العنف الطائفي يعصف بالعراق تميّز الخميس في العراق بتصاعد العنف الطائفي، في الوقت الذي ارتفعت فيه نداءات الزعماء في الحكومة العراقية إلى الهدوء. ولقي أكثر من 100 شخص مصرعهم في أنحاء متفرقة من البلاد. وعثرت الشرطة العراقية على ستّ جثث، يجري الاعتقاد أنّ جميعها لأشخاص من السنّة، في منطقة الدورة، جنوب بغداد. وفي بعقوبة، قتل 16 شخصا في انفجار، ومن ضمن الضحايا عناصر رفيعة المستوى في الجيش العراقي، وجنود ومدنيون وأطفال. ويرفع ذلك حصيلة القتلى إلى 54 في صفوف السنّة، منذ الهجوم الذي استهدف الذي أصاب مقام مسجد الإمامين علي الهادي والحسن العسكري بأضرار فادحة في سامراء صباح، الأربعاء. وقال مصدر في وزارة الداخلية العراقية الخميس، إن السلطات الغت عطلات الشرطة والجيش ومددت ساعات حظر التجول في العاصمة العراقية بغداد ومدن أخرى في مسعى لاحتواء اعمال العنف الطائفية في البلاد. وقال المسؤول إن أفراد الامن وضعوا في حالة تأهب قصوى وأن حظر التجول مدد في بغداد إلى أجل غير مسمى، وأن ساعات الحظر اصبحت الان من الثامنة مساء حتى السادسة صباحا بدلا من الحادية عشرة مساء الى الخامسة صباحا، نقلاً عن رويترز. وفيما توالت الإدانات الدولية للحادث الذي لم تتبن جهة بعينها مسؤوليته، قال العراق إن التفجير يحمل بصمات تنظيم القاعدة. ووجه مستشار الأمن القومي العراقي، موفق الربيعي، أصابع الاتهام إلى جناح التنظيم بالعراق. واعتقلت السلطات العراقية عشرة أشخاص على خلفية التفجير. وأشعل الحادث ردود غاضبة وهجمات انتقامية ضد السنة في عدد من مناطق العراق أبرزها قيام مسلحين يرتدون زي الشرطة العراقية باقتحام سجن في البصرة وقتل أحد عشر من المشتبه بأنهم مقاتلون أجانب. إيران تتهم الولايات المتحدة وإسرائيل في الحادث واتهم الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الخميس الولايات المتحدة وإسرائيل بالوقوف وراء التفجير الذي استهدف المزار المقدس قائلاً إنه من عمل "الصهيونية المهزومة والمحتلين." وأمام حشود غفيرة خلال جولة في جنوب غربي إيران، أشار نجاد إلى الحادثة بالقول "غزوا المزار المقدس ونسفوه لأنهم يعارضون الله والعدالة.. هذه من أفعال جماعة من الصهاينة المهزومين والمحتلين." إستنكار دولي للحادث وأدان الرئيس الأمريكي جورج بوش العملية وتعهد بالعمل مع الشعب العراقي "لإعادة بناء وترميم المسجد الذهبي إلى سابق مجده." ومضى قائلاً "أثبت الإرهابيون في العراق مجدداً أنهم أعداء جميع العقائد والإنسانية.. يجب أن يتوحد العالم في مواجهتهم." وبدوره أستنكر رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير التفجير وتعهد بتوفير الأموال اللازمة لإعادة بناء المرقد. وقلل الناطق باسم وزارة الخارجية الأمريكية، آدم أيرلي، من تبعات الحادث والتوقعات بإشعاله لحرب أهلية بالقول "أعتقد أنه تصوير مبالغ للأحداث." ومن جانبهما أدان سفير الولايات المتحدة لدى العراق، زلماي خليل زاد وأعلى مسؤول عسكري أمريكي في العراق، الجنرال جورج كيسي الحادث وقالا إنه "جريمة نكراء ومحاولة متعمدة لإذكاء فتنة طائفية في العراق والمنطقة." هذا وقد تعرض فريق الشبكة، CNN، وجميعهم عراقيون، إلى الضرب والركل، كما اختطف بعضهم لوهلة، أثناء تصوير حشد غاضب على الحادثة في ضواحي مدينة الصدر. وعلى صعيد متصل، اغتيل ثلاثة من العاملين في قناة "العربية" أثناء تغطية الأوضاع المتوترة في سامراء.(المزيد) مواجهات طائفية وأسفرت المواجهات بين الشيعة والسنة عن مقتل 47 شخصاً من الجانبين من بينهم ثلاثة من الأئمة السنة، على الأقل، فيما تعرض إمام آخر للاختطاف. وقالت مسؤول لشبكة CNN إن أكثر من 100 موقع سني تمّ استهدافها من ضمنها مواقع لأحزاب سياسية وأكثر من 50 مسجداً للسنة، وذلك منذ هجوم الأربعاء. وأشارت المصادر إلى أن المهاجمين استخدموا الأسلحة الخفيفة والقنابل وقذائف الهاون في الهجمات التي وقعت بين الساعة الحادية عشرة صباحاً والخامسة مساء. وقال الحزب الإسلامي العراقي، أحد أكبر الأحزاب السنية في البلاد، أن ما لا يقل عن 60 مسجداً تعرضت للهجوم أو أحرقت أو سيطر عليها الشيعة، في مناطق مختلفة من العراق، وبخاصة في بغداد والمحافظات الشيعية في الجنوب. وهاجم الشيعة الغاضبون والمسلحون المساجد مستخدمين الأسلحة الأوتوماتيكية والقذائف الصاروخية، فيما احتجزوا عددا من الرجال السنة كرهائن. وقال رجال من ميليشيات جيش المهدي التابع للزعيم الشيعي الشاب، مقتدى الصدر، والذين شكلوا الجزء الأكبر من المهاجمين الأربعاء إن أربعة منهم قتلوا على أيدي حراس المساجد. واقتحمت عناصر ترتدي زي قوات الأمن العراقي سجن مدينة البصرة واقتادوا 11 من النزلاء من بينهم مصريان وتونسيان وليبي وسعودي وتركي، عثر عليهم جميعاً قتلى لاحقاً. التحذير من فتنة طائفية بموازاة ذلك، حذر الرئيس العراقي المؤقت، جلال الطالباني الأربعاء من أن المتطرفين والمتشددين يدفعون البلاد نحو حرب أهلية، وذلك في أعقاب التفجير الذي تعرض لها ضريح الإمامين في مدينة سامراء، على بعد أكثر من 110 كيلومترات إلى الشمال من بغداد، والذي يعد مقدساً عند المسلمين الشيعة. وقال الطالباني، خلال استقباله لوفد من محافظة صلاح الدين التي تضم مدينة سامراء "نحن نواجه مؤامرة كبيرة تستهدف وحدة العراق.. يجب أن نقف جميعاً يداً بيد لمنع خطر اندلاع حرب أهلية." وكان ديوان الوقف السني قد استنكر عملية تفجير القبة الذهبية لمرقد الامامين علي الهادي والحسن العسكري في سامراء، وطالب بإجراء تحقيق فوري وعاجل لكشف الجناة ومدبري الحادث. وجاء التفجير الذي تعرض له المزار الشيعي المقدس في وقت أخذت تنشط فيه المحادثات بين الأحزاب الشيعية والسنية والكردية الرئيسية بشأن تشكيل حكومة جديدة في أعقاب ظهور نتائج الانتخابات التشريعية في العراق والتي أجريت في شهر ديسمبر/كانون الأول عام 2005، وفقاً لما ذكرته وكالة الأسوشيتد برس. ومن المرجح أن يزيد الحادث من التوتر القائم بالفعل بين الشيعة والسنة بالعراق. وكان زعيم سياسي شيعي قد حمل الأربعاء السفير الأمريكي في العراق، زلماي خليل زاد، جزءاً من مسؤولية الهجوم الذي تعرض له مرقدا الإمامين العسكريين في مدينة سامراء شمال بغداد. وقال زعيم المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، عبدالعزيز الحكيم، الذي تصدر الائتلاف الذي يقوده الانتخابات التشريعية التي جرت أواخر العام الماضي، إنه يتحمل جزءاً من المسؤولية بسبب انتقاداته لقوات الأمن، التي يقودها الشيعة. وقال الحكيم "بالتأكيد فإن تصريحات السفير لم تكن مسؤولة، وهو لم يتصرف بوصفه سفيراً.. إن مثل هذه التصريحات هي السبب وراء مزيد من الضغوط وهي تعتبر ضوءاً أخضر للجماعات الإرهابية، وبالتالي فإنه يتحمل جزءاً من المسؤولية." المصدر CNN |