الأربعاء, 27-نوفمبر-2024 الساعة: 07:31 م - آخر تحديث: 07:26 م (26: 04) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
30 نوفمبر.. عنوان الكرامة والوحدة
صادق‮ ‬بن‮ ‬أمين‮ ‬أبوراس - رئيس‮ ‬المؤتمر‮ ‬الشعبي‮ ‬العام
ذكرى الاستقلال.. وكسر معادلات الطغيان
قاسم‮ محمد ‬لبوزة‮*
الذكرى السنوية للاستقلال الوطني من الاحتلال البريطاني البغيض
أ.د عبدالعزيز صالح بن حبتور
ثورة الـ "14" من أكتوبر عنوان السيادة والاستقلال والوحدة
بقلم/ يحيى علي الراعي*
زخم الثورة وحاجته لسلوكٍ ثوري
إياد فاضل*
خواطر في ذكرى تأسيس الموتمر الشعبي العام
د. أبو بكر عبدالله القربي
المؤتمر الشعبي رائد البناء والتنمية والوحدة
عبدالسلام الدباء*
شجون وطنية ومؤتمرية في ذكرى التأسيس
أحمد الكحلاني*
ليبارك الله المؤتمر
راسل القرشي
ميلاد وطن
نبيل سلام الحمادي*
رؤية وطنية تلبّي احتياجات الشعب
أحلام البريهي*
المؤتمر.. حضور وشعبية
أحمد العشاري*
قضايا وآراء
المؤتمر نت -  السيد يسين
السيد يسين -
دفاع بائس عن القوة الأميركية!
يبدو أن سلسلة المقالات الموثقة التي حللنا فيها مكونات الهيمنة الأميركية في ظل النظام الأحادي القطبية الذي بزغ بعد سقوط الحرب الباردة، قد أقضَّت مضاجع بعض الكتاب المبهورين بالقوة الأميركية، والمعجبين إلى غير ما حد بالحلم الأميركي، والمدافعين بإطلاق عن الإدارة غير الرشيدة للرئيس بوش.

وربما ما كتبناه لم يكن جديداً تماماً، لأننا منذ أحداث سبتمبر 2001 تعقبنا صعود خطاب الحرب على الإرهاب الذي صاغه الرئيس بوش، وحللنا تجلياته المدمرة وخصوصاً في غزو أفغانستان، والغزو العسكري الأميركي للعراق الذي انتهى بمأزق تاريخي للقوة الأعظم في العالم. قوة عظمى ولاشك ولكنها وقعت -كما تنبأنا من قبل- في المستنقع العراقي، وهي لا تستطيع الخروج بشرف وكرامة، ولا تقدر على البقاء بأمن، في ظل تساقط عشرات الجنود الأميركيين يومياً على يد المقاومة العراقية من جانب، ونتيجة لممارسات العصابات العرقية العراقية المتعددة.

غير أن الجديد الذي أثار خواطر بعض الكتاب المولعين بأميركا هو أننا أثرنا إشكالية التطور التاريخي الذي يأخذ مجراه -ببطء ولكن بثبات- من النظام الأحادي القطبية الذي تتزعمه الولايات المتحدة الأميركية منفردة إلى نظام متعدد الأقطاب ستلعب فيه اتحادات دولية مثل الاتحاد الأوروبي، ودول عظمى صاعدة مثل الصين والهند وغيرها، أدواراً بالغة الأهمية في إدارة العالم، بالإضافة إلى الأدوار التي ستلعبها الدول المتوسطة القوة والدول الصغيرة.

ومعنى ذلك بداية سقوط الإمبراطورية الأميركية، وزوال هيمنتها العالمية وتأثيراتها المدمرة على مصائر البشر والشعوب.

ولذلك لم يكن غريباً -وإن كان مدهشاً لي- أن يتصدى أحد الكتاب المصريين المعروفين للدفاع البائس عن القوة الأميركية زاعماً أنها مازالت لها الغلبة، ولن تزول أبداً، وأن الدول الكبرى الصاعدة في النظام الدولي والمرشحة لتكون قطباً بارزاً من بين أقطاب العالم المتعدد الأقطاب البازغ، تنمو وتصعد في ظل الحماية الأميركية! وهذه للأسف الشديد مزاعم ليس لها أي أساس في الفكر الاستراتيجي المعاصر.

ولو اطلعنا بدقة على هذا الفكر -بدلاً من التهويمات الفارغة من المعنى- لاكتشفنا أن هناك نموذجين متعارضان تماماً.

النموذج الأول هو النموذج الأميركي الذي ينظّر للقطب الأوحد باعتباره سيهيمن على العالم إلى أبد الآبدين! نجد ذلك في وثيقة استراتيجية خطيرة نشرتها مؤسسة "راند" التي تمثل العقل الاستراتيجي الأميركي خير تمثيل، وحررها عشرة من كبار المفكرين الاستراتيجيين الأميركيين، وهي موجهة أساساً لوزارة الدفاع الأميركية، وتتضمن توصيات لها حول كيفية التصدي لأي دولة حتى لو كانت الصين، إذا ما حاولت تحدي الهيمنة الأميركية المطلقة، ولو باستخدام القوة العسكرية الفائقة لإجهاض هذه المحاولة.

والنموذج الثاني هو نظرية صينية استراتيجية متكاملة لتأسيس عالم متعدد الأقطاب -وقد حدد ملامح هذه النظرية- بناء على تحليل موثق لنتاج الفكر الاستراتيجي الصيني لأكثر من ثلاثين مركزاً استراتيجياً صينياً -عالم سياسة أميركي هو "كاميل" وهو خبير بالصين ويتقن اللغة الصينية تماماً، مما أتاح له الاطلاع المباشر على الفكر الاستراتيجي الصيني.

وبناء على ذلك يمكن القول إن ما أكدناه عن بداية انحسار الهيمنة الأميركية -بالمعنى التاريخي للكلمة- وبروز إرهاصات تأسيس عالم متعدد الأقطاب، ليس محض خيال، ولا هو من قبيل التمنيات المستحيلة.

وأنا أدعو الكتاب الموالين لأميركا والمتحمسين لقوتها الفائقة، أن يقرؤوا بعناية الأدبيات النقدية الأميركية المعاصرة، وأحيلهم -على سبيل المثال لا الحصر- إلى الدراسة الشاملة للكاتب الأميركي "جون إيكنبري" التي نشرها في مجلة الشؤون الخارجية الأميركية عدد مارس- إبريل 2004 بعنوان دالٍّ حقاً هو: "أوهام الإمبراطورية: تعريف النظام الأميركي الجديد".

وقد حاول "إيكنبري" بأستاذية ملحوظة تحديد أصول مشكلة الهيمنة الأميركية الراهنة، بالعودة إلى المسرح العالمي عقب انهيار النظام الثنائي القطبية ونهاية الحرب الباردة حوالى عام 1991، وظهور الولايات المتحدة الأميركية باعتبارها إمبراطورية تجمع كل مكونات القوة العسكرية والاقتصادية والتكنولوجية بما ليس له نظير في التاريخ. ذلك لأنها في الواقع أول إمبراطورية تمارس هيمنتها على مستوى العالم بغير قوة عظمى تنافسها، وتستطيع أن تضع حدوداً كممارستها غطرسة القوة.

وهذه الغطرسة هي التي أصبحت -في نظر إيكنبري- تهدد السلام العالمي. وهو يقرر في عبارة دالة "أن القوة عادة ما تمارس بشكل صامت أو خفي، أما حين يعلن عنها بكل الوسائل جهاراً نهاراً فهي تدرك باعتبارها هيمنة".

ولا يتردد هذا الكاتب الأميركي الموضوعي في التأكيد على أن النزعة الإمبراطورية الأميركية لها تقاليد قديمة، تكشف عنها ممارسة السياسات الإمبريالية الفجة، وخصوصاً في أميركا اللاتينية والشرق الأوسط. وهو يستعرض في مقالته الجامعة كل الكتب النقدية الأميركية خصوصاً والغربية عموماً التي انتقدت الهيمنة الأميركية. ومن أبرزها كتاب "شارلز جونسون": "أحزان الإمبراطورية" الذي يذهب فيه إلى أن الولايات المتحدة الأميركية بعد نهاية الحرب الباردة مثلت شكلاً جديداً من أشكال الحكم الإمبريالي العولمي. وهي مدفوعة في ذلك بإيديولوجية تعتبرها منتصرة (على الاتحاد السوفييتي) وبحس متضخم يتحدث عن التهديدات الجسيمة التي تتعرض لها، ومن خلال مجمعها العسكري– الصناعي قد أحكمت قبضتها على العالم.

ويشير من ناحية أخرى إلى كتاب المؤرخ البريطاني الشهير "نيال فيرجسون" Colossus والذي يذهب فيه إلى أن الولايات المتحدة الأميركية هي إمبراطورية وهي كذلك منذ زمن طويل، وإن كانت تزعم أنها إمبراطورية ليبرالية!

وهو يتعرض أيضاً لكتاب "بنيامين باربر": "المخاوف من الإمبراطورية" حيث ينقد القرارات المنفردة للولايات المتحدة الأميركية، وخصوصاً مواجهتها للإرهاب، حيث تذبذبت بين تطبيق القانون ونسف قواعده نسفاً في الوقت نفسه، ذلك بأنها حين أعطت نفسها حق العمل المنفرد، والحرب الوقائية من خلال الضربات العسكرية الإجهاضية، وحقها في تغيير النظم السياسية التي لا تروقها بالقوة، تكون قد قضت على مبادرات التعاون وأسس القانون، التي كانت كفيلة بمواجهة الفوضى التي نجمت عن الإرهاب.

ونصل أخيراً إلى عالم الاجتماع الأميركي "مايكل مان" في دراساته البارزة "عن تاريخ استخدام القوة الاجتماعية"، ويقرر أن هناك أربعة أنماط للقوة تدفع إلى صعود وسقوط الدول والأمم والإمبراطوريات والمدنيات، وهي القوى العسكرية والسياسية والاقتصادية والإيديولوجية، وبتطبيق ذلك على الولايات المتحدة الأميركية يقرر "مان" في عبارة زاخرة بالاستعارات أنها "عملاق عسكري، وقوة اقتصادية دافعة تعمل من وراء ستار، وحالة شيزوفرينيا سياسية، وسراب إيديولوجي"!

ويضيف أن الولايات المتحدة الأميركية -في عبارة ختامية- تمثل نموذجاً فريداً للمشروع الإمبريالي الذي يتسم بالفجوة العميقة بين القوة العسكرية الجبارة، والقوة السياسية المتهافتة.

هكذا تكلم الكتاب الأميركيون بجسارة نقدية، ضد محاولات "الكتبة" الدفاع البائس عن قوة عظمى في طريقها إلى الانهيار! وجهات نظر








أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "قضايا وآراء"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024