|
الثورة اليمنية .. عقود مشرقة من الإنجازات الرائدة في القطاعات الخدمية أشرقت شمس الثورة اليمنية المباركة في صبيحة السادس والعشرين من سبتمبر 1962م واليمن تقبع في واقع مرير من التخلف والجهل والبؤس، وتفتقر لابسط مقومات الحياة من بنية تحتية وخدمات، وكأنها ما تزال تعيش في القرون الغابرة. وتؤكد هذا الواقع المتخلف والمأساوي شخصيات عربية واجنبية عايشت حال اليمن آنذاك عن قرب.. فيذكر الشاعر والكاتب اللبناني أمين الريحاني أن من يريد أن يرى كيف كانت الحياة في القرون الوسطى فعليه بزيارة اليمن. ويقول الريحاني : " وكأنك في السياحة في تلك البلاد السعيدة، تعود فجأة إلى القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادي) لا مدارس ، ولا جرائد ، ولا مطابع ، ولا أدوية ، ولا أطباء ، ولا مستشفيات في اليمن ، إن الإمام هو كل شيء، العالم ، والطبيب، والمحامي، والكاهن". وتتفق الطبيبة الفرنسية كلودي فايان مع هذا الرأي بقولها : " مهما يكن من أمر فإن اليمن التي تساوي ثلث مساحة فرنسا ويسكنها نحو خمسة ملايين نفس ما زالت تعيش في ظلام القرون الوسطى، وهي من وجهة النظر السياسية مملكة إقطاعية، اقتصادها قائم على الزراعة والحرف، واحتياجاتها لهذه الأسباب قليلة ولا يدخلها إلا القليل من المهندسين والأطباء الأجانب، وهي لهذا ميدان مفيد جداً للباحثين في أصول السلالات البشرية ومميزاتها إذ لم يعكره أي شيء غربي على الإطلاق". وتضيف :" من النادر الدخول إلى اليمن أو الخروج منها عن غير طريق عدن،فليس من خط جوي منتظم يمر فوق الأراضي اليمنية.. ورغم أن في مدن اليمن الرئيسية الثلاث: صنعاء والحديدة وتعز، مطارات صالحة لنزول الطائرات فلا تستعملها إلا طائرات الإمام لأنها محرومة من المؤسسات اللاسلكية التي تفرضها اللوائح الدولية". الزعيم الجزائري هواري بومدين هو الآخر صدمه الوضع المعاش في اليمن عندما زارها عام 1962م وبالتحديد خلال زيارته لصنعاء والحديدة وتعز وكان حينها نائبا لرئيس الجمهورية الجزائرية، عندما وجد اليمنيون يعيشون جزءاً من حياة القرون الأولى لاتربطهم أية رابطة بحياة القرن العشرين، حيث لم يكن هناك أية طرق رئيسية مسفلتة سوى طريق الحديدة - صنعاء التي فرغ الصينيون لتوهم من شقها وسفلتتها وما عداها لا توجد طريق رئيسية أو فرعية بين المدن الرئيسية أو داخل المدن، وشاهد المواطنين الذين يتوافدون من مختلف المناطق بصورة جماعية للتهنئة بالثورة وهم شبه عراة وأقدامهم حافية. ويعلق على ذلك بقوله : " إذا كان الاستعمار يصنع هكذا في الشعوب فعلينا نحن الذين حاربنا الاستعمار أن نصنع له تمثالاً" . فيما وصف طبيب إيطالي لأمين الريحاني الوضع في اليمن بقوله :" لاطب عندهم ولا دواء .. والأمراض المتفشية في اليمن تفشياً مريعاً، هي الجدري، وحمى التيفوئيد، والملاريا، والأهالي فقراء لا يحصلون على قوتهم الضروري إلا بشق الأنفس".. كما بعث هذا الطبيب الذي خلف الطبيبة الفرنسية كلودي فايان برسالة إليها قال فيها :" إن الأمر يزداد سوءاً منذ سفرك، إن وباء التيفوئيد منتشر ولا وجود للأدوية.. لا شيء.. لا شيء.. لاشيء ". بينما شخص عضو البعثة العسكرية العراقية في اليمن العميد الركن سيف الدين سعيد حال وضع اليمن في عقد خمسينات القرن الماضي عن قرب ورؤية ومعايشة, خلال تواجده لثلاث سنوات مع البعثة بالقول: " ليس هناك سدود ولا أنفاق ولا جسور ولا شوارع ولا طرقات ولا وسائل اتصال ولا مدارس ولا مستشفيات ولا مرافق سياحية أو ماشابه ذلك.. فكل شيء يراوح مكانه الذي كان عليه منذ قرون.. وما لم يتبدل الحال غير الحال والرجال غير الرجال، فسيظل اليمن كياناً أثرياً كخرائب سد مأرب تقف على اطلاله البوم والغربان". وبهذه الشهادات يتضح جليا مدى التخلف والبؤس الذي كانت يعيشه الشطر الشمالي للوطن القابع تحت حكم الكهنوت والإستبداد الإمامي, كذلك الحال في الشطر الجنوبي القابع تحت نير الاستعمار باستثناء مدينة عدن التي حظيت باهتمام محدود بإعتبارها قاعدة استراتيجية للمستعمر. ورغم التركة الثقيلة التي ورثتها الحكومات المتعاقبة منذ نجاح الثورة اليمنية المباركة (26 سبتمبر و14 أكتوبر) من لإطاحة بالإمامه المستبدة والإستعمار البغيض نتيجة لتلك الاوضاع, إلا أن حكومات مابعد الثورة ركزت على تبني خطط استراتيجية وخطط تنموية عاجلة للبدء تدريجيا بإنشاء مشاريع البنية التحتية والخدمية بمافي ذلك انشاء وتطوير أنظمة النقل والاتصالات والموانئ والمطارات وتوفير شبكات الكهرباء والمياه وخدمات الصحة والتعليم وغيرها من البنية التحتية اللازمة لنشاط مختلف القطاعات الاقتصادية الانتاجية والخدمية. وبالرغم من شحة الموارد وتعدد الإحتياجات في بلد كان يفتقر لأبسط مقومات الحياة, إلا أن الجهود الحكومية بدأت تؤتي ثمارها بالتدريج في سبيل إنتشال حال البلد من ذلك الوضع المزري لتدب الحياة مجددا على أرض السعيدة, وبدأ دوران عجلة التنمية ببطئ في العقد الأول للثورة، ليتسارع تدريجيا في عقدي السبعينات والثمانينات، قبل أن ينطلق بخطى متسارعة في عقد التسعينات لاسيما بعد أن تهيأت الظروف الموضوعية والملائمة لتحقيق الهدف الأسمى لكفاح الشعب اليمني وقواه الوطنية المتمثل بإعادة لحمة اليمن أرضا وإنسانا من خلال تحقيق الوحدة المباركة واعلان قيام الجمهورية اليمنية في الثاني والعشرين من مايو 1990م. وشعبنا اليمني يحتفل بأعياد الثورة اليمنية المباركة العيد الـ 48 لثورة الـ 26 من سبتمبر الخالدة والعيد الـ 47 لثورة الـ 14 من أكتوبر المجيدة والعيد الـ43 للإستقلال (30 نوفمبر) .. نرصد في هذا التقرير أبرز التحولات والمنجزات التي شهدها اليمن في عهد الثورة المباركة في مجالات البنية التحتية والخدمات. أولا : قطاع الصحة: تحتل الخدمات الصحية في اي بلد من البلدان اهمية قصوى تتصدر أولويات خطط وبرامج الحكومات سواء في البلدان الغنية اوالفقيرة بهدف توفير الرعاية الصحية للمواطنين في مختلف المراحل العمرية.. الا ان واقع الحال في اليمن كان عكس ذلك خاصة في شماله الذي ظل عقوداً من الزمن تحت حكم متخلف لايعنيه صحة الشعب وانما اطالة فترة بقائه. فقد ورثت الثورة وطنا كان المرض يتفشى في اكبر عدد من مواطنيه في الريف والحضر على حد سواء، وتنعدم فيه ابسط مقومات الخدمات والرعاية الصحية، باستثناء ثلاثة مستشفيات في صنعاء وتعز والحديدة، اذا جاز لنا تسميتها بالمستشفيات، تفتقر لابسط الخدمات، ويعمل فيها 15 طبيباً أجنبيا، أغلبهم من الجنسية الإيطالية، ولا يوجد فيها طبيب يمني واحد متخصص، وكانت مهمتها الاولى والاخيرة توفيرالرعاية الصحية للامام وأسرته وحاشيته. وتصف الطبيبة الفرنسية كلودي فايان في كتابها " كنت طبيبة في اليمن" مستشفى صنعاء الذي كان يعتبر أفضلها، ولاتتجاوز سعته 200 سرير، بالقول : " الأسِرَّة لم تكن كلها شاغرة وكان الفقر متفشياً لدرجة أن الناس كانوا يدخلون المستشفى ليأكلوا، أما المرضى فلا ينتظرون في المستشفى علاجاً، فالذين بحاجة لإجراء عمليات يجب عليهم أن ينتظروا حتى يأتي جراح، ومجيئه مرتبط بحاجة أحد الأمراء لجراح، أما الآخرون فالأدوية لهم نادرة. ووصفت غرف رقود النساء بستشفى تعز الذي يحتوي على 30 سريراً بأنها "زرائب بكل معنى الكلمة" حيث تتمدد فيه النساء الواحدة جوار الأخرى على الأرض القذرة، وشبهت حجرات الرقود فيه بمعسكرات الإبادة والفناء، موضحة أن الطبيب كان يمر بين العشرات من المرضى الذين يفترسهم "التيفوس" وكثير منهم مشرفون على الموت، ولا يوجد لهم في المستشفى الوحيد دواء وهم يستغيثون ويتضرعون بلا جدوى. كما وصفت مستشفى الحديدة الذي كان يعمل به طبيب وحيد يسعى بمفرده لعلاج مايستطيع من آلاف المرضى بانه " لا يختلف حالاً عن مستشفى تعز، بل أسوأ، حيث يكاد ينعدم به حتى الدواء". ويؤكد ذلك عضو مجلس قيادة الثورة وأول وزير للصحة في اول حكومة للثورة علي محمد سعيد بقوله :" لقد عانى شعبنا في تلك الحقبة اوضاعا مأساوية وتخلف في الوضع الصحي بشكل كبير.. فلم يكن هناك في المحافظات الشمالية كلها سوى ثلاثة مستشفيات في صنعاء وتعز والحديدة وفي حالة متدهورة لاتقدم اية خدمات صحية تذكر، كما لم يكن هناك اية مراكز صحية، اما الاطباء فلم يكن يوجد حينها سوى قلة من الممرضين في عموم البلاد كلها". ويضيف " لم تكن صحة المواطن ضمن اهتمامات الاسرة الحاكمة بقدر ماكان يهمها جمع الجبايات، واحكام قبضة العزلة على الشعب والوطن، ولهذا فقد كانت الحالة الصحية للمواطنين على أسوأ مايكون، وكان هناك استشراء فظيع للكثير من الامراض المعدية وارتفاع مخيف في نسبة الوفيات، وكان علينا كأول حكومة بعد الثورة مباشرة وكمجلس لقيادة الثورة استنفار كافة الطاقات والامكانات الذاتية والوطنية المتاحة للعمل بكل قوة وبسرعة لتجاوز آثار حقبة ممتدة من التخلف والمرض". وكانت الامراض الاكثر شيوعا خاصة في الشمال في ظل الحكم الامامي المتخلف هي الأمراض المعدية، حيث اجتاحت اليمن أوبئة معدية وخطيرة سببت آلاف الوفيات، وفي مقدمتها وباء التيفوس، والحمى الراجعة التي لم تقتصر على منطقة معينة، بل طالت الكثير من المناطق بما فيها المناطق المحيطة بقصر الإمام. وفي ذلك يقول الطبيب البريطاني بيتراي الذي عمل في صنعاء خلال الفترة من 1937وحتى 1943، ": الاكثر من ذلك ان الامراض كانوا يتركون في غرفة واحدة ويدبرون أمورهم بأنفسهم وعاجلاً ما يصبحوا قذرين وملابسهم غاصة بالهوام والحشرات، ونتيجة لذلك يصابون بالتيفوس والحمى الراجعة". اما في المحافظات الجنوبية والشرقية التي كانت ترزح تحت الاحتلال البريطاني فكانت المرافق الصحية المعدودة فيها افضل حالا في مستوى خدماتها عن مثيلتها في المحافظات الشمالية، لكنها تركزت بشكل اساس في عدن الذي حرص المستعمر على انشاء عدد من المستشفيات فيها ورفدها بكوادر طبية بريطانية وهندية خدمة لمصالحه ومؤسساته. ولتجاوز هذا الوضع بذلت الحكومات المتعاقبة جهودا مضاعفة واستثنائية خلال الثمانية والأربعين عاما الماضية، لتحقيق أهداف الثورة وترجمة أهدافها الإنسانية والتنموية، أثمرت تحقيق إنجازات رائدة للقطاع الصحي حتى باتت اليمن تفتخر بما أنجزته من مرافق صحية تضاهي في تخصصاتها وتجهيزاتها أرقى المستشفيات العالمية وتجرى فيها العمليات الكبرى والمعقدة بكوادر يمنية مائة في المائة. فقد شهد هذا القطاع نقلة نوعية خلال العقود الماضية لاسيما في عهد الوحدة المباركة، الأمر الذي أثمر تحسنا ملحوظا لجميع مؤشرات الخدمات الصحية، باعتراف المنظمات الدولية الصحية.. حيث تم خلال العقدين الماضيين فقط انجاز 2925 مرفقا صحيا شملت 155 مستشفى و421 مركزا صحيا و1906 وحدة صحية و49 مركز أمومة وطفولة و49 مجمع ومعهد صحي، تميزت بموائمتها لتلبية كافة الاحتياجات الصحية اللازمة لعلاج ومكافحة جميع الأمراض المستعصية، وبتكلفة اجمالية بلغت 78 مليار ريال. وبذلك ارتفعت المنشآت الصحية من 75 مستشفى و1310 مركزا صحيا ووحدة رعاية صحية اولية في بداية التسعينيات، الى اكثر من 230 مستشفى و3990 مركز صحي ووحدة رعاية صحية اولية عام 1999م, بحيث أصبحت الوحدات الصحية والمنشآت الطبية منتشرة في عموم المحافظات، وأضحت اليمن خالية من مرض شلل الأطفال بشهادة منظمة الصحة العالمية، فضلاً عن تحقيق تقدم كبير في مجال مكافحة الملاريا وغيرها من الأمراض الأخرى. وارتفع عدد الأطباء من صفر في عام 1962م إلى اكثر من 6987 طبيبا عام 1999م بينهم 1649 طبيبا اختصاصيا في الاختصاصات المختلفة، و642 طبيب أسنان، ووصل عدد الصيادلة الى 2205 والممرضين والممرضات الى نحو 12 الف، والقابلات الى 3832 قابلة، فيما وصل عدد الفنيين في مجال الاشعة الى 10 الاف و899، والفنيين في مجال التخدير الى 27 الف و910 فنيا، فضلا عن 2290 مساعد طبيب، و2734 مخبري، و295 فني في مجال العمليات. وفضلا عن ذلك جرى إنشاء أقسام ومراكز متخصصة كالمركز الوطني لعلاج الأورام السرطانية، وافتتاح فروع له في ست محافظات، وانشاء 11 مركز للغسيل الكلوي، وستة مراكز للحروق، واربعة مراكز للقلب، و50 مركز للطوارئ التوليدية، وكذا 415 مركز للصحة الإنجابية، ومراكز لعلاج الأمراض النفسية والجذام ومحاجر صحية ومراكز للأطراف، الى جانب مركز وطني لمختبرات الصحة العامة مع ستة فروع له في المحافظات، ومراكز لنقل الدم وأبحاثها، ومراكز لعلاج أمراض السكر والأمراض المعدية والمنقولة مثل الإيدز، بالاضافة الى إنشاء إدارة لخدمات الطوارئ والإسعاف على الطرق السريعة، ونشر 76 سيارة إسعاف مجهزة بطواقمها المدربين على هذه الطرق. وباتت هذه المراكز قادرة على معالجة الكثير من الأمراض المستعصية التي كان يتم علاجها في الخارج، كما تم تأهيلها بأحدث التجهيزات والمعدات الطبية لإجراء عمليات جراحية نادرة مثل زراعة الكلى وجراحة القلب المفتوح والعظام والمخ وجراحة شبكية العين وعلاج السرطان. ولتحسين مستوى الخدمات الصحية تم رفع النفقات التشغيلية لكافة المرافق الصحية بحيث وصلت في بعضها الى 400 % ، ومنح جميع المستشفيات الاستقلالية المالية واستقدام 33 بعثة طبية أجنبية، الى جانب رفع مستوى وقدرات الكادر من خلال برامج التأهيل والتدريب في الداخل، حيث تم إنشاء المجلس اليمني للاختصاصات الطبية عام 1994م، وبلغ عدد الخريجين منه حتى العام الماضي 1865 طبيبا في شهادة الزمالة العربية الدكتوراه والماجستير والدبلومات، وإنشاء 21 معهدا صحيا في مختلف محافظات الجمهورية تجاوز عدد خريجيها 23 ألف كادر. وقد اثمرت تلك الجهود عن ارتفاع التغطية بالخدمات الصحية من 42 % عام 1992م إلى 64% عام 2009م، بالرغم من توزع سكان اليمن في 137 ألف تجمعا، وهو ما يمثل تحدياً كبيراً في تقديم الخدمات الصحية، الى جانب خفض معدل وفيات الأطفال الرضع من 173 وفاة لكل 1000 ولادة حية في عام 1992م إلى 5ر68 وفاة لكل 1000 ولادة حية عام 1999م، وخفض معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة من 305 وفاة لكل 1000 حالة ولادة إلى 2ر78 وفاة لكل 1000 حالة ولادة حية، وخفض معدل وفيات الأمهات من 1000 وفاة إلى 365 وفاة لكل مائة ألف ولادة. كما ارتفع معدل التغطية الصحية للأطفال دون سن السنة من 50 % قبل عام 1990م ليصبح 87 % بنهاية عام 2009م، وذلك بعد تطبيق استراتيجية الرعاية التكاملية لصحة الطفل ابتداء من العام 2002مفي 2050 مرفقا صحيا في 214 مديرية بمختلف محافظات الجمهورية، فيما تم تحقيق نجاحات كبيرة في مجال توسيع التغطية بالتحصين الروتيني لترتفع التغطية من 67 % عام 2000 إلى 86 % عام 2009م. ولم تقتصر الجهود على ماتحقق من منجزات في هذا الشأن، حيث تسعى الحكومة لتنفيذ عددا من المشاريع الاستراتيجية التي سيكون لها أثر بالغ في تطوير وتحسين الخدمات الصحية، من ابرزها إنشاء مدينة الصالح الطبية في صنعاء بسعة 1000 سرير تشمل كافة الأقسام والتخصصات والمراكز الطبية بتكلفة 21 مليار ريال، وإنشاء مستشفيات مركزية في عدن والحديدة تكلفةكل مستشفى 60 مليون دولار وبسعة 400 سرير لكل مستشفى. فيما تركز وزارة الصحة العامة والسكان خلال الفترة المقبلة على تحسين جودة الخدمات الوقائية والتشخيصية والعلاجية والتأهيلية في كافة المرافق الصحية، وتعزيز وتطوير النظام الصحي الوطني ليكون قادراً على أداء المهام التي تساعد في تحقيق الأهداف الوطنية العامة للصحة، فضلا عن خفض معدلات حدوث وانتشار الأمراض المعدية والمزمنة التي تصيب جميع فئات السكان لاسيما الأطفال والنساء في سن الإنجاب، وخفض وفيات الأمهات وحديثي الولادة والرضع والأطفال دون الخامسة من خلال تقديم خدمات الرعاية الصحية الأولية الشاملة ذات الجودة العالية. ثانيا: قطاع الاتصالات: كانت خدمات الإتصالات قبل قيام الثورة المباركة شبه معدومة، باستثناء بعض وسائل الاتصال التقليدية محدودة النطاق والاستخدام، والتي تمثلت في خدمة التلغراف بواسطة الخطوط المحمولة فردية السلك في المحافظات الشمالية والتي أدخلها العثمانيون أثناء حكمهم لليمن في أوائل القرن الماضي. وعلى الرغم من التطور الذي شهدته تكنولوجيا الإتصالات في ذلك الوقت إلا أن الحكم الإمامي الذي أحكم سيطرته على المحافظات الشمالية عمد إلى عدم إدخال أي أنظمة إتصال حديثة بإستثناء أنظمته المتخلفة التي ظل محافظاً عليها خلال الفترة 1956م-1958م والتي إقتصرت على 800 خط هاتفي خصص معظمها للأسرة المالكة وبعض الدوائر الحكومية. وفي المحافظات الجنوبية والشرقية التي كانت ترزح تحت نير الإستعمار البريطاني لم يكن الحال أفضل مما كان عليه في المحافظات الشمالية ، حيث إقتصرت خدمة الإتصالات على إنشاء بعض السنترالات الميكانيكية نوع /استر وجر/ من قبل الإستعمار في بعض أحياء عدن بطاقة لاتتجاوز 7855 خطا هاتفيا بهدف خدمة الاحتلال البريطاني ومؤسساته وخدمة بعض الانشطة التجارية البسيطة . ونتيجة لذلك فقد حظي هذا القطاع بإهتمام الحكومات المتعاقبة منذ فجر الثورة اليمنية المباركة ( 26 سبتمبر و14 أكتوبر ) بإعتباره أحد ركائز التنمية وعامل أساس لتحقيق النهوض المنشود في العصر الراهن عصر المعرفة والتقنية والتكنولوجيا، وذلك من خلال حرصها على مواكبة التطورات المتسارعة في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات التي شهدها العالم خلال العقود الاخيرة من القرن الماضي والتي باتت تعرف بالثورة الرقمية بهدف الإنفتاح على العالم والإنخراط في المنظومة المعلوماتية العالمية والإندماج ضمن القرية الكونية الواحدة . ووضعت الثورة اليمنية المباركة اللبنات الأولى للنهوض بهذا القطاع،لتؤسس لمرحلة الإنطلاق الكبرى والتحول النوعي والتي تعززت بعد إعادة تحقيق وحدة الوطن في الـ 22 من 1990م , حيث دشنت اليمن خطواتها العملية بالتعاطي الفعلي مع التطورات العالمية في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات من خلال التطورات الجذرية التي سعت الى احداثها في هذا المجال عبر خطط وبرامج استهدفت تطوير هذا القطاع كما وكيفا بما ينسجم وطبيعة التحولات التي شهدها اليمن الموحد وتسارع خطوات التحديث والتطوير في المجالات التنموية والخدمية كافة بغية ترجمة التطلعات والغايات المنشودة ليمن الثاني والعشرين من مايو. وانصبت جهود الحكومات المتعاقبة في عهد الوحدة المباركة على إحداث قفزة نوعية في قطاع الإتصالات في المحافظات الجنوبية والشرقية بما يتانسب مع التطور الحاصل بهذا الشأن في المحافظات الشمالية والغربية ومن ثم الإنطلاق صوب تحقيق أهداف التطوير المنشودة، حيث لم يكن في المحافظات الجنوبية والشرقية في الثاني والعشرين من مايو 1990م سوى 31 الف و713 خط هاتفي، جميعها تعتمد على التقنيات الميكانيكية القديمة التي انقرضت صناعتها في معظم البلدان، مقارنة مع 122 الف و153 خط هاتفي في المحافظات الشمالية تعتمد على تقنيات حديثة ومتطورة. وجرى استبدال كافة السنترالات الميكانيكية بسنترالات إلكترونية حديثة وزيادة سعتها بمقدار 50 بالمائة وربط المدن الكبرى فيما بينها وببقية المدن في المحافظات الشمالية بسعات كبيرة وبتقنيات حديثة، وإنشاء كابل بحري بأحدث تقنيات الألياف البصرية لربط عدن بأهم عواصم العالم عبر جيبوتي، وإنشاء سنترال دولي جديد بالتقنيات الحديثة بسعة اولية تزيد عن ألف قناة دولية تربط الجمهورية اليمنية بكافة بلدان العالم، وكذا انشاء شبكة ألياف بصرية في وادي حضرموت وشبوة وعدن ولحج وابين، وانشاء وصلة ميكرويف بين صنعاء وعدن، ومحطات فضائية لربط سقطرى بالغيظة، الى جانب مواصلة تطوير وتوسيع منظومة الاتصالات في كافة محافظات الجمهورية بالاعتماد على أحدث التقنيات العالمية. واثمرت تلك الجهود تحقيق قفزات نوعية في هذا المجال، بحيث وصلت السعات الهاتفية المجهزة في الشبكة الوطنية للهاتف الثابت في مختلف محافظات الجمهورية بنهاية عام 2009م الى مليون و 336 ألف و 824 خطا هاتفيا مقارنة بــ 153 الف و 866 خطا هاتفيا في عام 1990م، كما ارتفعت الخطوط الهاتفية العاملة خلال نفس الفترة من 122 ألف و 672 خط الى مليون و 43 الف خط. وفي ذات الوقت وصل عدد مراكز الاتصالات بنهاية العام الماضي الى 15 ألف و345 مركز، وارتفعت الخطوط المجهزة للتغطية الهاتفية الريفية من 1527خط عام 1990م إلى 199 ألف و685 خط عام 2009 ، بينما وصل عدد الخطوط العاملة في السنترالات الريفية الى 168 ألف و 799 خط هاتفي. كما تواصلت الجهود لانشاء وتوسعة وتطوير السنترالات في عموم محافظات الجمهورية، وتحديث ما كان قائم منها، بما تتطلبه من تجهيزات فنية وأنظمة، والشروع في تنفيذ شبكة الجيل التالي (ان جي ان) بهدف إدخال تقنيات جديدة ومنافسة، تشمل خدمات الصوت والصورة والبيانات والانترنت من خلال تركيب وتشغيل هذه التقنية كمرحلة أولى في كل من الأمانة وعدن والمكلا، بحيث اصبح قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات في اليمن يصنف دوليا بأنه من افضل القطاعات على مستوى المنطقة العربية التي واكبت تطورات التكنولوجيا وتقنيات المعلومات والاتصالات. واولت وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات عملية التدريب والتأهيل اهتماما بالغا من خلال تطوير وتحديث المعهد العام للاتصالات وتوسيع أنشطته عبر إنشاء فروع له في عدد من المحافظات إلى جانب افتتاح عدد من الأكاديميات التابعة له كأكاديمية "سيسكو اليمن" و"أوراكل" و"مايكروسوفت" وإنشاء مركز الرخصة الدولية، ليصل عدد من تم تأهيلهم وتدريبهم حتى نهاية عام 2009م الى 93 ألف و261 متدربا ومتدربة في مختلف المجالات الادارية والفنية والحاسوب. وواكب التطور في مجال الاتصالات تطور مماثل في مجال خدمات الأنترنت التي دخلت خدماته إلى اليمن لأول مرة عام 1996م إذ وصل عدد المشتركين فيه والمترددين عليه حتى نهاية العام 2009م إلى 455 ألف و429 مشترك مقارنة بـ 473 مشترك عام 1996 ، فيما ارتفعت مقاهي الانترنت في اليمن من 50 مقهى عام 2000 م إلى 989 مقهى عام 2009م. وتبنت الحكومة في اطار إستراتيجياتها لتطوير هذا القطاع مشروع "مدينة تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات" المرحلة الاولى بتكلفة تقدر بنحو 2 مليار و 238 مليون ريال، وذلك بهدف إقامة مجمع تقني متكامل يعنى بتقنيات الاتصالات والمعلومات وصناعة البرمجيات، واستقطاب الكفاءات المتخصصة والمبدعة القادرة على تحويل هذه الافكار إلى برامج عملية في المجالات الاقتصادية والعلمية. ولم يقتصر الطموح على ذلك بل عملت الحكومة على إنشاء البوابة اليمنية للانترنت (يمن نت) لتمثل بوابة عبور لليمن إلى شبكة الإنترنت العالمية، بهدف توفير بنية تحتية مناسبة، وتحقيق الاستفادة الشاملة من معطيات تقنية المعلومات والاتصالات، وتوفير الخدمة بجودة عالية وبتكلفة مخفضة، فضلا عن تنفيذ مشروع شبكة تراسل المعطيات والمعلومات لتوفير البنية الأساسية لشبكة تراسل وتبادل المعطيات وفق سرعات عالية وسعات كبيرة لربط كافة الوزارات والمؤسسات والبنوك والشركات والهيئات والمصالح والجامعات بقنوات مباشرة مع فروعها عبر شبكة تراسل واحدة. وجرى تدشين البرنامج الوطني لتقنية المعلومات " الحكومة الالكترونية " ومشروع فخامة رئيس الجمهورية لتعميم الحاسوب، الذي تم في مرحلتيه الاولى والثانية توزيع اكثر من 28 الف و500 جهاز حاسوب بهدف تعميم ثقافية الحاسوب واستخدامات الانترنت، وكذا تنفيذ مشروع الخارطة الرقمية الموحدة للجمهورية اليمنية الرامي الى توفير وعاء لجميع البيانات الرقمية المكانية للجمهورية وتزويد المؤسسات الحكومية والجهات المستخدمة لنظم المعلومات الجغرافية ببيانات طبوغرافية شاملة . والى جانب ذلك بدأت الحكومة اجراءات تنفيذية للاستعداد والتوجه نحو التهيئة للحكومة الالكترونية من خلال اطلاقها في سبتمبر 2009م موقعها الرئيسي على شبكة الانترنت، والعمل على رفع جاهزية المحتوى الالكتروني للموقع واستكمال بناءه والاستمرار في تطويره وتحديثه على النحو المخطط له، فضلا عن موافقتها على خطة العمل التنفيذية للمرحلة الثانية المتمثلة باستكمال بناء البوابة الالكترونية للحكومة على شبكة الانترنت، وبدء تنفيذ مشروع محو امية الحاسوب في القطاعات الحكومية عبربرنامج الرخصة الدولية لقيادة الحاسوب، بالاعتماد على نتائج المسح الميداني التقييمي لوضع تقنية المعلومات في قطاعات الدولة ومستوى جاهزيتها ومتطلبات تطويرها، لضمان نجاح المشروع. ثالثا :الطرق والنقل: على الرغم من شهرة اليمانيون على مر العصور بسبر أغوار الطرق البرية والبحرية، بالاستفادة من الموقع المتميز لليمن على مفترق طرق بين الشرق والغرب، الا ان اليمن حرمت من تلك الميزة ابان الحكم الأمامي المستبد والتسلط الاستعماري اللذان عمدا إلى فرض طوق من العزلة ليس على مستوى تواصله مع الخارج فحسب، وإنما أيضا بين مناطق الوطن الواحد. ومع ان مشاريع الطرق تعد عصب التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وأحد أركان البنية التحتية للاقتصاد في اي بلد، الا ان واقع الحال في اليمن قبل الثورة المباركة كان عكس ذلك، حيث لم يكن في شمال البلاد آنذاك سوى طريقين، الاول ترابي يربط العاصمة صنعاء بمحافظة تعز، والثاني اسفلتي تم تنفيذه بمساعدة من حكومة الصين الشعبية، يربط العاصمة بمحافظة الحديدة بصنعاء، فيما كانت تفتقر بقية المحافظات للطرق الداخلية او الرئيسية، ناهيك عن افتقارها لوسائل النقل الحديثة والتي كانت معدودة باصابع اليد ومسخرة لخدمة الاسرة الحاكمة . ولم يكن الحال في المحافظات الجنوبية آنذاك افضل مما هو عليه في المحافظات الشمالية ,فقد كانت معظمها تفتقر لابسط مقومات الخدمات في هذا المجال، باستثناء عدن التي نفذ المستعمر فيها عددا من مشاريع الطرق لخدمة مصالحه، اضافة الى طريقين بين عدن ولحج، وبين عدن وزنجبار وجعار في أبين، بغرض تسهيل انسياب المنتجات الزراعية اللازمة للمصانع الإنجليزية لاسيما القطن. ولتجاوز هذا الواقع المعيق لعملية التنمية فقد تصدرت مشاريع الطرق الأولوية في خطط وبرامج الحكومات المتعاقبة منذ قيام الثورة المباركة، لكنها حظيت باهتمام واسع ومتزايد من قبل الدولة عقب اعادة تحقيق وحدة الوطن واعلان قيام الجمهورية اليمنية في الـ22 من مايو 1990م، وذلك من خلال تبني وتنفيذ مئات المشاريع الاستراتيجية والتوسع في إنشاء طرق جديدة لربط كافة المديريات والمحافظات ببعضها البعض وربط اليمن بدول الجوار بهدف تسهيل حركة تنقل المواطنين وانسياب البضائع والسلع بين الريف والمدن، وتوفير متطلبات النمو الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي. وأثمرت تلك الجهود تحقيق قفزات نوعية في هذا المجال، اذ وصلت اطوال الطرق الاسفلتية المنجزة خلال عقدي السبعينات والثمانينات الى 4545 كيلو متر، فيما جرى خلال الفترة من 1990-2009م انجاز 10 الآف و783 كيلو متر وبنسبة نمو فاقت 220 % ، لترتفع بذلك اجمالي اطوال الطرق الاسفلتية المنجزة الى 15 ألف و 328 كيلو متر. وبحسب تقرير وزارة الأشغال العامة والطرق، فانه جرى خلال الفترة من 1990م وحتى 1995م، إنجاز قرابة 578 كيلو متر من الطرق الإسفلتية، وذلك بالرغم من الصعوبات التي مرت بها اليمن خلال تلك الفترة، فيما شهد هذا القطاع نموا متسارعا خلال تنفيذ الخطة الخمسية الأولى 1996 ـ 2000م عبر إنجاز ما يربو عن 1600 كيلو متر من الطرق الإسفلتية الجديدة في مختلف محافظات الجمهورية، وإعادة تأهيل 542 كيلو متر من الطرق. وشهدت فترة مابين الاعوام ( 2001 ـ 2005) إنجاز 4113 كيلو متر من الطرق الإسفلتية، لربط المناطق الحدودية بمناطق الإنتاج المختلفة من ناحية وربطها بدول الجوار من ناحية أخرى، فيما شهدت فترة ما بين الاعوام ( 2006 ـ 2009) انجاز نحو 4483 كيلو متر من الطرق الإسفلتية الرئيسية والفرعية، الى جانب استحداث قطاع خاص بالطرق وإدارة لصيانة الطرق، ووحدة خاصة بمشاريع التنمية الريفية. ومن أبرز المشاريع المنجزة خلال الأعوام الماضية تنفيذ شبكة طرق حديثة بطول 4 آلاف كيلو متر لربط اليمن بالمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان بهدف تسهيل حركة الانتقال البري والتبادل التجاري، تمثلت في إنجاز طريق الخط الساحلي بطول 1800 كيلو متر الذي يبدأ من حرض على الحدود مع المملكة مرورا بالحديدة والخوخة والمخاء وباب المندب وعدن وأبين وشبوة والمكلا وسيحوت ونشطون والغيضة وصولا إلى مدينة فتك على الحدود مع السلطنة، وكذا انجاز الخط الصحراوي الذي يبدأ من مدينة البقع على الحدود مع المملكة مرورا باليتمة والريان والجوف وجبل صيعر وجبل منوخ وثمود وشحن وصولا إلى منفذ المزيونة على الحدود مع السلطنة، إلى جانب إنجاز الخط الوسطي الذي يبدأ من مدينة علبين على الحدود مع المملكة مروراً بباقم وصعدة وعمران وصنعاء وتعز وصولا إلى عدن. كما شملت المشاريع المنفذة خلال الفترة ( 1990 - 2009 ) طريق صافر - حضرموت الذي يربط محافظات مأرب وشبوة وحضرموت والمهرة بطول 309 كيلو مترات وبتكلفة تزيد عن 6 مليارات و293 مليون ريال، وطريق تريم - ثمود - شحن الذي يربط محافظتي حضرموت والمهرة بطول 582 كيلو متر وبتكلفة 8 مليار و245 مليون ريال، وطريق العسكرية - لبعوس - البيضاء الذي يربط البيضاء بلحج بطول 63 كيلو متر وبتكلفة مليار و500 مليون ريال، وكذا طريق الحديدة - الصليف بطول 68 كيلو متر وبتكلفة مليار و200 مليون ريال، إلى جانب طريق ذمار ـ الحسينية بطول 254 كيلومتر و بتكلفة 38 مليون و 104 آلاف دولار ، وطريق المخا ـ الحديدة بطول 170 كيلو متر وبتكلفة 35 مليون و353 ألف دولار. ولم تقتصر تلك الجهود على ما أنجز وتحقق في هذا المجال، بل تواصلت الجهود لتعزيز وتطوير الإنجازات من خلال معالجة أوضاع الكثير من المشاريع المتعثرة والتسريع بإنجازها، وتبني مشاريع طرق جديدة رئيسة وثانوية وريفية منذ عام 2009م، تمثلت بنحو 421 مشروع طريق إسفلتي بين المحافظات بتكلفة 28 مليار و136 مليون و83 ألف ريال بتمويل حكومي, وسبعة مشاريع بتمويل خارجي بتكلفة تربو عن 22 مليون و394 ألف دولار، فضلا عن 295 مشروعا لسفلتة ورصف عددا من الشوارع الداخلية للمدن في مختلف المحافظات بتكلفة تزيد عن 15 مليار و104 ملايين ريال. وفي ذات الإطار نفذ صندوق صيانة الطرق خلال الفترة 1995 ـ 2009م، صيانة روتينية ودورية وطارئة لنحو 13 ألف و817 كيلو متر من الطرق الرئيسية بتكلفة تربو على 35 مليار، فيما يجري حاليا أعمال الصيانة الروتينية للعديد من الطرق، من ابرزها طريق الحديدة - حرض بطول 186 كيلو متر وبتكلفة تزيد عن مليار و486 مليون ريال، وطريق يريم - قعطبة بطول95 كيلو متر وبتكلفة 5ر558 مليون ريال. فيما تسعى وزارة الأشغال العامة والطرق من خلال خطتها العشرية 2005-2015م إلى التوسع في شبكات الطرق الرئيسة والريفية والثانوية المسفلتة لتصل إلى 38 ألف كيلو متر، بغرض تعزيز وتيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة والمتوازنة بين الريف والحضر وجذب الاستثمارات وتسهيل تنقلات الأشخاص والبضائع وإيصال الخدمات الضرورية للمواطنين. وبموازاة ذلك اولت الدولة اهتماما بالغا بقطاع النقل البري والبحري والجوي من خلال التوسع في انشاء المطارات والموانئ وتشجيع انشاء شركات النقل سواء للركاب او البضائع، وفتح الباب امام القطاع الخاص للاستثمار في هذا القطاع وفقا لآلية السوق ومبدأ المنافسة، الى جانب تنظيم القطاع والارتقاء بمستوى خدماته. ففي مجال النقل البري جرى خلال الاعوام الماضية انشاء الهيئة العامة لتنظيم شئون النقل البري بهدف إصلاح وتحسين مستوى الخدمات في مجال النقل البري وإدارة وتنظيم المنافذ البرية الحدودية، وصدور قانون النقل البري لتنظيم عمل النقل البري وفق آليات سليمة تضمن تحقيق الفائدة للجميع، وإنهاء احتكار الدولة لهذا القطاع، وهو ما شكل نقلة نوعية أدت إلى تحرير أنشطته و فتح السوق أمام الشركات والمستثمرين للعمل بحرية في هذا المجال وفقا لآلية السوق ومبدأ المنافسة. وقد اثمرت تلك الجهود نتائج ملموسة تمثلت في وصول عدد الشركات العاملة في مجال النقل البري الدولي للركاب الى 25 شركة، وأكثر من ثمان شركات تعمل حاليا في مجال النقل البري بين المحافظات، الى جانب أكثر من ست شركات تعمل في الوقت الراهن في مجال النقل بسيارات الأجرة (الليموزين) ومايزيد عن 20 مكتب في مجال نقل البضائع على مستوى الجمهورية. وحظي مجال النقل البحري هو الاخر باهتمام بالغ من قبل حكومات الثورة المتعاقبة، لكن هذا الاهتمام توسع وزاد عقب اعادة تحقيق الوحدة المباركة في الثاني والعشرين من مايو 1990م، نظراً للموقع الهام الذي تحتله اليمن، كونها تشرف على ملتقى الطرق التجارية الدولية التي تربط الشرق بالغرب، وإشرافها المباشر على مضيق باب المندب، وكذا إطلالها على البحر الأحمر من الغرب والبحر العربي والمحيط الهندي من الجنوب، وامتداد شواطئها لاكثر من 2500 كيلو متر، بحيث اصبح في البلاد ستة موانئ تجارية هي عدن، والحديدة، والمخا، والصليف، والمكلا، ونشطون، إلى جانب عدد من الألسن والمنصَّات البحرية. وشكلت الوحدة المباركة، نقطة تحول مهمة في مسيرة تطوير قطاع النقل البحري، من خلال استثمار الحكومة خلال العقدين الماضيين مايربو عن 49 مليار ريال لتطوير القطاع البحري والموانئ، خصص منها 70% لتطوير ميناء عدن بهدف استعادة مكانة التاريخية كمحطة هامة لحركة الملاحة العالمية ذات الصلة بمختلف الأنشطة التجارية بين الشرق والغرب. كما عملت الدولة على تشجيع الاستثمار في مجال النقل البحري من خلال فتح مجال الشحن والتفريغ للقطاع الخاص في الموانئ اليمنية بشكل تنافسي ليصل عدد الشركات المنشأة والتي في طريقها للإنشاء إلى 44 شركة مما انعكس إيجاباً على استيعاب العمالة اليمنية وتأهيلها بشكل منتظم وتحسين مستوى الخدمات وتخفيض تكاليف النقل البحري. وفي ذات الاطار بدأت الدولة منذ اواخر عام 2008م بتنفيذ أولى الخطوات لتطوير ميناء عدن من خلال تأسيس شركة دبي وعدن لتطوير الموانئ المحدودة كمشغل دولي لمينائي عدن القديم والجديد للحاويات والتي شرعت فور تسلمها العمل في تنفيذ خطة توسيع وتطوير للميناء ومحطة الحاويات على مرحلتين بتكلفة إجمالية تبلغ 850 مليون دولار . وتشمل المرحلة الأولى التي تستمر خمس سنوات وبتكلفة 200 مليون دولار توسيع مساحة خزن الحاويات من 540 ألف حاوية إلى 940 ألف حاوية، وتوسعة الرصيف القائم من 700 متر إلى 1100 متر بهدف رفع الطاقة الاستيعابية لمحطة الحاويات إلى 5ر1 مليون حاوية بنهاية عام 2013 . فيما تشمل المرحلة الثانية التي تبدأ عند بلوغ الطاقة الاستيعابية في المرحلة الأولى 70 % ، توسعة وتعميق الميناء وتوسعة حوض استدارة السفن وتعميق القناة الملاحية وإنشاء رصيف بطول 900 متر وعمق 18 متراً، ورفع الطاقة الاستيعابية لمحطة الحاويات إلى ما بين 5ر3 - 5 ملايين حاوية سنوياً، وذلك بغرض تطوير المنطقة الحرة بعدن ومطارها الدولي وتحويلها إلى محطة دولية للشحن الجوي في المنطقة، ومركز دولي للتجارة ومنطقة لجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية في مجال الصناعات التصديرية. بينما تتهيأ الحكومة حالياً للبدء بتنفيذ مشروع تطويري وتأهيلي لمدن الموانئ يهدف إلى تقوية قدرات التخطيط والشراكة الفاعلة وتنسيق الأعمال وتنفيذ الإصلاحات لتحسين مناخ الاستثمار الخاص وتشجيع إيجاد فرص العمل في هذه المدن، فضلاً عن تحسين مستوى الخدمات والبنية التحتية للمساعدة في الترويج للاستثمارات . ويتوافق هذا المشروع الجديد الذي يعد الأول من نوعه في هذا المجال مع أهداف " الخطة الخمسية الرابعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية 2011 / 2015 من حيث النهوض بالمناطق الساحلية واستثمار الإمكانيات السياحية واستثمار ميزة الموقع الجغرافي وتعزيز دور المناطق الحرة وتقوية الشراكة بين القطاع الخاص والحكومة. ويجري حاليا العمل على إعداد دراسة إستراتيجية لتشخيص واقع الموانئ اليمنية، وتقييم المواقع المستقبلية لها ومستويات ومميزات كل ميناء وكل موقع على حدة للوصول إلى رؤية مستقبلية شاملة للموانئ اليمنية بحيث تعمل جميعها بشكل تكاملي وتنافسي معا وتلبي متطلبات النمو المتوقع على مدى أجيال لما فيه خدمة الاقتصاد الوطني والنهوض به بما يسهم في تقوية مناخ الاستثمار وتشجيع النمو وخلق فرص العمل في موانئ عدن والحديدة والمكلا، وتحويل مدنها الساحلية ، إلى مراكز إقليمية واقتصادية لجذب الاستثمارات الخليجية والعربية والأجنبية. وتتضمن الدراسة تطوير شاطئ شمال عدن بتكلفة 833 مليون دولار، وإنشاء ثلاثة مراسٍ جديدة وتعميق القناة بميناء الحاويات بعدن بتكلفة 639 مليون دولار، وكذا تعميق قناة ميناء الحديدة بتكلفة 451 مليون دولار وبناء أرصفة إضافية للحاويات في الميناء ذاته بتكلفة 373 مليون دولار، فضلا عن تطوير مينائي الضبة وبروم في حضرموت بتكلفة 198 مليون دولار و73 مليوناً على التوالي. فيما تعمل وزارة النقل حاليا على وضع الترتيبات لإنشاء موانئ تجارية جديدة ضخمة في عدد من المحافظات الساحلية خلال الفترة من 2011-2013م بكلفة إجمالية تصل إلى قرابة 400 مليون دولار، تتمثل بانشاء ميناء حضرموت الجديد بمنطقة بروم، وإنشاء ميناء خلفوت بمحافظة المهرة، وانشاء ميناء تجاري بارخبيل سقطرى، وانشاء ميناء الضبة الصناعي، الى جانب تطوير وتأهيل ميناء المخا لزيادة طاقته الاستيعابية الخاصة باستقبال ورسو السفن والبواخر التجارية الكبيرة وتنفيذ عمليات التصدير والاستيراد لمختلف أنواع البضائع. وفي ذات الاتجاه وإدراكا من الدولة لأهمية قطاع النقل الجوي فقد عملت منذ قيام الثورة المباركة على تنمية وتطوير هذا القطاع سواء من خلال تحديث وإعادة تأهيل المطارات اليمنية المحلية منها والدولية ، أو عبر تحديث وتطوير شركة الخطوط الجوية اليمنية التي تعتبر الناقل الوطني لليمن ورفع قدراتها التنافسية في ظل سياسة الأجواء المفتوحة.. بحيث اصبح في اليمن حاليا سبعة مطارات دولية مجهزة بأحدث المعدات الملاحية اللازمة للطيران في صنعاء ، وعدن ، وتعز ، والحديدة، والريان، وسيئون، وسقطرى، إلى جانب 12 مطارا محليا في مدن المكلا وعتق وبلحاف والغيظة ومأرب والبقع والبيضاء وصعدة والجوف وعبس وثمود وجزيرة كمران.. فيما يجري حاليا إنشاء مطار صنعاء الدولي الجديد بجوار المطار القديم على أحدث المواصفات الدولية وبكامل الخدمات بتكلفة إجمالية تصل إلى 500 مليون دولار. كما عملت الدولة على تحديث وتطوير الخطوط الجوية اليمنية باعتبارها الناقل الرسمي للجمهورية اليمنية ، بعد إتمام عملية دمج شركتي الطيران الوطنيتين " اليمنية " و"اليمدا" في العام 1996م ، في شركة الخطوط الجوية اليمنية، لتبدأ عمليات تحديث وتطوير أسطولها الجوي، حيث تم خلال العشر السنوات الماضية رفد الشركة بـ 11 طائرة من طراز (اير باص 300-310) .. فضلا عن التعاقد على تزويد "اليمنية" بعشر طائرات اخرى من طراز (اير باص 320 ) بتكلفة إجمالية تبلغ 700 مليون دولار . ومن المقرر ان تصل أول طائرة منها في ابريل 2011، تليها الثانية في شهر مايو والثالثة في شهر أغسطس، والرابعة في الربع الأخير من نفس العام . وإلى جانب ذلك جرى إنشاء شركات مستقلة متخصصة مثل شركة التموين الغذائي، وشركة الخدمات الأرضية، وشركة الصيانة وذلك لتقديم العديد من الخدمات ذات الصلة، وبحيث تتفرغ الشركة لممارسة نشاط النقل للركاب فقط، فضلا عن إنشاء وتأسيس شركة السعيدة للنقل الجوي الداخلي برأسمال يصل إلى (80) مليون دولار، حيث بدأت الشركة بتسيير أولى رحلاتها الداخلية في أكتوبر 2008م. ووسعت شركة السعيدة التي تمتلك حاليا اربع طائرات سعة (70) راكبا، نطاق عملها الداخلي ابتداءً من عام 2009م ليشمل تشغيل العديد من الرحلات الداخلية والإقليمية إلى سبع جهات هي المدينة المنورة والدمام وابها وجده وصلالة بسلطنة عمان والشارقة بدولة الأمارات وجيبوتي. وفي الوقت الراهن تسعى الحكومة لانجاز عددا من المشاريع في مجال النقل الجوي تتمثل في بناء وإعادة تأهيل عدد من المطارات وتحديث معداتها ومنشأتها بكلفة إجمالية تبلغ 77 مليار و548 مليون ريال ، منها ما هو قيد التنفيذ حاليا ، بينما تم رصد مبلغ 23 مليار و716 مليون ريال لتطوير عشرة مطارات في إطار البرنامج الاستثماري للهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد للعامين الجاري 2010 والقادم 2011 . كما تطمح اليمن إلى تنفيذ مشروع إستراتيجي في القريب العاجل يتمثل بإنشاء سكة حديد لربط مدن الجمهورية ببعضها البعض من جانب وربط اليمن بدول الخليج من جانب آخر بنظام "بي. أو. تي" مع شركات القطاع الخاص العالمية .. حيث وافقت اللجنة العليا للمناقصات والمزايدات مؤخرا على القائمة المختصرة للخدمات الاستشارية للمشروع. ويتوقع ان تعلن وزارة النقل نهاية العام الجاري أو مطلع العام القادم 2011 على أكثر تقدير عن مناقصة دولية لتنفيذ المشروع على ثلاث مراحل بطول 2459 كيلومتر وبتكلفة اجمالية تقدر بنحو ثلاثة مليار و577 مليون دولار. رابعا : الكهرباء : أولت الحكومات المتعاقبة منذ فجر الثورة اهتماماً اسثنائيا بقطاع الكهرباء انطلاقاً من أهميته الحيوية لكافة قطاعات التنمية، حيث كان عليها بذل أقصى الجهود للتغلب على الظروف غير المواتية التي ورثتها الثورة والتوفيق بين شحة الموارد ومتطلبات التنمية للبلاد الذي كان يعاني حرماناً شبه كامل من المشاريع في مختلف القطاعات الخدمية بما في ذلك الكهربا لاسيما في المحافظات الشمالية. ويرجع تاريخ دخول الكهرباء في المحافظات الشمالية الى عهد الامام احمد من خلال مولدات بدائية صغيرة ذات قدرة محدودة، اقتصرت خدماتها على قصور الإمام ولساعات محدودة لاتتجاوز في معظم الاحيان ساعتين. كما عرفت بعض المحافظات دخول الكهرباء بطاقات محدودة للغاية اعتبارا من عام 1947م على يد بعض التجار، عندما مول التاجر سالم علي بمدينة الحديدة مشروعاً من مولدين بطاقة 150 كيلو فولت أمبير بدأ تشغيلهما عام 1950م، تلاها شراء الشيخ علي محمد الجبلي عام 1954 مولدين بقدرة 250 كيلو فولت أمبير لكل منهما، ومن ثم دخولها لمدينة تعز عام 1955 بمولدات صغيرة بقدرة 600 كيلو فولت أمبير وكانت تابعة للإمام، وصولا الى تأسيس أول شركة أهلية للكهرباء بصنعاء عام 1959م بمحطة توليد صغيرة بقدرة 315 كيلووات فقط، وتأسيس شركة أهلية في اب عام 1957م. فيما يرجع تاريخ دخول الكهرباء للمحافظات الجنوبية الى عام 1926م عندما أنشأت القوات البريطانية محطة بخارية في منطقة حجيف بمدينة المعلا بطاقة (3 ميجاوات) لتلبية متطلبات القاعدة العسكرية البريطانية بمدينة عدن والمرافق العسكرية والمدنية الأخرى من الطاقة الكهربائية، تلاها إدخال محطة أخرى في ثلاثينيات القرن الماضي بطاقة (16 ميجاوات) ثم محطة ثالثة خاصة بمصافي عدن بطاقة (21 ميجاوات) في عام 1954م، فمحطة التواهي عام 1960ومحطة خورمكسر عام 1961م لتلبية احتياجات القاعدة الجوية البريطانية. وقد وصف عضو البعثة العسكرية العراقية في اليمن العميد الركن سيف الدين سعيد حال الكهرباء في صنعاء بقوله " إن قيل لك بأن الكهرباء لها وجود في اليمن، فذلك قول صحيح، وان قيل لك بأن لا وجود لها، فذلك صحيح ايضاً.. فالكهرباء بشكلها البدائي توجد في قصور الامام وولي العهد "وسيفان" او ثلاثة من سيوف الاسلام، والكهرباء بشكلها البدائي موجودة ايضاً في دارالضيافة بصنعاء وربما في المستشفى اليتيم ايضاً- تلك هي الدائرة الضيقة التي تتواجد فيها الكهرباء في اليمن". ويضيف " حتى هذه الكهرباء البدائية التي دخلت قصور الامام في غفلة من التاريخ لم تعر شيئاً من كآبة الظلمات في ليالي صنعاء- حيث انه كلما قرعت الطبول ونفخت الابواق النحاسية عند كل باب في اسوار صنعاء ايذاناً بحلول ساعة النوم توقفت المولدات الكهربائية البدائية عن العمل وانقطع التيار الكهرباء عن قصور الامام وسيوف الاسلام ودار الضيافة.. وعندئذ يتساوى السادة والعبيد على صعيد الظلمات". وعلى الرغم من التحديات الكبيرة التي واجهت الثورة اليمنية منذ قيامها، فقد حرصت الدولة على إدخال الكهرباء إلى المحافظات الشمالية من خلال تأسيس ثلاث شركات للكهرباء في صنعاء، والحديدة، وتعز بتمويل من قبل البنك اليمني، لترتفع قدرة التوليد الكهربائي فيها عام 1975 الى 6ر17ميجاوات مقارنة بـ 6ر1 ميجاوات عام 1962م، تلى ذلك صدور القانون رقم (12) لسنة 1975 بدمج شركات الكهرباءالثلاث في مؤسسة جديدة تتبع وزارة الاقتصاد بهدف تطوير نظام اقتصادي كفؤ للإمداد الكهربائي. وترافق ذلك مع تنفيذ البرنامج الإنمائي الثلاثي منتصف عام 1976 والإعداد للخطة الخمسية الأولى (77 - 1981) التي تزامنت مع تسلم فخامة الرئيس علي عبدالله صالح قيادة البلاد، وتضمنت مجموعة واسعة من المشاريع في مجال الكهرباء، تمثلت بإنشاء محطات توليد جديدة في مدينتي الحديدة وتعز بقدرة 16 ميجاوات لكل منها، وإنشاء محطات توليد في كل إب، والبيضاء، وصعدة، وكحلان، وشبام، وحبابة، والمخاء، وقعطبة، ويريم، ورداع، وضوران آنس، لتصل القدرة الكهربائية المركبة بحلول عام 1982 في عموم المحافظات الشمالية إلى نحو 111 ميجاوات، ومن ثم انتشرت خدمات التيار لتشمل مدن أخرى مثل ذمار، وثلا، وحجة، مع ظهور شركات أهلية في إب والبيضاء. فيما تميزت الخطة الخمسية الثانية (81 - 1986) بانتهاج سياسيات مدروسة لتوسيع شبكة الكهرباء وإيصال التيار الكهربائي لمختلف مدن وأرياف الجمهورية، من خلال إنشاء محطات بخارية بطاقة توليد أكبر ومحطات تحويل رئيسية وفرعية لنقل الطاقة من مراكز التوليد إلى مناطق الاستهلاك، وهو الأمر الذي تمثل في إنشاء محطة رأس كثيب عام 1984 بطاقة 150 ميجاوات، ومحطة المخاء عام 1987بطاقة 160 ميجاوات، وذلك لتغذية مناطق صنعاء وتعز والحديدة وإب وذمار ويريم وباجل ومعبر ومدن آخرى، فضلا عن تنفيذ مجموعة واسعة من المشاريع الخاصة بتحسين شبكات المدن الرئيسة الثلاث. ولم تقتصر الجهود رغم شحة الامكانات على توفير الطاقة الكهربائية للمدن الرئيسة بل امتدت لتشمل الريف من خلال مشروع الطاقة الثاني الذي هدف إلى تعميم خدمات الكهرباء في المناطق الريفية في الجوف ومأرب، ومد شبكات توزيع إلى صعدة، ورداع، ومعبر، وزبيد، وبني حشيش، ومناخة. وبنهاية الخطة الخمسية الثانية ارتفعت القدرة الكهربائية المركبة إلى 414 ميجاوات وزادت الطاقة المولدة من 228 جيجاوات في الساعة إلى 606 جيجاوات، بينما بدأ في عام 1989 العمل في تنفيذ مشروع الربط الكهربائي المشترك إلى جانب العديد من المحطات التحويلية الفرعية في تعز وصنعاء والحديدة وذمار. وفي المحافظات الجنوبية والشرقية ومنذ الاستقلال عام1967م اقتصرت المشروعات الكهربائية على أعمال الصيانة والترميم لما هو قائم من محطات كهربائية، حتى العام1975 عندما أنشأت محطة خورمكسر، تلتها محطة المنصورة عام 82م، ثم المحطة البخارية بمدينة الشعب بنهاية الثمانينات، وربطها بمحطة تحويل مع كل من جعار وزنجبار في ابين بمحطة تحويل رئيسية، إضافة إلى تركيب مجموعة من محطات التوليد وشبكات نقل التيار في محافظات ومديريات حضرموت، وأبين، ولحج، وشبوة والمهرة. وفي عهد الوحدة المباركة تضاعف اهتمام الحكومات المتعاقبة بقطاع الكهرباء ضمن اهتمامها بالقطاعات الخدمية الحيوية الأخرى وذلك باعتباره من الركائز الأساسية للبناء التنموي والاقتصادي والشريان الرئيس للعمليات الإنتاجية والخدمية ولمواكبة حركة التطور المضطردة التي دبت في كافة أنحاء الوطن. وتركزت الجهود في البداية على معالجة العجز في الطاقة الكهربائية نتيجة الطلب المتزايد على الطاقة، لاسيما مع النمو المتسارع الذي شهدته مختلف مناطق اليمن بعد الوحدة المباركة، حيث قفزت الزيادة في الطلب على الطاقة الكهربائية في عام 1990م بنحو 300 ميجاوات في مقابل طاقة توليدية مركبة تبلغ 715 ميجاوات، وذلك من خلال تنفيذ برامج صيانة شاملة لمحطات التوليد المركزية في رأس كثيب والمخا والحسوة والمنصورة، وصيانة واعادة تأهيل المحطات الفرعية والشبكات الرئيسة والفرعية، مع إضافة قدرات توليدية جديدة لمحطات صنعاء وعدن وحضرموت والمحطات الأخرى، وتطوير وتحسين شبكة النقل والتوسع في ربط مناطق جديدة بالشبكات الرئيسة لمواكبة حركة التوسع العمراني والطلب المتزايد على الطاقة الكهربائية في مختلف المحافظات. وتنامى اهتمام الحكومة بقطاع الكهرباء في الخطة الخمسية الثانية 2001- 2005م من خلال ضخ ما يزيد عن 40 مليار ريال لتنفيذ مشاريع الصيانة، الى جانب تزايد الإنفاق الاستثماري على مدى السنوات الأربع الماضية ليصل في عام 2007 إلى 60 مليار ريال مقارنة بـ 9 مليار ريال عام 2002م . كما نفذت الحكومة خلال عام 2005م العديد من المشاريع الإستراتيجية لتعزيز التوليد الكهربائي تمثلت بتنفيذ مشروع محطة حزيز بصنعاء بقدره 60 ميجاوات وبتكلفة 46 مليون يورو ، وتنفيذ محطة التوليد بالمازوت في محافظة عدن بقدرة 60 ميجاوات وبتكلفة 41 مليون يورو إلى جانب تنفيذ مشروع كهرباء صنعاء الإسعافي بقدرة 60 ميجاوات وبتكلفة 54 مليون دولار. وفي إطار خطتها الخمسية الثالثة 2006 - 2010 م حرصت الحكومة على وضع برامج تهدف إلى التحول من توليد الطاقة بواسطة وقود المازوت والديزلإلى إستخدام التوربينات الغازية ، حيث شرعت في عام 2007 بتنفيذ المرحلة الأولى من مشروع إنشاء محطتين كهربائيتين تعملان بالغاز بمحافظة مأرب، بقدرة إجمالية تبلغ /741/ ميجاوات على مرحلتين، مع خطوط نقل 400 كيلو فولت لكلا المرحلتين.. وتبلغ تكلفة المحطتين مع خطوط النقل /260/ مليون دولار. كما شرعت بإعداد الدراسات المتعلقة بإنشاء ثلاث محطات توليد تعمل بواسطة الغاز بطاقة إجمالية تبلغ /1400/ ميجاوات في كل من معبر والحديدة وعدن. ولم تقتصر الجهود على ذلك، بل سعت الحكومة من خلال خططها وبرامجها إلى الإستفادة من الطاقة المتجدده من خلال وضع الدراسات المحلية بغية توفير طاقة نظيفة تتمثل بتوليد الطاقة الكهربائية عبر الطاقة الشمسية والرياح و طاقة الحرارة الجوفية .. حيث وقعت وزارة لكهرباء والطاقة في هذا الصدد على مذكرة تفاهم مع شركة نامج البريطانية للتعاون في مجال توليد الكهرباء من مزارع الرياح في منطقة المخاء بقدرة تصل إلى 100 ميجاوات للاستفادة من مصارد الطاقة المتجددة في اليمن. ووقعت المؤسسة العامة للكهرباء في ابريل 2008 على خطاب نوايا مع شركة ريكيجيفيك لاستثمارات الطاقة الإيسلندية لاستغلال طاقة الحرارة الجوفية في توليد الطاقة الكهربائية حيث ستتولى الشركة إجراء دراسة جدوى إقتصادية لتوليد الكهرباء بواسطة الحرارة الجوفية في موقع جبل اللسي بمحافظة ذمار ، والشروع في تنفيذ الخطوات الإجرائية للإستثمار في بناء أول محطة توليد كهرباء باستخدام طاقة الحرارة الجوفية في المنطقة بقدرة 100 ميجاوات . وفي ذات الوقت أقرت الحكومة خطة استراتيجية لقطاع الكهرباء للفترة 2010 - 2012 واحتياجاتها الاستثمارية وبرنامجها التنفيذي، وخطة استراتيجية لتطوير قطاع الكهرباء حتى عام 2025. وتستهدف الخطة الاولى تنفيذ 46 مشروع بتكلفة تقدر بنحو 9ر2 مليار دولار تتمثل في انشاء محطات إنتاج غازية وخطوط نقل وكهرباء ريف بغية توفير نحو 1500 ميجاوات من الطاقة.. فيما تستهدف خطة تطوير القطاع حتى عام 2025 تنفيذ 24 مشروعاً إضافياً من قبل الحكومة والقطاع الخاص بكلفة استثمارية للمشاريع الحكومية تقدر بنحو 8ر1 مليار دولار. *المصدر: وكالة الانباء اليمنية (سبأ) |