الواشنطن بوست: الرئيس علي عبد الله صالح قائد معروف لكل إنسان في مرحلة الأحداث حظيت الانتخابات الرئاسية والمحلية في اليمن بتغطية مناسبة من قبل وسائل الإعلام العربية وباهتمام لا بأس به من قبل وسائل الإعلام الغربية ومنها الأمريكية وبتلهف غير مسبوق من قبل الولايات المتحدة الأمريكية لرفع شارة الإصلاح في البلدان العربية ، فيما تعد الانتخابات اليمنية علامة بارزة للإصلاح السياسي . لقد كان هناك قلق واسع بين أحزاب المعارضة من هذه الانتخابات وهذا الخوف كان أحد الدوافع الرئيسية التي جمعت كافة الأحزاب اليمنية المختلفة كالاشتراكية والإسلامية والبعثية في انتخابات هذه السنة، وقال مرشح المعارضة الذي حصل على (21%) من الاقتراع في مقابلة أجرتها معه صحيفة "الواشنطن بوست " بأنهم جعلوا خططهم الأيدلوجية في شيء واحد يسمى المشترك وذلك للإدراك بأن الإصلاح السياسي ضروري جداً للحفاظ على الديمقراطية وكبح الفساد في اليمن . إن انتصار الرئيس علي عبد الله صالح لم يكن مفاجأة لأحد لأنه قائد معروف لكل إنسان. بالرغم من قول المعارضين بأن هناك غش وتزوير إلا أن مراقبين دوليين قالوا إن الانتخابات كانت حرة ونزيهة بشكل نسبي مع بعض القصور المعروف والمشاهد في الدول النامية كتصويت صغار السن ووجود أخطاء في سجل الناخبين . إن المسئولين الأمريكيين كانوا قد اطمأنوا جداً لهذه الانتخابات السليمة، مؤمنين بأن هذه العملية مهمة جداً بالرغم من بعض النواقص . ويرجع ذلك الاطمئنان إلى أن هناك تفسيرات تقول أن الرجوع إلى الأولويات القديمة والتي عفا عليها الزمن وهي أن المصالح الأمنية تحل محل تطور الديمقراطية . إن الولايات المتحدة الأمريكية تبذل جهداً محسوباً لتحسين الإصلاح العربي وتقوم بتشجيع الأنظمة الليبرالية العربية وهذا مؤكد فيما يحدث في دول المغرب العربي وأجزاء من دول الخليج العربي ، إذ يلح المسئولون الأمريكيون على تطبيق الليبرالية في هذه الدول لتعرف كيف تتعامل مع المسلمين . إن سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه بعض المنظمات الإسلامية تبقى غامضة جداً وربما بشكل متعمد حيث تبذل جهداً كبيراً للمحافظة على الاتصال مع التيار الإسلامي المعتدل غير العنيف . وفي اليمن هناك أعضاء من حزب الإصلاح والذي هو " خليط من حركة الإخوان المسلمين والقبائل وبعض السلفيين " يعتبرون من هذا التيار ويرحبون بالحوار معه ، وقد قام حزب الإصلاح بمشاركة الأحزاب السياسية الأخرى في برامجها تحت رعاية المعهد الأمريكي الديمقراطي ، إن القضية الأساسية والمهمة هي ما إذا كانت الحكومة اليمنية ستحصل على فوائد ملموسة من هذه الانتخابات التي جرت في سبتمبر 2006م . إن اليمن بلد عربي شحيح الموارد ويقع في قلب الصراع العربي الإسرائيلي ويعد البوتقة لكل أنواع المحاولات الأمريكية لخلق التوازن بين الإصلاح العربي وأهداف أخرى . إن هيئة تحدي الألفية كانت قد عوقت استحقاق اليمن للمساعدة في برنامجها الأولي قائلة إن اليمن اشتهرت بوجود فساد وعبث بالمال العام وتقول إن اليمن لا زالت غائبة بشكل واسع من سياسة الولايات المتحدة الأمريكية العامة في المسائل المتعلقة بالديمقراطية ولكن باستطاعة اليمن تجاوز ذلك كله حسب قولها . وبطبيعة الحال فإن نظام الإصلاح السياسي في اليمن لا زال أمامه قائمة طويلة من المشاكل الاقتصادية فما كاد البلد يتعافى من الحروب الأهلية حتى جاءت حرب إعادة الوحدة اليمنية وهكذا . ولدى اليمن الآن تحديات اجتماعية ضخمة منها الفقر المنتشر ومعدل الأمية المرتفع والاستهلاك الكبير للمياه -ومع ذلك كله تلمح الولايات المتحدة الأمريكية إلى أن اليمن لا زال مقصراً بالرغم من أنه نفذ الكثير من الأعمال . * هذا المقال نشر في صحيفة الواشنطن بوست بتاريخ / 7/11/2006م بعنوان (الواقعية المتوازنة والإصلاح العربي). |