|
تعز .. بين مطرقة مليشيات الإخوان وسندان التجاهل الحكومي .!! عادت محافظة تعز إلى واجهة الأحداث مؤخرا وتحديدا خلال إجازة عيد الأضحى من خلال أرقام القتلى والحوادث الأمنية والانفلات الذي شهدته المحافظة بعد حالة من الهدوء والسكينة بددتها لعلعة الرصاص ودوي القذائف الذي يقطع سكون الليل في الحالمة المسكونة بهاجس الخوف منذ أكثر من عام ونصف. بعد توقيع المبادرة الخليجية والاتفاق على نقل السلطة قامت اللجنة العسكرية في مفتتح عملها بزيارة تعز وبذلت جهودا جبارة لوقف دوامة العنف في المحافظة التي تعد الأكثر سكانا والأنشط حراكا في مجالات السياسة والاحتجاجات منذ ليلة سقوط رئيس مصر محمد حسني مبارك بفعل ثورة ميدان التحرير. قبل عيد الأضحى قال محافظ تعز شوقي احمد هائل سعيد انعم انه بعد إجازة العيد سيجري عملية تغييرات واسعة ستشمل إدارات عديدة على رأسها إدارة التربية وإدارة الصحة وإدارة الزراعة لكنه أكد في المؤتمر الصحفي الذي عقده وقتها أن عملية التقاسم والمحاصصة المعمول بها في حكومة الوفاق لن تجد لها مكانا في تعز وان هناك معايير معينة سيتم بموجبها اختيار القيادات الجديدة في المحافظة حتى لو بينت عملية الاختيار أن كل القيادات الجديدة تنتمي لحزب واحد، ولم ينسى المحافظ شوقي أن يبشر أبناء تعز بعودة القوارح لأنه يعرف جيدا مصدرها وإنها كانت ولاتزال أسلوب ضغط عليه أكثر منها نتيجة فشل أجهزة الأمن في أداء واجبها. بعد تصريحات المحافظ عن آلية اختيار القيادات الجديدة لإدارات المحافظة خرجت قيادات الإصلاح في المحافظة لتعلن رفضها هذه الآلية التي قال فيها القيادي البارز في الإصلاح نائب رئيس المجلس الأهلي بالمحافظة حبيب يجاش الاصبحي أن محافظة تعز ليست مصنع أو شركة، وهو هنا يتهكم على المحافظ كونه سليل أسرة تجارية عرف عنها دقتها في اختيار كوادرها كما انه يريد أن يقول للمحافظ أن تعز ليست مصنع في مجموعة هائل سعيد انعم ويضيف الاصبحي أن المبادرة الخليجية قامت على التوافق في إشارة منه إلى ضرورة التقاسم. حزب الإصلاح يستميت للظفر بإدارة التربية والتعليم والصحة العامة والسكان في المحافظة وأيضا المالية ومؤسساتها المختلفة لذلك هو يعمد للضغط على المحافظ لتحقيق مكاسب وظيفية في تعز وبدأ بذلك قبل انتهاء إجازة العيد وقبل أن يجري شوقي أي تغيير لينتشر المسلحين من جديد في الشوارع على الدراجات النارية والسيارات وفي الأسواق بصورة لافته وفي الليل تعيش أحياء المدينة حالة رعب حقيقية جراء الإطلاق الكثيف للنيران من كل أحياء المدينة. يعلم الجميع في تعز أن شوقي احمد هائل ليس عاشق سلطة ولا طالب مال وقبوله بالمنصب محافظا كان من اجل خدمة أبناء محافظته وتحقيق رؤيته في تطوير المحافظة وتحويلها إلى مدينة عصرية مكتملة الخدمات والاحتياجات غير أن هناك قوى يعرفها الجميع تقف ضد هذا التوجه وتعمل بكل أجهزتها لإحباط المحافظ وإفشال مهمته وقد كشف هو وبلسانه عن كثير من العوائق التي وضعت في طريقه والبقية ستلحقه. وقد أظهر المحافظ قدرا كافيا من القوة والثبات في مواجهة محاولات إفشاله وهو مصمم على العمل من اجل تعز حتى إكمال مهمته لكنه طالب كل أبناء تعز الوقوف معه لإنجاز المهمة وهو ينتظر تلك الوقفة ابتداءا من هذه الأيام. لن يمنح شوقي التربية للإصلاح ولن يحابي المؤتمر ولن ينزل عند رغبة زعماء المليشيات المسلحة ولن يستميل قوى اليسار ممثلة بالاشتراكي والناصري فهو كما أعلن سيعمل مع حزبه الكبير الذي اسمه تعز. وكان الحزب الاشتراكي قد أعلن في مهرجانه الحاشد بتعز قبيل عيد الأضحى عن مساندته الكاملة للمحافظ وجهوده في إخراج المحافظة من وضعها الحالي ومثله فعل التنظيم الناصري وكذلك المؤتمر الشعبي العام في أكثر من مرة غير أن حزب الإصلاح يصر أن يقف في وجه المحافظ وضد مصلحة أبناء تعز بحثا عن مصلحته الضيقة وإلا لماذا لا يعلن الإصلاح وقوفه إلى جانب شركائه في العملية السياسية بجانب المحافظ ومصلحة أبناء الحالمة . في محافظة عدن وعمران وشبوة والجوف والبيضاء تم تعيين محافظين ينتمون للإصلاح فهل سمع احد مثلا أن رئيس فرع المؤتمر في عدن وهو أمين عام المجلس المحلي اعترض على قرارا للمحافظ وحيد علي رشيد بحجة أن المسئول إصلاحيا مع العلم أن رشيد عين أعضاء الإصلاح في مناصب عديدة دون أن يكون هناك أي اعتراض لا من المؤتمر ولا حتى من الحزب الاشتراكي الذي هو أحق بإدارة المحافظة . الإصلاح يلوح بعصى ما يسميهم "حماة الثورة" في تعز وجزرة ساحة الحرية ويفتعل الفوضى بغية فرض رؤيته لعملية التعيين في المحافظة وهو ما أخر عملية الإصلاحات في تعز كثيرا وقدرته كحزب يملك جناح مسلح وآلاف الأنصار المستعدين للتحول إلى عصابات ومليشيات تحترف القتل والفوضى تحتاج إلى مواجهة صارمة من كل أبناء تعز وأجهزة الأمن والجيش أن لزم الأمر لان الرضوخ لمطالب فئة لاتمثل كل المجتمع وإغفال حق الغالبية العظمى أم المفاسد. ما يجري في تعز عنوانا سيتم تعميمه في كل المحافظات كون تعز كانت دائما البروفة التي تطلقها قيادات الإصلاح للقيام بأي نشاط سياسي اوحتى تخريبي ومن اجل أن تظل تعز كذلك شكل الإصلاح قوة عسكرية كبيرة في المحافظة أطلق عليها حماة الثورة وجعل منها عصا مرفوعة فوق رؤؤس الخصوم والمعارضين لتوجهاته . تونس، اليمن، وليبيا، ومصر .. تشكيلات الإخوان المسلحة ..!! هذه الطريقة التي نفذت في تعز هي إحدى مخرجات ربيع الإخوان المسلمين حيث تم تشكيل قوات مماثلة في لبيبا وأيضا في تونس وكذلك في مصر وتحت مسميات متعددة . في تونس حيث ظفر الإخوان بالحكومة بعد هروب الرئيس بن علي شكل الإخوان روابط أطلقوا عليها روابط حماية الثورة وهي عبارة عن مليشيات مسلحة رغم أن الإخوان في تونس هم من يديرون السلطة مع ذلك تقوم هذه الروابط بعمل مماثل لما يجري في محافظة تعز للضغط على الخصوم وإلصاق تهمة النظام البائد بكل من يعارضها. ومؤخرا ثار فرقاء العمل السياسي في تونس ضد الإخوان ومليشياتهم ووجهوا اتهامات لهذه الروابط بالقيام بأعمال عنف واعتبروها غير شرعية ووجودها غير قانوني وذلك بعد مقتل منسق حركة نداء تونس المعارضة في مدينة تطاوين جنوب البلاد على إثر مظاهرة نظمتها رابطة حماية الثورة بالمدينة للمطالبة بـ»التطهير والمحاسبة». وكان من نتائج ذلك تصاعد الاحتجاجات ضد هذه الروابط التي وصلت إلى حد المطالبة بحلها. كما تسببت هذه الروابط الاخوانية باختلافات شقت الائتلاف الحاكم، إذ دعا حزبا التكتل الديموقراطي للعمل والحريات والمؤتمر من أجل الجمهورية شريكا النهضة في الحكم أنصارهما للانسحاب من روابط حماية الثورة، التي وصفتها شخصيات معارضة بأنها عبارة عن «ميليشيات» تابعة لحركة النهضة، و»مجموعات إرهابية» تمارس العنف وتستقوي على الدولة وتهدد السلم الاجتماعي. ووصل إرهاب هذه الروابط في تونس ليطال رئيس الحكومة حمادي الجبالي الذي هدد بالاستقالة من منصبه بسبب تأزم الأوضاع واتساع دائرة العنف من قبل جهات مرتبطة بالجناح المتشدد من حركة النهضة التي يشغل موقع أمينها العام. وتشهد حركة النهضة موجة صراع بسبب هذه الروابط المسلحة حيث يرفض جناح في الحركة فكرة الاعتماد على ميليشيات الحركة في الدفاع عن الحكومة بعد موجة عنف وتظاهرات طالبت بإقالة وزير الداخلية علي العريض، القيادي البارز في حركة النهضة لتواطؤه مع روابط الإخوان المسلحه واعتمادها كفصيل امني. وقال القيادي في حركة نداء تونس منذر بلحاج علي إن روابط حماية الثورة أصبحت تشكل خطرا على الدولة ومثلت جهاز دولة داخل الدولة التونسية مضيفا «لقد تعلمنا أن الدولة الناجحة هي القادرة على استعمال العنف الشرعي وليس الجماعات». وفي السياق ذاته قال رئيس الهيئة السياسية العليا للحزب الجمهوري أحمد نجيب الشابي إن «القوى الديمقراطية ستظل تطالب بحل لجان حماية الثورة حتى تستجيب الحكومة لذلك»، وأضاف الشابي أن «الحزب الجمهوري سيقاضي روابط حماية الثورة إن لم تقم الحكومة بحلها وسنتمسك بتحييد وزارات السيادة وحل روابط حماية الثورة». وفي مصر ثارت القوى اليسارية على تشكيلات الإخوان الأهلية التي تم تأسيسها في الأحياء والمحافظات كلجان لحماية المنشئات العامة لتتحول بعد ذلك إلى جهاز امني يحترف القمع واستهداف الخصوم بحجة أنهم من الفلول غير أن هذه اللجان سرعان ما واجهت حملة شرسة تزعمها المرشح الرئاسي المنتمي للتيار القومي حمدين صباحي مع تيارات يسارية أخرى عملت بكل قوة على إنهاء دور هذه اللجان وإحباط مهمتها في بداية عملها. في ليبيا شكل الإخوان المسلمين مليشيات مسلحة هي ذاتها التي حاربت نظام القذافي واحتفظت بسلاحها في الوقت الذي سلمت فيه بقية الجماعات المسلحة السلاح بعد انتهاء الحرب . ورصد أشهر معاهد أمريكا للأبحاث معهد "ذا ناشيونال انترست" في تقرير له نشر عقب اقتحام السفارة الأمريكية في بنغازي ظاهرة حكم الميليشيات في ليبيا، والتي ظهرت سيطرتها في مرحلة مع بعد الثورة على الرئيس الليبي السابق معمر القذافي ومقتله في العام 2011. وكشف التقرير عن ظهور مشكلة مستمرة في ليبيا ما بعد القذافي، تتعلق بأكثر مهمات الحكومة أساسية وهي توفير الحماية الأمنية موضحا أن "الحكومة الليبية عاجزة عن توفير الحد الأساسي من الأمن الجسدي، وقد فشلت بشكل ذريع لأنها تنافس مجموعة من الميليشيات والمجموعات المسلحة الأخرى التي تتصرف خارج المحاسبة وتلجأ إلى العنف بشكل روتيني". وأشار التقرير إلى أن هذه المليشيات تحمل مفاهيم إسلامية مثيرة للجدل أو تهتم بشؤون جمهور خاص من القبائل أو المجموعات برزت خلال الصراع مع القتال ضد جيش القذافي وهي اليوم لا تأتمر بأمر أي سلطة، وتحافظ على قادتها وتعتقد أن لها حقا مستمرا في الوجود وفي التصرف بشكل مستقل نظرا إلى التضحيات التي قدمتها خلال الحرب الثورية". وحذر التقرير من انه "كلما زاد خوف الجمهور من مشكلة العنف المستمر الدائر بين الميليشيات أو بين الميليشيات والحكومة، زاد لجوء الجمهور إلى الميليشيات من أجل الحماية، وحينها تحظى هذه الأخيرة بالشرعية التي فقدتها الحكومة". مليشيات الإخوان المسلحة .. إرهاب وعنف باسم الثورة ..!! الحكم والترهيب بالمليشيات بحجة حماية الثورات ومنع عودة الأنظمة السابقة هي الخطة التي يسعى الإخوان في كل الدول التي شهدت وصول الإسلاميين إلى السلطة بعد موجة الربيع العربي وبناءا على هذه الآلية المشتركة بين فروع حركات الإخوان المسلمين في تونس واليمن وليبيا ومصر فقد ظهرت جماعات وضغط شعبي قوي في مصر استطاع أن ينهي مهامها وفي تونس بدأ العمل لمواجهتها بقوة من التيارات السياسية المختلفة وفي ليبيا تنبهت الدول التي دعمت الإسلاميين ضد القذافي لخطورة هذه التشكيلات وبدأت تأليب الحكومة عليها وهددت واشنطن باستهدافها عسكريا أن لزم الأمر. في اليمن توجد هذه التشكيلات الاخوانية المسلحة بثلاث أوجه الأول عسكري وموجودة داخل الجيش ويقودها اللواء علي محسن الأحمر والثاني قبلي ويقودها شيوخ قبيلة حاشد والثالث حركي وهو أخطرها ويتواجد هذا الجناح في محافظة تعز ولا زال يلعب دورا كبيرا في إدارة الحالة الأمنية في المحافظة حيث كان في أيام وجود السعيدي مديرا للأمن كونه من الإصلاح كان هذا الجناح يقوم بدور امني مساند للسلطات بينما تحول اليوم إلى صانع انفلات وفوضى أمنية في المحافظة . فهل أن الأوان لتتحرك كل القوى السياسية والاجتماعية في تعز واليمن قاطبة لوقف تمدد هذه التشكيلات المسلحة وإيقاف عملها واعطاء شرعية لمواجهتها عسكريا أن لزم الأمر أم أن الرئيس هادي وحكومته سيخفضون رؤؤسهم ويتجنبون المواجهة من خلال تلبية مطالب هذه الجماعات على حساب مصلحة المحافظة تحت ذريعة عدم إثارة الفوضى ومكافأة المخربين بإفشال مشروع إصلاح تعز الذي يقوده المحافظ الشاب شوقي احمد هائل سعيد. |