«الحلاقة» العربية في حديث تلفزيوني للرئيس اليمني علي عبد الله صالح منذ فترة على محطة فضائية، علق على مبادرات الاصلاح المختلفة التي تأتي من الخارج وعلى مبادرة الشرق الاوسط الكبير بقوله «إن الافضل أن نحلق رؤوسنا بأنفسنا.. قبل أن يحلقها لنا الغير». ولا أعلم لماذا استخدم الرئيس اليمني مثال الحلاقة؟ ولكن لنتأمل في ذلك. الحلاقة شعبيا هي أداة تحسين وتهذيب للمظهر، وفي بعض البلاد والاحيان يقوم الحلاق بمهام «طبية» أخرى، أحيانا بنجاح وأحيانا بنتائج مأساوية. وهناك طبعا أنواع مختلفة من الحلاقة. هناك الحلاقة الفاخرة التي يتخللها تدليك وحمام بخار وتنظيف بشرة وغسيل شعر وتجفيف بخار وتقليم اظافر أيد وأرجل ومناشف ساخنة ومناشف باردة وفنجان قهوة، اي دلال ما بعده دلال. وهناك طبعا أنواع من الحلاقة اشبه بالمعارك الدموية فكل ما يظهر هو موس قديم مصدٍ في مكان قذر أمام مرآة مشروخة يخرج بعدها الزبون وكأنه كان في مصارعة حرة أو في ملاكمة من الوزن الثقيل. ومؤكد أنه توجد وسائل مختلفة «لتنفيذ» تلك الحلاقة فهناك شفرات بموس واحدة بحاجة لسن مستمر وهناك آلات حلاقة بشفرتين أو ثلاث والآن هناك منتج جديد بأربع شفرات. ولا ننسى الحلاقة الكهربائية والتي تسحب الشعر من الجذور. وليس المجال هنا للشرح عن فن الحلاقة ولكن توضيح أن الحلاقة «ممكنة» بأكثر من وسيلة وأكثر من طريقة ولكن «المهم» أن تتم الحلاقة. ولقد صدق الرئيس اليمني في وصفه بأن على العرب المبادرة (وأهم من المبادرة هو البدء!) في الاصلاح وتنفيذ خطوات واضحة عبر جدول زمني معلن. والسؤال الذي آمل أن يسمح لي الرئيس بطرحه عليه هو: لماذا وصلنا الى هنا؟ ولماذا اصبح الحديث عن الاصلاح بهذا التحسس والحذر؟ ولماذا اضطررنا للصمت سنوات طويلة والعلل ذاتها موجودة أمامنا من دون حراك؟ والآن ننتفض لا للاسراع في الاصلاح ولكن لمنع اصلاح يفرض من الخارج. يا سيدي كل ما أعلمه أن الاصلاح ليس بحاجة الى «دعوة» فليقدم الاصلاح وأنا على يقين أن الشعوب ستقبله. لم يعد يا فخامة الرئيس للشعب العربي غير الحسرة حين يقارن نفسه بالشعوب الاسكندنافية والسويسرية فهو لم يعد يفعل ذلك، فهو أعقل من ذلك، بل اصبح الآن يقارن نفسه مع السنغال وبنغلاديش وكينيا. هي شعوب لا ترتدي البنطال ورباط العنق بل ترتدي ثيابا فضفاضة أو «فوطة» أو في حالات حدود دنيا من ستر العورة ولكن لصوتهم قيمة ولهم الحق في الأمل. للحلاقة يا فخامة الرئيس معنى سلبي يستخدم شعبيا في معظم البلاد العربية بمعنى أن «فلان حلق لفلان» والمقصود بها هنا أنه وعد وأخلف، وكل الأمل أن لا يكون مشروع الاصلاح العربي هو حلاقة من هذا النوع. فلنبحث معا سيدي عن «صالون الاصلاح» ووقتها سنقول جميعا... نعيما نقلاعن (الشرق الاوسط) |