المعارضة الالمانية تزيد من عدائيتها للمسلمين رغم إقدام الحكومة الائتلافية في ألمانيا على تعديل عشرات القوانين في إطار سياسة "مكافحة الإرهاب" التي شكا المسلمون من تعسفها بحقهم وإضرارها بمصالحهم فإن المعارضة الألمانية اتهمت الحكومة بـ"عدم التعامل بجدية مع الإرهاب الإسلامي" وطالبت بجملة تعديلات قانونية جديدة أكثر تشددا في التعامل مع المسلمين. فقد شن أعضاء الاتحاد المسيحي المعارض (الحزبان المسيحيان الديمقراطي والاجتماعي) خلال جلسة البرلمان الاتحادي الألماني (البوندستاج) الجمعة 15-4-2005 حملة انتقادات عنيفة ضد سياسة الحكومة الائتلافية في مكافحة الإرهاب، واتهموا "مركز مكافحة الإرهاب" الذي أنشئ عام 2004 بالفشل في التعامل مع المخاطر التي تحدق بأمن البلاد، وعلى رأسها "الإرهاب الإسلامي". ومنذ ديسمبر 2004 يعكف خبراء من إدارة المباحث الجنائية وهيئة حماية الدستور (مناظر لجهاز أمن الدولة بالدول العربية) وعدد من الهيئات الأمنية الأخرى في "مركز مكافحة الإرهاب" في برلين على مراقبة وتحليل البيانات التي ترد من الجهات الأمنية ومتابعة أنشطة العناصر التي يشتبه في أنها تضر بالأمن العام، إلا أن الاتحاد المسيحي يطالب بإنشاء مركز آخر "أكثر تعمقا في دراسة الأوضاع الأمنية في ألمانيا" على حد وصف نوابه بالبوندستاج. وقالت صحيفة "فرانكفورتر نويه بريسيه" الألمانية في عددها الصادر السبت 16-4-2005: الائتلاف الحاكم (المكون من الحزبين الاشتراكي والخضر) رفض مطلب المعارضة، متهما الاتحاد المسيحي بأنه "يريد إزالة الحدود بين الشرطة وأجهزة المخابرات". قوانين جديدة وعلى موقعها على شبكة الإنترنت تقول كتلة الاتحاد المسيحي بالبوندستاج: "إذا كان الأمر يتعلق بمكافحة الإرهاب والحفاظ على أمن البلاد فيجب ألا يكون هناك تخاذل من المسئولين أو تخدير للجماهير بالقول إن كل شيء تحت السيطرة"، في إشارة إلى تصريحات "أوتو شيلي" وزير الداخلية أكثر من مرة في هذا الشأن. وتحدث "الاتحاد المسيحي" عن نشاطات من أسماهم "المتشددون الإسلاميون" قائلا: "من غير المعقول أن يتنقل الأجانب الذين يقيمون إقامة شرعية في ألمانيا بين معسكرات تأهيل الإسلاميين داخل وخارج ألمانيا"، فيما وصفه بأنه "سياحة الإرهاب". وطالبت الكتلة بجملة من الإجراءات "لمواجهة سياحة الإرهاب"، من بينها "منع الأنشطة السياسية وإلغاء الإقامات ومنع حق الطعن في قرارات الترحيل والإبعاد خارج حدود الدولة، والمنع من دخول ألمانيا على كل من يشتبه في كونه ضالعا في أنشطة تضر بالأمن العام". واستحدثت حكومة الائتلاف الحاكم العمل بقانون مكافحة الإرهاب في ألمانيا في يناير 2002، وأدى تطبيقه إلى إدخال تعديلات على 21 قانونا ولائحة تنظيمية متعلقة بالأمن، من بينها قانون الأجانب وقانون حماية الحدود وقانون تنظيم هيئة حماية الدستور، وجميعها يمنح صلاحيات واسعة في التحريات وتقصي المعلومات بشأن المشتبه بهم بهدف منع حدوث هجمات ضد أهداف بألمانيا. ويقول مراسل لـ"إسلام أون لاين.نت" معني بالشأن الألماني: إن أكثر فئات الأجانب تضررا من هذا القانون هم المسلمون، رغم عدم تعرض ألمانيا لأي هجوم ثبت أن إسلاميين متورطون فيه، وهو ما يؤشر على سيطرة الهاجس الأمني على توجهات الحكومة في تعاملها مع الأجانب. مداهمات واسعة واستنادا لتلك القوانين الجديدة شنت الشرطة الألمانية حملات مداهمة واسعة على مدى الشهور الماضية ضد مساجد ومنازل وشركات تابعة لمن وصفتهم بـ"المتشددين الإسلاميين"، كان آخرها حملات متزامنة يوم الخميس 14-4-2005 في 6 ولايات ألمانية (بادن فيرتمبرج وبريمين وساكسونيا السفلى وهامبورج وبافاريا)، تم خلالها اعتقال رجلين أحدهما تونسي والآخر مصري في مدينة ميونيخ بتهمة غسيل الأموال، والتهرب من الضرائب. وادعت مصادر بالشرطة الألمانية أن الأموال المستخدمة في تلك العمليات غير الشرعية كانت توجه لدعم أنشطة جماعات إسلامية خارج ألمانيا. وانتهز "جونتر بيكشتاين" وزير داخلية ولاية بافاريا هذه الحملات ضد "الإسلاميين" للرد على المعارضة؛ معتبرا أنها دليل آخر قدمته الحكومة بأنها حازمة في التعامل مع الإسلاميين، حسبما ذكر الموقع الإلكتروني لوزارة داخلية بافاريا. "استعداد للتعاون" من جانبها أصدرت "الهيئة الإسلامية" في ألمانيا بيانا الخميس عبر الموقع الإلكتروني لـ"المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا" أكد فيه استعداده التام للتعاون مع الشرطة لتسهيل عمل عناصرها. إلا أن البيان الذي وقعه إبراهيم الزيات رئيس الهيئة قال: "رغم استعدادنا للتعاون مع الشرطة فإننا لا نعرف كيف نوضح لأفراد الجالية الإسلامية وأعضاء الهيئة لماذا تتعرض المساجد للهجوم بصورة غير مسئولة بدعوى أعمال التحريات". وحذر الزيات من أن مثل هذه الحملات تزيد من حالة عدم الثقة القائمة في المجتمع الألماني تجاه المسلمين وأن مثل هذه الحملات تؤثر سلبا على جهود الاندماج. ويبلغ إجمالي عدد المسلمين في ألمانيا نحو 3 ملايين و200 ألف مسلم؛ وهو ما يمثل نحو 4% من إجمالي عدد السكان الذي يقدر بنحو 82 مليون نسمة |