ستيواتي: لليمنيين الفضل في تطور إندنوسيا بتلك المفردات وصف الشاعر (ترينيلي سري ستيواتي) - مواليد 27 يوليو1965م - قرية "أمبيل" بمدنية "سوربايا" ، تلك المنطقة التي صارت موطنا لأولئك الناس الذين قدم أجدادهم من حضرموت.. وحضرموت هي إحدى مقاطعات الجمهورية اليمنية المنبثقة عن وحدة اليمن الشمالي (التي كانت عاصمتها صنعاء) واليمن الجنوبي ( التي كانت عاصمتها عدن) في دولة واحدة في 22 مايو 1990م . فالقرية – الواقعة شمالي "سوربايا"- تُعرف باسم قرية ( أمبيل) لأنها تقع بالقرب من قبر ( سنان أمبيل) أحد الزعماء الورعين التسعة الأوائل الذين نشروا الإسلام في "جاوا" بعد قدومه إليها من "كامبا" جنوبي تايلاند. وطبقا لما يرويه السكان اليمنيين فإن حضرموت أسم مشتق من أسم سلالة ( يَعْرُب) أحد أحفاد النبي (هود) ويعتقد أن ( يَعْرُب) قطن المنطقة الجنوبية الجافة والقاحلة من جزيرة العرب. وفي قصيدة ( ترينيلي) المكتوبة بلهجة "السوربايا"، تم وصف السكان ذوي الأصول اليمنية بأنهم المهاجرون أرباب المهارات المهنية البارعة؛ ولكن بعد المقدمات الأولية للإسلام بواسطة ( أسيح Aceh) إلى ما يسمى اليوم بـ"أندنوسيا" قبل مئات السنين، ثم انتشاره في (جاوا) عبر (بابتين) فإن اليمنيين الحضارمة الذي كانوا شغفين بمضغ القات – شجرة ذات مفعول تنشيطي- قدموا إلى إندنوسيا من أجل المتاجرة، والتبشير بالإسلام.. فقد غادروا وطنهم الفقير ذو الأرض القاحلة وهاجروا عبر البحار بحثا عن حياة أفضل.* وبحسب ( فان دين بيرج) - أحد الباحثين الذي وضع دراسة حول الحضارمة في أندنوسيا استغرقت الفترة من 1994م وحتى عام 1886م - فقد كان في ( باتافيا) وهو الاسم الذي عُرفت به (جاكارتا) خلال عهود الاستعمار إماماً من حضرموت يحظى بشهرة يُدعى سعيد حسين بن با بوبكر العيدروس، وكان العيدروس يعظ الناس في ( باتافيا) وعندما توفي عام 1798م دُفن في (لاور باتانج) ، وكان هناك – مثلا- واعظا آخراً من حضرموت يُدعى سالم بن عبد الله سومير. · الاندماج انهمك المهاجرون الحضارمة في مدينة (سوربايا) بأعمال التجارة، وتزوجوا من نساء المنطقة، وكوَّنوا أسراً فيها، وهو الأمر الذي يفسر وجود آلاف اليمنيين الحضارمة في قرية (أمبيل)- وكما هو الحال مع مجتمعات الحضارمة في (سولو) و (جاكارتا) فإن هؤلاء الناس واصلوا العمل بنفس المهن التي توارثوها من الأجيال السابقة من الواصلين الأوائل للمنطقة. إن بعض الحضارة صاروا ضمن الطبقة الأرستقراطية، أو أصبحوا صحفيين ، وأكاديميين- بمن فيهم طارق حداد- محرر صحيفة (تيمبو) الأسبوعية، وعلوي شهاب- الذي يشغل الآن منصب وزير منسق للمعونات الشعبية، وعلي العطاس – وزير خارجية في عهد "سوهارتو" ؛ ومنير – ناشط بحقوق الإنسان، والذي توفي بعد دس السم له على متن رحلة جوية متوجهة إلى هولندا. ويذكر محمد أنيس با رجا وهو حضرمي يعمل كبيراً للمحررين في صحيفة (سوربايا)، فضلا عن كونه أحد مؤسسي ( تحالف الصحفيين الاندنوسيينAJI ) يذكر أن الاندنوسيين الحضارمة اليوم يحظون بشهرة أفضل مما لدى الاندنوسيين العرب كونهم معروفون بأنوفهم الحادة ذات الهيئة الحسنة ويتمتعون بمستوى من المعيشة أرقى مما يحيا به اليمنيون في اليمن. فالغالبية العظمى منهم تجار، وصيارفة، ومُلاك أراضي يتم استئجارها منهم، أو تجدهم أساتذة وعظ ديني؛ كما أن البعض منهم كانوا يتمتعون بمنزلة تقربهم إلى الأمراء الحكام، والسلاطين في أندنوسيا كما لو أنهم ينحدرون من سلالة نبي. ففي ( سومنيب) و ( مادورا) على سبيل المثال كان هناك إمام من حضرموت يُدعى سيد عبد الرحمن البيتي عمل مستشارا للسلطان (باكو ناتا دنينجرات)، إذ أن هذا السلطان الذي حكم ( سومنيب) في الفترة الواقعة بين 1812- 1854م أستأجره ليتولى تعليم أبنائه وأقاربه. · ميول سياسية في الوقت الحاضر عادة ما نجد الاندنوسيين الحضارمة يميلون لأن يصبحوا سياسيين أكثر من رغبتهم في أن يكونوا تجارا . فالكثير منهم انتمى إلى حزب التوعية الوطني (PKB) ، أو الأحزاب الأخرى ذات التوجه الإسلامي المنتمية إلى ( نضالات العلماء NU ) .أما أولئك الذين يعتقدون أنهم لا ينحدرون من نسل النبي، فقد جرت العادة أن ينضموا إلى (المُحمدية) - حزب الشرع الوطني PAN - أو حزب (العدالة الزاهرة PKS ) . أن بعض الحضارمة في مدية ( سوربايا) مازالوا يحملون أسماء عوائلهم، ولكن الشباب الصغار بدءوا يتخلون عن تلك الأسماء على نحو متزايد. فعلى سبيل المثال: محمد أنسي لم يعد يستخدم أسم (با رجا) الذ] هو لقب العائلة في بطاقته الشخصية ، فقد اصبح جزءً من مدينة " سوربايا"، وأمسى يفتخر بأن يُعرف باسم ( أريك سوروبويو) - حسب قوله. ويذكر أنيس: ( رغم ذلك فأنا مازلت أحمل وثائق العائلة، ولقب القبيلة). فقد وُلد أنيس في ( سولو) ، وشغل وظيفة المحرر التنفيذي لصحيفة ( دتيك) المصورة التي تم حظرها في عهد ( سوهارتو). ويقول أنيس أن وثائق العائلة ولقب القبيلة أمور لا يجب الالتصاق بها تماما، فاسم العائلة ليس إلا قطعة ورق تبين أن هذا الشخص الموجود في أندنوسيا من أصل حضرمي، لكن إذا ما سألني أحد عن ذلك فإنني سأخبرة بأن أسمي ( با رجا). أما عبد الله عبد القادر العيدروس الذي يبيع ( الفُوط) والأقمشة في قرية ( أمبيل) فقد ذكر أنه على الرغم من استخدامه لاسم العائلة (العيدروس) إلا أنه فخور بأن يكون أحد المقيمين في ( سوربايا). ومع ذلك فقد أبدى أسفه على استمرار ممارسة التمييز في الوقت الحاضر بحق ذوي الأصول الحضرمية في "سوربايا" ممن وُلدوا وترعرعوا فيها ؛ فالحكومة مازالت تعتبرهم مواطنين من أصول أجنبية، وليس سكان أصليين.. ويقول: (ذات مرة تمت عرقلة الإجراءات الإدارية في إحدى المستشفيات وعملوا لي مشكلة لمجرد أنني من أصل أجنبي). إن التمييز الذي يمارس ضد ذوي الأصول لحضرمية مستمر منذ زمن طويل تقريبا ، فعلى سبيل المثال في عام 1990م سافر أحد الطلاب ذوي الأصول الحضرمية إلى اليمن ليدرس اللغة العربية لبضع سنوات، ثم أخذ الجنسية اليمنية لكنه عندما أراد العودة مجددا إلى إندنوسيا- مسقط رأسه- وجد أنه من الصعوبة بمكان الحصول على تأشيرة سفر إلى إندنوسيا. يقول عبد الله: ( في الوقت الحاضر لم تعد هناك مشكلة في الحصول على مثل تلك التأشيرة للسفر، وأتمنى أن لا تمارس الحكومة أي تمييز بحق الاندونوسيين من أصول حضرمية لأنهم – أيضا- يساهمون في تطوير حركة التنمية في الأماكن التي يعيشون فيها). · المصدر Thejakartapost.com .. بتاريخ 28 يوليو 2005م. .................................................................. * تعليق للمترجم لم تكن هجرة اليمنيين الأوائل إلى إندنوسيا بدوافع ( البحث عن حياة أفضل) نظرا لفقر وطنهم وأرضيتة القاحلة- كما بررها كاتب التقرير- بل أن أول وصول لليمنيين إلى إندنوسيا كان في أوائل القرن التاسع الهجري بأمر من السلطان الأشرف الرسولي، الذي جهز وفودا من علماء اللغة والدّين اليمنيين، وأرسلهم إلى تلك الجهات بغية نشر الدين الإسلامي، وتطوير علومه، وتُعد هذه البعثات بمثابة أول بعثات رسمية توفدها دولة إسلامية لنشر الدين الإسلامي. وفي عام 912هـ أرسل السلطان عامر بن عبد الوهاب بن داود أسطولا حربيا إلى جزيرة ( جاوا ) الأندنوسية للدفاع عنها من الغزو البرتغالي بقيادة (دالميدا) الذي نزل إلى الجزيرة، وهدم مساجدها، وبدأ ينكل بالمسلمين فيها بقطع أنوفهم وآذانهم أو قتلهم. وبغض النظر عن ذلك فإن ارتياد أهالي حضرموت لتلك الجهات يمتد إلى قرون قبل ذلك التاريخ حيث أن سكان حضرموت امتهنوا التجارة، وعرفوا على مدى التاريخ بأنهم أول من حمل التوابل من جنوب شرق آسيا إلى الشرق الأوسط ، وأول من أدخلها الأسواق الأوربية. المترجم : نزار العبادي |