النساء وانتخابات الرئاسة :استرجاع لذاكرة التاريخ الماراثون الطويل لسباق الترشيح والمنافسة الذي تخوضه ثلاث نساء من بين عدة أسماء من قائمة الرجال أخذ مداه من الاهتمام والمتابعة من قبل المحللين والمراقبين السياسيين في الوسط المحلي والعربي والدولي، ويكتسب هذا الاهتمام مغزىً عميقاً تجاه مصفوفة العمل السياسي في اليمن، ولا يقف عند هذا الحد بل تعداه إلى أكثر من ذلك حيث ظل المتتبع للعملية الديمقراطية في اليمن منذ العام 1990م نقطة البدء في التعددية السياسية والحزبية بالعمل من فوق الأرض بعد أن كانت محرمة وممنوعة في عهود التشطير، والتي ظلت تعمل من تحت الأرض مرتكزة على المناكفات والتخريب في الحدود بين الشطرين آنذاك، وبهذا فإن مرحلة ما بعد الوحدة المباركة أتاحت العديد من الرؤى والأفكار التي وجدت لها أرضية خصبة في ظل المناخ الديمقراطي، والهامش الواسع من حرية الرأي والتعبير، هذا الأمر لا يغيب على عاقل، وهو يتتبع خطى المناخ الديمقراطي الذي نتج عنه عنصر المنافسة بين الأحزاب الواسعة في اليمن، حيث لم تمض سوى ثلاثة أعوام وجرت أول انتخابات في ظل الوحدة المباركة تنافس فيها أكثر الأحزاب حضوراً في الساحة، وبهذا فإن جميع القوى السياسية قد بدأت منذ ذلك العهد تتلمس لها خطى في ظل عنصر التنافس الذي أظهر قوة الأحزاب في الساحة وظهر المؤتمر الشعبي العام كأقوى حزب سياسي في الساحة اليمنية امتلك قاعدة عريضة من الأعضاء. وتوالت هذه العملية في السباق الكبير حيث تم بالفعل تأكيد أحقية من يملك القدرة على كسب الجماهير عبر برنامجه الانتخابي الذي يعمل على ترجمته على الساحة السياسية. هذا الأمر جعل الانتخابات المحلية والرئاسية التي ستجري في سبتمبر من العام الحالي أكثر سخونة وأكثر إضاءة لطريق الديمقراطية التي عقد طريقها هذا التوجه الجاد الذي يقوده الرئيس القائد علي عبدالله صالح في إطار الممارسة الديمقراطية للجميع. ولن يتأخر عن ركب هذه الممارسة عنصر فاعل ومعهم في كل المراحل، حيث تقدمت للترشيح كلٌّ من رشيدة القيلي، وذكرى أحمد علي وسمية علي رجاء، ومن المتوقع أن يزداد العدد أكثر في الأيام القليلة القادمة. ولأن حديث الشارع هو الأهم وهو الذي يعكس الرؤى والأبعاد فقد قالت الزميلة جميلة هاشم ( إعلامية) إن هذا التنافس له بعد اجتماعي وسياسي في آن معاً، ويكفي أن تمارس المرأة حقلها في الاقتراع والترشح بدلاً أن تكون عبارة عن صوت فقط تستخدم لآخر البطاقة الانتخابية كما يسخرها بهذه الطريقة بعض الأحزاب التي لها وجهة نظر من المرأة؛ فيما تؤكد (تأهلات عبدالعزيز - طالبة) إن هذا التأكيد الجاد لحضور المرأة في ممارسة حقها الانتخابي في أعلى سلطة يُحسب لهذا النظام الذي جعل المرأة تشارك أخاها الرجل في كل المجالات، وكذا تمكينها من أن تأخذ حقها ليس عبر المماحكات ولكن عبر الأطر الدستورية، لأن الدستور كفل للمرأة أن تكون ناخبة ومرشحة. ومن جانبها قالت ( فائزة أحمد سالم) – موظفة وجامعية – إن قرار الأخوات اللاتي تقدمن للترشيح للرئاسة ينبع من هذا المناخ الديمقراطي الصحيح الذي وجد بعد تحقيق الوحدة اليمنية وبعد (16) عاماً من إعادة هذه الحلم الجميل ليس لدى المرأة أية مخاوف في أن تقول أو تعمل في الإطار الدستوري، فالمرأة هي الرديف الحقيقي لعملية التنمية، ولا يمكن إغفال هذا العنصر في قانون أو (تابو) يحرمها من ممارسة حقوقها، وهذا الفعل الجميل الذي قامت به المرأة من خلال ترشيح نفسها إنما يعبر على قدرة المرأة من ترجمة كل ما يمكن أن يخدم الوطن لأنها رمز العطاء. وفي إطار النظرة القانونية للمرأة من خلال هذا الاستحقاق الديمقراطي تشير فاتن المنصوري إلى أن الدخول الفاعل للمرأة في حلبة التنافس كفيل بتأكيد مشروعية المرأة في ممارسة حققوها السياسية والقانونية والدستورية، ولا يهم أن تفوز المرأة أو تخسر، الأهم هو دخولها وممارستها لحقها الدستوري، وهذا هو الفوز الكبير الذي أهداه لنا باني الوحدة واليمن الجديد الرئيس القائد عبدالله صالح رئيس الجمهورية. من خلال هذه الاستقراء السريع لماراثون السباق على سلم الرئاسة في اليمن تتجلى عظمة هذا المشهد الرائع والكبير والمرأة تتبوأ هذا الشرف الكبير في المنافسة الشريفة، وكذا تسجيل حضورها لا سيما، وهي تسترجع ذاكرة التاريخ لتستحضر الملكة بلقيس، وهي في أوج عطائها وحكمتها ورجاحة عقلها مترجمة امتداد الحكم الذي سلكته من فوق هذه الأرض وذرة ترابه وصولجان البهاء لتأتي قادمة من ذاكرة التاريخ السيدة أروى بنت أحمد الصليحي ولا شك أن اليمن ليست زاخرة بالعطاء الأحادي من الرجل بل أن النساء هن القادمات بعطاء أكثر وبهاء أجمل وحضور لا ينتهي. |