عودة المناظرات الشعرية بالمركزالثقافي اليمني بالقاهرة في الملتقى الحادي والعشرين من الصالون الثقافي للشباب اليمني واستعدادا لتنظيم سلسلة من المناظرات الشعرية يتم التحضير لتصويرها في العاصمةاللبنانية بيروت بمشاركة شعراء من اليمن وعدد من الأقطار العربية الأخرى عرض المركز الثقافي اليمني بالقاهرة المناظرة الشعرية بين الشاعرين " عباس فتوني " من لبنان ، و" فؤاد المحنبي " من اليمن ، حيث استمتع بها رواد الصالون في بلاغة الكلمة وجمال الشعر ذي المستوى العالي في أغراض المناظرة التي احتوت على تحية الشاعرين بداية لبعضهما ، ولضيوف المناظرة وجمهورها الكبير ، ثم تبارز الشاعران في طرح إبداعهما في الغزل ؛ حيث ألقيا قصيدتين لكل منهما بالتناوب نالت الإعجاب ، ثم جاء غرض الوصف ، ومن بعده المدح ؛ حيث أبدع الشاعران في مدح النبي المصطفى صلوات الله وسلامه عليه فأجادا في عاطفة جياشة ، ومدح بليغ يليق بحبيب الكون ونور العيون محمد صلى الله عليه وسلم ، وانتقلا بعد ذلك إلى أجمل فقرات المناظرة وأكثرها إثارة وإمتاعا وذلك من خلال الفخر الذي يرفع فيه كل شاعر من قدر شاعريته ونفسه وقومه ، وقوته في مواجهة الخصم والتهكم بقدرة الآخر في شكل يحمل من الود والإضحاك ما يمتع ويسكر بجمال الكلمة وذكاء الصورة ، وقد تخلل ذلك تقييم رصين من لجنة التحكيم ، وقبل عرض الفيلم تحدث الباحث والشاعر إبراهيم أبو طالب عن فن المناظرات واستعرض الفرق بين المناظرة الشعرية والمساجلة مبينا امتدادهما التاريخي منذ العصر الجاهلي ، وما كان يحدث بين الشعراء في سوق عكاظ ، وكيف كانوا يحتكمون في شاعريتهم إلى النابغة الذبياني في قبته الحمراء فيقيّم أقوالهم ، ويقول رأيه النقدي مبيناً جوانب القوة والضعف فيما يعرض عليه من الشعر ، بما يشبه ما تقوم به لجنة التحكيم في المناظرات الحديثة ، وذكر عددا من النماذج الارتجالية التي جرت بين " عبيد بن الأبرص " الشاعر الجاهلي وامرئ القيس في أسئلته الثمانية التي عرضها عليه وأجاب عنها امرؤ القيس بنفس الوزن والقافية في ذات اللحظة ، والتي منها : ما الحاكمون بلا سمعٍ ولا بصر ... ولا لسان فصيح يعجب الناسا ؟ فيجيبه : تلك الموازين والرحمن أنزلها ... رب البرية بين الناس مقياسا ... ثم ذكر عددا من النماذج المماثلة في العصور اللاحقة كما حدث بين الأعرابي و" معن بن زائدة الشيباني " ، وكيف حاوره بالشعر ، كما ذكر أيضا عددا من النماذج التي أوردها الأصمعي في مروياته ، وتوقف عند فن النقائض الذي استحدثه الشاعران الكبيران " جرير والفرزدق " وما فيه من قدرة ذهنية على المحاججة والمقارعة ، كما تطرق إلى نماذج من الارتجال في شعر أبي تمام والمتنبي ، ومثلها في العصر الحديث بين شوقي وحافظ إبراهيم ، وإمام العبد ومحمود الساعاتي وغيرها ، وبعد هذه المقدمة النظرية التأصيلية ، تم عرض المناظرة الشعرية بين الشاعرين " فؤاد المحنبي " ، و" عباس فتوني " ، والتي دامت أكثر من ساعة ، ثم أعقبها تعليقات ومناقشات مفيدة بين الحاضرين ، كان مفادها الإعجاب بالشعر الصادق ذي الشكل العمودي ، كما لفت إعجابهم قدرة المتبارزين على تصوير المعاني ، وعلى اللغة الجزلة التي أثارت إعجاب جمهورين متابعين هما جمهور كان حاضراً المناضرة في حينها ومكانها ، وجمهور الصالون الذي صفق على الرغم من أنه يستقبل المناظرة مسجلة على شريط الفيديو إعجابا وتفاعلا . متمنين أن تستمر مثل هذه المناظرات التي تدلل على أن الشعر ما يزال بخير ، وأن رسالته ستظل مؤثرة ما دام في الشعر والشعراء يجري نهر الإبداع . |