الاتصالات في اليمن .. الثورة المتجددة المرافقة للانسان الوحدة اليمنية بإنجازاتها الكبيرة كانت الانطلاقة الفعلية الاولى لحركة النهوض والتطور للشعب اليمني من "صعده الى المهرة" ..فمن يشكك في إنجازات الوحدة وما حققته لعموم المحافظات الجنوبية والشرقية والشمالية والغربية, أو من يتعمد المغالطة والمخالطة بين الغث والسمين ولا يرى هذه الانجازات الشامخة الماثلة أمام الشعب وأمام العالم اجمع، ليس سوى جاحد أو أعمى بصر وبصيرة. فتلك الشواهد التنموية ستظل حية تتحدث عن نفسها وعن عظمة الجهود المبذولة وصدق التوجه التنموي والاقتصادي الذي سرنا عليه بمسؤولية وطنية وتاريخية",والذي اختط دربه الرئيس علي عبدالله صالح رئيس المؤتمر.. ومن النافل القول ان أي حديث أو استعراض للتطورات لابد من التذكير بالوضع الذي كان سائداً قبل إحداث عملية النهوض والتطور المتسارع الذي تشهده مختلف المجالات الإنمائية الخدمية..فمثلاً قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات ,الذي لايعرف هذا الاسم الا حديثاً ,او ماكان يعرف بالمواصلات ". فإذا ما عدنا إلى ما قبل قيام الثورة اليمنية في سبتمبر 1962م فيمكن القول بأن خدمات الاتصالات كانت شبه معدومة في اليمن سوى من بعض وسائل الاتصال التقليدية محدودة النطاق والاستخدام تمثلت في خدمة التلغراف بواسطة الخطوط المحمولة فردية السلك على يد العثمانيين أثناء حكمهم لليمن في أوائل القرن الماضي.. فرغم التطور الذي كان قد وصل إليه العالم في هذا القطاع ألا أن الحكم الإمامي الذي استبد بالمحافظات الشمالية قبل الثورة لم يدخل ألا أنظمة متخلفة للاتصال خلال الفترة 1956م / 1958م أقتصر على /800/ خط هاتفي خصص معظمها للأسرة المالكة وبعض الدوائر الحكومية,, وكذلك الأمر في المحافظات الجنوبية والشرقية التي كانت ترزح تحت نير الاحتلال حيث لم تكن بأفضل حال مما هو عليه الوضع في المحافظات الشمالية. فقد أدخل الاستعمار خدمات اتصالات متدنية ومحصورة، اقتصرت على إنشاء بعض السنترالات الميكانيكية نوع /استر وجر/ تم توزيعها في أوائل الخمسينات على بعض أحياء عدن وأقتصر استخدامها حتى بعد توسيع تلك السنترالات وارتفاعها في بداية الستينات إلى 7855 خطا هاتفيا بدرجة رئيسية لخدمة الاحتلال البريطاني ومؤسساته وبعض النشاطات التجارية البسيطة. بين ثورتين.. الانطلاقة الحقيقية، ومن ذلك المنطلق جاءت الثورة اليمنية المباركة لتضع اللبنات الأولى ومرحلة التأسيس لنهوض هذا القطاع..ومن ثم تحقق الانجاز العظيم"الوحدة اليمنية المباركة" والتي أعطت دفعة قوية للانطلاق الواسع واللامحدود في مجال التطور الكمي والنوعي لهذه لخدمات الاتصالات ووسائل التواصل المواكبة للعصر والتسارع المعلوماتي التقني والفني للتكنولوجيا..ويمكننا القول هنا أن مرحلة الانطلاق الكبرى والتحول النوعي بدأت منذ أعادة تحقيق وحدة الوطن في 22 مايو 1990م لتدشن اليمن بذلك خطواتها العملية بالتعاطي الفعلي مع التطورات العالمية في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات من خلال التطورات الجذرية التي سعت إلى إحداثها في هذا المجال من خلال خطط وبرامج استهدفت تطوير هذا القطاع كما وكيفا .. بما ينسجم وطبيعة التحولات التي شهدها اليمن الموحد وتسارع خطوات التحديث والتطوير في المجالات التنموية والخدمية كافة بغية ترجمة التطلعات والغايات المنشودة ليمن الثاني والعشرين من مايو. انجازات العهد الزاخر.. شهدت الاتصالات في عهد الوحدة تطوراً كبيراً نقلت اليمن الى مصاف الدول المتقدمة في هذا المجال الهام حيث ان خطوط الاتصالات في بداية التسعيانات لا تتجاوز آلاف الخطوط وتطورت بشكل كبير خلال 19 عاماً لتصل في عام 2007 إلى (1.3) مليون خط، فيما بلغ عدد الخطوط العاملة أكثر من مليون مشترك، إضافة إلى نحو (3.5) مليون خط سيار في سنة 2008م. ويوجد في أنحاء البلاد المختلفة أكثر من (20) ألف مركز اتصال توفر فرص عمل لنحو (60) ألف شاب.. وظلت هذه الأرقام تشهد ارتفاعا كبيرا خاصة في السنوات الأخيرة الماضية بدليل أن متوسط الزيادة في الخطوط العاملة خلال الأعوام من 2004 إلى 2007 بلغ (94.5) ألف خط سنويا. ووضعت وزارة الاتصالات ونفذت خططاً وبرامج لمشاريع إستراتيجية مختلفة. من بينها وضع الرؤية الإستراتيجية لوزارة الاتصالات وتقنية المعلومات (2001- 2025). وإنشاء المرحلة الأولى من مدينة تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات في 2002م. ووافق مجلس الوزراء على قيام المؤسسة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية بشراء أسهم شركة البرق اللاسلكية البريطانية المحدودة عند انتهاء الاتفاقية في عام 2003م. ومواكبة لأحدث التقنيات في مجال الاتصالات تم تشغيل مشروع الربط الإقليمي عبر التراسل الرقمي لربط اليمن بالمملكة العربية السعودية وعبرها إلى بقية بلدان الخليج العربي والأردن بكلفة (630) مليون ريال. واستكمال ربط بقية المحافظات بكابلات الألياف الضوئية بإجمالي مسافة (2.455) كيلو متر. وتم افتتاح مشروع الربط الإقليمي عبر كابل الألياف الضوئية بين اليمن وسلطنة عٌمان. وساهمت الجمهورية اليمنية، مع إدارات الاتصالات في العديد من بلدان العالم في تمويل مشروع الكابل البحري (سي- مي- دي2) الذي يمتد من سنغافورة مروراً بمنطقة الشرق الأوسط حتى فرنسا. كما ساهمت مع جيبوتي في تمويل الكابل البحري الفرعي (عدن- جيبوتي) الذي يشكل حلقة الوصل لربط بلادنا بالكابل (سي - مي- دي2)، وبلغت السعة المخصصة لليمن فيه (345) قناة هاتفية. كماوقعت المؤسسة العامة للاتصالات عقداً مع مؤسسة "عربسات" لاستثمار نصف قناة قمرية في القمر العربي لأغراض الاتصالات المحلية وربط عدد من المناطق النائية. الاتصالات الريفية: بعد أن كانت الغالبية العظمى من الأرياف اليمنية محرومة من خدمة الاتصالات، نفذت وزارة الاتصالات في السنوات الماضية "مشروع 115 ألف خط ريفي". ونظراً للطبيعة الجغرافية الوعرة للمناطق اليمنية وتشتت تجمعاتها السكانية وتباعد بعضها، تم العمل على إدخال أنظمة اتصالات لاسلكية حديثة ومتنوعة للمساعدة في تغطية معظم مناطق الجمهورية بكلفة منخفضة وبيسر وسرعة كبيرة. الهاتف السيار .. قصة نجاح وكما أشرنا فان خدمات الهاتف النقال لم تكن معروفة قبل العام 1990 ودخلت اليمن في العام 1992م، إلا أن اليمن شهد تطورا ملموسا في هذا المجال على الرغم من قصر الفترة سواء من حيث عدد المشتركين أو المستفيدين من هذه الخدمة أو بتعدد الأنظمة المشغلة لها. وكنتيجة للتوجه الحكيم لقيادتنا السياسية ممثلة بفخامة الأخ الرئيس/ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية وحرصها على إشراك القطاع الخاص في عملية التنمية أطلقت هذه الخدمة للتنافس بالسماح للشركات بالدخول للاستثمار فيها، بعد أن كانت مقتصرة حتى عام 2001م على شركة تيليمن للاتصالات اللاسلكية. يوجد في اليمن حاليا أكثر من نظام للاتصالات بخدمات الهاتف النقال. وتعمل الآن في هذا المجال أربع شركات هي: "يمن موبايل" التي تعمل بنظام (CDMA)، وثلاث شركات خاصة بنظام (GSM). وتغطي خدمات هذه الشركات معظم مناطق البلاد. بالإضافة إلى خدمة الهاتف النقال عبر الأقمار الصناعية. وارتفع عدد المشتركين لدى شركات الهاتف النقال من (120) ألف في العام الأول لانطلاق خدماتها في سنة 2001م إلى أكثر من (3.5) مليون مشترك في الوقت الراهن. خدمة الانترنت: بدأت خدمة الانترنت في اليمن عام 1996م.ضمن مشروع البوابة اليمنية للانترنت بتزويد المواطنين والمؤسسات بهده الخدمة العصرية. وبعد أن بدأت هذه الخدمة عبر نظام (Dial Up) تم لاحقا إدخال خدمة “سوبر يمن نت” التي تستخدم النظام العريض (ADSL) الأكثر تطوراً وسرعة. وبموجب توجيهات من فخامة رئيس الجمهورية علي عبدالله صالح تم منذ سنوات جعل خدمة الانترنت بواسطة النظام الأول مجانية. وبمقتضى توجيهات أخرى لفخامته تم تخفيض أسعار خدمة “سوبر يمن نت” مرتين بنسبة (30%) في كل مرة.وارتفع عدد مشتركي خدمة الانترنت حتى الربع الأول من عام 2008م إلى (455429) مشترك. فيما بلغ عدد مقاهي الانترنت (989) مقهى في عموم محافظات الجمهورية، وتسعى وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات إلى زيادة عدد المشتركين في الانترنت إلى (260) مشتركا لكل عشرة آلاف نسمة من السكان بحلول عام 2025م من خلال زيادة عدد الحواسب الآلية الشخصية المستخدمة إلى (6.2) مليون جهاز وبواقع سبعة أجهزة لكل (100) مواطن. البريد تم إنشاء الهيئة العامة للبريد والتوفير البريدي عقب قيام الوحدة اليمنية مباشرة. ومنذ ذلك الحين أخذت الهيئة تخطو خطوات متقدمة في تطوير خدماتها لتلبية احتياجات المجتمع المتنامية ومواكبة التطورات في اليمن. وحققت هذه الخدمات انتشاراً لم يشهد له مثيلاً من قبل،.. كما شهدت السنوات الماضية تحولات نوعية في مختلف الخدمات المقدمة للجمهور عبر العديد من المشروعات أهمها بناء العشرات من المكاتب البريدية وتطوير وتحديث شبكة الكمبيوتر البريدية وادخلت بلادنا في سنة 2002م خدمة الريال الالكتروني كثالث دولة عربية تقدم هذه الخدمة. الاتصالات وعلاقتها بمكافحة الفقر ولعله من المفيد الإشارة إلى أن حرص الدولة على تحديث الاتصالات من خلال المشاريع ذات الصلة بذلك وما تتطلبه من تكاليف ليس نابع من فراغ وإنما جاء ضمن خطة تنموية مدروسة تستهدف الإنسان اليمني في المقام الأول. بالإضافة إلى ما أحدثته هذه التطورات من فائدة على المواطن والمؤسسات التعليمية والهيئات البحثية واسهم أيضاً بدعم جهود الحد من البطالة ومكافحة الفقر من خلال ما وفرته من فرص عمل سواء لمن يعملون في مجال هندسة الاتصالات أو من خلال عشرات الآلاف من العاملين في مراكز الاتصالات المنتشرة في مختلف أنحاء الجمهورية وفى مقاهي الانترنت. وبلغة الأرقام والحقائق يتضح جليا حجم التطور الكبير الذي شهده قطاع الاتصالات في اليمن خلال اثنان وعشرون عاما الماضية في ظل الوحدة اليمنية المباركة، حتى أصبحت اليمن اليوم رغم قدراتها وإمكانياتها المحدودة تفاخر بتقدمها ومواكبتها لأحدث تقنيات ونظم الاتصال قبل دول عديدة في المنطقة وبات الإنسان اليمني في الحضر والريف والجبل والسهل والبحر واليابسة مرتبطا بالعالم أجمع. |