|
يفرس..سجادة للصلاة في محراب ابن علوان قريباً من مدينة تعز تقبع يفرس التي أخذت شهرتها من ضريح الإمام العالم الصوفي أحمد ابن علوان، مزار المحبين والسياح، وضحية بائعي الأوهام، ومهملي التاريخ. قبل 700 عام رقد ابن علوان قرير العين بتعبده ونصرة المظلومين، وحب الناس كبيرهم وصغيرهم، ذكرهم وأنثاهم ، حتى أتت عليه سنوات العصر الحديث ناهشة معالم ضريحه ومسجده الأثريين اللذين باتا ينتظران يوم الانقراض إذا لم تتداركهما أيادي الترميم الملائم لكونهما معلمين تاريخيين، لا أيادي العبث المشوهة لهما باستخدام أساليب الترميم المعاصرة ، رحلة بين حرارة الشوق، واعتصار الألم قمنا بها لمدينة يفرس. زرت يفرس مرات عديدة ولكنها كانت خاطفة ، أما في هذه المرة فقد عزمت أنا وزميلي عبد الهادي ناجي مدير مكتب الأيام بتعز إلا أن نستطلع هذه المدينة ونتعرف عليها بشكل اكبر وعن قرب ، كيف لا وهى مدينة تغنى بها الكبار من شعرائنا حيث أضفى الشاعر الكبير عبد العزيز المقالح عليها الواقعية من الصفات والخصائص الحلمية ما يجردها من دلالتها الجغرافية وارتفع بها بلغة مجازية أخاذة إلى مستوى الرمز او الحلم او اليوتوبيا وذلك في قصيدته ( في الطريق إلى يفرس ) حيث اسماها بسجادة للصلاة فكانت " بئر باشا " محطة المغادرة بالنسبة لنا لنقطع ما يقارب أل 25 كيلو متراً في زمن يقارب الساعة مارين بوادي الضباب حيث الخضرة والهواء العليل والجدول الجاري حينها تذكرت الفضول أي - عبد الله عبد الوهاب نعمان وهو يترنم بصوت أيوب وادي الضباب ماءك غزير سكاب كنا نتمنى أن يطول الطريق وذلك لروعة المكان والذي يأسف أي مرء من المرور سريعا فيه ولكن مهمتنا كانت تقتضي ذلك. الآن وجب علينا أن نقطع 5 كيلو مترات في طريق مرصوف خانته الوعود في الماضي وهو الآن في طريقه للتعبيد كي يسهل من عملية الوصول الى المدينة وكما قال لنا مدير المديرية ان هذا الطريق استراتيجي فسفلتته سيكون لها الأثر الايجابي في رفع الجانب السياحي حيث بقاءه كما كان عليه من قبل كان يشكل هما كبيراً للزوار وخصوصا في مواسم الأمطار اما الآن فما هي الا أيام قلائل ويكون الطريق ممهدا حينها ستزداد يفرس في رونقها. والتي ما ان وصلناها حتى تبادر الى أسماعنا السؤال المألوف والذي أصبح ميزة لأهلها فالمُستقبل لك حتما سيوجه لك السؤال التالي ( زائر وإلا مشتكي ؟ ) سؤال لا يحتاج الى الاستعانة بصديق فإما إدارة الناحية كونك شاكيا واما ان يكون هو لك مرشدا اذا كنت زائرا ولجنا المدينة في الصباح الباكر ونحن كلنا شوق لزيارة الإمام العارف احمد ابن علوان فكم سمعت جدتي وهي تردد كلما وقعت على الأرض أثناء طفولتي ( يا ابن علوان - الطف ) نسوا الله فأنساهم أنفسهم طفنا في الجامع برفقة رئيس المجلس المحلي العقيد حاتم عبد الله الجند والذي عبر لنا عن اهمية الجامع كونه معلما اثريا لكل أهل اليمن وان الاهمال والذي أصابه كان نتيجة التقاعس وعدم الاهتمام به حتى ان السياح يلوموننا على هذا التقصير ولكن سنعمل على ترميمه واعادته الى ماكان عليه كوني استلمت المهمة في وقت قريب بناء الجامع اردنا ان نستطلع يفرس ونزور ابن علوان ولكن الحال الذي آل اليه الجامع صار هو الهدف النهائي من الزيارة فالضريح يعتقد بان الملك المظفر يوسف بن عمر بن علي ، هو الذي بناه لما للشيخ من منزلة لدى ملوك الدولة الرسولية ولما جاء حكم الدولة الطاهرية ( 894-923 ) امر الملك عامر بن عبد الوهاب باحداث بعض الاضافات ومن ثم تلتها زيادة ملحقات وصيانة من قبل ولاة وعرب عثمانيين وصف الجامع والجامع هو عبارة عن بناء مربع الشكل طول ضلعه 8.30 مترا يفتح في جداره مدخل عرضه 2.70 مترا وارتفاعه 3 امتار عليه عقد نصف دائري له قبتان كبيرتان وتجاورهما 4 قباب من الجهة الشرقية ومثلها من الجهة الغربية منها صماء واخرى ركنية واحدة تسمى قبة السلام والاخرى توجد فوق الضريح والقباب لاتخرج عن مثيلاتها في الجوامع التي بناها الرسوليون ويفتح مدخل الضريح على قاعة مربعة الشكل وله 4 ابواب رئيسية ومنها باب السلام – الباب الشرقي – الباب العدني الذي عليه المدرج من اسفل القرية وقد تعرضت القباب للتشقق وخاصة الكبيرة منها والاربع التي في الجهة الشرقية وتم اصلاحها بالجص ولكن اثار التشقق مازالت باقية وله منارتان احداهما قديمة كانت تستخدم مئذنة وطولها يتراوح بين 6-7 مترات وله منارة اخرى كبيرة مركبة على شكل حرف واو مصنوعة من الياجور وتحتوي على 3 احواج والرابع الذي فيه هلال المنارة وكذلك القباب التي توجد فوق الحمام البخاري و تظهر عليها فتحات كبيرة نتيجة الاهمال وعدم الترميم وقد توقف استخدام هذا الحمام قبل 30 عاما. ويوجد في باحة الجامع 3 برك كبيرة وتسمى بركة الاسطى وهي تتوسط بين بركة القناديل ، وهذه صغيرة والبركة الكبرى والتي وجد فيها المساتر وعددها 12 وهي عبارة عن حجرة كبيرة تم نحتها من تحت وهي في هيئتها تدل دلالة عميقة على عبقرية الانسان اليمني على مر العصور ومدى مهارته واجادته للفن المعماري وهذه البركة بالذات كما يقول محمد الخامس احد ابناء القرية ويتكلم 3 لغات عالمية ان السياح يصابون بالاندهاش عندما يشاهدون هذه البركة حتى ان بعض السياح الالمان الذين زاروا الجامع وهم جيولوجيون استخدموا جهازاً خاصاً بهم دلل لهم حقيقة الامر ولكنهم عبروا عن استيائهم الشديد من عملية الترميم فكيف يتم ادخال البلاط لترميم معلم اثري. وقد استحدثت عدد من التقاطعات في الاماكن التي كان يستظل بها الزوار وذلك في الجهة الغربية حيث تم انشاء غرف تدور حولها الشكوك والتساؤلات حيث اثرت تاثيرا سلبيا على الجامع بحيث اصبح الطابق الارضي يحمل عبئا ثقيلا وهو مما قد يسهل سقوط الجامع في الزمن القريب وهو مالا نتمناه. تاريخ ولادة ابن علوان وقد بني هذا الجامع تكريما للشيخ احمد ابن علوان وذلك بعد وفاته وقد ولد هذا الشيخ كما تروي كتب التاريخ قبل او بعد عام 600هـ في موضع يقال له ذي الجنان يقع شمال مدينة يفرس ومنهم من قال انه ولد في قرية عقاقة الواقعة في منطقة صبر وقد شب شبابا حسنا وكان قارئا كاتبا عارفا بالنحو لايخاف في الله لومة لائم ويعد من اشهر الاولياء في اليمن حيث تتوافد اليه الوفود من كل مكان لزيارته وله زيارة كبيرة تتم في اول جمعة من رجب ولازدياد حب الناس له واعتقادهم به ذهب البعض منهم الى تقديسه فقد انتزع رفاته الامام احمد عام 1939 م ونقله الى مدينة تعز ودفن في موضع لايعرفه احد وهو ماينكره القائمون على الجامع كون الاعتراف بذلك سيؤثر عليهم حيث جعلوا من زيارته عملا تجاريا ولايتاونوا في ادخال السياح للنظر الى التابوت الذي يوجد في الجهة الغربية من الضريح بجوار المدخل والذي هو عبارة عن تركيبة رخامية مصنوعة من الخشب عمله الامام احمد وغطاها بالقماش الاخضر وزين بكتابات عليها عبارات التوحيد والبسملة وكذلك اسم الشيخ وكما اسلفنا يسمحون له بالدخول مقابل حفنة من الدولارات دون وازع ديني أو ضمير. وقد تم بناء جدار احتياطي في الجهة الغربية للجامع من الاسفل للحماية وذلك قبل 270 عام وقد ظهرت عليها معالم الاندثار كون المياه الغائرة والتي تنزل اليها جراء استخدام البلاط في عملية ترميم باحة الجامع قد تسببت في الرطوبة التي تظهر عليها حاليا. وفاة ابن علوان وقد توفي الشيخ احمد ابن علوان في ليلة السبت العشرين من رجب سنة 665هـ وترك وراءه العديد من الخطب المنبرية وكتب اخرى مثل وداع رمضان والهواية في علم الغيب وكنز العرش والبحر المحيط وقد اشتهر بالمراسلات التي كانت تتم بينه وبين ملوك الدولة الرسولية كان يحثهم فيها على رفع الظلم عن الناس ومن قوله في احدى مراسلاته ( وظلمتكم سيئاتكم في الدنيا وسيئات انفسهم في الاخرة فاحتسبوا ماصار اليهم، ولاتكونوا على ظلم اخوانكم لهم اعوانا قتكونوا لهم اتباعا يوما القيامة واخوانا ..) وكان هنا يتحدث للفئة المعاونة للحاكم الظالم ومن هنا يتجلى موقف الناصح والمدافع عن الحق وقد استوعب ابن علوان حقيقة الدعوة الصوفية قبل ان يؤسس مدرسته ذات الخصوصية ولان المثل يقول ابن الوز عوام فقد اغترف ابن علوان العلم من ابيه الذي كان يعمل كاتبا للملك الرسولي وهو بهذا قد وصل الى مرحلة رفيعة من الطهارة جعلته يساوي بين الذهب والتراب. مياه الجامع وتتم تغذية الجامع من حوض مائي يتواجد على بعد 1.5 كيلو متر الى الغرب ويتم ايصال المياه عبر ساقية تخترق جبلين تسمى ( الهدارة ) وهذا الممر الذي ينفر بين الجبلين بامكان الشخص ان يمر فيه ويستغرق الدخول منه والخروج ساعة ونصف كما يقول اهل المنطقة وبهذا الوصف الخاص للجامع فهو يحتاج الى ترميم متكامل ولكن تقاعس مكتبي الاثار والاوقاف جعل المجلس المحلي بالمديرية يطالب بتشكيل لجنة من المكتبين لدراسة وضع الجامع . وجهة نظر السياح يقول محمد الخامس ان عدداً من السياح الانجليز وعدوه بتقديم مليوني دولار لاصلاح الجامع وانهم سيحضرون في شهر يوليو القادم لكنه غير متاكد ولكن اذا وفوا بوعدهم فانه سوف يسلم الامر لرئيس المجلس المحلي لكن المشكلة تكمن اذا لم يأت هؤلاء الناس فهل ننتظر سقوط الجامع. تساؤلات مثارة و كان اهل المنطقة يلحون علينا بتوجيه اسئلة عديدة وخصوصا لقيَم الجامع والذي يحملونه كامل المسئولية عن الوضع الذي آل اليه الجامع وهنا نحن ننقل تساؤلاتهم عسى يستفيد منها او يبحث عن اجاباتها القائمون على الاثار وكذلك المديرية ومن هذه الاسئلة ؟ أين القدر ياقيم؟ لماذا تم استحداث التقاطعات في الجامع ؟ لماذا تم السماح بترميم الجامع بالبلاط رغم انه اثري ؟ لماذا يتم إيكال مهمة حماية الجامع لاناس بدائيين ؟ من سيحمي الزوار والسياح من عملية الابتزاز التي تمارس معهم من قبل بعض الجهلة من الناس ؟ هل صحيح ان ابن علوان يشفي مرض العقم عند النساء ؟ من سيعيد للذين تعرضوا لهذا النصب اموالهم بحجة ان ابن علوان رفض ان يشفي مرضاهم ؟ من سينقذ الزوار مما يقوم به من يسمون المناصيب ؟ ومن نًصبهم ؟ ولماذا ؟ خصوصا وانهم يشكون من قلة رواتبهم ويتباهون في مبانيهم *** في الاخير يبدو ان هناك اشياء تحدث برئ منها ابن علوان كبراءة الذئب من دم ابن يعقوب تمارس ضد المغلوبين على امرهم دون رادع او ضمير فمن ياترى سيعيد لابن علوان مكانته ويحميه من النصابين والذين يسلبون الناس أموالهم ويستخدمونه ذريعة بذلك ***** مع اعلان الشمس قرب موعد الغروب كان لنا نحن أيضا ان نعلن العودة فبعد ان كنا مبتهجين في صبحنا اذ بنا نعود والحزن يعتصرنا كون اهم معلم اثري في طريقه للرحيل عبثت به ايدي الجهلاء وتركه العقلاء وكأن الأمر لم يكن. عدنا وزخات المطر ترافقنا نحمل في جعبتنا تلكم الأسئلة والإجابة عنها ستنبئ عن الكثير من الخبايا والتي نابى ان نذكرها هنا بل نتركها للمختصين كي يدركوا مدى الغفوة التي وصل إليها العديد من الناس وكيف ان أولياءنا الصالحين لم نتركهم ينامون امنين وان هناك من يشوه سمعتهم وهم في قبورهم فهل من منقذ. |