عقد قرانٍ بين أسيرٍ فلسطينيّ وخطيبته داخل محكمة اسرائيلية! خيّم الهدوء والذهول على قاعة محكمة "عوفر" العسكرية الصهيونيّة عندما وقف المعتقل قاسم كاظم قفيشة (24 عاماً)، من الخليل جنوب الضفة الغربية، بإجراء مراسيم تلبيس خاتم الخطوبة لخطيبته التي حضرت مع والده لحضور محاكمته في تلك المحكمة. فبدلاً من أنْ تتمّ الأمور داخل المحكمة الشرعية فقد جرت في محكمة "عوفر" العسكرية الصهيونيّة، حيث اختلطت دموع الفرح بدموع الحزن وخيّمت حالة من الإرباك على الجميع داخل المحكمة. الادّعاء العام ابتداءً رفض الأمر، إلا أنّ والد العريس طلب رسمياً من المحكمة إجراء المراسيم المذكورة فيما طلب القاضي استشارة إدارة المحكمة، حيث انتظر الحضور ساعةً من الزمن حتى سمح لهم بذلك. وفي خطوةٍ تراجيدية تقدّمت الخطيبة نحو خطيبها الذي يقف داخل قفص المحكمة وهو مكبَّلُ القدمين؛ حيث قام بتلبيس خاتم الخطوبة لخطيبته رباب قفيشة (19 عاماً)، وقامت هي أيضاً بتلبيس خطيبها، وانهمرت دموع المعتقلين وذويهم الذين كانوا في قاعة المحكمة وذُهِل حرس المحكمة والجنود كما ذُهِل القاضي الذي قال: إنه حدثٌ يشاهده للمرة الأولى في حياته. وقد أثّر الحدث على المعتقل الأسير صدقي خلف أبو خلف (50 عاماً)، من قرية "بدرس" قضاء رام الله، الذي حضر المحكمة للمحاكمة فسقط مغشياً عليه من الحزن وهو يبكي دون أنْ يستطيع تحمّل المشهد. وقد أعادته الذكريات إلى ابنته العروس التي تمّ زفافها خارج السجن دون أنْ يتمكّن من حضور زفافها. والد العريس الشيخ كاظم رباح قفيشة (48 عاماً) قال في حديثٍ خاص لـ"الجزيرة نت":"إنّ خطبة العروس قد جرَتْ قبل عامٍ تقريباً، ولم يستطعْ القيام بمراسيم الخطوبة الرسمية بسبب وجود والد العروس داخل المعتقل." وأضاف الشيخ كاظم: "لقد انتظرنا أشهراً طويلة لخروج والد العروس من السجن، ولكن دون جدوى، وازدادت المصيبة أكثر عندما داهم الجيش منزلنا قبل عدة أشهر وقام باعتقال العريس، عندها شعرنا بغصّةٍ وأنّ جميع الأبواب قد غُلّقت في وجوهنا إثر ذلك. ففكّرنا بإجراء مراسم تلبيس خواتم الخطوبة داخل المحكمة العسكرية لإرسال رسالةٍ للاحتلال والرأي العام تُعبّر عن الواقع المأساوي الذي يعيشه شعبنا الفلسطيني". من جانبه عدّ والد العروس الشيخ الأسير النائب حاتم قفيشة (46 عاماً)، والقابع في معتقل النقب الصحراوي أنَّ ما حصل من مراسيم لخطوبة ابنته كان يتمنى أنْ تُجرى خارج المعتقل، وضمن احتفال فرحٍ يشارك فيه جميع الأهل والأحباب كما هو حال كافة حفلات الخطوبة والزفاف. وأضاف والد العروس أنّ هذا الحدث وعلى الرغم من مرارته إلا أنّه يُعَدّ رسالةً للمجتمع الدولي الإنساني ومؤسسات حقوق الإنسان وللمجتمع الاستيطانيّ الصهيونيّ أيضاً كي يقف على الواقع النفسيّ والمأساوي المؤلم الذي يعيشه الشعب الفلسطيني جرّاء سياسة الاحتلال الظالمة. وعدّتْ العروس رباب أنّ قيامها بتلبيس خطيبها خاتم الخطوبة داخل المحكمة العسكرية رمز فخارٍ لها ولخطيبها الذي اعتقله الاحتلال كونه يدافع وينافح عن شعبه ووطنه. وقالت إنها: "رسالةُ شموخ وكبرياء أرسلها لوالدي المعتقل منذ خمسة عشر شهراً، والاستمرار في اعتقاله على الرغم من انتخابه عضواً في المجلس التشريعي الفلسطيني". وأضافت رباب قائلةً: "إنّني أعتز بهذه الخطوبة التاريخية التي يحيط بها الجيش وحرّاس المحكمة. فأنا فخورة بخطيبي ووالدي وأتمنى من الله لهما الفرج القريب". من جانبه رجع العريس قاسم من المحكمة إلى معتقل "عوفر" العسكري الصهيونيّ، حيث يُعتَقل في قسم (8)، وقد أقام له زملاؤه الأسرى احتفالاً مميّزاً بمناسبة الخطوبة ووزّعوا الحلوى وألقوا الأناشيد الجماعية. هكذا يمتزج الأمل بالألم وتحول القيود والأسلاك الشائكة بين الخطيب وخطيبته وتصبح الحياة في ظلّ الاحتلال أشبه بفيلمٍ تراجيديّ خاطف تضيع في أحداثه جذوة الفرح والسعادة |
| إقرأ في المؤتمر نت |
|
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||
2003-2024 