الأولياء في عدن..دموع الشجرة وحزن الملكة " كان الحكيم الشعبي والولي التريمي "سعد السويني" يسقي مزرعته في تريم وفجأة جاء رجل يعبث بسواكه بالساقية ويخرقها ممازحاً والسويني يطلب منه أن يكف عن هذا المزاح وهو لا يتوقف فأخذ السويني طينة ورمى بها الرجل الذي انحنى لتقع كتلة الطين على الجدار خلفه رفع الرجل رأسه ضاحكاً ليخبر طلبته أن الذي قذفه بالطينة هو سعد السويني " . كان هذا الرجل هو عبدالله بن ابي بكر العيدروس وأما المكان فكان حلقة الدرس في مسجده بمدينة عدن.. و الحكاية إحدى ما سمعته في حضرموت عن كرامات سعد السويني والعيدروس الذي بلغ الود بينهما والتكريم درجة جعلت العيدروس يحفظ حذاء السويني في صندوقه الخاص كما ذكر صاحب (إدام القوت). لست هنا في معرض التوثيق لتلاشي مسافة الألف كيلومتر الفاصلة بين بلدتي الرجلين ولا لتأكيد ماذكره ابن عبيد الله أن الحذاء الذي في صندوق العيدروس كان لسعد السوني وليس للعيدروس يحفظه بين ثيابه أنا أتحدث عن شهرة العيدروس ومكانته التي جعلت اسمه مقترناً بمشاهير عصره ومآثره ضمن ما يرويه المحبون والمؤرخون من مآثرهم... و هاأنذا بعد ثمانية أشهر أصل إلى حيث وصلت طينة السوني واقف بباب مسجد العيدروس في مدينة عدن وقبالة ضريحه منتظراً الجمع الذي يرافق المنصب وحملة الأعلام الخضراء والمزركشة المكتوب عليها شهادة التوحيد وقد جاءوا من منزل آل العيدروس يرددن قصائد مدح الرسول صلى الله عليه وسلم وأخرى في التوسل بالأولياء الصالحين على نقر الدفوف وزغاريد النساء على الشرفات تقاطع صوت الناي الذي ينساب نغمه من المايكروفون المحمول على الباص الصغير في مهرجان الكسوة الذي يقام أثناء الزيارة السنوية لهذا الولي الشهير التي توافق المولد النبوي ولد الشيخ ابوبكر عبدالله العيدروس في مدينة العلم والعلماء "تريم" الغناء سنة851هـ وتلقي العلوم على يد والده وعمه وغيرهما من علماء تريم وتجول في مناطق الوادي يستجيز العلماء ويعلم طلاب العلم حتى استقر به المقام في عدن عام 888هـ .. حيث ذاعت شهرته وأصبح الإمام العدني الذي يؤمه طلاب العلم والعلماء من جميع الأنحاء وبقي فيها حتى وفاته 913هـ .. كانت وفاة المجتبى شيخ الملا ولد النبي عاماً أتى تأريخــه خيـر إمـام طيـب كان الفتى اليافع يقول لي وهو يريني آثار الدمار الذي لحق بالقبر " هذا جديد وتلك فقط هي الأبواب القديمة لقد كاد المطاوعة أن يقتلوني كانوا يشتمونني ويشتمون العيدروس " . أخذت صورة للتوابيت التي في المقام المكسوة بالقطيفة بينما الرجل الجالس قدامها ينظر إلي بابتسامة أجبرتني على توديعه وأنا اخرج من المقام لم أجرؤ أن اسأل الشاب والفتاة الذين التقيتهما داخلين إلى المقام لم اسألهما عن سبب قدومهما والحاجة التي قصدا لأجلها العيدروس فالخصوصيات في اليمن يكفي التدخل فيها لوقوعك فيما لا تحمد عقباه وهو ذات السبب الذي جعلني ألزم الصمت في المبرز يجلس فيه الوافدون على المنصب ينتظرون منه قضاء حوائجهم ..لقد حاولت لقاء المنصب حفيد العيدروس أكثر من مرة ولم أوفق فالمرة التي كان فيها في المنزل اعتذر فيها بعد طول انتظار على بابه عن مقابلتي بسبب كثافة الزوار الموجودين لديه وطلب مني بواسطة المراسل أن اكتب الأسئلة في ورقة ووعد بالإجابة عليها في اليوم الثاني كتبت له الاسئلة ولم أتمكن من الحصول على الإجابة عليها لهذا العدد وقد تكون موضوعاً لحلقات قادمة حول التصوف وبقية الأولياء الذين لم أتمكن من الكتابة عنهم وعلى رأسهم خادم العيدروس جوهر. نعم الإمام العدني هو العيدروس لكنه ليس المزار الوحيد في عدن فهذه المدينة كسائر المناطق الشافعية المذهب ازدهر فيها التصوف و امتلأت بأضرحة الأولياء وقباب الصالحين وتداول فيها الناس كرامتهم وقصدوهم للتبرك وتقديم النذور و أوقفوا عليهم الأوقاف الكثيرة ليس لأن المذهب بحد ذاته يتبنى التصوف ولكن هذه المناطق غالباً ما عاشت تخضع سياسياً للسلطات القادمة من الخارج أو من المرتفعات وتعاني من استبدادها فحاولت أن تخترع لنفسها سلطات روحية تدفع لها راضية وتتبعها مختارة وتسرب من خلالها رفضها لتسلط القوة محاولة تبرير عجزها عن المقاومة واستلامها لمتطلبات الحياة المعيشية خصوصاً في ظل اعتقاد مذهبي يفرض طاعة كل غالب ما لم يأت بكفر بواح. لقد شكل هؤلاء الأولياء متنفساً روحياً للناس في هذه المجتمعات وأصبحوا يلجئون إليهم في شؤون حياتهم ويجدون فيهم السبيل إلى الاتصال بالقوة الإلهية المطلقة التي تملك الضر والنفع والمنع والعطاء وتقدر على إقامة العدل والإنصاف الذي يفتقدونه لقد ازدهر التصوف على امتداد تاريخه في فترات الاستبداد السياسي وفي أوساط الفئات المغلوبة كتعبير سلمي عن رفض الاستبداد أو بمعنى اصح تبرر الاستسلام له..وأصبح الجانب الديني لنوابغي الفئات الضعيفة من مهاجرين أو موالي كما هو حالا أئمة التابعين الذين جلهم من الموالي الذين لا إمكانية لديهم في دخول الصراع السياسي إلا اتباعاً .. فكان عطاء ومكحول ومالك وعكرمة والحسن وابن سيرين وواصل وسفيان ونافع .. وعدن وسط إسلامي تعايشت فيه الأديان وازدهر فيه التصوف إلى درجة تجدها واضحة من إطلاق أسماء هؤلاء الأولياء على مناطقها فالشيخ إسحاق والشيخ الدويل والشيخ عثمان والهاشمي ولا تزال الأسطورة والكرامة تشكل جزء من بنيتها الفكرية والعقدية حتى اليوم . الشجرة التي بكت قبل عام احتشد الناس ومعهم الشرطة وتوجهوا إلى الشجرة التي تبكي على قبر العثماني وانتشرت الشائعة وتناقلتها الصحف وحين ذهبت إلى المقبرة وجدت الشجرة الباكية مقطوعة لم يكن لها ذنب غير أنها أخرجت بعض الصمغ الذي سماه الناس دموعاً ليأتي بعد ذلك من يعاقبها و يقطعها بدلاً من أن يقول الناس هذا صمغ وكفى ويطلب منهم أن يرفعوا القمامة من المقبرة .. العثماني هذا تنسب اليه منطقة الشيخ عثمان ويقع قبره بجوار مسجده في مقبرة تضم قبوراً من جنسيات متعددة وربما ديانات غير المسيحية لقد وجدت فيها شاهداً رخامياً لقبر مكتوب عليه بالعبرية , كان ملقى على الأرض والقمامة تملأ المقبرة المسجد في حالة يرثى لها وقبة الولي العثماني بجواره قد تحولت إلى ركام يقول صلاح احمد يوسف : " بالنسبة للولي العثماني لا احد يعرف تاريخه والناس يقولون انه عراقي وآخرون يقولون انه شامي وآخرون يقولون تركي وهو الأصوب من وجهة نظري لما اشتهر به العثماني أما المسجد فقد بناه السلطان محمد بن محسن فضل العبدلي بتاريخ فاتحة شهر محرم1284هـ وكان مزاراً يؤمه الناس من دول عديدة مثل باكستان والهند وبريطانيا خصوصاً أن في هذه المقبرة جنسيات متعددة واظنهم مسلمين من رعاية المملكة البريطانية لأن رعاياها المسيحيين لهم مقابرهم المعروفة هنا بالنظافة والمحافظة عليها وحمايتها أما قبور المسلمين فكما ترى لقد كنت أتمنى من الذين خربوا قبر العثماني أن يقوموا بتنظيف المقبرة وبناء سورها وإصلاح بواباتها وترميم هذا المسجد والمحافظة على حرمة الدين وموتى المسلمين فهذا أفضل من نسف القبة بالمتفجرات " كان يريني الزخرفة على محراب المسجد ويقول " ألا يستحق هذا الأثر اهتماماً " وينظر إلى كوم القبة التي دمرها "المطاوعة" ويقول أليس لهذا الميت حرمة لو كان يعبد من دون الله لكان هناك من يقاتل عليه.." خرجت من المقبرة وأنا اشعر بارتياح شديد ليس لوضع المقبرة ولكن لأني لم أكن كاذباً في الاستطلاع السابق عن كنائس عدن حملت أنانيتي هذه متوجهاً إلى ضحية أخرى من ضحايا "المطاوعة" انه الهاشمي هذا الولي الذي تسمى به منطقة أيضا من مناطق عدن قصفوه بالـ آر بي جي لم أتمكن من معرفة شيء عن الهاشمي إلا من اللوحة الحمراء الصغيرة على الباب التي تقول هذا منزل يحيى محمد عبدالله البحر الهاشمي6825 سيدة في البيت بدأت الحديث معي وحين قلت لها أنني صحفي ارتاعت وطلبت مني ورقة الملاحظات التي كنت قد سجلتها وقالت عند وصول إخوتي اطلب منهم ما شئت ولمدة يومين وأنا أعود صباحاً ومساءً وداود يحيلني على إبراهيم وإبراهيم غير موجود لا ادري سر هذا الخوف ما علمته هو أن المطاوعة قاموا في عام 94م بنسف قبة ومزار الهاشمي بالاربي جي و أصابوا بعض الساكنين بجروح وأن رئيس الجمهورية كان قد حول بستة مليون ريال لإصلاح المزار ولكن المحافظ حينها طه أحمد غانم لم يبن غير جدار صغير من الطوب والاسمنت 10×2متر تقريباً. لم يبق من الهاشمي غير الخوف على الوجوه والصمت المطبق ودعاء تلك المرأة للرئيس علي عبدالله صالح أما مسجد الهاشمي فقد جددت بناءه جمعية السعيد الخيرية وهو أحد المساجد التي أعادت بناءها أو بنتها جمعية السعيد الخيرية ورحم الله هائل سعيد انعم وجعل ذلك في ميزان حسناته يوم القيامة . ناره أسقطت طائرة الأتراك هاشمي آخر هو السيد عمر هاشم بحر الحبشي يقول الأستاذ أحمد حسن العقربي كان في بئر أحمد في العقارب "التي كانت سمى قديماً مشيخة العقارب كان أديبا ومصلحاً اجتماعيًا ورجلاً وطنياً التف حوله الناس يستفتونه في أمور دينهم و يلجئون إليه في حل مشكلات دنياهم وهو من آل الحبشي في حضرموت وكانت زيارته السنوية تقام لمدة ثلاثة أيام متتالية يتلقى فيها أبناء المناطق المجاورة يحتفلون ويمارسون فيها المولد طقوسا كثيرة – مساجلات شعرية محاضرات دينية الزائرون يأتون من محافظة لحج وعدن وحضرموت بحكم علاقته برجال الدين والعلماء في مدينة تريم وكانت تقام في مسجده ليالي رمضان بتلاوة القرآن ودروس الفقه والحديث حيث يقام احتفال بختم القرآن وصحيح البخاري يتخلله تقديم القهوة والحلويات الشعبية وكان من ضمن طقوس الزيارة "الجذبة" وهي قيام بعض الوافدين من مجاذيب الشيخ بطعن أنفسهم بالخناجر كان الناس يتناقلون أن المجاذيب يصلون إلى حالة من التلاشي لا يحسون فيها بطعن الخناجر وينزلون في البئر ويصعدون منها أما في اليوم الثالث من الزيارة وبعد صلاة العشاء تقام مراسيم الحلقة حيث يتحرك موكب المتجمعين من كبار وأطفال ونساء يتقدمهم المجاذيب ببيارق الولي حيث تبدأ مساجلة شعرية بين كبار السن تدق بعدها الطبول ويتحرك الجميع من منزل المنصب حتى يستقروا في ساحة "كود" الولي وهناك تقدم موائد الرز مع اللحم والهريس ثم يقوم الجميع لأداء احتفال مولد النبي صلى الله عليه وسلم وبعد المولد يتجه الجميع إلى التسوق وشراء الهدايا لأسرهم من الحلويات "المشبك" المكركر والسمسمية والعاب الأطفال ويسمون مشترياتهم تلك بالتسميرة "هدية بركة الولي" ويضعون هذه التسميرة في الزنبيل المصنوع من سعف النخل ليحفظ هداياهم ويعود كل منهم إلى دياره..مما يردده الناس من كرامات هذا الولي أثناء الحرب العالمية الأولى والحرب بين البريطانيين والأتراك على عدن خرجت نار من قبة هذا الولي وأسقطت طائرة تركية.. في 94م ثأر المطاوعة للأتراك وقاموا بتدمير قبة هذا الولي الشهير واستولوا على بعض المقتنيات والمخطوطات التاريخية من عقود ونحوها واحرقوا الباقي التحف الرخامية والمنحوتات الخشبية والبيارق كل ذلك دمر نصرة للإسلام ليصبح المكان أطلالا تصفر الرياح في جنباته.. مملكة أمون والحبّوب منطقة أخرى من مناطق عدن تنسب لولي أخر هي الغدير وتقع في البريقة والغدير هذا اسمه كما قرأته في قطعة الخشب التي بقيت من آثاره هو عبيد بن سالمين أما من هو وتاريخه فلم يعرفه المنصب كنت أظن انه احد أولياء الاتناعشرية خصوصاً أن لديهم مسجدا آخرا في عدن لكن ملكة الغدير آمون عبد ربه حيدر الجالسة على الشط في ظلال عشتها مع ولدها العجوز حارس الأوقاف ومنصب الغدير عبدربه سالم باهادي الذي أتى معنا ليرينا كومة التراب والحجارة التي كانت قبة الولي الغدير قبل أن يدمرها المطاوعة مع المسجد الذي بجوارها قال: أنا احضر هنا يوميا للحفاظ على هذه الأرض ً من جنون الجشع الذي يهدد هذه المقبرة بعد تخريب قبة الولي ومسجده لقد جاء السنيدار و بنا هذه البوابة ثم رحل وبعده جاء العمودي وجرف جزءاً من المقبرة ثم رحل – اخرجوا عظام الموتى وتركوها في العراء واضطررنا لان ندفن عظام أكثر من ميت في قبر واحد. لم يكن هنا غير ذكر الله وزيارة هذا الولي التي كانت تقام منتصف شهر محرم يوم الخميس والجمعة 12 و 13أو 13و14 أو14و 15 المهم يوم الخميس والجمعة والآن المقبرة عرضة للاغتصاب وحرمة الموتى تنتهك يومياً نحن بحاجة إلى مسجد هنا يحمي قبور المسلمين لم يكمل الحبوب الذي ورث المنصب عن أبيه حديثه حتى قاطعه حارس الأوقاف قائلاً: ( جاء احد فاعلي الخير وطلب مني أن اسمح له ببناء مصلى باسم فاعل خير فطلبت منه ان يحضر تصريحاً من الوقف لأن الأمر ليس بيدي ولكنه لم يعد .. ذهب الحارس الى سكنه وعاد وهو يحمل قطعة خشب صغيرة محفور عليها الشيخ عبيد سالمين وقال هذا ما بقي من المسجد والقبر. كان ذلك يوم الخميس عقب دخول الشرعية عدن في 94م جاء االمطاوعة وكسروا أخشاب الضريح ورموا بالبيارق إلى البحر وفي اليوم الثاني جاءوا بالمطارق والمرزبات لتخريب القبر والمسجد فلم يفلحوا فاحضروا بوكلين ودمروا كل شيء البوكلين تعطل في النهاية.. هنا خرجت والدته العجوز عن صمتها وقالت شيء لله يا غدير الغدير ما سكت المطاوعة اثنين ماتوا في بالوعة هانول المصافي والثالث مشلول هؤلاء يا ولدي لا يعرفوا الإسلام ولا القرآن أنا قلت لهم اقرءوا في سورة البقرة ايش يقول الله عن أولياءه وقرأت الاية بطريقة مضحكة لكنها تحمل المعنى بصدق وإيمان تمناه الغزالي وتمنيته معه من لي بإيمان العجائز.. قالت صرخت عليهم وقلت لهم هذا بيت الله وقبر ولي الله ولكنهم وجهوا إلي أسلحتهم وقال لي أحدهم روحي وإلا باعمل لك حبة هنا وحبة هنا وأشارت إلى رأسها وصدرها فأجبته لو كنت مسلم صحيح ما تقتل عجوز ولا تخرب مسجد كانت تحدثني بغضب وحزن والتسعون عاماً من عمرها تطل بشحوب من وراء نظارتها العاجية وتضيف : ذهبت إلى الناس وصرخت فيهم تعالوا احموا وليكم فلم يأت احد قاطعها الزميل عبد الحكيم عبيد قائلاً ماذا يصنعون ؟ يقاتلون؟ ردت بجزم نعم الأولياء الذين دافع عنهم أتباعهم لم يستطيعوا أن يهدموهم العيدروس والشيخ احمد العلوي في التواهي قدام الدكة لكن أصحاب الخيسة مساكين لم يحموا المسجد ولم يهتم احد بإعادة مسجدهم وقبر وليهم شي لله يا غدير هذا الغدير يا ولدي حق المساكين تعرف ليش سموه الغدير لانه غدر (بتشديد الدال) بالرجل الى العراق .. كيف؟! كان هذا الولي جالسا هو وابنه في قارب بمجاديف هنا وجاء إليه رجل يبكي من أهل البصرة ليلة العيد يريد أن يعود إلى بلاده فطلب منه الولي أن يصعد إلى القارب وهو سيوصله بشرط أن يكتم السر ولا يفشيه وبعد أن صعد الرجل إلى القارب طلب منه الولي أن يغمض عينيه ولم يفتح الرجل عينيه بعد لحظات إلا وهو في البصرة في العراق استغربت امرأة العراقي من عودته بتلك السرعة لم يكن هناك طائرات ولا موانئ فاخبرها خبر الولي وهناك أخذت الولي وولده رعدة شديدة فطلب من الرجل أن يدفع القارب بعد موته باتجاه البحر الذي حمله إلى هنا حيث دفن مع ولده هذا من أهل الله يا ولدي لقد كنا في عيد زيارته نغرف ماء البحر فيتحول إلى ماء ورد أيام يا ولدي وخنقتها نهدة وهي تقول انظر يا ولدي لقد سقطت وجرحت نفسي كان حديث العجوز يتدفق بمصداقية وبراءة وكنا نجد فيه ظلالاً وارفة وحناناً كانت تمزج حديثها دائماً بالدعوات أن ينور الله قلوبنا وبصائرنا قالت تصوروني للصحافة قلنا لها نعم: قالت لنا لكن قولوا للناس هذي أمكم ملكة الغدير ودعناها وهي تؤكد علينا ايش اسمي ملكة الغدير قولوا للحكومة الناس المساكين يشتوا مسجد يصلوا وسور لمقبرة موتاهم كانت قديسة بدرعها العدني ودعواتها وطيبة قلبها وملكة في عشتها تحكم صفاء السماء الزرقاء و فيروز البحر الذي تأتيها أمواجه طائعة وتغادرها مثلنا حزينة على فراقها وتمر النسائم على قلبها لتحمل سكينة نفسها تمائم على قوارب الصيادين لتعود بسلام يا سيدتي الملكة ليرعاك الله حية ويكرم نزلك حين تفدين عليها بإيمانك وبساطة عبوديتك له. يا سيدتي الملكة لو املك لأسميت هذا الشط المتلألئ غدير الملكة أمون ونصبت من نقاء نفسك تمثالاً يتعلم الناس منه كيف بالسكينة تطوي السنون ولي الحي العصري غرباً وشرقاً على الساحل تناثرت قباب الأولياء من رجال ونساء سيدي يونس عمر على سعيدة بنت عمر لكن قبابهم نسفت بديناميت المطاوعة أو كنستها الجرافات وبعضها متخف عن الأنظار في مناطق نائية. الشاطري وحده من زاحم المدينة وبقي في قلب المعلا بتابوته و الإسفلت يحيط به من جميع جوانبه والعمارات الشاهقة جنوبه وشماله الناس هنا لا ينسبون حمايته لأحد و إنما يقولون أن الجرافات والبلدوزرات لم تتمكن من الاقتراب منه لا أيام البريطانيين ولا الاشتراكيين ولا المطاوعة فلم يسع الدولة إلا أن أقامت الشارع على جانبيه وأحاطت ساحة القبر بسياح ليبقى تابوت الولي السيد محمد علوي الشاطري قائماً مكسواً بالقطيفة غير عابىء بالمدنية والمطواعة ولد هذا الولي في تريم وتعلم فيها وتنقل لنشرا لعلم في الأمصار بين مناطق اليمن وخارجها حيث ذهب إلى الحجاز وزيلع ( الصومال حاليا ) وعاد إلى عدن ليتوفى بها عام 897هـ وخلف ذرية طيبة الذكر منهم زميلنا أديب الشاطري الذي لم يفدني بشيء عن سيرة جده الشاطري ترجم له محمد بن علي الخرد في كتابه (الغرر) ومحمد بن أبي بكر الشلي في المشرع الروي. يا وزارة الأوقاف هذه الأضرحة قبور مسلمين لها حرمتها وانتم مسئولون عن حمايتها والحفاظ على المقابر والمساجد أمانة في أعناقكم ويا هيئة الآثار هذه المآثر جزء من ارثنا الحضاري والفكري فاهتموا بها ويا أخي المطوع إذا كان النهي عن المنكر يؤدي إلى منكر اكبر فتركه أولى. |