الأحد, 28-أبريل-2024 الساعة: 11:38 م - آخر تحديث: 11:25 م (25: 08) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
المؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
بنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!
راسل القرشي
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
تطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م
إياد فاضل
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
عربي ودولي

السفير - اللبنانية

المؤتمر نت - صحيفة السفير اللبنانية
فهمي هويدي -
التدرج هو الحل
عندي كلمتان في ما يخص <<إشكال>> استيعاب التيار الإسلامي في الحياة السياسية، المعلق دون حل منذ نصف قرن في مصر. وهو الإشكال الذي طفا على السطح في أجواء حديث الساعة عن الإصلاح السياسي، حتى لم يخل الأمر من تلويحات ومبادرات خارجية حاولت أن تستخدم الملف كي تكسب به نقاطاً لصالحها.
توحي شواهد عدة بأنه تم تجاوز السؤال: هل يستوعب ذلك التيار أم لا، واستبدل بأسئلة مغايرة في اتجاه آخر من قبيل: كيف ومن ومتى. ذلك أن تجربة نصف قرن في مصر دلت على أن ثمة حقيقة يتعذر تجاهلها، وهي أن ذلك التيار موجود على خريطة الواقع، وان التعامل معه في إطار الشرعية أقل كلفة بكثير من المغامرة بإبقائه خارج الشرعية، وهو ما أكدته خبرة العقود الثلاثة الأخيرة.
ولا مفر من الاعتراف بأن مصر تأخرت في تعاملها مع ذلك الملف، الذي سبقتنا إليه دول أخرى في المنطقة العربية، مثل المغرب والجزائر والأردن ولبنان واليمن والسودان وفلسطين. كما أن استيعاب فصائل ذلك التيار حاصل في دول إسلامية خارج النطاق العربي، مثل تركيا وباكستان وماليزيا وإندونيسيا. وأياً كانت ملابسات التأخير المصري ودواعيه، فأن يطرح الموضوع ويستدعى ملفه متأخراً، يظل أفضل من تأبيد حجبه بحيث لا يطرح أبداً.
وإذا جاز لنا أن نتصارح، فينبغي أن نقرر بأن فكرة إقصاء أي تيار سياسي يحترم الشرعية، وله جذوره وجماهيره على أرض الواقع، أصبحت في زماننا من بقايا عصور <<الجاهلية السياسية>>. ولا تبتعد كثيراً عن خطايا ذلك العصر فكرة الإصرار على فرض الوصاية على المجتمع وسحب الثقة من جماهيره ومن القانون، والادعاء بأن السلطة وحدها هي التي تحتكر إدراك المصلحة العامة، وهي التي تقرر الفئات التي لها حق المشاركة في العمل العام، وتلك التي تحرم من المشاركة، ومن ثم يحكم عليها <<بالموت المدني>>، الذي كان معروفاً في عصر الإمبراطورية الرومانية.
وإذا ذهبنا إلى أبعد في المصارحة فينبغي أن نعترف بأن هذا الوضع تم التعامل معه خارجياً باعتباره ثغرة ونقطة ضعف، استثمرتها بعض الأطراف في الضغط ولي الذراع، حتى ظل مصطلح <<القوى السياسية المحجوبة عن الشرعية>> عنواناً ثابتاً في الادعاءات التي تطلق بين الحين والآخر، للتشهير والابتزاز والإكراه السياسي.
اختلف الأمر حين انفتح في مصر مؤخراً باب الحديث عن الإصلاح السياسي، إذ ما لبثت عملية استيعاب التيار الإسلامي في العملية السياسية أن طرحت نفسها عند الذين يأخذون قضايا الإصلاح على محمل الجد، فتابعنا عبر وسائل الإعلام تصريحات رسمية عبرت عن اجتهاد في الموضوع ارتأى مثلاً أن يتم استيعاب عناصر ذلك التيار من خلال الأحزاب الأخرى. كما تابعنا تعليقات عدة تبنت الدعوة إلى الاستيعاب، بعضها نشر على صفحات <<الأهرام>> لنفر من الكتّاب وخبراء مركز الدراسات الاستراتيجية. وكان ما كتبه سلامة أحمد سلامة (في <<أهرام>> يوم 12/5) أحدث ما نشر في ذلك الاتجاه، حيث تحدث عن <<ضرورة علاج الظاهرة المرضية المزمنة التي أعاقت الحياة السياسية المصرية، وذلك عن طريق استيعاب أو دمج حركة الإسلام السياسي في الحياة السياسية، كحزب مدني غير ديني>>، كما انتقد إهمال هذه المسألة في الداخل، حتى <<ترك لأطراف خارجية حرية الابتكار والمبادرة فيها، همساً أحياناً وبصوت عال أخيراً>>.
الكلمة الأولى التي عندي في الموضوع تنصب على الالتباس الحاصل في ما يتعلق بالوضع القانوني للمسألة. حيث الشائع في أوساط النخبة أن القانون لا يجيز استيعاب التيار الإسلامي في منظومة الأحزاب الشرعية القائمة في مصر. وثمة بحث قانوني مفصل لهذا الموضوع أعده المستشار طارق البشري في عام 91، حين كان نائباً لرئيس مجلس الدولة ورئيساً لهيئة المفوضين. إذ أحيل إلى الهيئة وقتذاك (عام 89) طعن من وكيل مؤسس حزب الصحوة (يوسف البدري)، ضد رئيس لجنة شؤون الأحزاب، بعد قرار اللجنة الأخيرة رفض إنشاء أحزاب. وكان عليها أن تحدد موقفاً من الطعن، الأمر الذي دفع رئيسها المستشار البشري إلى إعداد بحث في الموضوع، أبرز فيه النقاط التالية:
 أن الباب الأول من الدستور المصري أورد مجموعة من المواد التقريرية والتوجيهية يعنينا منها في السياق الذي نحن بصدده النص على أن الإسلام دين الدولة، وان مبادئ الشريعة الإسلامية تمثل المصدر الرئيسي للتشريع. وثمة نصوص أخرى تعلقت بطبيعة نظام الدولة، وأشارت إلى ممارسة الشعب لسيادته وحمايتها، وصونه للوحدة الوطنية.. الخ.
 في الفقه القانوني فإن الأحكام التقريرية والتوجيهية للدستور، لا يراد بها فقط تثبيت الملامح القائمة، ولكنها أيضاً ترسم سياقاً وحركة لمستقبل نشاط ومؤسسات الدولة والمجتمع بأسرها. كما أنها تحدد المقاصد العامة لأصول الشرعية التي تقوم عليها الدولة والمجتمع. وهو ما يعني أن النصوص التوجيهية تعين المسار لسياسة التشريع المستقبلة، وللمؤسسات الرسمية أو الأهلية التي تعمل لتقرير هذه السياسات.
 لما كان من المسلم به أن المشرع منزّه عن التناقض والعبث في صياغته لمواد الدستور، فينبغي أن نسلم بناء على ذلك بأنه عندما يورد واجبين، فإن الضِّدية تصبح مرفوعة بينهما. لان الضدية تعني التنافي، إذ لا يقوم واجب منفي، يؤمر به المرء وينهى عنه في الوقت ذاته. من ثم فإن الدستور حين أورد في صميم أحكامه التوجيهية أن الإسلام دين الدولة وأن الشريعة المصدر الرئيسي للتشريع، وغير ذلك مما يؤكد الإسلام كأصل للشرعية ومعيار للاحتكام وإطار للمرجعية، ولما كان الدستور قد أورد كذلك أن الوحدة الوطنية أمر يتعين تأكيده وصيانته وإبعاد ما يتهدده، فذلك مما له مغزاه البالغ الأهمية. إذ انه يقودنا إلى القول بأنه لا منافاة ولا تعارض بين الإسلامية والشريعة الإسلامية من جانب، وبين الوحدة الوطنية من جانب آخر. كما انه يلزمنا إدراك أن واضع الدستور بما وجه إليه في هذين الأمرين، إنما رأى أن في وجود أيهما ما يزكي وجود الآخر ويدعمه، لا ما ينفيه أو يضعفه.
مما سبق استخلص المستشار البشري أمرين هما:
 أن الأحكام التوجيهية هي دعوة الدولة بكل مؤسساتها الرسمية أو المجتمع بكل قواه ومؤسساته الشعبية، لان تترسم في نشاطها تحقيق ما أفصحت عنه تلك الأحكام.
 أن لا حجية للقول بأن في إسلامية الدولة، أو مصدرية الشريعة الإسلامية ما يمس الوحدة الوطنية، إلا أن يكون قولاً يحكم على الدستور بالتناقض أو يجهل بعض أحكامه.
ماذا عن نص قانون الأحزاب على عدم قيام الأحزاب على أساس طبقي أو طائفي أو على أساس التفرقة بين الجنس أو الأصل أو الدين أو العقيدة؟
في استجلاء المسألة قال رئيس هيئة مفوضي الدولة انه يتعين قراءة هذه المادة في ضوء نص توجيهي سابق عليها في القانون ذاته، تحدث عن إسهام الأحزاب في تحقيق التقدم <<على أساس الوحدة الوطنية وتحالف قوى الشعب العاملة والسلام والاشتراكية والديموقراطية.. الخ>>. وبمقتضى هذا النص الإرشادي فليس مقصود الشرط منع الأحزاب من أن تقوم للمطالبة بما تتصور انه حقوق لبعض فئات المجمع أو فئات الشعب أو طوائفه وطبقاته، وإنما المقصود ألا تجري تزكية وحدات الانتماء الفرعية، بما يجعلها الأساس في تصنيف المجتمع وجماعاته وقواه، الأمر الذي يهدد بتصدع الانتماء الوطني الاشمل. بكلام آخر، فليس الممنوع في التكوين الحزبي طبقاً للقانون تبني مطالب الفئات والشرائح المختلفة التي يتألف منها المجتمع، إنما الحظر يتعلق بألا يقوم الحزب على أساس من صدع وحدة الانتماء الوطني العام، التي تقوم عليها الدولة.
هكذا، ففي بلد يزيد المسلمون فيه على تسعة أعشار سكانه، طبقاً للإحصاءات الرسمية منذ عرفت تلك الإحصاءات، لا يقوم وجه للقول بأن <<أسلمة>> المجتمع تشكل وضعاً طائفياً. هكذا قرر رئيس هيئة مفوضي الدولة، ثم أضاف أن: الحكم هنا لا يرد من الحقيقية الاجتماعية وحدها، إنما يرد أيضاً عن الحقيقة الدستورية والشرعية، بحسبان أن الدستور يقر في صدر أحكامه بإسلامية الدولة. ويقر بالشريعة الإسلامية كأصل للشرعية. ولا يصح في الإفهام القول بأن الدستور ينظم وضعاً طائفياً. لان الدستور هو أول تعبير تشريعي عن الأصول المرجعية للمجتمع. وإذا كانت <<الإسلامية>> لا تعبر في الدستور عن وضع طائفي، فإن ما ورد في قانون الأحزاب من حظر قيام الحزب على أساس طائفي (أو غيره)، لا يشكل حظراً متعلقاً بالدعوة لإسلامية المجتمع أو الدولة، المنصوص عليه والمقرر بالدستور. ذلك انه لا يصح بأي معيار أن يمنع قانون الأحزاب ما أوصت به وأرشدت أحكام الدستور. إذ غير مقبول عقلاً أن يقوم القانون بسد ذرائع إعمال أحكام الدستور، بل حري بالقانون أن يفتح الذرائع أمام ذلك الإعمال.
جدير بالذكر في هذا الصدد أن قانون الأحزاب الذي حظر قيامها على أسس طائفية أو طبقية، نص أيضا (في مادته الرابعة) على ألا تعارض مبادئ الحزب وأهدافه مبادئ الشريعة الإسلامية، التي هي المصدر الرئيسي للتشريع. حيث لا يصبح في العقول أن يحظر القانون الأمر ونقيضه، فيحظر التعارض مع الشريعة الإسلامية، ويحظر الدعوة إلى نظام يستخلص منها. أو يحظر الدعوة إلى تطبيقها! كذلك ينبغي التعامل مع مفهوم لفظ <<الطائفي>> المحظورة قيام الأحزاب على أساسه، باعتبار انه لا يشمل ما يقوم من البرامج والمبادئ المتعلقة بإسلامية المجتمع والدولة ونظمها. علماً بأن لفظ <<الطائفي>> لم يرد متصلاً بالدين أو العقيدة أو المذهب لا في قانون الأحزاب ولا في غيره من التشريعات الأخرى.
بعد استعراض تلك الحجج القانونية والمنطقية، خلص تقرير رئيس مفوضي الدولة إلى انه <<لا يقوم من أحكام قانون الأحزاب حظر لقيام حزب على أساس إسلامية الدولة ونظمها>>.
الجانب القانوني في المسألة مهم بطبيعة الحال، وهو يفتح الباب لتحقيق <<الاستيعاب>> المنشود، لكن الملاءمة السياسية تظل عنصراً في المشهد يتعذر تجاهله. وتلك هي كلمتي الثانية في الموضوع. اذ من الواضح أن حسابات الملاءمة تمثل الكفة الأرجح في التعامل مع ذلك الملف الدقيق. فثمة هواجس لم تتبدد بعد في ما يخص فكرة الاستيعاب، وهذه الهواجس تقوم على عدم الثقة في استقامة ونجاعة السلوك السياسي للجماعات الإسلامية. وبصرف النظر عن الحقيقة أو الوهم في ذلك التقييم، إلا أن أحداً لا يستطيع أن يجادل في انه رائج ومسلّم به في بعض أوساط النخبة، الأمر الذي رجح كفة استبعاد فكرة الاستيعاب، وطرح الإقصاء بديلاً مقابلاً. وأثبتت التجربة أن ذلك كان تأجيلاً للمشكلة لا حلاً لها.
إذا كان هناك توجس من الاستيعاب، وتخوف من الإقصاء، فما العمل؟
لان إبقاء الأمر على ما عليه يعد هروباً من المشكلة ونوعاً من دفن الرؤوس في الرمال، فلا مفر من البحث عن بديل ثالث يتجنب المخاطرة ويفتح الباب للاستيعاب المنشود. بالمناسبة أنبه إلى أن هناك مبالغات كبيرة في شأن احتمالات المخاطرة والمخاوف المرتبطة بها، وهو ما أثبتته تجارب أقطار عدة سبقت الإشارة إليها، أقدمت على عملية الاستيعاب دون أن يترتب على ذلك شيء من المخاوف التي يجري تسويقها في بلادنا.
الحل الثالث الذي أدعو إليه تختزله فكرة <<التدرج>>، التي هي وسط بين الاستيعاب الكامل وبين التغييب والإقصاء. وبمقتضى ذلك التدرج تفتح الأبواب أمام عناصر التيار الإسلامي خلال فترة زمنية محددة، للمشاركة في مجالات العمل المدني والنقابي وفي انتخابات البلديات، وبعد انقضاء تلك الفترة، التي تتحدد بالاتفاق مع ممثلي ذلك التيار، يمكنون من المشاركة في الانتخابات التشريعية. وهو ما يحقق إدماج عناصر ذلك التيار في العمل العام على نحو مرحلي ومتدرج، فضلاً عن انه يوفر الفرصة لاختبار النوايا وتبديد الهواجس، إضافة إلى تراكم الخبرات.
في كل الأحوال، فمن الأهمية بمكان ملاحظة أمرين: الأول أن المشاركة هي التي تؤدي إلى إنضاج الأفكار والبرامج وتطورها، وهذا ما تدل عليه التجربة التركية التي وفرت فرصة لإسهام التيار الإسلامي في العمل العام على مدار ثلاثين عاماً وكان لذلك دوره المهم في تطوير أفكارهم ومشروعهم، حتى اكتسبت عناصر ذلك التيار ثقة المجتمع في نهاية المطاف.
الأمر الثاني الذي أحسبه أكثر أهمية أن قوة مؤسسات المجتمع المدني، التي لا تتوافر إلا في أجواء الحرية الحقيقية، وحدها التي شكل ضماناً لحماية المجتمع من تغول أي سلطة، أياً كانت الأردية التي ترتديها أو اللافتات التي ترفعها. ذلك أن المجتمع القوي إذا لم يستطع أن يكبح جماح أي سلطة متغولة، فبوسعه على الأقل أن يجعل مهمتها أكثر صعوبة وأعلى كلفة.
() كاتب مصري








أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "عربي ودولي"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024