من هنا فإن الثلاثين من نوفمبر عام 67، يصادف في التاريخ نفسه النكسة العربية الأمر، ولكنه في اليمن يوم للاستقلال والحرية؛ فقد رحل آخر جندي مستعمر عن هذا البلد في مثل هذا اليوم، وغرس الشعب فسيلة حرية أصبحت اليوم شجرة باسقة تفيء عناقيد خير، ملقية ثمار الديمقراطية، الوحدة، اليمن الأقوى، يمن الثاني والعشرين من مايو. ولا شك أن المناضلين الأوائل الذين اختلط دمهم بعرقهم وهو يهيئون النجاح لإشعال هذه المشكاة، سيسرهم ما آلت إليه البلاد من درجات عالية السمو والارتفاع من نواح كافة، وسيشعر الشهداء الذين يشاركوننا الفرحة بأرواحهم الدافئة الدافقة، بأن حياتهم التي أطفئت في سبيل عزة شعبهم قد أوقظت حيواة تكاد أن تودع الروح في الشوامخ الصلد. لم يعد نفسه ذلك اليمن الذي انتزع في مثل هذا اليوم من يد المستعمر الطاغي، لقد أصبح شيئاً مختلفاً، نور على نور، يكاد سنا برقه أن يبدد الوحشة التي تدق الليالي العربية، الحالكة. وكما أن الذكرى التي نحتفي بها في هذا الصباح الراقص بكبرياء، رفيع المهابة، فإنه يتعين على كل واحد منا أن يحاول ما استطاع، الارتقاء إلى هذا السمو، مستلهماً من تضحيات الأوائل ما يكشف الطريق أو بعضاً منه نحو مستقبل نسير إليه، أو نقاد. |