الدكتور الارياني ..يجب أن نحرر أنفسنا من قوالبنا الفكرية وان لا نقبل بالعجز القى الدكتور عبد الكريم الارياني المستشار السياسي لرئيس الجمهورية الامين العام للمؤتمر الشعبي العام كلمة هامة في حفل تدشين تقرير التنمية الانسانية العربية الثالث لعام 2004م الذي اقيم في العاصمة الاردنية عمان في السادس من ابريل الجاري ،ولاهمية القضايا التي تناولتها الكلمة يعيد "المؤتمرنت" نشر نصها: أعبر عن سعادتي البالغة في المشاركة معكم في تدشين أو على الأصح إطلاق -ومن يريدها جملة مفيدة إطلاق سراح -تقرير التنمية الإنسانية العربية الثالث لعام 2004م، نحو الحرية في العالم العربي: وهو تقرير يتناول أخطر وأهم موضوع يشغل بال كل مواطن عربي من تطوان إلى عدن، فالحرية محور أساسي تنادا حوله قادة الفكر والثقافة وعلماء السياسة في الوطن العربي منذ مطلع القرن العشرين، ومازالوا حتى يومنا هذا في منتصف العقد الأول من القرن الواحد والعشرين. سيداتي وسادتي: إنني أتحدث إليكم عن مجموعة القراء وليس باسمهم، لذلك فسوف أسمح لنفسي أن أكون صريحاً فوق العادة. كلنا نعلم أن تقرير التنمية الإنسانية الأول صدر صدوراً هادئاً حتى قرأه الناس وكما هي عادتنا بدأ المحللون عن هوى والمتفلسفون عن جهل في عرض محتويات ذلك التقرير، وما أكثر التجني عندما (ينطق عن الهوى). وبعد ذلك صدر التقرير الثاني لعام 2003م، ولأنه تناول موضوعاً يكاد يكون محايداً، وهو حالة الوطن العربي في فجوة المعرفة بمعناها الحديث، وهي المعرفة التي تنتج عائداً وفائضاً اقتصادياً وليست المعرفة بمفهومها السائد في عقولنا، وهو مفهوم الإستجرار واستعراض الماضي، وكان من المفروض أن ينتج ذلك التقرير صدمة حضارية، وتنادياً بالويل والثبور لهذه الأمة. لأنه أثبت بما لايدع مجالاً للشك أن دولاً –ولن أسميها- كانت في الخمسينيات والستينيات من القرن الفائت أكثر تخلفاً من عديد من أقطارنا الأساسية قد أصبحت اليوم في مصاف الدول المتقدمة في إنتاج المعرفة الحديثة وتصديرها، واستجلاب الطالبين لها. Out- Sourcing وعلى الرغم من أن ذلك التقرير قد أثبت حالة (التصحر) في العقل العربي، إلاّ أنه قد مر على حكوماتنا وأنظمتنا مرور الكرام، وصدر صدوراً هادئاً وخالياً من تعقيدات العسر وآلام المخاض. أما التقرير الذي ندشنه اليوم فقد كان ميلاده عسيراً، أو متعسراً ولعله قد خضع لعملية قيصرية حتى استطاع القائمون عليه أن يقدموه لنا صحيحاً معافاً خالياً من التشوهات التي يعاني منها وطننا العربي، وهي تشوهات في حق المواطن العربي أن يعيش في ظل الحرية والديمقراطية متمتعاً بحقوقه السياسية والثقافية وحقه في سيادة القانون والشفافية المالية والسياسية وحكم الأغلبية الناجمة عن انتخابات حرة تنافسية متساوية، وحقه في أن يقول لحاكمه ما قاله عمر بن الخطاب رضي الله عنه (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا).. وتلك هي الجملة التي حرص مؤلفو التقرير أن تكون على غلاف الطبعتين بالعربية والإنجليزية. السيدات والسادة.. اسمحوا لي أن أقول أنه لا يكفي أن نتحدث أو نصرخ مطالبين بالتحرر من النفوذ الخارجي قبل أن نحرر أنفسنا من قوالبنا الفكرية التي بنيناها داخلنا، نتيجة إحباطاتنا التي خيمت على نفوسنا بفعل التدخلات الخارجية في شئووننا والتي حولناها إلى غلالة تحجب عنا رؤية واقعنا ومشجباً نعلق عليه كل عللنا. لقد حضرت مؤخراً مؤتمراً في دولة قطر، وقال أحد مثقفينا والمربيين لأجيالنا أن تقريري التنمية العربي الأول والثاني قد صدرا دون عناءٍ لأنهما كانا يروقان للولايات المتحدة ملمحاً أنهما أعدا تحت رعايتها بينما تعسرت ولادة هذا التقرير لأنه لم يرق للولايات المتحدة وتلك هي المغلالة التي تحجب رؤيتنا، وأنا لا أقصد من هذا دحض أو تأييد ما قاله، ولكني أعتقد أن من ضمن العقد والتعقيدات التي تعوق وصولنا إلى الحكم الرشيد أن الرماد الذي تذروه رياح التغيير في العالم على عيوننا قد جعلتنا نلعن الرياح ونترك الرماد على حاله. السيدات والسادة.. هل سننتظر إلى أن ينزل علينا وحي التغيير من السماء العليا حتى نقبل به؟ نعم: يجب أن نقول لا لغطرسة إسرائيل وقهرها للشعب الفلسطيني، وأن نصر على أنه لا سلام مالم تقبل إسرائيل بمبدأ الأرض مقابل السلام، والدولة الفلسطينية الحرة والمستقلة. نعم يجب أن نقول لا لاحتلال العراق، وفرض الهيمنة على شئونه السياسية والاقتصادية والثقافية. نعم يجب أن نقول لا للإملاءات الخارجية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان. ولكن علينا أن نسأل أنفسنا هل نحن بحاجة إلى التغيير والجواب بالتأكيد نعم. السيدات والسادة.. سوف تظل مطالبتنا بالكف عن تطويعنا لإرادة الغير ناقصة وغير مكتملة ما لم نقرنها بوجوب حصول كل مواطن عربي على حقوقه السياسية والاقتصادية والثقافية في ظل الحرية والديمقراطية، وأن لا تكون تلك الحقوق رهينة لمن يحكمه.. علينا أن لا نقبل بالعجز ولا يجوز أن نقصر في أداء واجبنا بحجة التعجيز ويجب أن نؤدي واجبنا في إكمال المهام المصيرية التي وضعتها تقارير التنمية البشرية أمامنا. ولم أر في عيوب الناس عيباً كنقص القادرين على التمام فهل نحن قادرون؟ الجواب نعم. والسلام عليكم.. |