فتوى أزهرية تبيح لمصرية تأجير رحمها أثار إعلان سيدة مصرية برغبتها في تأجير رحمها لمن ترغب في الإنجاب مقابل 2500 دولار شهريا ونفقة شهرية أثناء الحمل، جدلا فقهيا داخل الأزهر ودار الإفتاء المصرية. ففي حين أفتي عالم أزهري بارز بجواز ذلك، حرمه بشدة مفتي مصر، بينما تخوفت أستاذة في جامعة الأزهر من أن تؤدي هذه العقود إلي مشكلات إجتماعية وقانونية واسعة. وقال د. عبدالمعطي بيومي عضو مجمع البحوث الاسلامية (أعلي هيئة للفتوي بالأزهر) والعميد الأسبق لكلية أصول الدين بالجامعة الأزهرية إن تأجير الأرحام جائز جائز شرعاً معتبرا أن هذا من شأنه أن يحل كثيرا من مشاكل الأمهات اللاتي يعانين من العقم ويحافظ علي ترابط آلاف الأسر التي ترغب في الإنجاب. لكنه وضع شرطا لهذه الاباحة موضحا إن تأجير الأرحام يجوز بالنسبة للزوجين فقط ، لكنه غير جائز حال استخدام هذه الرخصة الشرعية بهدف التجارة. لكن الدكتور علي جمعة مفتي مصر اكد إن تأجير الأرحام محرم شرعاً وغير جائز في جميع الحالات لأن مخاطره أكثر من منافعه، وهناك قاعدة شرعية تقول إن درء المفاسد مقدم علي جلب المنافع. وأضاف أن هذا الأمر يدخل الناس في دوامة الشك خاصة أن بعض الأطباء قالوا بأن الطفل قد يكتسب صفات وراثية من الرحم الذي نشأ فيه. كانت سيدة مصرية قد نشرت إعلانا عبر موقعها علي الانترنت عن رغبتها في تأجير رحمها مقابل خمسة عشر ألف جنيه للحمل الواحد (2500 دولار) ونفقة ثلاثمائة جنيه عن كل شهر حمل. وكان مجمع البحوث الإسلامية في مصر قد أصدر فتوي في وقت سابق بتحريم تأجير الأرحام بشكل قاطع. وأكدت السيدة المصرية صاحبة الاعلان أنها ترغب في تأجير رحمها بهذا المقابل، وحددت مواصفاتها بأنها شابة تبلغ التاسعة والعشرين وتقيم في القاهرة، وتعرض رحمها لأي امرأة ترغب في الإنجاب ولا تستطيع الحمل، واشترطت أن تكون الراغبة في التأجير مصرية أو عربية وليست أجنبية. وقالت إن لها ولدين يتمتعان بصحة جيدة، وأنها علي استعداد لنشر كافة التفاصيل عن حالتها الصحية شاملة تحاليل طبية وأشعة كانت قد أجرتها علي الرحم للتأكد من خلوها من الأمراض. وأشارت إلي أنها تتمتع بنسبة خصوبة وتبويض عالية جداً بناءً علي شهادات الأطباء. واعتبر د.عبد المعطي بيومي إن المرأة صاحبة الرحم المستأجر أما حاضنة، في حين تكون صاحبة البويضة أما أصلية، ويترتب علي ذلك بأن يحرم من تأجير الرحم ما يحرم من الرضاع، لأن العمليتين متساويتان. وأشار د.بيومي إلي أن هناك حقائق طبية تؤكد إن التشكيل الوراثي للجنين الجديد سيكون بالقطع للزوج صاحب الحيوان المنوي وزوجته صاحبة البويضة، مضيفا بأن البويضة الملقحة بالحيوان المنوي للزوج لا يمكن بأي حال من الأحوال إعادة تلقيحها مرة أخري بأي حيوان منوي آخر غير الذي لقحت به بالفعل. واستطرد بأن الرحم لا ينقل أي صفة وراثية، ولا يعمل إلا كحضانة للطفل تحميه وتمده بما يلزم نموه، إضافة إلي انعدام أي احتمال لاختلاط الأنساب وهو ما يجعلنا نقول في هذه الحالة بأن التأجير حلال. الدكتور أسامة عزمي أستاذ الصحة الإنجابية بالمركز القومي للبحوث بالقاهرة قال إن وضع البويضة الملقحة في رحم آخر لا يؤدي إلي انتقال أي من الصفات الوراثية من الأم الحاضنة أو زوجها إلي الجنين الناشيء في رحمها حيث إنه بيولوجيا لا يمكن انتقال أي من الصفات الوراثية إلا عندما يتم تلقيح البويضة. بمعني أن اقتراب الزوج من الأم الحاضنة لا يحدث أي تلقيح لأنه في حالة وجود بويضة داخل رحم الأم فإن مبيض الأم يتوقف تماما عن التبييض. وتتخوف د.سعاد صالح الأستاذة بجامعة الأزهر مما يعتبر حقائق علمية وطبية مع أنه لا يزال مثار شك وجدل بين الأطباء أنفسهم، وخاصة فيما يتعلق باحتمالات وجود تأثيرات وراثية للرحم علي الجنين، واحتمالات اختلاط الأنساب خاصة في حال حدوث معاشرة زوجية بين الأم الحاضنة وزوجها. وقالت د. سعاد إن الرحم المستأجر محرم لأنه يتضمن إدخال نطفة رجل في رحم امرأة لا تربطه بها علاقة زوجية، وعلي هذا يمنع التبرع أو الاتجار بالبويضات أو الخلايا المنوية، فالمتطوعة بالحمل أجنبية عن الزوجين مصدر البذرتين فتدخل هذه الأساليب في معني الزنا دون أدني شك، حيث إنها تؤدي إلي اختلاط الأنساب. وتشير إلي أن هذه الوسيلة فضلا عن كونها ذريعة إلي اختلاط الأنساب نتيجة الازدواج في التكوين والنشأة والخلقة، فهي وسيلة أيضا إلي الشر والفساد وكل ما يؤدي إلي الضرر أو الحرام فهو حرام. وفي ردها علي رأي د. بيومي قالت د. سعاد إنه لا يصح قياس تأجير الرحم علي تأجير المرضعة للاختلاف بينهما في أمور عدة منها: أن المنفعة في تأجير المرضعة منفعة مشروعة أجازتها النصوص الشرعية من الكتاب والسنة، أما العقد علي استئجار الرحم فهو عقد علي منفعة غير مشروعة لأن الرحم جزء من آدمية حرة لا تصلح للمعقود عليه. وأوضحت إن من شروط صحة العقد ألا يترتب عليه نزاع أو خصام بين المتعاقدين، وهذا العقد يقينًا يؤدي إلي النزاع بين الأبوين وبين المستأجرين في أحقية كل منهما لامتلاك الجنين ونسبه إليهما. وأشارت د. سعاد إلي أن هذا يجعل المرأة ممتهنة ومبتذلة بعرض رحمها للبيع أو الهبة. كما أن فيه اعتداء علي أمومتها وأحقيتها في ضم الوليد بعد أن تغذي منها وحملته وهنًا علي وهن. وتساءلت: ماذا لو قامت صاحبة الرحم بتأجير رحمها لأكثر من أسرة ثم حدث مستقبلا تزاوج بين أبناء هذه الأسر؟.. ومن ثم فإننا يجب أن نحافظ علي شريعتنا وثوابتها ومصالحها وقواعدها حتي يعم الأمن والأمان بين أفراده. (الراية) |