![]() الولايات المتحدة الآسيوية يحيى .. عامل نظافة صومالي نستعين به في مؤسسة «الثورة» للصحافة مقابل مكافأة عمّا يقوم به .. هذه الأيام يحرص على بذل جهد مضاعف والانتهاء من الأعمال المكلف بها باكراً حتى يتسنى له وقت فراغ كاف لمشاهدة مباريات كأس العالم .. يسابقنا إلى الاستراحة لحجز مكان له , يشعر أن كأس العالم هذا العام هي بطولته مادامت في جنوب أفريقيا وتحتضنها القارة السمراء لأول مرة في تاريخها. هو عربي يحب الجزائر.. لكن الجزائر ليست ممثله الوحيد في المونديال كما هو الحال بالنسبة لنا .. يحيى يتوزع انتماؤه وتشجيعه وحماسته ومشاعره ودعاؤه بين ستة منتخبات هي الجزائر ونيجيريا والكاميرون وساحل العاج وغانا وجنوب أفريقيا .. إنه الانتماء لأفريقيا .. إنه الانتماء للولايات المتحدة الأفريقية , حلم الزعيم القذافي وحلم البسطاء في القارة السمراء. حكاية يحيى دفعتني إلى التساؤل: لماذا لا نشعر نحن بالانتماء القوي لآسيا؟ لماذا نحس أننا نصف غرباء بعدما فقدنا مقعدنا الوحيد عن القارة الذي انتزعته الكويت في 1982 وحملت رايته بعد ذلك العراق ثم الإمارات ثم السعودية لأربع مرات على التوالي قبل أن يحدث الغياب في هذه البطولة؟ لماذا لا نقول البركة في ممثلينا الأربعة , اليابان والكوريتين واستراليا؟! باستقصاء حالات عديدة تجد الكثير من اليمنيين يتعاطفون مع المنتخبات الأفريقية , والأسباب ليست رياضية ولكنها ثقافة وسياسة وتراكم من الشعور بالتقارب مع بلدان العالم النامي والدول الفقيرة .. وفوق ذلك ليست هناك مظلة آسيوية نستظل بها وتجمعنا سوياً من غرب القارة حتى شرقها ومن اليمن حتى اليابان . في أفريقيا بدأ مبكراً ذلك التقارب عبر منظمة الوحدة الأفريقية التي تأسست في عام 1963م ثم تحولت قبل سنوات إلى الاتحاد الأفريقي , وظل مشروع الولايات المتحدة الأفريقية حلماً يراود الكثيرين في القارة السمراء وفي مقدمتهم قائد ثورة الفاتح من سبتمبر الليبية وعميد الزعماء العرب وملك ملوك أفريقيا العقيد معمر القذافي الذي له بصمات وجهود ملموسة وحّرك المياه الراكدة في هذا الانتماء القاري. أما نحن في القارة الآسيوية فكان التعاطي مع بلدان القارة وفق محددات سياسية وإيديولوجية فرضتها سنوات الحرب الباردة .. كان الحب لماوتسي تونج ليس من كونه زعيماً تاريخياً في أكبر دولة آسيوية , ولكن في اعتباره ملهماً وصاحب مذهب في الاشتراكية أصبح له أتباع وأنصار يدعون بالماويين.. وكذلك الأمر بالنسبة لهوتشي منه الذي يرى فيه اليساريون نبياً فيتنامياً جاهد في مقاومة الإمبريالية الأمريكية وصلف الاستعمار الرأسمالي. وكذلك كانت الشيوعية جسر التقارب والتواصل في علاقاتنا مع كوريا الشمالية .. وكان الذي يولي وجهه شطر بيونج يانج هو ذلك الناسك في محراب الحرية والعدالة الاجتماعية ووسط صفوف البوليتاريا والرافضين للفوارق الطبقية .. في حين أن من يتلفظ باسم « سيول» عاصمة كوريا الجنوبية نصنفه في خانة الخانعين والخاضعين وعملاء البرجوازية والمعسكر الغربي . والخوف كل الخوف ألاّ نتحرك في هذا الإطار ونترك فراغاً تملؤه الدولة العبرية التي بدأت تنسج علاقات تعاون اقتصادي وعسكري متين مع دول كثيرة في القارة أبرزها الصين والهند وتقدم نفسها لبلدان القارة على أنها الشريك المستقبلي والأقدر على قيادة السفينة والإبحار نحو منظومة آسيوية واتحاد سياسي آسيوي على غرار الاتحاد الأوروبي والإتحاد الأفريقي .. في حين أننا كبلدان عربية في آسيا وأغلبها بلدان نفطية لدينا الكثير مما يجب أن نفعله لتمتين العلاقات وتجذير المصالح المشتركة بيننا وبين بلدان آسيا الأخرى سواء كانت في شرق ووسط وجنوب آسيا أو في منظومة دول غرب آسيا التي استقلت عن الاتحاد السوفيتي السابق وانضمت رياضياً إلى القارة الصفراء مثل أوزبكستان وقرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان وأخواتهم. * عن الجمهورية نت [email protected] |