14 أكتوبر الأبيض و12 أكتوبر الأسود اليوم هو 13 أكتوبر، وما يميزه هو أنه يسبق بيوم واحد ثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة التي زلزلت الاحتلال ومهّدت للاستقلال، وشكلت أحد عناوين الكرامة والعزة في تاريخ شعبنا اليمني العظيم. كما أن يوم 13 أكتوبر هو اليوم التالي ليوم 12 أكتوبر الأسود، حيث وقعت حادثة تفجير المدمرة الأمريكية “يو. اس. اس كول” الإرهابية في عام 2000م، وهي الحادثة التي لم تفجر مجرد مدمرة وإنما زلزلت وطناً بأكمله ووضعته في خانة وقائمة دولية لم يكن يستحقها ولم يكن يستحق كل هذه التبعات والخسائر التي يتكبدها منذ ذلك اليوم المشئوم. وما يربط بين يومي 14 أكتوبر و12 أكتوبر هو أن وطننا اليوم يواجه أعمالاً تخريبية من قبل من يسمّون أنفسهم بـ«الحراكيين» والذين يسعون بأعمالهم إلى النكوص عن أهداف ثورة الرابع عشر من أكتوبر التي وضعت في مسارين متوازيين ومتلازمين؛ هدف التحرر من الاستعمار، وهدف أسمى آخر هو استعادة وحدة ولحمة اليمن الذي تعرض للتقسيم والتجزئة بفعل ظروف وأحداث تاريخية ودولية معينة. وحين نتذكر 12 أكتوبر 2000 نقف أمام جرائم إرهابية لمن يسمّون أنفسهم بـ«القاعدة» وقعت على مدى عقد من الزمن بشكل متواصل وتكاد تفتك باليمن وشعبه واقتصاده ومعيشة مواطنيه. فمنذ حادثة تفجير المدمرة الأمريكية «كول» واليمن تحت مجهر الدوائر الغربية، بل إنها كانت مرشحة لضربة أمريكية فتاكة قبل أفغانستان وقبل الحرب على العراق. وكثير منا يتذكر في اليوم الثاني للحادثة حين استقبل فخامة الأخ الرئيس السفيرة الأمريكية في صنعاء آنذاك «باربارة بودين» وكان لافتاً جلوسها بتلك الصورة «واضعة رجلاً على رجل» في رسالة تعبّر عن غرور وصلف أمريكي وهيجان من الغضب له دلالة أن أمريكا قد نفد صبرها وقد وضعت كل الاحتمالات مفتوحة للرد. ولولا الزيارة التاريخية التي قام بها فخامة الأخ الرئيس للولايات المتحدة في أعقاب تلك الحادثة ولقاء القمة الذي جمعه بالرئيس الأسبق بيل كلينتون وما تمخض عنها من تفاهم وتعاون وتنسيق للحرب على الإرهاب لكنا اليوم في وضع مختلف. ثم عندما وقعت أحداث الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة في العام التالي أعادت الدوائر المعادية لليمن وضع بلادنا في الواجهة، وأعادت احتمالات أن تكون هي كبش الفداء بضربة أمريكية تستعيد بها الولايات المتحدة توازنها وكبرياءها.. غير أن الدبلوماسية اليمنية الحكيمة استطاعت امتصاص الغضب الأمريكي مجدداً، وحوّلت المسار إلى تعاون وثيق وشراكة في الحرب على الإرهاب. وفي هذا السياق فقد جدد السفير الأمريكي في صنعاء جيرالد فايرستاين موقف بلاده الداعم لأمن اليمن واستقراره ووحدته وديمقراطيته، وتطرق السفير فايرستاين إلى جهود اليمن في مكافحة الإرهاب ومخاطر النشاطات والأعمال الإرهابية في اليمن في مؤتمر صحفي عقده أمس الأول وقال: «إن التهديدات والنشاطات الإرهابية ليست جديدة في اليمن، بل إن هذا الأسبوع يمثل العام العاشر منذ الهجوم الإرهابي على المدمرة الأمريكية «يو. أس. أس كول» في ميناء عدن والذي قتل فيه 17 بحاراً أمريكياً». واستطرد قائلاً: «وخلال الأعوام التي تلت الهجوم على كول؛ نفذ الإرهابيون سلسلة من العمليات الإرهابية التي أودت بحياة العديد من الأشخاص, وبالرغم من أن هذه العمليات تستهدف الدبلوماسيين والسياح الأجانب في اليمن إلا أن الأبرياء هم أكثر من عانى جراء هذه الأعمال الإرهابية». وأردف قائلاً: «إن الولايات المتحدة ملتزمة بالعمل مع الحكومة اليمنية وشعبها في سبيل التصدي لإرهابيي القاعدة والحد من أعمالهم الإرهابية، وتأمين الحدود اليمنية، وأنها ستواصل تدريب قوات مكافحة الإرهاب، وتوفير المعدات لها وذلك تعزيزاً لقدراتها في مواجهة الإرهابيين والحد من التهديدات المباشرة التي تشكلها القاعدة». وإجمالاً فنحن اليوم عندما نتحدث عن ثورة 14 أكتوبر؛ فإننا بحاجة إلى إعادة ألقها وحمايتها من أولئك الذين يهدفون إلى النكوص عن أهدافها وتضحياتها العظيمة, وهم باتوا أقرب إلى صناع الثاني عشر من أكتوبر الأسود، حيث يلتقون اليوم كضلعين في مثلث ضلعه الثالث الحوثيون، وهو مثلث الشر الذي تعاني منه بلادنا، وشكلت أعمال هذا المثلث الخارجة عن القانون والإرهابية والتمردية حرب استنزاف أضرّت كثيراً ببلدنا وشعبنا، وضربت اقتصاده، وعطلت تنميته، وقفزت بمؤشرات الفقر والبطالة إلى أرقام مخيفة!!. [email protected] |