مؤتمر الرياض: مكافحة الإرهاب مهمة دولية شدّد المشاركون في المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب في ختام أعماله بالعاصمة السعودية الرياض الثلاثاء 8-2-2005 على ضرورة اعتبار الأمم المتحدة المنبر الأساسي لتعزيز التعاون الدولي ضد الإرهاب، وصادقوا على مقترح سعودي بإنشاء مركز دولي لمحاربة الإرهاب مقره في سويسرا. ويمثل هذا التوجه اختلافًا عن توجهات الولايات المتحدة الأمريكية التي تسعى لمنح نفسها صلاحيات ومفاهيم منفردة تتجاوز الأمم المتحدة والمجتمع الدولي في حربها التي أعلنتها على الإرهاب؛ إذ يرى الكثيرون أن هذه الحرب الأمريكية جرى شنها على الشعوب (خاصة الشعبين الأفغاني والعراقي) وليس على الإرهاب. وجاء في البيان الختامي للمؤتمر الذي تلاه الأمير خالد بن سعود آل سعود الأمين العام للمؤتمر أن الدول المشاركة في المؤتمر تؤكد أن "الأمم المتحدة هي المنبر الأساسي لتعزيز التعاون الدولي ضد الإرهاب"، وعلى اعتبار "قرارات مجلس الأمن أساسًا متينًا وشاملاً لمحاربة الإرهاب على المستوى العالمي". واعتبر البيان الختامي أن "أي جهد دولي سيكون قاصرًا عن التصدي الفعَّال لظاهرة الإرهاب إذا افتقد العمل الجماعي والمنظور الإستراتيجي الشامل في التعامل معها". وفي هذا الصدد تبنّت الدول المشاركة اقتراح الأمير عبد الله ولي العهد السعودي بإنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب، وتم تشكيل فريق عمل لبلورة هذا الاقتراح. ووفقًا للاقتراح السعودي فإن مهمة هذا المركز -الذي سيتخذ من سويسرا مقرًّا له- تتمثل في تطوير آليات لتبادل المعلومات والخبرات بين الدول في مجال مكافحة الإرهاب، وربط مراكز مكافحة الإرهاب الوطنية بقاعدة بيانات تتيح أكبر قدر ممكن من تحديث المعلومات وسرعة تبادلها بين الدول. ودعا المشاركون إلى تقوية الإجراءات الدولية الرامية إلى منع الإرهابيين من امتلاك أسلحة الدمار الشامل، وطالبوا الأمم المتحدة بدعم ومساعدة الدول التي تطلب ذلك في مجالات مكافحة الإرهاب، عبر تقديم المعدات والتدريب والمساعدة في بناء القدرات. كما طالبوا الأمم المتحدة بتطوير "معايير لمساعدة قيام الهيئات الخيرية والإنسانية غير الربحية بدورها في تنظيم أعمالها الإغاثية والإنسانية ولمنع استغلالها في أنشطة غير مشروعة". وقد شنّت الولايات المتحدة حملة على العديد من المنظمات الخيرية الإسلامية واتهمتها بأنها تدعم ما تسميه "الإرهاب"، وإثر ذلك اتخذت دول خليجية عديدة إجراءات لزيادة سيطرتها على المنظمات الخيرية العاملة بها. وأنشأت السعودية في فبراير 2004 "الهيئة السعودية الأهلية للإغاثة والأعمال الخيرية في الخارج" بهدف الإشراف على جميع النشاطات الخيرية بالمملكة، وحلت مؤسسة الحرمين الخيرية كبرى الجمعيات الخيرية السعودية غير الحكومية يوم 5-10-2004، بعد أن اتهمتها واشنطن بتمويل "الإرهاب"، كما أوقفت في ديسمبر 2004 نشاط مؤسسة "إدارة المساجد والمشاريع الخيرية". واستمرت أعمال المؤتمر 4 أيام بمشاركة وفود 48 دولة إلى جانب عدد من المنظمات الدولية والإقليمية والمختصين العالميين في هذا المجال. وعقدت خلال المؤتمر جلسات وورش عمل تناولت 4 محاور رئيسية هي: جذور الإرهاب وثقافته وفكره، والعلاقة بين الإرهاب وغسل الأموال وتجارة الأسلحة وتهريب المخدرات، والدروس المستفادة من تجارب الدول في مكافحة الإرهاب، إضافة إلى التنظيمات الإرهابية وتشكيلاتها. ورافق انعقاد المؤتمر إجراءات أمن مشددة، ومُنع الإعلاميون من حضور جلسات وورش العمل. من جانب آخر وضع المشاركون في المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب بالرياض في بيانهم الختامي مهام على الدول وهيئاتها للتصدي لظاهرة الإرهاب. ودعوا تلك الدول إلى تطوير تشريعات وإجراءات وطنية قادرة على منع "الإرهابيين من استغلال قوانين اللجوء والهجرة للحصول على ملاذ آمن، أو استخدام أراضي الدول كقواعد للتجنيد أو التدريب أو التخطيط أو التحريض أو الانطلاق منها لتنفيذ عمليات إرهابية ضد الدول الأخرى". وحثوا وسائل الإعلام في تلك الدول على الامتناع عن نشر المواد الإعلامية الداعية للتطرف والعنف، مؤكدين "أهمية دور وسائل الإعلام والمؤسسات المدنية ونظم التعليم في بلورة إستراتيجيات للتصدي لمزاعم الإرهابيين". معروف أن هناك منشقين سعوديين يعيشون في بعض الدول خاصة في بريطانيا. وشدّد البيان الختامي على أن "الإرهاب ليس له دين معين أو جنس أو جنسية أو منطقة جغرافية محددة"، وأن "أية محاولة لربط الإرهاب بأي دين سيساعد في حقيقة الأمر الإرهابيين". وكان البروفسور "أكمل الدين إحسان أوغلي" الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي قد ناشد في كلمة له أمام المؤتمر المنظمات الدولية "التصدي لهذا التيار الذي يحاول أن يدخل في أذهان الناس أن الإسلام والإرهاب توءمان أو قرينان"، معيدًا إلى الأذهان أن "الإسلام يَعُدّ الإرهاب من أكبر الجرائم والفواحش". صندوق لمساعدة الضحايا وكانت السعودية قد طالبت بإنشاء صندوق لمساعدة ضحايا الإرهاب على أن يمول من الأموال المصادرة من الإرهابيين، إلا أن البيان الختامي لم يُشر إلى مصادقة الدول المشاركة في المؤتمر على خطوة من هذا القبيل. ولقي ما يزيد عن 90 مدنيًّا حتفهم في السعودية، حسب الأرقام الرسمية، بالإضافة إلى 39 عضوًا من قوات الأمن و92 من المسلحين، بعدما تزايدت الهجمات التي يشنها مسلحون على أهداف غربية وحكومية منذ مايو 2003. المصدر إسلام اون لاين |