دراسات أثرية تكشف أساليب اليمنيين في دفن الموتى كشفت الأعمال البحثية التنقيبية الأثرية التي نفذت خلال المواسم البحثية الماضية في اليمن عن نتائج علمية جديدة تبرز طرق وأساليب دفن الموتى خلال العصور البرونزية والحديدية التي عاصرها الإنسان اليمني القديم. واظهرت نتائج المسوحات والأبحاث والحفائر التنقيبية التي نفذها فريق أمريكي/يمني خلال الموسم الماضي 2006م في موقع "هران" الأثري -2كم شمال مدينة ذمار (وسط اليمن)- والتي ركزت على دراسة الموقع كمقابر والتي كشفت من خلالها عن الطرق التي اتبعت خلال الحقب الزمنية السحيقة التي تعاقبت على الموقع في أساليب الدفن عند الإنسان القديم في اليمن أن المربع الواحد خصص لدفن سبعة أشخاص؛ حيث تم العثور على أربع طبقات استيطانية منفصلة من بينها مقبرتين، وتم الكشف عن شكل استيطاني يعد كالقبر، لكن ليس من القبوريات الحميرية والسبئية، لكن من قبوريات قديمة هي عبارة عن مجموعة أحجار توضع بشكل دائري أو هرمي، وتم العثور على عدد من اللقى الفخارية والنحاسية، وأنه تم الكشف عن المقبرة من خلال حفر الطبقة الأولى، وتفاجئ الباحثون بعد مواصلة أعمال الحفر إلى أسفل بمقبرة أخرى تلي الطبقة الأولى بعدة أمتار إلى الأسفل والمقبرتين من عدة طوابق. وأشار الخبراء إلى أن هذه الاكتشافات تحتاج إلى دراسة وتمعن أكثر.. وكان الباحثون توصلوا إلى نتائج تثبت تعاقب الحضارة الإنسانية على الموقع تعود إلى العصور البرونزية والحجرية الحديث، ووجود حياة في المنطقة قبل أكثر من سبعة آلاف عام. وخلال المواسم الماضية نفذ عدد من الفرق والبعثات الأجنبية والكوادر الوطنية مسوحات بحثية طالت أكثر من 350 موقعاً أثرياً تعود معظمها إلى العصور البرونزية والحجرية. والتي تم من خلالها الوصول إلى نتائج تبرز المهارات ز الاجتماعية والاقتصادية للإنسان اليمني القديم عبر العصور. وقال مدير عام مكتب الاثار بمحافظة ذمار ( وسط اليمن ) إن الأعمال البحثية الآثارية ستتواصل خلال العام الحالي 2007م من خلال تنفيذ أعمال حفريتين أثريتين إنقاذيتين استكمالاً للأعمال البحثية التي نفذت خلال الموسم الماضي في موقع "هران" الأثري 2كم شمال مدينة ذمار والذي نأمل الوصول إلى نتائج جديدة تضاف إلى ما تم الكشف عنه إلى جانب استكمال العمل البحثي في موقع "حمة ذياب". مديرية ميفعة عنس (35)كم الى الشرق من مدينة ذمار كان الفريق البحثي قد توصل خلال الموسم البحثي الماضي 2006م إلى إسقاطات لمواقع المباني بشكل كامل إلى جانب مجموعة من مبانٍ أخرى خارج نطاق سور يطوق مباني لمدينة كبيرة شيدت فوق مرتفع صخري جيري يرتفع 40م عن مستوى الأرض. حيث بذل الفريق جهود لإظهار الشكل العام للمدينة ورفع جميع المباني التي تقع داخل نطاق السور؛ حيث تم التعرف على أبواب المدينة في منتصف الموقع تم التركيز بشكل خاص على مبنى بحد ذاته أظهرت ملامحه تميزه بقيمة علمية يمكن التوصل من خلاله إلى الكشف عن الشكل البنائي وأساليب البناء والذي يرجح الباحثين أنه عبارة عن معبد. إلى جانب ذلك يعتزم فرع الهيئة خلال الموسم الحالي 2007م تنفيذ عدد من أعمال المسح الأثري، وأعمال الحفر والتنقيب لعدد من المواقع الأخرى؛ حيث سيشمل تلك الأنشطة توثيق خطوات العمل والحصول على عينات من الفحم الذي سيجرى عليها الفحوصات المختبرية لتثبيت المراحل التاريخية لتلك المواقع تمهيداً لرسم السلم الزمني للحضارات التي تعاقبت في المنطقة؛ بالإضافة إلى توثيق المواقع الأثرية من خلال الرسم والتصوير والرفع الهندسي والوصف الدقيق للمواقع ووضع الإحداثيات بواسطة نظام (G.B.C) وتحديد خطوط الطول والعرض... وتوقع على السنباني أن تكشف نتائج الأبحاث والدراسات الأثرية عن جانباً هاماً من جوانب التاريخ اليمني، نظراً لما تلعبه الحضارات التي تعاقبت على منطقة ذمار من دور بارز في الحضارة اليمنية القديمة.. إلى ذلك توقفت خلال الموسم البحثي الماضي أعمال المسح والحفائر التنقيبية في منطقة النخلة الحمراء بمنطقة الكميم –مديرية الحداء- حوالي 40 كم إلى الشمال الشرقي من مدينة ذمار، بسبب تدخل الأهالي وعدد من المتنفيذين لمنع الباحثين من مواصلة أنشطتهم البحثية وسلبهم معداتهم البحثية بعد أن توصلوا إلى نتائج هامة للموقع الأثري الذي عرف في التاريخ والحضارة اليمنية القديمة بمدينة "يكي" والذي تردد ذكره في العديد من النقوش القديمة. وأوضح مدير فرع هيئة الآثار بذمار بأن الأعمال البحثية لم يكن الهدف منها الوصول إلى لقى أثرية، بل الوصول إلى معلومات أثرية وزراعية، وإظهار بعض الملامح الحضارية للمنطقة، خاصة المعمارية والزراعية والدينية. وقال إن موقع النخلة الحمراء الأثري "مدينة يكي" من المواقع الأثرية المعروفة بقيمتها التاريخية والتي خرج منها تمثال الملك الحميري "ذمار علي" وأبنه "ثاران يهنعم" من بين أنقاض المدينة التي ترجح الدراسات انهيارها بسبب حريق؛ حيث تم إخراج التمثالين عام 1931م بواسطة بعثة أثرية أجنبية. * " مستوطنة أرستقراطية واعتبر أن التماثيل من أهم الشواهد الأثرية المكتشفة التي تعطي فكرة واضحة عن المعتقدات والطقوس الدينية التي كان يزاولها الإنسان اليمني القديم في العصور السحيقة، وهذا ما أثبته تمثال "ذمار علي" وتمثال ابنه والذي أثبت الباحثون ما لهذين التمثالين من دلائل حضارية وتاريخية، كونهما يمثلان شخصيتين بارزتين في التاريخ اليمني القديم لعبتا دور كبير في توحيد اليمن أرضاً وشعباً، باعتبارهما من مؤسسي الدولة السبئية الحميرية الموحدة. إلى جانب الكشف عن صلات ثقافية بين حضارة البحر المتوسط وحضارة شبه الجزيرة العربية من خلال الكتابات القصيرة التي وجدت على الركبة اليسرى للتمثال بالخط اليوناني، وكذلك الكشف عن فكرة أخرى هي أن عملية الختان لم تكن معروفة في تلك العصور. وكشفت النتائج كذلك أن مدينة "يكي" مستوطنة أرستقراطية زراعية مائلة إلى العسكرية،وأن وجودها بالقرب من وادي خصيب يجري مياه طوال العام أهلَّ نشوء حضارة قوية في المنطقة. وأكد السنباني على أهمية مواصلة الدراسات والأنشطة في المواقع ومسوحات تنقيبية من أسفل المدينة؛ حيث الشكل الزراعي والاقتصادي، وصولاً إلى الموقع الأثري الذي من المتوقع أن يكشف جزء من الحضارة اليمنية. واعتبر أن اللقى التي تخرج من الحفريات تعد أفضل قيمة من اللقى التي تأتي من قبل الأهالي وإن كانت الأخيرة قيمة إلا أنها تفتقد قيمة كبيرة قبل وصولها إلى المتحف، بعكس اللقى التي تأتي من الحفريات مباشرة والتي ترتبط أهميتها الحصرية التي استخرجت منها. وأضاف مدير فرع هيئة الآثار أن للهيئة طموح إلى العمل الأثري في المنطقة، سواء في الجانب الإنشائي أو البحث الميداني، لذلك تسعى الهيئة إلى تنفيذ أعمال التنقيب بمحافظة ذمار التي تشتهر بكثافة وتنوع مخزونها الأثري،والذي لا يمكن للفرع تغطية العمل بمفرده دون الاستعانة بالفرق والبعثات الأجنبية والكوادر الوطنية، من ذلك جامعة ذمار الذي يجري حالياً التنسيق معها لتسليمها حقل أثري من خلال قسم الآثار بالجامعة في سبيل أداء علمي قيم يفيد ويظهر ملامح الحضارة اليمنية القديمة؛ حيث وأن الحقل الجامعي الذي سيتم تسليمه للجامعة سيخضع لإشراف فرع الهيئة، وتكون الأعمال البحثية فيه بالتنسيق مع بعثة أثرية أجنبية. معتبراً موقع "هران" الأثري حقل علمي إما للاختصاصيين الجدد، أو الاختصاصيين بقسم الآثار بالجامعة. وكشف عن اعتزام فرع الهيئة بذمار إنشاء معهد فني أثري لتأهيل وتدريب الكوادر الأثرية من فنيين حفر وترميم وصب نماذج وتخريج كوادر فنية متخصصة للعمل لا ينصب فقط على الأخصائيين الآثاريين فقط، إنما في الدرجة الأولى على الخبراء الفنيين.. |