اليمنيون يوثّقون مراحل حياتهم بأسماء بناتهم اسم "زايد"الأكثر انتشاراً.. والنساء يحملن أسماء تاريخية ومدناً عربية.. اليمن أول ما يلفت نظر الزائر له هو أسماء اليمنيين، فمن يدقق في أسمائهم وأعمارهم يجد أن لكل مرحلة مهمة مرت في اليمن تتوثق بأشخاصهم من خلال الأسماء، وقديما قالوا إن اليمنيين وحدهم من يجيد توثيق العشق تاريخا تحمله الأجيال عبر السنين والقرون. ومع أن كثيراً من الأسماء في الوطن العربي والإسلامي تحمل دلائل خاصة أو ترمز إلى مراحل من التاريخ، إلا أن الوضع في اليمن يختلف كليا فالأسرة وقبل أن يولد وليدها تبدأ بالتفكير في الاسم الذي سيحمله الوليد الجديد ويكون مرتبطا بالمرحلة التي تعيش فيها هذه الأسرة. وفي الزمن القديم من تاريخ اليمن مثلت العقيدة الدينية سببا رئيسيا في التسمية واستمر هذا الحال حتى اليوم، فالأسماء الشائعة هناك خاصة في المدن الشمالية هي (علي، حسن، حسين، زيد، هادي، يحيى، فاطمة، زينب) وهي على نحو كبير جدا يمثل جزءاً من الهوية المذهبية (الزيدية)، أما أسماء الإناث فإن أسماء الله الحسنى المسبوقة بكلمة (أمة) مثل أمة العليم شائعة جدا أكثر من أي بلد إسلامي آخر، وباعتبار أن اليمن أيضا ارض زراعية فالأسماء التي تشتهر أكثر في هذه المناطق (هيلة، ساقية، غرسة، نباتة، زهرة، زبيبة، حمحمة، لوزة، فندة، قطفة، موزة.. الخ)، بينما نجد ان كثيراً من العوائل أو الأسر المتعلقة بالتاريخ اليمني والإسلامي والمنبهرة بشخصياته خاصة النسائية تطلق على بناتها أسماء مثل (بلقيس، سبأ، خديجة، خنساء، عائشة، حليمة، خوله، أروى)، ومع دخول اليمن مراحل العصر الحديث والتحرر من حكم الإمامة في الشمال والاستعمار البريطاني في الجنوب، أطلقت الأسر على أبنائها أسماء ترمز لهذه المراحل فسمت (دولة، جمهورية، حرية، انتصار، جلاء، وحدة، عاصمة، نضال، اتفاق، شهيد، ردفان، ملايين، صنعاء، كفاح وغيرها)، وتزامن في هذه المرحلة انطلاق حركة التحرر العربي فسمى الآباء أبناءهم (جمال، عبد الناصر، خالد، عبد الحكيم، أنور، سادات، معمر)، واكبر حملة أسماء أطلقت في اليمن خاصة في عام 1991 أسماء (صدام، عدي، قصي) وكان ذلك تعبيرا عن إعجاب اليمنيين بصدام لإطلاقه صواريخ عراقية على إسرائيل، وهناك أسماء من وحي نضال الشعب الفلسطيني وانتفاضاته المباركة مثل (ياسر، عرفات، عز الدين، حماس، جهاد، عياش، درة، انتفاضة، قدس، ياسين). وكانت للحركات السياسية التي ظهرت في اليمن بعد ثورة أكتوبر 1963م آثار واضحة في تسمية المواليد، فقد ظهرت في شطر اليمن الجنوبي سابقا أسماء ارتبطت بالفكر الاشتراكي وزعمائه، مثل (شوعي، شيوعية، لين ـ نسبة إلى لينين ـ كاسترو، موسكو، روسية، جيفارا)، والبعض الآخر أطلق على أبنائه أسماء القبائل مثل (حمير، ذرحان، همدان، خولان، بكيل، حاشد، سفيان، يافع، كندي، معين، ردفان، عزان، سنحان)، وهكذا انتشرت مثل هذه الأسماء في المراحل الماضية. ومع دخول اليمنيين المهجر واغترابهم في دول مختلفة من العالم ظهر تأثير عالم الاغتراب في أسماء مواليدهم، فمن عاش في مناطق جنوب شرق آسيا أضاف إلى قاموس الأسماء في اليمن أسماء مثل (ماليزيا، اندونيسيا، ناوه «اسم جزيرة»، هند)، أما الاغتراب في دول الخليج فقد أضفى بصمات واضحة بشكل كبير على قاموس الأسماء، فمن عاش في السعودية عاد بأسماء مثل (سعود، فيصل، طلال، فهد، جدة، شيخة، سلمان، رياض، أمير، أميرة) ومن سلطنة عمان (سلطان، قابوس، سعيد، مسقط) ومن الإمارات (زايد ـ وهو أكثر الأسماء انتشارا في اليمن خاصة بعد زيارة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان لسد مأرب ـ ومن الأسماء أيضا إمارة، شيخة، خليفة، راشد، نهيان)، ومن الكويت (صباح، جابر، كويت) وهكذا أصبحت الأسماء الخليجية أكثر انتشارا بين المواليد الجدد. ومن المتأثرين بأسماء النجوم أطلقوا على أبنائهم أسماء مثل (أم كلثوم، فيروز، عبد الحليم، أسمهان، وحديثاً شاع اسم (كاظم، ساهر) نسبة إلى كاظم الساهر، ومن الأسماء الأكثر انتشارا في مدينة عدن اسم المطرب (فريد) وغالب هذه الأسماء هي من مواليد 1956 وهي السنة التي زار فيها فريد الأطرش عدن واحيا حفلاته الفنية على مسارحها، ويقال إن أعلى نسبة طلاق حصلت في هذه المدينة كان بسبب غيرة الأزواج من فريد وإصرار زوجاتهن على حضور حفلاته الأمر الذي أدى إلى طلاقهن. ومازال في اليمن اليوم من هو متمسك بعروبته ومازال من يسمي أبناءه بأسماء الدول والمدن العربية مثل (مصر، بغداد، اسكندر، بيروت، سودان، أسوان، سوريا، صنعاء، عدن، فلسطين، غزة، كوفة، مكة، نجد)، وغيرها من الأسماء التي تحمل دلالة تاريخية كانت أم دينية. عن"البيان" |