنعه المعتدون في واقعنا اليمني من معاناة كبيرة وواسعة، ويصدقها على نحو أوضح واقع المناطق المحتلة في حقيقة يستعصي شطبها مهما كان حجم التضليل وحملات التلميع والتبييض.. وحتماً سينهض المارد اليماني من كبوته ويعيد لليمن مجدها التليد.. ولذلك نراها فرصة لندعوا كل من تورطوا في التناقض مع مبادئ وأدبيات هذه الثورة إلى مراجعة أنفسهم وتصحيح مواقفهم وأخذ العبرة ممن سبقوهم إلى نفس المواقف واستحضار ذلك المصير المخزي لكل من ساعد الغزاة ضد بلده وعزل نفسه عن وجدان شعبه.. وللغزاة والطامعون الجدد نقول: إن ذكرى الرابع عشر من أكتوبر تبدد أحلامكم المريضة، وتهبط عليكم في كل عام كصاعقة من السماء لكونها تذكركم بحتمية الرحيل والمغادرة.. وقبل أن أختم أجدد القول بأننا في المؤتمر الشعبي العام وفي سياق الاحتفاء بذكرى الثورة اليمنية سبتمبر واكتوبر نؤكد على أن الإيمان والدفاع عن ثورة السادس والعشرين من سبتمبر و14 أكتوبر وأهدافها ومبادئها وقيمها يقتضي بالضرورة الحتمية الدفاع عن كل مكتسباتها ومنجزاتها وفي مقدمة تلك المكتسبات منجز الوحدة اليمنية الذي تحقق في 22 مايو 1990م، ومواجهة ورفض ومقاومة كل المخططات والأجندة التآمرية التي تستهدف تمزيق هذه الوحدة والسعي لإعادة تقسيم وتمزيق اليمن بما يسهل تحقيق مصالح وأهداف أعداء اليمن وشعبه من قوى إقليمية ودولية.. وبالتالي فإن مرور ستة عقود ونيف من عمر الثورة اليمنية يجب أن يكون محطة مهمة تستوجب التوقف عندها بكل تجرد من كل الحسابات الضيقة لنعيد ونقرأ ونمحص كل ما شهده الوطن من تحولات وتغييرات منذ 26 سبتمبر 1962م وبعيداً عن الأفكار العقيمة القائمة على نسف المنجزات التي تحققت لليمن أرضاً وإنساناً، فثورات الشعوب مرت بإرهاصات ورافقتها نجاحات واخفاقات،لكن البناء على الإيجابيات وتجاوز السلبيات هو سلم العبور إلى تحقيق تطلعات اليمنيين والأخذ بيدهم نحو غد أفضل وحياة تحفظ لهم كرامتهم وحقوقهم وسيادتهم وتصحيح السلبيات في كل الاتجاهات. ختاماً.. التهنئة الخالصة لمن تبقى من مناضلي وثوار الـ14 من أكتوبر المجيدة والتمنيات لهم بالصحة.. الرحمة لشهداء الوطن.. والشفاء للجرحى.. والحرية للأسرى.. والنصر لليمن. *نائب رئيس المؤتمر الشعبي العام |