الأربعاء, 27-نوفمبر-2024 الساعة: 07:16 م - آخر تحديث: 07:16 م (16: 04) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
30 نوفمبر.. عنوان الكرامة والوحدة
صادق‮ ‬بن‮ ‬أمين‮ ‬أبوراس - رئيس‮ ‬المؤتمر‮ ‬الشعبي‮ ‬العام
ذكرى الاستقلال.. وكسر معادلات الطغيان
قاسم‮ محمد ‬لبوزة‮*
الذكرى السنوية للاستقلال الوطني من الاحتلال البريطاني البغيض
أ.د عبدالعزيز صالح بن حبتور
ثورة الـ "14" من أكتوبر عنوان السيادة والاستقلال والوحدة
بقلم/ يحيى علي الراعي*
زخم الثورة وحاجته لسلوكٍ ثوري
إياد فاضل*
خواطر في ذكرى تأسيس الموتمر الشعبي العام
د. أبو بكر عبدالله القربي
المؤتمر الشعبي رائد البناء والتنمية والوحدة
عبدالسلام الدباء*
شجون وطنية ومؤتمرية في ذكرى التأسيس
أحمد الكحلاني*
ليبارك الله المؤتمر
راسل القرشي
ميلاد وطن
نبيل سلام الحمادي*
رؤية وطنية تلبّي احتياجات الشعب
أحلام البريهي*
المؤتمر.. حضور وشعبية
أحمد العشاري*
قضايا وآراء
المؤتمر نت - .بالطبع ترغب هذه المرأة ان يلتقط لها صورة! فتقف شامخة مكورة وجنتيها بتعاظم متحاشية أن يراها المرء بأنها أصبحت بلا أسنان. وعندما احتشد الأطفال- الذين لا يصغرونها طولا- من أجل الصورة أخذت عصاها البيضاء وطردتهم.
بقلم: كلاوس هيماخ وزوزانه شبورر - هامبورج- صحيفة دي تسايت الألمانية -
تراث عالمي ..لاتدعوه يتصدع
"أحد أكثر بقاع العالم حرارة"، عبارة مكتوبة في دليل السفر. يوجد لزبيد أيضا أسماء تفضيل أخرى: أغلب المدن اليمنية آيلة للسقوط في اليمن أو أكثر إرث ثقافي عالمي يدعو للشفقة. لو لم نتعرف على محمد لظلت زبيد في مخيلتنا مجرد منطقة حارة مغبرة رثة الهيئة. بيد أن محمد فتح لنا البواب والأعين لمعرفة ما كانت عليه زبيد.

فمحمد- الذي هو رقاص أصلا- أقام له في أحد أبواب المدينة متحفا صغيرا يحوي ثياب وأسلحة قديمة. كان محمد جالس وزملاءه يمضغون القات، لكن عندما أخبرناه بأنه موصى بأن يكون معرفا لنا بالمدينة انتفض قائما وسار بنا بثوبه الأبيض الملفوف عليه وشعره الطويل الأحمر المنفوش من بين الرمال.

كان أول ما زرناه مدارس القرآن، البقية الباقية من ذلك المعقل الذي كان رائدا في العلم. حيث كان يأتي إلى هذا المكان قبل أكثر من 1000عام بل وقبل أن تشتهر جامعة الأزهر في القاهرة الفقهاء والدارسين من أماكن بعيدة والذين كان من بينهم مخترع الجبر. وما زال هناك حتى يومنا هذا روس وماليزيون يدرسون القانون الإسلامي في زبيد.

ويبدو ان محمد يعرف كل بيت في زبيد. فهو ينادي من الباب المفتوح إلى الفناء ثم بعد قليل نتجول في الفناء الداخلي البارد ونصعد الدرج الآيلة للسقوط ونقف داخل غرفة محلاة بقطعة بيضاء بديعة وسطح متعدد الألوان. ويقعد الرجال هنا على عكس ما هو سائد في صنعاء على منضدات خشبية ذات حبال مرتفعة إلى درجة ان المرء يحتاج استخدام كلتا يديه ليصعد عليها. لكن الانشغال اليومي هنا بعد الظهر هو كسائر البلد: بمضغ القات وشرب الشيشة.

والسطوح والجدران هناك متصدعة، وكثيرا ما يكون أحد أجزاء البناية متداعي. ودائما ما يتوجس محمد من أن يتداعى ذلك المنزل على بعضه عند نزول المطر. وأغلب المصابغ التي اشتهرت بها المدينة أضحت اليوم خرابا.

وبين البنايات الطوبية المتفتتة المطلية باللون الأبيض مبان جديدة من الخرسان. واستحداث بناء في الإرث الثقافي العالمي أمر مرفوض، لكن من يمتلك مالا للبناء فهو قادر على شراء ترخيص بالبناء.

زعانف القرش:

من يمشي على امتداد الشارع الساحلي في الحديدة لا يمكن أن يفوته سوق السمك. فرائحة السوق تصل الى الخياشيم من على بعد. ومن يقترب من السوق يسمع نداءات التجار ومساومات المشترين. حيث يتم إحضار الصيد الطري من تلك القوارب الخشبية متعددة الألوان وقد وضعت في قُفف مضفرة وفي عربات يد تعلوها الخضرة الى قاعة مبلطة ببلاط أبيض حتى السطح.

ويفترش رجال كبار السن الأرض عارضين بعض الأسماك التي تشبه سمك موسى وكذلك سمك البرش وسمك الكوسج(ابو سيف). وهناك آخرون يمارسون البيع بطريقة الصناديق. وامام ذلك البهو تقف عربات تجرها الحمير مستعدة لتمويل ناقلات السمك بكتل الثلج الكبيرة التي تحملها. فالثلج والنظافة شيء مهم حسب ما يشير رسم متعدد الصور معلق على الحائط.

قام أحد الصيادين بجرنا الى خارج الدهليز ويؤشر بيده قائلا: "أنظروا هناك في الجانب الآخر حيث يبدو شيئا". كان يؤشر الى المبنى المجاور: "قرش المطرقة". حيث تمتد أسماك القرش الدامية على الأرض الخرسانية تحت سقف يوفر لها الظل والزحام هنا أكبر بكثير من الزحام على الأسماك الصغيرة.

ويقوم رجلان بنقل اسماك القرش التي يصل طولها أمتارا إلى العربة التي تجرها الحمار، وشخص آخر يقضى نهار عمله في فصل الزعانف والأذيال عن الأسماك الميتة. ويقوم شاب يرتدي فانلة رياضية ممزقة باحتضان الحمار أولا ثم يعمد الى فتح فم القرش حتى آخذ له صورة.

تجوال برفقة الجنود:

كثيرا ما يكون القيام برحلات قصيرة الى الجبال ممتعا بفضل كرم الضيافة الذي يتحلى به اليمنيون. فترى رعاة الشاة يدعونك إلى احتساء الشاي والأطفال يخطبون ودك لزيارة منزل عائلتهم وأهالي القرى يسدون لك المساعدة لدى البحث عن الطريق الصواب.

والغريب هنا عندما يرى المرء جندي يحمل كلاشينكوف على مسافة بضع خطوات برفقة السياح. وفي حجة التي تحفها جبال غاية في الروعة لم يحدث تقريبا وان بقينا وحدنا والأهالي يحيوننا بلطف كبير. غير انه لا احد يريد المرافقة إلى مناطق الصراع.

سألت جنديا من منطقة ذمار النائية عما يحذروننا ونحن لم نسمع إطلاقا عن عملية اختطاف تمت في تلك الجبال. فأكد لنا بانه لا مخاطر هنا مبديا افتخاره بجاكتته العسكرية قائلا "لقد تدبرنا أمر ذلك". وفضلت أن لا أحكي له بأننا واصلنا عشية البارحة تجوالنا بطمأنينة في شوارع المكان المظلمة حتى نتناول العشاء في السوق حيث كان الجنود قد انتهوا من عملهم.

عندما يرافقك جندي وأنت في سياحة:

دون ان يحس بهم احد ظل الجنود يلحقون بنا ونحن في ساحة مستشفى جبلة، مدينة صغيرة آية في الجمال تحتضنها مدرجات جبلية وهي قريبة من مدينة إب. لكن عندما انعطفنا الى منعطف ممر زراعي بهدف القيام ببعض التجوال ترك كلا المسلحين دربهم لاحقين بنا.

لا، مش ممكن أنا لا أريد التجوال بهذه الطريقة. فسألت الجنديين ممن يحموننا، فكانت إجابتهما مقتضبة: "لتوجيهات". لقد قدما خصيصا من إب إلى جبلة حتى يرعوننا. فقد اتصل الفندق بالشرطة وليبلغها بان أجانب نزلوا الفندق وحجزوا غرفة فيه.

حاولت أن أوضح للجنود بان المرافقة العسكرية تجعلني أحس بأنني في سجن أكثر منه في إجازة بالإضافة إلى أننا نقطن اليمن منذ سنة ونعرف جيدا كيف نتدبر أمرنا لوحدنا. وفي نهاية المطاف اتفقنا على حل وسط يتمثل
ببقائهم في سفح الجبل ووعدناهم بان نرجع من نفس الطريق.

وما هي إلا بضع دقائق حتى جاءنا رفيق جديد، وهو مدني. هذا الشخص يعمل مدرسا في القرية المجاورة وهو في طريقه إلى المدرسة فهو على هذا الحال منذ أحد عشر سنة، ويستغرق وصوله من منزله الكائن في جبلة إلى المدرسة القرية المجاورة على التلة ساعة كاملة. واصطحبانا معه إلى هناك.

كانت الساعة قد تعدت التاسعة صباحا. فمتى تبدأ ساعة الدراسة يا ترى؟ أجاب المدرس: "الساعة الثامنة وقد تأخرت اليوم قليلا عن التدريس". وصلنا والمدير واقف أمام المدرسة المبنية من الحجارة. ووقوفه هذا ليس من أجل تقريع زميله المتأخر، بل من أجل استقبال الزوار.

مادة التربية الإسلامية ستتأخر اليوم قليلا بكل تأكيد. يوجد على طاولة في الممر شاي مخصص للضيوف فقط. وعلى الحائط شعارات معلقة تمكنا من فهم واحد منها وهو: "العقل السليم في الجسم السليم".

أخذ المدرس إبريق الشاي من على الطاولة ومضى به إلى الخارج. ما هذا؟ إنهما هنا ثانية، الجنديان اللذان كانا يلحقان بنا، ابتسما لنا ابتسامة ماكرة وتم تقديم الشاي لهما أيضا.

من الآن لن يفارق ضلهم ضلنا إطلاقا. حتى ونحن في فناء المسجد لحقا بنا وهما يحملان بندقيتهما. وقد عرفنا لاحقا من الصحف سبب أولئك المرافقين المتعنتين، حيث كانت إب قبل ذلك شهدت إعدام إسلامي أطلق الرصاص عام 2002 على ثلاثة أطباء أمريكيين وهم في مستشفى جبلة حينها.

إمرأة طاعنة في السن:

بالطبع ترغب هذه المرأة ان يلتقط لها صورة! فتقف شامخة مكورة وجنتيها بتعاظم متحاشية أن يراها المرء بأنها أصبحت بلا أسنان. وعندما احتشد الأطفال- الذين لا يصغرونها طولا- من أجل الصورة أخذت عصاها البيضاء وطردتهم.

وبعد ان ألتقطت الصورة فغرت فاها وأظهرت فكيها الخاليين من الأسنان. ثم أمسكت بيدي وقبلتها وجرتني الى حجرتها المتعفنة في طابق أرضي لمنزل في مدينة إب القديمة. تلك الحجرة خالية من النوافذ ولا يوجد فيها سوى سرير بلا فرش وطاولة صغيرة. كل شيء مكركب. وكل رأس مالها علبة فيها لبان وتقوم ببيعه وتأخذ لقاء أربع قطع صغيرة عشرة ريال، أي أربعة سنتات.

كما تبلغ من العمر تلك العجوز؟ هي لا تعلم كم عمرها، ويقول الأطفال بأنها كبيرة جدا في السن وانها تعيش فقرا مدقعا. لكن تصريح الأطفال هذا لم يعجب العجوز. فحذرت من أن أعتقد بأنها تريد مالا وانصرفت عن الموضوع بأن أدت رقصة صغيرة أدارت خلالها روكها الأحمر الذي ترتديه في الهواء.










أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "قضايا وآراء"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024