معارضة..رؤوس متنافرة وأقدام مضطربة في الثاني والعشرين من مايو 1990م ارتفع علم الوحدة اليمنية ليرفرف معه عهد جديد يحلق بجناحي الوحدة والديمقراطية، وهذه الأخيرة كانت ثمرة مفاوضات بين نظامي الحكم في الشطرين حول أربعة بدائل أولها دمج المؤتمر والاشتراكي، أو أن يحل الحزبان نفسهما، أو قيام تنظيم سياسي يتكون من جبهة عريضة تضم الحزبين وبقية القوى الوطنية، لكن الجانبين توصلا في نهاية المطاف إلى الخيار التعددى القائم على أحزاب حاكمة ومعارضة ببقاء المؤتمر والاشتراكي والسماح لبقية القوى السياسية بالظهور على السطح. ما ملأ الساحة اليمنية بأكثر من أربعين حزبا توزعت إلى أحزاب موالاة تتبع المؤتمر والاشتراكي الحاكمين وأخرى معارضة لم تستطع خلال خمسة أعوام تجميع قواها في تكتلات تحاول تقليل فجوة التأثير في القرار العام بينها وبين الأحزاب الحاكمة بسبب الصبغات الأيديولوجية لأهمها والتي كانت حاضرة بقوة في الخطاب السياسي للأحزاب ذلك الحين، ومع مرور الوقت وتحول الحزب الاشتراكي للمعارضة عقب حرب 1994م كانت أحزاب المعارضة مهيأة لوضع ستائر على توجهاتها الأيديولوجية والالتقاء على قواسم برامجية مشتركة بتشكيل الاشتراكي، والبعث، والوحدوي الناصري، والتجمع الوحدوي اليمني، والأحرار الدستوري، والحق ، والقوى الشعبية ما عرف بمجلس التنسيق الأعلى للمعارضة في 14 أغسطس 1995م، غير ما أعلنه 13 حزبا كانت منضوية في إطار الائتلاف الديمقراطي للمعارضة (آدم) المخالف لأحزاب التنسيق في تأييدها لوثيقة العهد والاتفاق التي وقعتها القوى الوطنية للخروج من أزمة ما قبل حرب الانفصال ، أعلنت في 2 فبراير 1995م عزمها تكوين المجلس الوطني للمعارضة الذي ما زال قائما حتى اللحظة. ونظراً لضعف جماهيرية أحزاب المجلس الوطني فقد تمكنت أحزاب التنسيق من السيطرة على خندق المعارضة في مواجهة حزبي الائتلاف المؤتمر والإصلاح محققة مواقف موحدة إزاء العديد من القضايا في صدارتها الاتفاق على مرشح واحد للانتخابات الرئاسية عام 1999م وإن فشلت في الحصول على نسبة التزكية البرلمانية المطلوبة لخوضها المنافسة، وكذا التحشيد لرفض التعديلات الدستورية 2001م، ودخولها في نفس العام الانتخابات المحلية بقائمة مشتركة. وفي مقابل التوتر الذي ساد علاقة شركاء الحكم المؤتمر والإصلاح وفشل تنسيق الدوائر بينهما قبيل الانتخابات البرلمانية 1997م تحسنت علاقات الإصلاح مع أحزاب التنسيق متمخضة عن صدور بيان مشترك بين الجانبين باسم البرنامج التنفيذي للقاء المشترك في 27 أغسطس 1996م وزادت فرص التقارب بين الإصلاح والتنسيق في إطارها الجديد إثر خروج الأول من الحكومة الائتلافية نتيجة حصد المؤتمر للأغلبية المطلقة من مقاعد البرلمان وتمكنه من تشكيل الحكومة منفردا لكن أمين عام الإصلاح صرح بأن حزبه اختار" مربع عدم المشاركة" بمعنى الوقوف في المنتصف بين المعارضة والمشاركة ترجمه فعلا في وقوفه لجهة المؤتمر في تأييد التعديلات الدستورية وإعلان الأخ علي عبدالله صالح - مرشح المؤتمر والمجلس الوطني للمعارضة مرشحا للإصلاح - في المنافسة الرئاسية وعدم تواجده في قائمة بقية أحزاب المشترك لخوض الانتخابات المحلية. ومع ذلك استجدت ظروف في علاقة المؤتمر والإصلاح أهمها "حرب المعاهد العلمية الدينية "وقيام حكومة عبدالقادر باجمال بتطبيق قانون التعليم المشتمل على إلغاء المعاهد العلمية بعد الانتخابات المحلية ليتطور التوتر بين الحزبين إثر انتخابات 2003م البرلمانية الحاصل المؤتمر بموجبها على قرابة الثلاثة أرباع المقاعد والموت السريري للعلاقة الاستراتيجية التي استمرت قيادتا الطرفين في الحديث عنها إلى ذلك الوقت. وبدت علاقة الإصلاح بالأحزاب الأخرى في اللقاء المشترك وكأنها ترتقي لتتحول من مجرد إطار تنسيقي إلى تحالف سياسي سرعان ما أخذ يتذبذب بفعل عدم الانسجام الأيديولوجي بينها الذي ظهر من جديد في بعض بنود مبادرة المشترك للإصلاح الوطني والسياسي الشامل المعلنة في ديسمبر من العام الفائت خصوصاً بين الحزبين الكبيرين الإصلاح والاشتراكي، وهو ما أفصح عنه نائب أمين سر حزب البعث القومي المنضوي في اللقاء عقب إعلان المبادرة. وهذا لا يعني أن المشترك لم يكن بمقدورها تحقيق بعض النجاحات في قضايا هامة فقد أمكنه إلى حد ما التنسيق في برلمانيات 2003م إلا أنه ما زال أمامها محك الاستحقاق الانتخابي الرئاسي القادم الذي لم تستطع الخروج من دوامته منذ أعلن الرئيس صالح قبل أحد شهراً عدم ترشحه وانتقلت من "صدمة قحطان" إلى أزمة مواصفات لمرشحها الموحد الذي عقدت عدة اجتماعات لتسميته دون جدوى - حتى الآن - غير تسريبات عن ضمان "الغنيمة" الرئاسية بتقاسم كرسي الرئيس ونائبه بين الاشتراكي د. ياسين سعيد نعمان والإصلاحي حميد الأحمر، وقبله ما تناولته وسائل إعلامية عن فشلها في الاتفاق على شخصية من أحد أعضائها ومحاولة حل الإشكال باختيار شخص مستقل قيل أنه وزير النفط الأسبق فيصل بن شملان.. وإلى الثلاثاء المقبل موعد إعلان البرلمان فتح باب الترشيحات ينتظر الشارع السياسي المخاض الرئاسي لـ"المشترك". |