الجندر" دعوة غربية إلى انفلات المرأة تحاول المنظمات التابعة للأمم المتحدة ووسائل الإعلام الغربية الترويج لمصطلح “الجندر” الذي تعتبره العصا السحرية لانطلاقة المرأة واستعادتها لمكانتها المفقودة منذ انتهاء العصر الأمومي وسيطرة الرجل على مقاليد الحياة وظلمه لها باسم الأديان والأعراف، وهنا نكشف جذور هذا المصطلح الغريب الذي لم تنته محاولات فرضه بالترغيب والترهيب لكي يدخل قوانين الأحوال الشخصية للمسلمين مستقبلا. أعدت الدكتورة نشوى ثابت أستاذة الاجتماع في جامعة عين شمس دراسة عن الجندر وجذوره تقول فيها: إن الغرب عاود ربط نشر مفهوم الجندر في عالمنا العربي والإسلامي بالإغراءات الاقتصادية من جانب، وكذلك زيادة التمويل الأجنبي للمنظمات النسائية التي تروج لهذه الأفكار ومن يعترض يتعرض لضغوط، وهناك مؤلفات غربية عديدة في هذا الميدان اشهرها كتاب آن أوكلي “الجنس والنوع والمجتمع” عام ،1972 حيث استبدلت التقسيم البيولوجي بين الإناث والذكور بمصطلح “جندر” ودعت لإزالة كل أشكال التمييز أو الاختلاف بينهما، ومع هذا فإن هناك غموضا متعمدا من قبل الحركات النسوية الغربية في الترجمة الحقيقية لمصطلح الجندر حيث تفضل التمويه بمعان مثل الجنس الاجتماعي، الدور الاجتماعي، النوع الاجتماعي، وغيرها بهدف التعمية والوصول إلى ألفاظ مقبولة اجتماعيا لدى المجتمعات الشرقية التي يلعب الدين دورا رئيسيا في حياتها، كما أن الجندر متغير، في حين التقسيم البيولوجي القديم ثابت، ووصل الخداع في تعريفه الى القول إنه يعني تحرير المرأة وتحسين دورها في التنمية، ووصل التركيز على هذا المصطلح إلى تكرار ذكره في وثائق مؤتمر بكين للمرأة 254 مرة دون أن يتم تعريفه ولو مرة واحدة. وتؤكد أن سعي دعاة “الجندر” إلى استبدال لفظ ذكر أو أنثى بالمساواة بين النوعين يهدف الى الوصول إلى هدف أكبر هو القضاء على دور الرجل ونبذ الكيان الحالي للأسرة والتخلي عن اشتراط الزواج لإقامة أسرة انطلاقا من مبدأ خطير ومدمر وهو “ملكية المرأة لجسدها”، وبالتالي يكون لها مطلق الحرية في الإباحية والشذوذ ورفض الإنجاب وإباحة الإجهاض وغيرها من الأمور التي ترفضها الأديان والفطرة السوية. ترغيب وترهيب وترى المهندسة كاميليا حلمي مديرة اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل أن لجنة مركز المرأة في الأمم المتحدة هي رأس الحربة في نشر مفهوم الجندر عالميا من خلال مؤتمرات المرأة والأطفال ووصلت ضغوطها إلى الحصول على قرار من كوفي أنان السكرتير السابق للأمم المتحدة بمنح الشواذ المتزوجين كل مميزات وصفات الأسرة من حيث التأمين الصحي والمعاشات والتعويضات وغيرها من الحقوق الزوجية، وكان هذا جزءا من منظومة أنثوية متطرفة يراد فرضها على العالم مستعينة ببعض المفاهيم المغلوطة عن وضع المرأة في الأديان من جهة، وكذلك الممارسات والتقاليد الظالمة من جهة أخرى، ورغم تحفظ الكثير من وفود الدول الإسلامية على كل ما يتعارض مع شريعتنا إلا أن هذه الحركات النسوية المسيطرة على مركز المرأة في الأمم المتحدة تمارس ضدنا كل وسائل الترغيب والترهيب حتى نقلع عن موقفنا الرافض، وخاصة بعد أن كونا ائتلافا “إسلاميا كاثوليكيا” بهدف التصدي لهذه المنظومة المنافية للفطرة، ووصلت الضغوط حد التهديد بقطع المساعدات الاقتصادية عن الدول الفقيرة، وللأسف فإن بعض الدول خضعت للضغوط ويجري الآن تحويل الموافقة إلى واقع في قوانين الأحوال الشخصية، حيث تقترح أن يسمى زواج المثليين ب”الأسرة غير النمطية” واعتبار ذلك من حقوق الإنسان وحريته، وفي الوقت نفسه يسعى الإعلام الغربي إلى وصف الزواج التقليدي بأنه “سجن وعبودية للمرأة” ولابد للمرأة من كسر القيود التي وضعها الرجل حتى تنطلق وتتحرر، وقد وصل الأمر إلى أن هؤلاء يرون أن المرأة يمكنها الاستغناء عن الرجل في حياتها أيا كان موقفه بل عليها تدميره أو على الأقل تهميش دوره في حياتها وقيادته والاستفادة منه في تحقيق أهدافها العليا في بسط سيطرتها على العالم وأنها أفضل منه ولديها قدرات أكثر منه ولن تنطلق إلا بإزاحته من طريقها. القومية الأنثوية وتقول المستشارة هدى عبدالمنعم عضو اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل: وصل التعصب للأنثى لدى دعاة الجندر إلى الدعوة إلى ما سموه “القومية الأنثوية” التي تعمل على توثيق الفكر والإبداع الأنثوي والقضاء على الفكر والإبداع الذكوري، ولهذا تجب إعادة كتابة تاريخ البشرية من جديد، على اعتبار أن الأنثى هي الأصل ابتداء من “العصر الأمومي” ورفض كل ما كتبه الرجل الذي يمثل طاغية عصره في كل الأزمان حتى إن الأنبياء ليس بينهم نساء، وفي الوقت نفسه لابد من مقاومة الذكر المحتل لمكانة الأنثى سواء كان أبا أو أخا أو زوجا. وتضيف: حاول ائتلاف المنظمات الإسلامية الذي يتكون من 103 منظمات عالمية التصدي عمليا لهذه المفاهيم المغلوطة، حيث تم التقدم الى مسؤولي الأمم المتحدة بميثاقي الأسرة والطفل في الإسلام، ووصل الأمر بهم إلى اعتبار الأمومة وظيفة اجتماعية بحتة غير نابعة من غريزتها ولهذا فهي مظلومة إذا قامت بالأمومة بغير أجر. غزو خبيث وتحذر الدكتورة فوزية العشماوي رئيسة منتدى المرأة المسلمة في أوروبا من هذا النوع الجديد من الغزو الذي بدأ يتخذ خطوات عملية، فمثلا دعا مؤتمر لاهاي 1999 إلى إنشاء أجهزة خاصة في كل مدارس العالم لتحطيم الصورة السلبية للهوية الجندرية التي تقضي على الصورة التقليدية للذكر والأنثى ونشر الوعي لدى الطلبة بحقوقهم الجنسية وسن تشريعات تحمي الحرية الجنسية للمراهقين دون تفرقة وعدم الالتزام بالتعاليم الدينية التي تمنع هذه الحرية. وترصد الدكتورة فوزية بعض المغالطات التي تحتويها الاتفاقيات الدولية التي تهدف إلى عولمة نمط الحياة الاجتماعية بالمفهوم الغربي، حيث أدخلوا مفاهيم المهر والزواج قبل سن الثامنة عشرة في إطار العنف ضد المرأة، بل وصل الأمر في المؤتمر الأخير في مارس الماضي إلى أن طالبت الأمم المتحدة بمراعاة منظور الجندر في كل ما يتعلق بالمرأة والطفلة في مختلف المراحل العمرية. دعوات خادعة ويرفض الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية الانسياق وراء الدعوات الخادعة لنشر الرذيلة تحت شعارات براقة كالجندر، حيث يؤكد أن الإسلام لا يرفض الزنى فقط وإنما كل الوسائل المؤدية إليه، لهذا جاءت أوامر الله سبحانه صريحة في قوله تعالى “قُل للْمُؤْمِنِينَ يَغُضوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِن اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ، وَقُل للْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِن وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُن وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُن.....” (النور: 30 31). ولم يتجاهل الإسلام ما يتعلق بالغريزة الجنسية وإنما هذبها ووضع لها ضوابط تحميها من الانحراف ويقصرها على الزواج الشرعي الذي يعد الوسيلة الوحيدة المباحة شرعا للإنجاب وحرم الإجهاض إلا للضرورة القصوى بأن جعله قتلا عمدا، وفي الوقت نفسه، فإن الإنسان وخاصة المرأة ليس حرا في جسده وإنما حرم الإسلام كل فعل ضار بالإنسان والمجتمع أو يخالف التعاليم الشرعية. وعرض المفتي دليلا قاطعا على أن الإسلام لم يتجاهل الغريزة الجنسية، فأوضح بأن الإمام السيوطي قام بتأليف تسعة كتب في هذه المعاني كما أن هناك عشرات المؤلفات من أئمة السلف تتعلق بالنظرة الإسلامية للغريزة الجنسية وكيفية الحماية من الأمراض الناتجة عن انحرافها. تفنيد الأكاذيب ويرد الدكتور أحمد عمر هاشم الرئيس السابق لجامعة الأزهر على أكاذيب دعاة الجندر قائلا: خلق الله كلا من الذكر والأنثى بشكل مختلف وبتركيب مختلف لأداء أدوار مختلفة متكاملة وليست متصارعة بهدف تحقيق رسالة سامية هي إعمار الأرض، حيث يقول سبحانه في وجوب قيام كل منهما بواجبه: “ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن واسألوا الله من فضله إن الله كان بكل شيء عليما”، والقوامة التي يراها دعاة الجندر ظلما للمرأة هي تكليف وليست تشريعا ومن يسيء استخدامها آثم شرعا ولهذا قال تعالى “ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم”، وأكد الرسول صلى الله عليه وسلم الدعوة نفسها إلى المساواة التكاملية “النساء شقائق الرجال”. ويؤكد أن دعاة الجندر هم دعاة الفساد في الأرض ومخالفة سنة الله وفطرته التي فطر الناس عليها، ولهذا فهم من الأخسرين أعمالا الذين قال الله فيهم “قل هل أنبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا”، وقد توعدهم الله بالعذاب الأليم في الآخرة حيث قال “إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون. * الخليج |