"صندوق" لدعم مسلمي سويسرا أمام القضاء شهدت مدينة زيورخ السويسرية أول تجمع لتأسيس "صندوق دعم القضايا الإسلامية"، شارك في الاجتماع اتحاد المنظمات الإسلامية في زيورخ، وأعضاء من جمعيات ثقافية ذات أصول بوسنية وألبانية وتركية، وبعض الشخصيات العامة من المهتمين بشئون الأقلية المسلمة في سويسرا بوجه عام. وأجمع ممثلو الأقلية المسلمة بسويسرا في الاجتماع الذي عقد الأحد 16-1-2005 على ضرورة إنشاء "صندوق دعم القضايا الإسلامية" الذي يهدف إلى تمويل قضايا مسلمي سويسرا المتعلقة بالممارسات العنصرية ضدهم أمام القضاء السويسري، وجاءت هذه الخطوة بعد أن تبين للعديد من المهتمين بشئون الأقلية أن تكاليف المحامين الباهظة تقف عائقًا أمام الكثيرين من المسلمين يمنعهم من اللجوء إلى ساحة القضاء لإنصافهم. ويطمح المهتمون بشئون الأقلية أن يساعد الصندوق في الحد من الممارسات المعادية للمسلمين. انطلاق الفكرة وكان انطلاق الفكرة على يد الناشط المسلم الدكتور أحمد العيسى، عندما رفع في عام 2002 قضية ضد جمعية "دافيد لمحاربة العنصرية"، يتهمها فيها بالتحريض على العنصرية ضد المسلمين، بعد أن نشرت رسالة مفتوحة إلى أعضاء الحكومة والبرلمان السويسري والرأي العام تطالبهم باتخاذ خطوات ضد ما وصفته بـ"الإرهاب الإسلامي العربي الفلسطيني"، وهو ما يتعارض مع القانون السويسري الذي يمنع التحريض على الكراهية ضد أي عرق أو دين. وكان من بين المسوغات التي قدمها محامي جمعية دافيد ملف كامل لجميع ما نشرته الصحافة السويسرية من مقالات وتحقيقات تتحدث عن "الإرهاب الإسلامي"، و"الخوف من الإسلاميين" و"التحذير من سيطرة الإسلام على العالم"، وقال الدفاع أمام المحكمة آنذاك: "إن وجود هذا الكم الهائل من المقالات الذي يتحدث عن الإرهاب الإسلامي دون وجود أي رد عليه من قبل المسلمين أو أي اتهام للكتاب والصحف ودور النشر بالعنصرية، يُعَدّ دليلا على صحتها". وقال المحامى: بناء على ذلك فإن جمعية "دافيد لمناهضة العنصرية" لم ترتكب خطأ بتوجيه رسالتها للتحذير من نفس ما نشرته الصحف من قبل، ويبدو أن المحكمة اقتنعت برأي الدفاع فبرأت الجمعية من تهمة الدعوة على التحريض ضد المسلمين، ورأت أن الرسالة هي للتحذير من خطر الإسلاميين، حسب نص الحكم الصادر في 20-12-2004. ولأن هذا الحكم يمثل سابقة خطيرة في القضاء السويسري، ويعطي الضوء الأخضر للهجوم على الإسلام والمسلمين، فقد قرر أحمد العيسى ومحاميه دانيال فيشر المتعاطف مع القضايا الإسلامية والفلسطينية استئنافه أمام المحكمة العليا في زيورخ، فتبين أن الاستئناف يحتاج 10 آلاف فرنك سويسري (الدولار 1.18 فرنك سويسري). ويقول مراسل "إسلام أون لاين.نت": رغم ترحيب بعض الأوساط المهتمة بالعمل في خدمة الأقلية المسلمة بالفكرة، ووصول حجم الأموال التي وعد بعض المتبرعين لإنشاء الصندوق إلى 7700 فرنك سويسري خلال ساعات قليلة من الإعلان عن تأسيسه، فإن تفعيله بشكل مؤثر يتطلب عدة خطوات. أولى هذه الخطوات أن يكون الصندوق في إطار مقنن، حتى لا يتم استغلاله في أغراض أخرى غير تلك المخصصة له. أما الخطوة الثانية فهي أن يضم بين العاملين فيه أحد المتخصصين في القانون لدراسة الحالات التي يتوجب على الصندوق تمويلها، وتفادي الدخول في تمويل قضايا خاصة لا علاقة لها بالأقلية ككل. والخطوة الثالثة هي أن يكون العاملون على هذا الصندوق على اتصال وثيق بالهيئات الإسلامية ذات الأهمية مثل الأزهر الشريف والمجلس الأوربي للإفتاء والبحوث ومقره في أيرلندا، واتحاد علماء المسلمين، وأن يستعين بنخبة من العلماء والمفكرين والباحثين لتقييم القضايا التي يواجهونها. وقال الدكتور أحمد العيسى الإثنين 17-1-2005: إنه تحمل مصاريف الجزء الأول من قضيته أمام جمعية دافيد إيمانًا منه بضرورة التحرك، وخوفًا من تمادي ظاهرة الهجوم على الإسلام والمسلمين لتصبح واقعًا لا مفر منه. وأوضح العيسى أنه "لما كان الإسلام هو الدين الوحيد الذي يتعرض لهجوم مباشر ومتوالٍ من الإعلام السويسري وبعض الأحزاب اليمينية فقد كان من الضروري وضع الأمر أمام القضاء". أما دانيال فيشر المحامي المسئول عن القضية فقال: "الحكم الأول ليس نهاية المطاف؛ لأن به العديد من الثغرات التي سيركز عليها في دفاعه أمام محكمة الاستئناف". ويقول مراسل "إسلام أون لاين.نت": إن الأقلية المسلمة في سويسرا تتطلع لمساعدة المؤسسات الإسلامية ذات النفوذ (أيًّا كان مكان تواجدها) في تلك القضية، من خلال شهاداتها وتوصياتها التي يمكن للدفاع أن يستخدمها في مرحلة الاستئناف، إذ إن تثبيت الحكم سيكون بمثابة صك للسماح بالهجوم على الإسلام والمسلمين. من جهته رحّب عبد الحفيظ الورديري المتحدث باسم المؤسسة الثقافية الإسلامية في جنيف بفكرة إنشاء صندوق دعم القضايا الإسلامية، وقال: "إنها خطوة إيجابية يجب تشجيعها لدعم تحريك القضايا التي يتعرض لها المسلمون"، وطالب أيضًا بأن تكون في إطار جهاز له صفة قانونية، حتى يكتسب عمله الشفافية. وكان تمويل القضايا المتعلقة بالشأن الإسلامي في سويسرا يتم بالجهود الفردية أو من خلال حملات جمع تبرعات تكون مقتصرة على حالة بعينها مثل مساهمة الأقلية المسلمة في جنيف في قضية معلمة سويسرية أرادت ارتداء الحجاب بعد إشهار إسلامها، ففصلتها الإدارة التعليمية، وبلغت تكاليف القضية آنذاك 80 ألف فرنك سويسري. |