العيــد .. موسم العودة إلى الريف في اليمن العيد موسم العودة الى الريف» هذة العبارة يمكن ان توجز اهم مميزات العيد في اليمن خلال السنوات الاخيرة، حيث تغادر المدن الكبرى، خاصة العاصمة صنعاء وقبيل حلول العيد بعدة ايام افواج ضخمة من سكانها فيما يشبة الهجرة العكسية من المدن الى الارياف للاحتفال بالعيد بين الاهل والاقارب والاصدقاء. فالاعياد باتت السانحة الوحيدة لاستعادة شيء من دفء العلاقات الاسرية والاجتماعية التي خفت وهجها في لجة شواغل الحياة بكل تعقيداتها وتغبيراتها المتسارعة. ولا بد من الاشارة الى ان الاعداد الضخمة التي تهجر المدن اليمنية باتجاه الريف بحثا عن معنى وطعم مغاير للعيد لا تشكل الا هجرة عكسية مؤقتة فهؤلاء ليسوا من سكان المدن اصلا، لكنهم جزء من ظاهرة الهجرة الداخلية الكثيفة التي تنامت بوتائر عالية خلال العقود الثلاثة الاخيرة. وينخرط القادمون من الارياف في عدة انشطة اقتصادية هامشية ويعيشون على هامش الحياة الاجتماعية في المدن وحياتهم من وجهة نظرهم لا تتجاوز حقيقة كونها هروبا من بؤس الريف الى جحيم المدينة طمعا في حياة افضل لاسرهم التي تركوها خلفهم، لذا يجدون في العيد مناسبة للفكاك من حياة المدينة بكل قسوتها من خلال العودة المؤقتة الى قراهم لينعموا بشيء من الراحة وهم يستقبلون العيد وسط اسرهم وذويهم. وتشهد مواقف السيارات في المدن في الاسبوع الاخير من رمضان ازدحاما ملحوظا نتيجة عودة هذة الاعداد الكبيرة من سكان المدن الى الارياف ما يضطر شركات النقل لمضاعفة عدد رحلاتها المعتادة حتى تؤمن وصول هؤلاء الى مقاصدهم في مختلف مناطق اليمن. «الشرق الاوسط» تجولت في عدد من مواقف الحافلات في صنعاء والتقت عددا من المسافرين الى الريف ولاحظت ثمة شعورا بالفرح والارتياح على وجوههم وهم يتدافعون لاخذ اماكنهم داخل الحافلات محتضنين الحقائب والهدايا التي غنموها بعد رحلة عمل شاق ومعاناة حقيقية. علي الحبيشى بائع متجول (20 عاما) اوضح انة يفضل السفر مبكرا تفاديا للازدحام ولقضاء اواخر رمضان مع الاهل، خاصة انة بعيد عنهم طوال العام فعمله المستمر من اجل تأمين احتياجات اسرتة لم يترك لة متسعا من الوقت لزيارة الاهل، اذ صار العيد هو الفرصة الوحيدة. عبد الله العبيدى (30 عاما) قال اشعر بفرحة كبيرة وانا في طريقي الى القرية التي لا تبعد عن صنعاء سوى 50 كيلومترا ومع ذلك لا ازورها الا في العيد، لان العمل وتزايد الاعباء لا يسمح بأخذ المزيد من العطلات، موضحا انة قد يضطر احيانا للعمل حتى في العيد بأجر اضافي لكسب المزيد من المال والاكتفاء بالذهاب الى القرية في احد العيدين. ويضم قطاع المهاجرين الى المدن بالاضافة للعمال وطالبي المهن الهامشية اعدادا كبيرة من طلاب الجامعات الذين يتركزون في صنعاء بشكل اساسي، حيث يوجد اكبر عدد من الجامعات الحكومية والاهلية والخاصة التي تضم نحو نصف مليون طالب 70 بالمائة منهم قادمون من الريف اليمني. ويجد هؤلاء في العيد وغيره من المناسبات فرصة للترويح عن النفس بعيدا عن اجواء المدن الخانقة، خاصة ان معظمهم يواجة صعوبات على مستوى السكن والاعاشة بالنظر للظروف الاقتصادية الراهنة، كما يوضح طالب الصيدلة عبد الرحمن الاحمدي، بقولة انه يقيم في غرفة مع زميلين آخرين ويتناول وجباته في المطاعم، وما يحصل عليه من مصروف من اهله يكفي بالكاد لنفقات الاعاشة والسكن، لذا يجد في السفر بمناسبة العيد فرصة للتمتع بالحياة الاسرية وتناول الاطعمة التي «نحرم منها بسبب وجودنا هنا للدراسة». ولكن ما هي الا ايام وتعاود جموع المسافرين مؤقتا الى الريف رجوعها لوحشة المدن من جديد بعد انتهاء عطلة العيد لتنخرط في دوامة حياة عملية قاسية لا يخفف من وطأتها الا ما حملوا معهم من ذكريات للحظات طيبة قضوها بين الاهل والاصدقاء هي زادهم للايام القادمة وحتى مقدم العيد الكبير، حيث تتاح فرصة اخرى للعودة الى الريف. عن : «الشرق الأوسط» |