بوسع العطاس أن يغالط لكن عجلة التاريخ لن تعود إلى الوراء فاجأتنا الزميلة (الأيام) يوم أمس الاول الثلاثاء بنشر تصريح للمهندس حيدر أبو بكر العطاس ، بمناسبة الذكرى الخامسة والأربعين لثورة 14أكتوبر ، تضمن بعض المغالطات التاريخية والانحرافات السافرة عن المبادئ والأهداف الوطنية العظيمة لثورة 14أكتوبر التي كان في صدارة أهدافها تحرير جنوب الوطن المحتل من الإستعمار وتأكيد هويته الوطنية اليمنية في وجه المشروع الإستعماري الأنجلو سلاطيني الذي أستهدف سلب الهوية اليمنيةللجنوب المحتل وتلفيق هوية مزيفة على أراضيه ، والتخطيط لإقامة دولة الجنوب العربي وضرب وحدة الشعب اليمني أرضا وشعبا . لقد تحدث العطاس عبر صحيفة (الأيام) يوم الثلاثاء عن ما أسماه (شعب الجنوب) و(مصالح الشعبين الجارين اليمني والجنوبي) في إشارة تذكرنا بمعاهدات الحماية والصداقة التي وقعتها الحكومة البريطانية مع حكام الكيانات السلاطينية لما كان يسمى إتحاد الجنوب العربي ، والتي كانت تنص على حرص الحكومة البريطانية وسلاطين الجنوب العربي على إقامة علاقات حسن جوار مع البلدان المجاورة (وبضمنها اليمن حكومة وشعبا) وعدم إقامة أي ( علاقات خارجية مع اليمن وغيرها من الدول الأجنبية بدون موافقة الحكومة البريطانية ). كما أعاد العطاس الى ذاكرتنا من خلال تلك العبارات قانون تسجيل الأجانب الذي أصدرته حكومة إتحاد الجنوب العربي عام 1965م والذي أعتبرت فيه اليمنيين من مواليد شمال الوطن أجانب ودعتهم إلى الحصول على تراخيص إقامة وهو ما رفضه بقوة شعبنا اليمني في الجنوب المحتل وقواه الوطنية وفي مقدمتها الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل والنقابات العمالية والمنظمات الطلابية التي قاومت هذا القانون بالمظاهرات والإضرابات، وأسقطته عبر الكفاح الشعبي المسلح الذي قادته ثورة14أكتوبر الخالدة ضد الاحتلال الاستعماري ومشاريعه الأنجلو سلاطينية وفي الصدارة منها مشروع الجنوب العربي، ومعاهدات الحماية والصداقة بين بريطانيا والكيانات السلاطينية العميلة وغيرها من المشاريع الإستعمارية التي أستهدفت طمس الهوية اليمنية للجنوب المحتل وتمزيق وحدة اليمن أرضا وشعبا ، حيث مثل إنتصار ثورة 14أكتوبر بتحقيق الاستقلال الوطني في الثلاثين من نوفمبر 1967م نصرا جديدا للثورة اليمنية الواحدة تتوج بإنهاء الكيانات السلاطينية وتوحيدها في جمهورية واحدة تحمل الهوية اليمنية كخطوة على طريق إعادة توحيد الوطن اليمني التي تحققت في 22مايو 1990 تجسيداً لأهداف ومبادئ الثورة اليمنية الواحدة (26سبتمبر - 14 أكتوبر ) والتي عمدها شعبنا اليمني بدماء شهدائه الأبرار ومناضليه الميامين في كل أنحاء الوطن. ومن المدهش أن يوجه العطاس عبر صحيفة الأيام تحية لمن أسماهم (قادة الحراك الجنوبي) والذين وصفهم بأنهم يقاومون (مشهدا يشبه المشهد الذي قاومت فيه ثورة 14أكتوبر قوى البغي والطغيان عند إندلاعها ضد الإستعمار الأجنبي) الأمر الذي نراه تنكراً لمبادئ ثورة 14أكتوبر وإهانة لكفاح وتضحيات مناضليها الذين جسدوا وحدة القضية الوطنية اليمنية،وعمقوا بكفاحهم الوطني وحدة مبادئ وأهداف الثورة اليمنية (26سبتمبرــ14أكتوبر) وفي مقدمتهم شهداؤها الخالدون غالب بن راجح لبوزة ، وعبود ، ويحي عبد القوي المفلحي ، وعلي سالم يافعي ، وأحمد علي الحبيشي ، ونعمان الذماري ، وعبد الله عبد المجيد السلفي ، وعبد الفتاح إسماعيل ،و علي عنتر ،و صالح مصلح قاسم وعلي شايع هادي ومحمود عشيش وعلي حسين القاضي وسالم يسلم الهارش وهاشم عمر وسالم ربيع علي ، ومحمد صالح مطيع وغيرهم من الشهداء الخالدين والقادة الوطنيين الذين لايزالون أحياء يجسدون برصيدهم الكفاحي وتاريخهم الوطني وحدة الوطن اليمني أرضا وشعبا. من حق العطاس وغيره أن يتخلوا عن مبادئ ثورة 14أكتوبر بعد أن أختاروا لأنفسهم الانتقال إلى مواقع الذين سقطوا قبلهم في وحل الإرتزاق والتآمر ، لكن ليس من حقهم تشويه وتزييف التاريخ والحقائق ، كما أنه ليس بوسعهم إعادة عجلة التاريخ إلى الخلف وإحياء المشاريع الإستعمارية والإنفصالية التي أسقطها شعبنا بكفاحه الطويل وعمد إنتصاراته عليها بالدماء والتضحيات ، وأقام على أنقاضها مكاسب وطنية تاريخية عظيمة على مدى جيلين كاملين قبل الوحدة ، وتعيش في ظلها وتحمل بيارقها أجيال جديدة مؤمنة بالحرية وبوحدة الوطن والشعب بعد أن أصبحت تحيا وتعمل وتدرس وتتربى في ظل يمن حر ديمقراطي موحد، الذي كان في يوم من الأيام حلما وطنيا وشعارا ثوريا ، وأصبح اليوم حقيقة راسخة لا يستطيع طمسها أحد . كم هو غريب أن يطلق العطاس وأمثاله مثل هذه التصريحات عبر الزميلة صحيفة (الأيام) التي كانوا يصفونها في الماضي بأنها (بوق للإستعمار ولمشروع الجنوب العربي) بعد أن قاموا بإغلاقها واضطهاد مؤسسها طوال فترة هيمنتهم على الحكم بعد تحرير جنوب الوطن من الإستعمار ، بينما نجدهم الآن يعتذرون لصحيفة( الأيام ) ، ويكيلون لها المديح ويصفونها بأنها ( نالت بحق شرف أن تكون صحيفة الشعب في الماضي والحاضر والمستقبل ) ، حيث يحاولون الآساءة مرة أخرى إلى هذه الصحيفة من خلال استخدام حرية الصحافة لممارسة هذا النفاق الانتهازي الذي يسعى إلى إعادة الاعتبار للمفاهيم والمشاريع الاستعمارية الأنجلو سلاطينية التي كانت تتحدث عن ما يسمى( شعب الجنوب العربي) و( المصالح المشتركة للشعبين الجارين شعب الجنوب العربي والشعب اليمني ) .. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. *نقلا عن 14 اكتوبر |