نصائح المفكر هوفمان لمسلمي ألمانيا التمسك بالهوية الإسلامية ، والتخلي عن الانقسام القائم على أساس العرق، والاهتمام بالجيل الثالث من المسلمين، والالتزام الداخلي وليس الظاهري فقط.. نصائح من بين مجموعة نصائح قدمها المفكر الألماني المسلم الدكتور »مراد هوفمان لمسلمي ألمانيا في إطار الوسائل العملية لمواجهة الإسلاموفوبيا، وللعمل على اندماج أفضل في المجتمع.وقال هوفمان في حوار مع إسلام أون لاين.نت الإثنين 23-1-2006: « يعاني مسلمو الغرب -كبقية العالم الإسلامي- من انقسام وتمييز عرقي فيما بينهم، فمن المسلمين في ألمانيا من لا يقول أنا ذاهب إلى المسجد؛ بل يقول أنا ذاهب للمسجد المغربي أو المسجد التونسي أو التركي». ويرى هوفمان أن أول خطوة على طريق إدماج المسلمين تتمثل في تنحية تلك النزعات العرقية جانبا، ووقف حالات الصراع المذهبي، وضرورة نبذ الانتماء لطائفة دينية معينة.وفي السياق نفسه، أكد المفكر الإسلامي على ضرورة أن يتمسك المسلم بهويته الإسلامية. وقال: «نرفض بشدة مصطلح (الإسلام الأوربي) و(المسلم الحضاري)؛ فهو يعني -في اعتقادي- أن يسيطر الطابع الأوربي على المسلم، وأن يتوقف هذا المسلم الحضاري عن الصلاة والصوم وأداء الفروض، ويكتفي بالقول بأن الله في قلبه.. ونحن لا نريد هذا النموذج. وتابع«»علينا دائما أن نذكر المجتمع المحيط بنا بأننا لا نقبل بالذوبان تحت مفهوم الاندماج، فأوربا من الناحية النظرية عبارة عن بناء من أحجار مختلفة، وكل حجر يمكنه الاحتفاظ بذاتيته.. وهذا ما أسميه الاندماج، ولكن ما يقصد به عندما يتم التحدث عن الاندماج -خاصة في ألمانيا- هو الذوبان.. وهو أن يظل الإسلام فلكلوريا فقط». ورفض المفكر الألماني ما وصفه بـ«الإسلام المظهريَ»، وقال:«يجب أن نوضح صحيح الإسلام، وهذا لا يتم عندما يقوم المرء بالتجول بجلباب أو عمامة أو غطاء للرأس، ويقول دون انقطاع: ما شاء الله.. وإن شاء الله؛ لأنه من خلال ذلك يقدم الإسلام كأنه شيء غريب. يجب أن يكون هناك توازن، وأن نعمل على أن يعرض الإسلام كواحد من الديانات التوحيدية الثلاث».ويضيف: »كما يجب أن ننفصل روحيا وجسديا عن الراديكالية في صفوفنا.. فحقيقة، بيننا مسلمون يسببون الخوف حتى للمسلمين أنفسهم، وهذا نتيجة لنوع من التقوقع وتقزيم مفهوم الدين، وتحويله إلى عنصرية مسلحة». تجديد إسلامنا العودة لمصدري العقيدة، القرآن والسنة، في حل المشاكل اليومية التي تواجه المسلمين، نصيحة أخرى من هوفمان أكد فيها على أهمية تمسك مسلمي ألمانيا بها كخطوة للتوحد والاندماج في مجتمعهم. وتابع: «كما أن تجديد الدين شرط من شروط التوحد أيضا. ويجب على كل مسلم على مدار حياته أن يعتنق الإسلام من جديد؛ لأن دينا يتم رضاعته مع لبن الأم يتحول لأمر روتيني، ونحن جميعا -المسلمون الجدد والمسلمون منذ المولد- نقف على الأرضية نفسها، فكل مسلم يجب أن يعتنق الإسلام».وأكد على ميزة يتفرد بها مسلمو الغرب عن بقية المسلمين، وهي قدرتهم على المناقشة العلمية لجميع الأمور المتعلقة بالدين؛ وهو الأمر الذي يعتبره هوفمان نادر الحدوث في الدول الإسلامية. وأوضح:«إذا سألني أحد في الغرب: هل يمكنك إثبات وجود الله فسأستشهد بـ«إيمانويل كانت» ونظريته في الشك المنهجي، أما في العالم الإسلامي فسيقال -ردا على السؤال نفسه-: بكل تأكيد هناك إله، وهذا هو كتابه القرآن». واعتبر أن »التربية الغربية يمكنها أن تشكل سلاحا للرد على المشككين في الإسلام». الجيل الثالث ويعول هوفمان بمزيد من الأمل على الجيل الجديد من أبناء المسلمين في الغرب، الذين -بحسب رأيه- يمثلون الجسر الضارب بين الإسلام والغرب. ويقول: «أبناء الجيل الأول من المسلمين بأوربا كانوا سعداء بأنهم تمكنوا من كسب المال، أما الجيل الثاني فقد تعثر نوعا ما.. ففي ألمانيا على سبيل المثال لم يتمكن أبناء هذا الجيل من إتقان اللغة الألمانية، وهم يعتبرون أجانب في ألمانيا، كما ينظر إليهم على أنهم أجانب في أوطانهم الأصلية». وتابع: «أما أبناء الجيل الثالث فهم فقط الذين لهم بالفعل الفرصة كاملة لأن يقبلوا هنا تماما؛ لأنهم يتحدثون لغة البلاد دون عجمة، ولا يعرف أنهم مسلمون إلا من خلال أسمائهم وليس من خلال ملبسهم أو لغتهم، وهذا هام للغاية». ومضى يقول: «الجيل الثالث لم يعد راضيا بأن يكون موجودا داخل البلاد وحسب؛ بل يريد اعترافا وقبولا، ويتخذ من أجل ذلك خطوات عدة يطالب فيها بتحقيق المساواة الاجتماعية».ويرى هوفمان أن المهمة الرئيسية لأبناء الجيل الثالث بأوربا هي «إخراج الإسلام من الأقبية.. ففي ألمانيا أكثر من 2000 مسجد جلها عبارة عن مساجد في أقبية لا أحد يراها، ورغم أنها جميلة ونظيفة لكنها لا تمثل الإسلام.. فالإسلام ليس دين أقبية».وانتقد هوفمان حالة الفزع من الإسلام التي أحدثتها اعتداءات 11 سبتمبر 2001 على الولايات المتحدة، مشيرا إلى أن الحملات المحمومة التي تشن ضد الإسلام في الغرب أدت - بعكس التوقعات- إلى زيادة عدد معتنقيه، ودلل على ذلك بارتفاع أعداد معتنقي الديانة الإسلامية إلى ألف مواطن سنويا في ألمانيا أغلبهم من السيدات.ومراد هوفمان ألماني الجنسية، وحصل على الدكتوراة في القانون من إحدى الجامعات الأمريكية، وعمل مديرا لهيئة الاستعلامات في «الناتو»، وسفيرا لألمانيا في الجزائر، وقد اعتنق الإسلام عام 1980 وحج واعتمر، ونشرت له عدة كتب ومقالات وأبحاث، من كتبه: «يوميات ألماني مسلم»، و«الإسلام كبديل»، و«الإسلام عام 2000». |