الأربعاء, 09-أبريل-2025 الساعة: 07:53 م - آخر تحديث: 07:07 م (07: 04) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
30 نوفمبر.. عنوان الكرامة والوحدة
صادق‮ ‬بن‮ ‬أمين‮ ‬أبوراس - رئيس‮ ‬المؤتمر‮ ‬الشعبي‮ ‬العام
الذكرى العاشرة للعدوان.. والإسناد اليمني لغزة
قاسم محمد لبوزة*
اليمن قَلَبَ الموازين ويغيّر المعادلات
غازي أحمد علي محسن*
عبدالعزيز عبدالغني.. الأستاذ النبيل والإنسان البسيط
جابر عبدالله غالب الوهباني*
حرب اليمن والقصة الحقيقية لهروب الرئيس عبدربه منصور هادي الى السعودية
أ.د عبدالعزيز صالح بن حبتور
البروفيسور بن حبتور... الحقيقة في زمن الضباب
عبدالقادر بجاش الحيدري
في ذكرى الاستقلال
إياد فاضل*
نوفمبر.. إرادة شعبٍ لا يُقهَر
أحلام البريهي*
فرحة عيد الاستقلال.. وحزن الحاضر
د. أبو بكر القربي
ثورة الـ "14" من أكتوبر عنوان السيادة والاستقلال والوحدة
بقلم/ يحيى علي الراعي*
المؤتمر الشعبي رائد البناء والتنمية والوحدة
عبدالسلام الدباء*
شجون وطنية ومؤتمرية في ذكرى التأسيس
أحمد الكحلاني*
ميلاد وطن
نبيل سلام الحمادي*
المؤتمر.. حضور وشعبية
أحمد العشاري*
عربي ودولي
المؤتمر نت - صحيفة الراية القطرية
الراية - ستيفن ميتز -
التمرد الجديد في العراق
أستاذ البحث العلمي ورئيس قسم الإستراتيجية الإقليمية والتخطيط بمعهد الدراسات الإستراتيجية بالكلية الحربية التابعة لجيش الولايات المتحدة.
ذات يوم كتب الفيلسوف الحربي الصيني العظيم سون تسو: إذا عرفت عدوك وعرفت نفسك، فلن تخشي نتيجة مائة معركة . والحقيقة أن غياب مثل هذه المعرفة يؤدي إلي المتاعب، بل والكوارث في كثير من الأحيان. وهذا ينطبق من غير ريب علي الصراع الدائر في العراق حيث أصبح التوصل إلي فهم سليم للمتمردين أمراً حاسماً وعصيباً في ذات الوقت.
ويعكس التمرد العراقي الحالي إلي حدٍ ما حالات التمرد التاريخية السابقة. فالنزاع عبارة عن مسرح مسلح حيث يشتبك كل الخصوم في ذات الوقت في صراع عنيف، ويبعثون برسائل إلي جمهور أكثر اتساعاً، وعلي نحو خاص الشعب العراقي. وككل حالات التمرد فإن التأييد الشعبي أو الافتقار إليه يحدد النتائج التي سيسفر عنها الصراع.
فضلاً عن ذلك، فمن المرجح أن يكون الصراع مطولاً. فالتاريخ يؤكد أن التمرد متي بلغ ذروته ، فإنه يستغرق عقداً من الزمان أو ما إلي ذلك قبل أن يتم القضاء عليه. ومثل حالات التمرد السابقة، فإن الصراع في العراق صراع يلجأ المتمردون فيه إلي ارتكاب أفعال مروعة بهدف إرهاب عامة الناس، وكشف مواطن الضعف في الحكومة، وإجبار النظام علي الإفراط في العنف فينقلب عامة الناس ضده.
لكن التمرد العراقي ينحرف في مساره عما سبقه من حالات تمرد علي أكثر من نحو أساسي. ذلك أن سياقه الثقافي يختلف عن حالات التمرد التي شهدها القرن العشرون، وعلي نحو خاص استخدام إيديولوجية متطرفة مستمدة من الدين. فعلي النقيض من ذلك كانت حالات التمرد في القرن العشرين تتخذ طابعاً علمانياً في أغلب الأحوال، وكانت تعتمد علي تقسيمات اقتصادية، أو خلافات طائفية، أو انقسامات سياسية عميقة أخري. والحقيقة أن المزج بين العاطفة الدينية والتطرف السياسي يجعل التمرد العراقي خطيراً علي نحو خاص ومستعصياً أمام محاولات القمع.
كما أن السياق الإستراتيجي للتمرد العراقي جديد هو أيضاً. فقد كانت القوي العظمي في القرن العشرين تساند التمرد والتمرد المضاد كنوع من أنواع الصراع بالوكالة. أما الصراع العراقي فهو علي النقيض من ذلك يشكل جزءاً من التمرد العالمي الأول الذي يشهده العالم أو شبكة الصراعات الفردية التي عمل التطرف الإسلامي علي نشرها، والتي يرتبط أغلبها بتنظيم القاعدة علي نحو ما، وبالحرب العالمية ضد الإرهاب. وللمرة الأولي في التاريخ يمنح الإرهاب المتمردين القدرة علي توجيه ضربات مباشرة للجهات الخارجية المتحالفة مع أعدائهم.
علاوة علي ذلك، فإن تنظيم التمرد العراقي والأساليب التي يتبناها، علي الرغم من أنها ليست فريدة، إلا أنها تختلف عما رأيناه في السنوات الأخيرة من القرن العشرين. فلسوف نجد حالات تمرد متعددة تتعايش في الزمان والمكان، وكل منها يسعي إلي تحقيق أهداف مختلفة ويتبني تكتيكات مختلفة.
أحد العناصر المكونة للتمرد العراقي يتمثل في الجهاديين، وبعضهم من الأجانب والبعض الآخر من مواطني العراق، والذين يرتبطون علي نحو مباشر بتنظيم القاعدة، أو علي الأقل يتعاطفون مع نظرته للعالم وفهمه له. وعلي ما يبدو أن الجهاديين يريدون عراقاً علي نمط طالبان يصلح كمعقل للتمرد الإسلامي العالمي الأكثر اتساعاً.
هناك عنصر ثانٍ يتألف من المسؤولين البعثيين السابقين الذين يسعون إلي العودة إلي السلطة. ويبدو أن هذه الجماعة، مستعينة بموارد مالية هائلة، توكل الكثير من عملياتها إلي عصابات الجريمة المنظمة أو المتمردين غير النظاميين الذين يحفزهم الأجر الذي يحصلون عليه أكثر مما تحفزهم الإيديولوجية.
أما العنصر الثالث فيطلق عليه أحياناً القوميون السُنيّون ، لكن هذه العبارة تعد استعمالاً مغلوطاً، حيث أن اهتمام أفراد هذه الجماعة بالعراق كدولة أقل كثيراً من اهتمامهم بفرض هيمنة السُنة علي عراق ما بعد صدام حسين. كما أنهم يستجيبون لما ينظرون إليه باعتباره مظالم ومفاسد موجهة نحوهم شخصياً. ويبدو أن هذه الجماعة تعتمد إلي حد كبير علي البنية القبلية، وصلة القرابة والنسب، وتنظيمات محلية تابعة أخري.
وبينما تمكنت حالات التمرد الناجحة التي شهدها القرن العشرون من تأسيس نوع ما من التسلسل القيادي والأجنحة السياسية، فإن التمرد العراقي يظل عبارة عن شبكة مفككة يعوزها التنظيم. ولا يبدو أن العناصر المكونة المختلفة، علاوة علي التقسيمات الفرعية التابعة لها، تحظي بأي قيادة مركزية. فقد يتعاون البعض منها؛ وقد لا يتعاون البعض الآخر.
وأخيراً، فإن التمرد ككل يظل نَزّاعاً إلي التدمير، حيث يركز علي القضاء علي الحكومة العراقية الجديدة وتخريب النظام الاقتصادي والسياسي الناشئ بدلاً من تقديم البديل المتماسك. ويتشابه التمرد العراقي علي أكثر من نحو مع عصابات الشوارع الحضرية: حيث يشترك الطرفان في عدد من أوجه التشابه علي الصعيدين السلوكي والتنظيمي، ولكن يسعي كل منهما إلي تحقيق أهداف توسعية خاصة ويتولي القيام بعمليات مستقلة داخل نطاق نفوذه بدلاً من العمل وفقاً لخطة أو إستراتيجية رئيسية مشتركة.
النبأ الطيب بالنسبة لأولئك الذين يرغبون في الاستقرار والديمقراطية للعراق هو أن تمرداً نَزّاعاً إلي الهدم والتدمير كهذا التمرد الذي لا هيئة له أو تنظيم لن يتمكن أبداً من الفوز بالمعني التقليدي، أي أنه لن يحل محل الحكومة ولن يشكل نظاماً جديداً. ولكن هناك نبأ سيئ أيضاً، ألا وهو أن تمرداً بهذه الصفات قد يتطور في النهاية ليصبح تمرداً متماسكاً كفؤاً يسعي إلي تحقيق أهداف محددة.
من الواضح أن هذا من شأنه أن يفرض تهديداً أشد خطورة، ولكن حتي التمرد النزاع إلي الهدم والتدمير والذي بلا هيئة أو تنظيم قد يظل حياً ويقف كحجر عثرة أمام الاستقرار والتحول إلي الديمقراطية وتحقيق الرخاء لأعوام عديدة. وإذا ما عدنا إلي القياس فإن عصابات الشوارع لا تستطيع الاستيلاء علي السلطة السياسية، لكنها تستطيع بكل تأكيد أن تُبقي جيرانها في حالة من الخطر الدائم والتأخر والكآبة.
أمام العراق إذاً ثلاثة مسارات: إما أن يتفاقم هذا التمرد الخطير، أو أن تستمر أعمال العنف علي مستوياتها الحالية، أو أن ينحل التمرد. وعلي أقل تقدير، هناك ثلاثة عوامل سوف يتحدد علي ضوئها المسار الذي ستسلكه تلك الأمة الجريحة.
يتلخص العامل الأول في إرادة الحكومة الجديدة. إن حركات التمرد الناجحة لا يتسني لها النجاح إلا بانهيار إرادة الحكومة. وليس من الواضح حتي الآن مدي العزم الذي يتمتع به قادة الديمقراطية الناشئة في العراق.
ويكمن العامل الثاني في المقاومة من جانب المجتمع الشيعي. فهناك من النُذُر ما يشير إلي أن الصبر النسبي لهذه الجماعة قد ينفد قريباً. وإذا ما حدث هذا فإن حرباً أهلية طائفية أشد خطورة سوف تحل محل التمرد.
أما العامل الثالث فيتوقف علي مدي استعداد الجماعات الخارجية الدول أو المنظمات من غير الدول في إطالة بؤس وشقاء العراق من خلال دعم التمرد، سواء علي نحو صريح أو بالتقاعس عن العمل. وإلي أن تعمل دول مثل المملكة العربية السعودية، وسوريا، ودول أخري بجدية علي تجفيف المنابع التي يستمد منها التمرد البشر والمال فلن يحظي العراق بالاستقرار أبداً ولن ينعم بالديمقراطية والرخاء.









أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "عربي ودولي"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2025