عقلاء .. ومتشنجون !! على خلاف الخطاب الإعلامي والسياسي المتشنج الذي اتسم به أداء «المشترك»، وبخاصة إزاء الموقف من الانتخابات القادمة والنظرة إلى الحراك الجنوبي؛ نرى طرحاً موضوعياً وموقفاً مسؤولاً من القيادي «الاشتراكي» أنيس حسن يحيى الذي انتقد موقف حزبه الملوح بمقاطعة الانتخابات، فضلاً عن معارضته لقراءة أحزاب «المشترك» للحراك السياسي في المحافظات الجنوبية، بل انتقاده الصريح لقيادات الحراك عندما أشار عليها بضرورة الوعي بحقيقة أنهم جزء من الشعب اليمني.. وقوله: «العيب القاتل هو أن يستمر بعضنا من الجنوبيين في التمييز الخاطئ بين شماليين وجنوبيين» «وقوله أيضاً» إن هذا التمييز المفتعل أمر معيب. وإذا كان طبيعياً أن يحمّل أنيس يحيى «المؤتمر» المسئولية في تأزيم الحياة السياسية من موقفه وموقعه المعارض للحزب الحاكم؛ غير أنه ينتقد اخطاء «المشترك» بشجاعة قلما واجه أي من قياديي «المشترك» تلك الأخطاء، حيث يعتقد القيادي الاشتراكي بأن اللقاء المشترك يتحمل قدراً من المسئولية في تأزيم الحياة السياسية. ويشخص أنيس حسن يحيى أزمة «المشترك» في ثلاثة اخطاء أربكت حسم خياراتها السياسية وهي المتمثلة في خطابها السياسي الانفعالي الصارخ وعدم الاستشعار إزاء التعامل مع الأزمة السياسية الراهنة، فضلاً عن تأكيده خطأ ردة فعل «المشترك» على تنصل «الحاكم» من اتفاقياته - كما يقول - والتلويح بمقاطعة الانتخابات، حيث يعتبر القيادي الاشتراكي بأن «المقاطعة» خطأ فادح!. ومن حسن الحظ أن يأتي هذا الموقف من قيادي اشتراكي مفعم بالنضج والعمق والموضوعية متزامناً مع المقترحات الرئاسية الأخيرة التي أخذت تماماً بكل مطالب أحزاب «المشترك» ابتداء من تعديل قانون الانتخابات وتوسيع اللجنة العليا للانتخابات بحيث تمثل هذه الأحزاب بصورة أكبر؛ فضلاً عن أن يكون قوام لجنة مرحلة الترشيح والاقتراع طبقاً لانتخابات 2006م. ان العقلاء داخل أحزاب «المشترك» والرؤى الناضجة التي يطرحونها لا تلقى - على ما يبدو الترحاب - فقد استقبلت صحيفة «الثوري» التي نشرت مقال القيادي «أنيس حسن يحيى» أمس الخميس بعدم اهتمام واكتراث معتبرة ما احتواه المقال إنما يمثل «وجهة نظره الشخصية» وقد أشارت الصحيفة إلى ذلك بوضوح. بمعنى أن قيادات الحزب الاشتراكي غير مستعدة لتقبل مثل تلك الآراء الناضجة والموضوعية إزاء قضايا وطنية لا تعني الحزب الحاكم أو المعارضة، وإنما تعني تطوير التجربة الديمقراطية وتوسيع المشاركة، واتاحة الفرصة أمام المجتمع لأن يطور أدواته ووسائله عن طريق التداول السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع!. وبالمناسبة تحضرني حالة «التشنج» التي تعيشها بعض قيادات المشترك، ومنها ما حدث إثر صدور الافكار الرئاسية الجديدة بتكليف الدكتور عبدالكريم الإرياني المستشار السياسي بحمل المقترحات إلى «المشترك» لتقليص التباينات مع «المؤتمر» لحثهم على المشاركة في الانتخابات القادمة، حيث طلبتُ من أحد الزملاء الصحافيين في «الجمهورية» التواصل مع بعض قيادات «المشترك» لمعرفة آرائهم وموقفهم تجاه المقترحات الرئاسية؛ إلا أن المحرر عاد إليّ والحزن باد عليه قائلاً: ان أكثر تلك القيادات التزاماً بآداب الحوار أغلقت سماعة الهاتف في وجهي!. وحالة «التشنج» هذه تظهر في كثير من تصرفات قيادات «المشترك» وكان آخرها ردة فعل أحدهم على الزميل الاعلامي حمود منصر في المؤتمر الصحفي لـ «للمشترك» وقبل ذلك حادثة مشابهة مع مدير مكتب «الجزيرة» الزميل مراد هاشم، وهي ردود فعل تنم عن حالة «التشنج» التي تعيشها هذه القيادات وعدم قبولها للرأي الآخر سواء من قيادات داخل هذه الأحزاب أو من آخرين خارجها فما بلكم إذا كانت هذه المقترحات تصدر عن الحاكم؟!. ان القول الصحيح هو ان هذه القيادات لا يمكنها التعامل مع المستجدات على الساحة ما لم توطن نفسها على الموضوعية، وتنأ بها عن مواطن الانفعال والتشنج، وترضخ لحقيقة ان النظام السياسي يمثل منظومة متكاملة أساسها المؤسسات الدستورية التي لا يمكن الوصول إليها بغير ممارسة الديمقراطية، والتسليم بالتداول السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع. |