قمة الثمانية والعراق والقمة العربية تندرج قمة الرئيسين علي عبدا لله صالح وجاك شيراك في إطار مشاورات مكثفة تدور في العاصمة الفرنسية هذه الأيام بين قصر الاليزيه وعدد من الزعماء العرب وذلك عشية استحقاقين في غاية الأهمية. الأول يتصل بالقمة العربية والموقف العربي من الإصلاحات والأفكار الأوروبية حول الإصلاح. فضلا عن مبادرة الشرق الأوسط الكبير الأمريكية. والاستحقاق الثاني يرتبط بالأول ويتمثل بقمة الدول الثماني الأكثر تصنيعا في العالم والتي من المقرر أن يكون المشروع الشرق أوسطي عنصرا محوريا في مداولاتها سوى أن التمثيل العربي في هذه القمة لم يحسم بعد.فبعض المعلومات المتداولة هنا تؤكد إن النية متجهة لان يتمثل العرب في قمة الدول الثماني بولي العهد السعودي عبدا لله بن عبدا لعزيز والرئيس المصري حسني مبارك فضلا عن الرئيس الدوري للقمة العربية حيث ترى البحرين إن من حقها المشاركة في قمة الثماني لان رئاستها للقمة ممتدة إلى هذه الفترة بعد تعذر انعقاد القمة الدورية في تونس في مارس ـ آذار الماضي فيما ترى العاصمة التونسية انه يحق لها أن تمثل العرب في القمة المذكورة بوصفها الدولة المرشحة لتولي رئاسة القمة العربية المقبلة بحسب القاعدة التقليدية التي تقول إن الرئاسة الدورية تؤل تلقائيا إلى الدولة التي تنعقد القمة العربية على أرضها وبما إن تونس ما زالت تصر على ذلك فان الرئيس زين العابدين بن علي يأمل بالمشاركة باسم العرب في القمة المذكورة التي يفترض أن تبحث مشروع الشرق الأوسط الكبير بضغط من واشنطن. وإذا كانت القمة اليمنية ـ الفرنسية تتم في هذه الأجواء فان زيارة الرئيس صالح لفرنسا تعتبر الأولى بين سلسلة من اللقاءات التشاورية العربية ـ الفرنسية التي يعقدها قصر الاليزيه على مستوى رؤساء الدول. إذ كان الرئيس الفرنسي قد استقبل الأسبوع الماضي نائب الرئيس السوري عبدا لحليم خدام وسيستقبل بعيد زيارة الرئيس صالح في 17 الجاري الرئيس المصري حسني مبارك ورئيس الوزراء الليبي شكري غانم ورئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري فضلا عن ولي العهد السعودي الأمير عبدا لله بن عبد العزيز الذي يزور باريس في نهاية ابريل ـ نيسان الجاري وستكون زيارته متزامنة أيضا مع تسلم السعودية للفرقاطة "مكة" وهي الثانية في إطار عقد الصواري الموقع بين البلدين في أوائل التسعينات. من جهته يزور شيراك بعيد لقائه الرئيس علي عبدالله صالح الجزائر للترحيب بانتخاب الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة من جهة ولبحث المسائل المشار إليها معه من جهة أخرى. ويلاحظ في هذا الصدد حرص فرنسا على أن تتم القمة الثنائية مع اليمن في هذه الظروف حيث تعتبر باريس إن صنعاء باتت عاصمة مهمة في صناعة القرار العربي وأنها معنية بالإصلاحات التي باشرها الرئيس علي عبدالله صالح منذ سنوات دون ضغوط خارجية وقبل أن تصبح هذه القضية الشغل الشاغل للعالم بأسره. أما مداولات القمة الفرنسية ـ اليمنية فقد لا تحتاج إلى الكثير من التأويل ذلك إن وجهات نظر البلدين متطابقة إلى حد كبير في المسائل التالية: أولا: عدم فرض الإصلاح من الخارج. ثانيا: حل القضية الفلسطينية كشرط حاسم لنجاح الإصلاحات. ثالثا:تشجيع التعاون العربي ـ العربي كوسيلة أساسية لنجاح الإصلاح الشامل في العالم العربي. رابعا: الإصلاح يتم بحسب حاجة البلدان المعنية وبحسب ظروفها وليس بحسب التصورات الايدويولجية لهذه الدولة أو تلك. ولعل هذه النقاط وغيرها مدرجة في المبادرة اليمنية المطروحة أمام القمة العربية والتي سيبحثها الرئيس صالح مع شيراك في القمة الثنائية. والثابت إن هذه الأفكار الإصلاحية اقرب إلى التصور الأوروبي للإصلاح من التصور الأمريكي وقد عبر اليمن في مناسبات عديدة عن ميله إلى الوجهة الاوروبية أكثر من الوجهة الأمريكية في الإصلاح. من جهة ثانية من المتوقع أن يبحث الرئيس صالح مع نظيره الفرنسي قضية العراق والقمة العربية وهنا أيضا تتقارب وجهات النظر حيث كانت باريس وصنعاء تقفان ضد الحرب على العراق ومازالت تتمنى انسحاب القوات المحتلة و إيكال شؤون هذا البلد إلى الأمم المتحدة وعقد مؤتمر دولي لهذه الغاية. أما بالنسبة للقمة العربية فلربما تأمل فرنسا أن يصدر عن القمة موقفا ايجابيا من الإصلاح وبحسب التصور الأوروبي اليمني وليس من المستبعد أن يشجع الرئيس اليمني فكرة مشاركة الاتحاد في افتتاح القمة العربية كبادرة لدعم قرارات ايجابية تتخذها القمة في المواضيع المذكورة وغيرها. تبقى المواضيع الثنائية الخاصة في المحادثات والتي تعني اليمن وفرنسا حصرا والواضح إن بحث هذا النوع من المواضيع بات تقليديا في لقاءات الرئيسين التي صارت شبه سنوية وشبه دورية خصوصا في عهد الرئيس الحالي جاك شيراك. بين قمة موسكو وقمة باريس يبرهن الرئيس علي عبدالله صالح مرة أخرى إن بلاده باتت ممرا مهما في صناعة القرار العربي والشرق أوسطي وان عهده نقل اليمن من ساحة ينشغل الآخرون بتدبير شؤونها إلى موقع يحتاج الآخرون إلى مساهمته في معالجة قضايا إقليمية ودولية. |