مسلمات بيد الصليبيين.. الاغتصاب الممنهج لم تعد صيحات النساء والفتيات المسلمات بالاستغاثة والنصرة تلقى أثراً عند أحد، ولا حتى عند المعتصم، فقد طواه الثرى، فيما طوت المصلحة والضعف والانشغال؛ الدول العربية والإسلامية، حكومات وشعوب.. فبتن نساء المسلمين بأيدي المحتلين الصليبيين.. دون رادع ولا وازع. ورغم أن الوسائل الإعلامية اليوم سرّعت من وصول أخبار اغتصاب وأسر المسلمات؛ إلى الجميع، من الكهل حتى الرضيع ، إلا أنها لم تسبق جملة "وامعتصماه" ولم تلق آذاناً صاغية، ولا حمية واجبة، ولا نصرة ناصر.. فضاعت أدراج الرياح، وباتت أخبار الاغتصاب تمرّ مرّ السحاب، سريعة كأي خبر، سرعان ما يصبح باهتاً إذا مرّ عليه بعض الوقت. ففي الأمس، كانت وسائل الإعلام تتحدث عن اغتصاب المسلمات في أفغانستان، وقبلها في الشيشان، ثم بات الحديث أقرب، فأصبحت نساء العراق المسلمات طرائد الأمريكيين، قبل أن تنتقل العدوى إلى دول أخرى، كالسودان والصومال، وربما في غد أو بعد غد، يصبح الحدث أقرب فأقرب.. وتصبح حرائر بلادنا حديث وسائل الإعلام الأخرى. الصوماليات في قبضة الأثيوبيين: هللت الكثير من وسائل الإعلام العربية والإسلامية عندما تمكّنت قوات المحاكم الإسلامية من بسط سيطرتها على الصومال، منهية بذلك حقبة كبيرة من الاقتتال والاضطرابات الأمنية وعمليات القتل والسرقة.. وكل ما قامت به تلك المحاكم، أنها طبقت الشريعة الإسلامية، فحرّمت الزنا والمسكرات، وشددت العقوبات على السرقة والاعتداء، وأغلقت دور السينما، ومنعت تداول القات وغيرها، فقررت الولايات المتحدة أن الصومال باتت تشكّل "خطراً على السلام العالمي" معتبرة أنها على علاقة بالقاعدة، ذات التهمة التي قيلت ضد الرئيس العراقي السابق صدام حسين قبيل احتلال العراق. وخلال فترة وجيزة، كانت القوات في دولة إثيوبية (النصرانية) قد اجتاحت الصومال، بدعم من الولايات المتحدة. ما أجبر المحاكم ومن والاهم؛ للنزوح نحو كسمايو، ثم التضييق عليهم وخنقهم في الجزء الجنوبي الذي يحده المحيط الهندي من الشرق، وكينيا من الغرب. ولزيادة الحصار، نشرت القوات الأمريكية بارجاتها وزوارقها الحربية على طول الحدود البحرية للصومال، فيما أوعزت لكينا بنشر قوات عسكرية، ومنع أي عمليات نزوح إلى أراضيها. وقد نقلت وكالة الأسوشيتدبرس في خبر لها بعد العمليات العسكرية الأخيرة في الصومال، عن مصدر أمني كيني قوله: " انتشر الجنود على الحدود مع تعليمات صارمة بعدم السماح لأي صومالي بالعبور إلى هنا". وإن كان المقاتلون التابعون للمحاكم الإسلامية قد قرروا الاستمرار في الجهاد ضد الاحتلال الجديد، فإن مئات النساء والأطفال باتوا بأيدي القوات الإثيوبية والأمريكية الداعمة لها.. كل تلك الأخبار تم إغفالها وتجاهلها عربياً وإسلامياً.. ربما لا لشيء، إلا لأن المصائب لم تترك لغيرها مكاناً لترى النور.. فالأزمات والاختناقات بسطت سيطرتها على العالم العربي والإسلامي، لدرجة حجبت الرؤية لدى كثير من الناس عن مشاهدة فضائع جديدة. وكالة رويترز نقلت عن مفوض شؤون اللاجئين في الأمم المتحدة بالصومال، قوله: "إن حوالي 400 صومالياً، معظمهم من النساء والأطفال، يخيمون قرب الحدود مع كينيا، بعد عدم السماح لهم بالمرور". وأولى الأخبار التي بدت تكشف ما يحدث هناك، وخاصة عمليات اغتصاب وتطويق مسلمات صوماليات على يد الإثيبويين، هو ما نقله موقع "العربية نت" عن زعيم قبلي في جنوب الصومال، بقوله: "إن القوات الإثيوبية ترتكب اعتداءات جنسية بحق فتيات صوماليات"، وأضاف الشيخ عبدالوهاب خليفة (زعيم إحدى فروع قبائل الأوغادين)، أنه "يستطيع أن يؤكد إحدى هذه الاعتداءات في بلدة "دوبلي" جنوب الصومال". وهذا الخبر على محدودية انتشاره، إلا أنه سيكون نواة لأخبار لاحقة، تتحدث عن حقيقة ما يجري هناك، وكل ذلك مرهون بالوقت.. الوقت الذي ستقضيه القوات الإثيوبية لبسط سطرتها على الصومال. أزمة أخلاقية في جنوب السودان: قبل أيام قليلة على أنباء عمليات الاغتصاب في الصومال، كشفت مصادر إعلامية غربية، وجود عمليات اغتصاب من قبل موظفي الأمم المتحدة، ومن يطلق عليهم اسم "قوات حفظ السلام"، بحق فتيات قاصرات في جنوب السودان، والتي أجبرت الولايات المتحدة الحكومة السودانية على قبول نشر قوات فيها، بحجة مراقبة عملية السلام بين الحكومة والجنوب. التقرير الذي نشرته صحيفة "الديلي تلغراف" البريطانية مطلع العام الميلادي الجديد، نقلاً عن تقرير داخلي لمنظمة اليونيسيف التابعة للأمم المتحدة الخاصة بالطفولة والأمومة، أكد تورّط جنود حفظ السلام في جنوب السودان باغتصاب القاصرات. وقالت الصحيفة: "إن أكثر من عشرين فتاة صغيرة في بلدة جوبا أجبرهن عاملون مدنيون وعناصر من قوة الأمم المتحدة لحفظ السلام على ممارسة الجنس معهم". مؤكدة أن أكبر هؤلاء القاصرات يبلغ عمرها 12 عاماً فقط. وأفادت الصحيفة بأن الحكومة السودانية جمعت أدلة بينها لقطات فيديو لعاملين للأمم المتحدة يمارسون الجنس مع فتيات صغيرات. هذا ما حدث، وما خفي أعظم، رغم أن السودان كانت قد وقعت مع بعثة الأمم المتحدة في شهر ديسمبر بالخرطوم، على اتفاق "سوفا"، والذي ينص في المادة الرابعة علي ضرورة التزام البعثة بالشفافية التامة خلال عملها بالسودان مع الاحترام الكامل لمبادئ وقواعد الاتفاقات الدولية التي تطبق علي قواعد السلوك الخاص بالموظفين العسكريين. ورغم دعوات الحكومة السودانية لمحاكمة المتهمين من بعثة الأمم المتحدة، إلا أن ذلك لم ولن يحدث، وستذهب هذه الأخبار أدراج الرياح قريباً. كما ذهبت أحداث اغتصاب القوات الإفريقية لقاصرات سودانيات في دارفور العام الفائت أدراج الرياح، وباتت نسياً منسياً. وفي العراق جراح: للحديث عن الاغتصاب وسفك أعراض المسلمات في العراق شكل آخر، فهناك كل شيء يحدث على الملأ، لا أحد يمكن أن يحرّك ساكناً، ولا يوقف غاصباً، وتصبح عملية حماية النساء المسلمات من اغتصاب الأمريكيين، تهمة كاملة الإدانة بالإرهاب ومقاومة الاحتلال، ينتهي الأمر بمعظمهم بالقتل، وهم على فظاعة ما يعانونه سيكونون أكثر حظاً من ألئك الذين حرقوا أو عذّبوا حتى الموت. حدثني أحد العراقيين القادمين من العراق بقصة عرفها عن كثب، وعرف بطلاتها اللواتي انتهى بهنّ المطاف إلى الحدود السورية، قال لي: "في مدينتي عاث الأمريكيون الفساد، وهم تستهويهم على الدوام اغتصاب الفتيات اللواتي بعمر الزهور، وقد وقفت بنفسي على حادثة لأحد أقربائنا في إحدى المدن القريبة من الحدود العراقية السورية، حيث قام الجنود الأمريكيون بتفتيش منزل قريبي الذي لديه 3 فتيات في العشرينيات من عمرهن، وخلال التفتيش كان الجنود الأمريكيون يتحدثون فيما بينهم عن الفتيات، قبل أن يكلموا المرافق العراقي لهم، والذي بدت عليه علامات الحيرة والارتباك، ثم خرجوا". ويتابع أبو خالد بالقول: "وفي أول الليل، جاء المرافق العراقي إلى المنزل متخفياً، وأخبر قريبي أن عليه إخراج بناته من المنزل بأسرع وقت ممكن، حيث إن جنود الاحتلال طلبوا أن يأخذوا الفتيات معهم، إلا أن المرافق أخبرهم أن ذلك سيجعل أهل القرية يهاجمونهم وقد يقتلون أحد الأمريكيين، واقترح عليهم أن يقوموا بمداهمة المنزل ليلاً، ويأخذوا الفتيات معهن". ويؤكد أبو خالد أن منظر الوداع كان مؤلماً للغاية، وهو يرى العائلة تودع بعضها البعض في جنح الليل، والراحلون يأخذون معهم زادهم من الطعام والمال، ويمضون بعيداً عن المدينة هرباً من الأمريكيين. ورغم أن المأساة لم تنته، خاصة مع قدوم الأمريكيين، وترويع أهل المنزل ضرباً وتعذيباً، إلا أن الفتيات اللواتي وصلن مع أخوهن إلى الحدود السورية العراقية كنّ أوفر حظاً من مئات وآلاف العراقيات اللواتي انتهى بهن المطاف فريسة للأمريكيين. من بينهم فتاة المحمودية الشهيرة، التي قتلها الجنود الأمريكيون وأحرقوا جثتها، بعد أن اغتصبوها ومثلوا بها، وقتلوا عائلتها معها. لا تزال بعض المنتديات عبر الإنترنت تحتفظ بذاكرة إعلامية تحدثت قبل عامين، عن حادثة الاغتصاب الجماعية التي تمّ تصوريها لجنود أمريكيين وهم يقومون باغتصاب فتاة عراقية، وصور بعض عمليات الاغتصاب التي عرضها بعض الجنود الأمريكيون الذين عادوا من العراق إلى وطنهم من باب "التفاخر"، وغيرها من القصص والأحداث المأساوية التي هزّت المسلمين، قبل أن تنطفئ جذوة الحدث، ويصبح الكلام عنها مجرد تذكير وكلمة "آه" أو مجرد نقطة عبور لمواضيع أخرى. المأساة التي تتزايد في العراق يوماً بعد يوم، هو ما يحصل للمسلمات من أهل السنة، على يد عصابات شيعية مدعومة من قبل الاحتلال، ومدعومة من الحكومة الموالية لها، وهو ما فجّر ينابيع الغضب، وأشعل النيران في موقد مشتعل أصلاً.. فظلم ذوي القربى أشد مرارة من وقع الحسام المهند. فكيف وما يحصل في العراق من الشيعة بحق المسلمين السنة يجمع الظلم والمهند؟ إذ لم تكد أخبار قيام ميليشيات شيعية باقتحام إحدى دوائر التعليم العالي في بغداد واختطاف الرجل والنساء فيها تخبو قليلاً، حتى انتشر خبر عملية خطف واغتصاب وقتل طالبات جامعيات في الجامعة المستنصرية في بغداد بين العراقيين انتشار النار في الهشيم, وسرعان ما تبادل العراقيون رسائل الجوال وهم يعزون بعضهم بعضاً على هذه الأحداث المؤسفة. ويؤكد العراقيون هناك أن الجامعة المستنصرية ستكون هدفاً قادماً لضربات المقاومة العراقية انتقاماً لحادثة اغتصاب الطالبات. مشيرين إلى أن الجامعة المستنصرية لم تعد مكاناً للعلم بل أصبحت مكتباً من مكاتب زعيم ميليشياوي شيعي يعيث أتباعه فيها الفساد ويقترفون فيها جرائم القتل والاغتصاب في حق المسلمات الطاهرات. وبعد هذه الحادثة بأيام قليلة، عثرت الشرطة العراقية على جثث ثلاث طالبات تم اختطافهن من الجامعة ذاتها, وقد تم اغتصابهن وقتلهن والتمثيل بجثثهن من قبل الميليشيات. ترى متى يتوقف هذا النهر من الظلم والفتنة والطغيان؟، ومتى ينتهي مسلسل القهر الذي يعانيه المسلمون وهم يرون نساءهم وبناتهم عرضة للنهب والاغتصاب؟ ومتى يبعث الله لنا معتصماً جديداً، يضع دماء آلاف المسلمين رهناً لنصرة امرأة مظلومة؟ * أوزبكستان المسلمة |