القرضاوي: لن نحاور المعتدين ومن يساندهم أكد العلامة د. يوسف القرضاوي أن الإسلام يرحب بالحوار والتفاهم مع كل الأديان، إلا مع من يساند من ظلمنا، ويعتدي على حرماتنا لحين أن يتبرأ من ذلك، وينبثق الحوار مع الآخر من الرحمة العالمية التي تميز بها الإسلام "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِين". وأوضح القرضاوي أن المسلمين لا يحبون الحرب، ويكرهونها، وقد كُتبت عليهم ليحافظوا على وجودهم، ويدافعوا عن أنفسهم، يقول تعالى: "كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُم". وبيّن فضيلته أن الذي يوجد الإرهاب هو المظالم التي تقع على الناس دون أن يجدوا من يدفعها عليهم. جاء ذلك في الجلسة الافتتاحية للدورة السابعة عشرة للمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث والتي عقدت الثلاثاء 15-5-2007 في مدينة سراييفو عاصمة البوسنة تمام الساعة السادسة والنصف بتوقيتها (السابعة والنصف بتوقيت مكة). وشدد القرضاوي على أن المجلس الأوروبي أسس حتى لا يترك المسلمين في أوروبا نهبًا للجهلة وأدعياء العلم، لافتًا إلى أن أكثر ما يؤتى منه المسلمون الآن من قبل الجهلة.. لذا كان لا بد من وجود المجلس الذي يبصر المسلمين بدينهم. كلمة سواء ودعا القرضاوي أهل الأديان السماوية جميعًا إلى ثلاث لا يختلف عليها أحد: 1 - الإيمان بالله تعالى.. فنتوحد صفًّا لنقف ضد الموجة الإلحادية، والمادية التي تنكر وجود الإله، فنبين لهم ما في الإيمان بالله من سكينة وطمأنينة، وهدف في الحياة. 2 - الأخلاق.. وهذه لا يختلف عليها أي دين، وآفة الحضارة الحديثة أنها تدعو للتحلل، ولو كانت حضارة مسيحية ما دعت للتحلل ففي الإنجيل: "لقد كان من قبلكم يقولون لا تزني، والحق أقول لكم من نظر إلى امرأة يشتهيها بقلبه فقد زنى"، فهو يلتقي مع قول نبينا صلى الله عليه وسلم: "العين تزني وزناها النظر، واليد تزني وزناها اللمس.." فيجب أن يقف الجميع لإيجاد قيم أخلاقية تسمو بها البشرية. 3 - العدل: ويجب أن ندافع عن حق الإنسان في الحرية وفي تقرير المصير.. ومن حق الإنسان أن يدافع عن أرضه المغتصبة، وعن عرضه، إنما يكون السلام والاستقرار عندما نقاوم الظلم، فالعدل إن دام عمّر، والظلم إن دام دمر، والظلم يمنع البركة من الأرض. كانت الجلسة قد بدأت بترحيب من الشيخ حسين حلاوة الأمين العام للمجلس، (مصري يعيش في أيرلندا) الذي عبر عن سعادته بالحضور ودعا بالتوفيق للمجلس في دورته العاشرة. ثم كانت تلاوة القرآن الكريم من طالب بوسني، تلاه ترحيب من الشيخ عبد العزيز العقيلي، مدير مركز فهد الإسلامي والذي رحب بالحضور، وبيّن في كلمته أن مد جسور التواصل مع الآخرين ضرورة عصرية، ووجود المجلس الأوروبي في أوروبا أمر مهم يرسم للمسلم المعاصر هناك طريقًا رحبًا يفهم من خلاله دينه، وكيفية تعايشه مع الآخر. جهاد الكلمة وقد ألقى كلمة المجامع الفقهية فضيلة الشيخ علي عبد الباقي أمين عام مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، وبيّن أن وحدة الصف هي الأساس الذي يجب أن يهتم به العلماء؛ لأنهم القوة الحقيقية في أي مجتمع، ودعا الجميع أن يكونوا قدوة يمثلون الإسلام عمليًّا. وفي كلمته التي ألقاها رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية الأستاذ شكيب مخلوف بيّن أن المجلس استمر للآن عشر سنوات حافلة بالجهود العلمية، مبينًا أن هناك تحديات تواجه المسلمين، منها: هوية الشباب التي بدأت تذوب في المجتمعات، وتحدي تعزيز الأسرة المسلمة، وتحدي التشويه الذي يواجه الجميع. أما كلمة الضيوف التي ألقاها د. أحمد العسال رئيس الجامعة الإسلامية بباكستان سابقًا فقد بيّن فيها أن الجهاد لا يقتصر على ساحة الميدان في الحروب، ولكن هناك جهاد الكلمة، مبينًا أن المسلم الذي يظهر بغير الأخلاق الإسلامية أمام غير المسلم إنما يصد عن دين الله. الآخر يتحدث وقد شهدت الجلسة بالاستماع إلى ممثلين عن الطائفة اليهودية بالبوسنة والطائفة الكاثوليكية والطائفة الأرثوذوكسية، حيث ألمح يعقوب فيتسني ممثل الطائفة اليهودية إلى أن البوسنة لها مشاكلها الكثيرة، متمنيًا أن توجه الأسلحة لحرث الأرض، وأن تتحد كل الديانات لمواجهة أخطار تهدد البوسنيين جميعًا كالإيدز والإرهاب وأسلحة الدمار الشامل، وأن نعيش كما عاشت الكائنات على سفينة نوح، فقد جمعت الأعداء في مكان واحد وعاشوا جميعًا. وأوضح ممثل الكنيسة الكاثوليكية الدكتور نيكو إيكتش Niko Ikic أنه يرى اليوم البوسنة ملتقى الثقافات لا الدمار، وبين أن مجتمع البوسنة غني بالاحترام المتبادل بين أفراده، والعيش المشترك بين أهله. وشدّد السيد فانيا يوفانوفيتش Vanja Jovanovic ممثل الكنيسة الأرثوذكسية على أهمية لجنة حوار الأديان، وأنها مهمة جدًّا للتسامح والاحترام المتبادل وبناء المدينة من جديد. هذا وقد تضمنت الدورة مجموعة من المحاور، أهمها: المواطنة والاندماج.. الإطار الشرعي، والواقع الأوروبي مسرحًا للمواطنة، والأهداف المستقبلية للاندماج، والمواطنة والاندماج.. القواعد والضوابط. يُذكر أن اللقاء التأسيسي لـ(المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث) قد عقد في مدينة لندن في بريطانيا في الفترة: 21 - 22 من ذي القعدة 1417هـ الموافق 29 - 30 من شهر آذار (مارس) 1997م بحضور ما يزيد عن خمسة عشر عالمًا.. وكان ذلك تلبية لدعوة من قبل (اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا). وقد تميزت الدورة الحالية باكتسابها أهمية خاصة، حيث كانت احتفالية من المجلس بمرور عشر سنوات على إنشائه، حقق خلالها سبع عشرة دورة، بدأ أولاها في البوسنة، وكانت السابعة عشرة أيضًا بها. كذلك تميزت بدعوة سفراء (مصر - وليبيا - والسعودية - وفلسطين - وإيران)، كما حضرها معالي الوزير صافِت خليلوفيتش، وزير حقوق الإنسان وشئون اللاجئين. |