بلدية سويسرية ترفض منح الجنسية للمسلمين رفضت بلدية مدينة "رايناك" التابعة لمقاطعة "سان جالن" شرق سويسرا منح الجنسية السويسرية لثلاث أسر مسلمة بحجة "قلة اندماجهم" رغم استيفائهم جميع الشروط الخاصة بذلك، فيما اعتبر مخالفا لما تنادي به السلطات علانية من ضرورة دعم الأجانب الراغبين في الاندماج بالمجتمع. وتتكون الأسر الثلاث من 14 فردا ترجع أصولها إلى البوسنة والهرسك، ويعيش بعضها في سويسرا منذ قرابة 20 عاما، وثلاثة أرباعهم من العاملين، كما يتلقى أطفالهم تعليمهم بالمدارس السويسرية. ويشترط القانون السويسري أن يقيم الأجنبي فترة لا تقل عن 12 عاما في البلاد، وألا يكون سبق له التورط في ارتكاب جرائم أو مخالفات مالية، كما لا يتم منح الجنسية بشكل تلقائي للمولودين في سويسرا مثلما هو الحال في دول أوربية أخرى. ورغم استيفائهم الشروط فإن بلدية "رايناك" رفضت منح الأسر الثلاث الجنسية بزعم "قلة اندماجهم وعدم تأقلمهم مع الحياة المدنية السويسرية". وتتكون لجنة منح الجنسية بالبلدية من 234 عضوا، ثلثهم تقريبا من أتباع اليمين المتشدد المناهض للأجانب ومن بينهم المسلمون، ورفض 127 عضوا منح الأسر الثلاثة الجنسية مقابل 107 وافقوا عليها. استياء شديد وأثار هذا الرفض استياء شديدا بين أفراد الأقلية المسلمة التي طالبت بتفسيرات أكثر وضوحا من تلك التي أعلنتها اللجنة. وأعربت عائلة "خليل سوكا" -إحدى العائلات التي تم رفض منحها الجنسية- لإسلام أون لاين.نت عن دهشتها الشديدة لهذا القرار؛ فالزوجة تعمل ممرضة بمستشفى المدينة، والزوج يعمل فنيا بأحد المصانع، كما لم يحدث أن تعرضت الأسرة بأكملها طيلة الـ20 عاما لأي مشكلات، سواء على الصعيد الشخصي أو المهني. وتساءل الابن "مراد" (16 عاما) مستنكرا: "كيف لا أكون مندمجا وأنا مولود هنا وأتحدث لغة البلاد مثل الجميع، ومواظب على دراستي بشكل عادي، وليست لي مشكلات مع أقراني من السويسريين؟!". وتعليقا على رفض منح الأسرة الجنسية قال أحد زملاء مراد في الدراسة لإسلام أون لاين.نت: إنه يتشكك الآن في جدية كلمة "حرية المعتقدات الدينية التي تتشدق بها السلطات السويسرية"، فيما رأى آخر أنه "ليس من قبيل المصادفة أن يكون جميع المرفوضين من المسلمين". أما أسرة "محمدي درويش" -وهي أيضا من البلقان- فتعيش في تلك المنطقة منذ حوالي 15 عاما، ولم يحدث لها أي مشكلات من أي نوع، كما لم ترتكب أي مخالفة قانونية. وقالت الزوجة: إن علاقاتها جيدة للغاية مع جاراتها، وتوطدت على مدى تلك السنوات الطويلة، وأكدت أن جميع السكان من جيرانها مندهشون للغاية من هذا القرار الذي أصاب الأسرة بالإحباط. شعور بالخجل وقالت إحدى جارات أسرة درويش لإسلام أون لاين.نت: إنها تشعر بالخجل من هذا القرار؛ لأن "عائلة درويش التي تم رفض منحها الجنسية لها مواقف إنسانية كثيرة تجاه العجزة وكبار السن من سكان الحي، وذلك دون مقابل". وتابعت قائلة: "أعتقد أن لجنة منح الجنسية تجاهلت هذه الميزة الإيجابية للغاية، التي يتميز بها المسلمون عنا". وأجمع الجيران على أن الأسر ملتزمة بالقوانين السويسرية، وتعطي مثالا على الاحترام للمجتمع السويسري. وسخر بعض الجيران من قرار اللجنة قائلين: "ربما تعني كلمة عدم الاندماج في قرار اللجنة أن أفراد الأسر المعنية لم ترتكب مخالفات بسبب سرعة المرور، أو لم يقم شبابها بأعمال شغب في المدارس أو في مباريات كرة القدم، أو ربما لأن الزوج يعمل بشكل مستمر". وتعيد تلك الواقعة إلى الأذهان حادثة رفض بلدية مدينة "أيمين" وسط سويسرا منح الجنسية لجميع الأفراد التي تعود أصولهم إلى دول البلقان تحديدا على اختلاف دياناتهم، وذلك كنوع من العقاب الجماعي بسبب ضلوع أحد الصرب في اغتيال موظفة بالبلدية، وتعدي آخر بالضرب المبرح على مدرس. ويقول مراسل إسلام أون لاين.نت: إن جمعيات سويسرية حقوقية غير حكومية كانت طالبت مؤخرا بضرورة تعديل قوانين منح الجنسية وعدم ربطها بقرارات تخضع لأهواء القائمين عليها، لكن هذه الجهود باءت بالفشل. فقد عرقلت الأحزاب اليمينية في سبتمبر 2004 مشروع قانون لتسهيل إجراءات الحصول على الجنسية، زاعمة أن من شأن التهاون في هذا الملف أن يسمح بتجنيس أعداد كبيرة من المسلمين البالغ عددهم نحو 330 ألفا بنسبة 4.5% من إجمالي تعداد سكان سويسرا، وفقا لتقديرات رسمية. ويمر طالب الحصول على الجنسية في سويسرا بإجراءات معقدة للغاية، تتوقف أولا على قرار لجنة المدينة أو القرية التي يقيم فيها الأجنبي؛ حيث تختبر الراغبين في الحصول على الجنسية في تاريخ وجغرافية سويسرا، وفي اللغة. كما يتم متابعة سيرتهم الذاتية وعلاقاتهم مع الآخرين، وذلك قبل رفع الملف إلى لجنة المقاطعة التي تتبعها البلدية، على أن يحال في النهاية إلى اللجنة الفدرالية العليا. |