تربوي مصري: برامج التعليم الازهري مثقلة بعبء الماضي حث التربوي المصري البارز حامد عمار على ضرورة أن يتعامل التعليم مع عالم المعرفة اكتسابا وفرزا ونقدا وانتاجا مشيرا إلى أن مسيرة التعليم المدني في بلاده تأثرت بعوامل سياسية وبيروقراطية في حين ظل التعليم الديني يحمل عبء الماضي الذي أصابه بالاضطراب بين الدراسات الدينية والحديثة. وقال في كتابه (الحادي عشر من سبتمبر 2001 وتداعياته التربوية والثقافية في الوطن العربي) إن التعليم الازهري "ظل محملا بعبء الماضي رغم ما طرأ عليه من تعديلات وبخاصة بعد إعادة تشكيله عام 1961 ليمتد من مجرد ارتباطه بالكتاب وحفظ القرآن الكريم ومن اقتصاره على كليات أصول الدين والشريعة واللغة العربية إلى كليات حديثة كالطب والهندسة." ووصف عمار برامج التعليم الازهري بأنها لاتزال "مثقلة وفي اضطراب من حيث التوازن والتكامل بين الدراسات الدينية والفقهية من ناحية والدراسات الاكاديمية الحديثة والمتخصصة من ناحية أخرى." والكتاب الذي يقع في 312 صفحة أصدرته هذا الشهر الدار المصرية اللبنانية بالقاهرة. وأشار عمار إلى اشتراك التعليم الازهري والمدني في التأثر بعوامل سياسية وبيروقراطية إذ "تعرض التعليم المدني الحديث منذ نشأته في أوائل القرن التاسع عشر للتسييس وهيمنة الحاكم كجزء من سياسة محمد علي (الذي حكم مصر بين عامي 1805 - 1848) في تكوين الجيش وتأسيس الدولة." وتناول المؤلف واقع التعليم المصري الآن مشيرا إلى أن معدلات النمو الطبيعي للسكان لم يواكبها توسع في مباني المدارس وأدى ذلك إلى ظاهرة تكدس الفصول "التي يعاني منها التعليم المصري في مختلف مراحله حتى الآن." ووصف عام 1974 بأنه كان تحولا سياسيا واقتصاديا من "نهج اليسار إلى نهج اليمين الرأسمالي فيما عرف بسياسة الانفتاح" مشيرا إلى أن سياسة الانفتاح أدت إلى ظهور طبقة رجال الأعمال وازدياد الفجوة بين الاغنياء والفقراء كما "تضخم التعليم الخاص نتيجة التوسع في مدارس اللغات المصرية وفي المدارس الأجنبية بمصروفاتها الباهظة واتسعت فجوة التمايز بين من يملكون ومن لا يملكون." وشدد حامد عمار على أن ما وصفه بتعليم المستقبل يواجه فضلا عن أعباء الماضي تحديات جديدة على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والمعرفي منها تطور طرائق التفكير حيث طرحت ثورة المعلوماتية كما متراكما من المعلومات ونما حجم المتاح منها حاليا "بمعدل بليون مرة عما كان عليه عام 1950 ويقدر النمو مع عام 2010 بمعدل يفوق عشرات المرات حجمه الحالي. "تصبح من مهمات التعليم القدرة على التعامل مع عالم المعرفة اكتسابا وفرزا ونقدا وهضما وانتاجا." وأوضح أن المعرفة أصبحت "أغلى عناصر الانتاج وأكثرها في توليد القيمة المضافة والتي مصدرها شرائح من القوة العاملة ذات تعليم عال ومتطور ومرن للعمل والانتاج. ومع نمو المعرفة وتجددها المتواصل برزت الدعوة إلى التعليم المستمر مدى الحياة." وقال الناشر المصري محمد رشاد المدير العام للدار المصرية اللبنانية في مقدمة الكتاب الذي يعد باكورة سلسلة (آفاق تربوية متجددة) يتبنى اصدارها ان تأصيل المعارف يقع على مسؤولية علماء التربية والعلوم الاجتماعية مشددا على أنهم قادرون على ارساء قواعد تدفع المواطن العربي "على الانتاج المبدع المتميز الذي يثري حضارته والحضارات الانسانية في مسيرة القرن الحادي والعشرين." والكتاب يعالج أكثر من قضية ومن عناوين فصوله (الهجمة الامبريالية على التعليم العربي) و(التعليم بين عبء التراث وضرورات المستقبل) و (من تحديات التنمية في الوطن العربي) و (تدهور المؤسسات التعليمية والثقافية أثناء غزو العراق) في اشارة إلى ما وصفه بالفوضى بعد سقوط نظام صدام حسين واحتلال القوات الامريكية لبغداد في التاسع من أبريل نيسان عام 2003. وفي فصل حمل عنوان (الا التعليم يا بيريس) حذر حامد عمار من برنامج موحد للتعليم قال إن شمعون بيريس رئيس الوزراء الاسرائيلي الاسبق طرحه في منتصف تسعينيات القرن العشرين بهدف "التوصل إلى عمل برنامج تعليم موحد للشرق الاوسط بالكامل بواسطة الكمبيوتر وتحت اشراف إسرائيل." وأوضح عمار أن "أزمتنا (في العالم العربي) مع إسرائيل ليست مقتصرة على إنهاء الاحتلال وتحرير الارض وإنما في نوعية الثقافة العنصرية العدوانية المستعلية لشعب الله المختار. وهنا يتعدى الصراع مجال الحدود ليدخل في مجال الوجود وامكانية التفاعل الانساني المثمر بين الثقافتين (العربية والعبرية). ولن يتحقق ذلك بيننا وبينهم حتى تتخلى إسرائيل نهائيا عن ثقافتها العدوانية المستعلية." كما شكك عمار في الدعاوى التي تهدف إلى اصلاح التعليم "من أجل أمركة العقول" في اشارة إلى رفضه لسيادة نمط تعليم أمريكي في العالم العربي. من سعد القرش/رويترز |