مرحـلة جديـدة لا شك بأن التحولات التي أفرزتها المتغيرات والمستجدات على الساحة المحلية والدولية بحاضرها وأفاقها المستقبلية قد جعلتنا أكثر من أي وقت مضى أمام استحقاقات كبيرة وملزمة؛ غير قابلة للتنصل أو الهروب من الوفاء بها لأي كان صغيراً أو كبيراً حاكماً أو محكوماً، ذلك لأن المسئولية الوطنية لا يمكن أن تنحصر على شخص دون آخر أو فئة دون أخرى، وإنما هي مسئولية تكاملية بين مختلف شرائح المجتمع دون استثناء، كلٌّ في إطار مهامه وواجبه الديني والوطني. ومن هذا المنطلق فإن الأمر يتطلب من الجميع استشعار روح المسئولية بأعلى وأبسط صورها بعيداً عن التراكن والاتكالية والتنصل. وإذا كانت بلادنا قد قطعت شوطاً كبيراً في اتجاه البناء والتنمية والديمقراطية بفضل تلك الجهود الكبيرة التي بذلتها القيادة السياسية وكل أبناء الوطن الشرفاء والمخلصين فإن طموحاتنا وحاجاتنا اليوم لم تقف عند هذا الحد، بل تجاوزت ذلك بالتطلع إلى مرحلة جديدة من العمل المثمر والكفيل بالنهوض بمختلف جوانب الحياة وهو مطلب بقدر ما تستوجبه الحاجة القائمة بذات القدر، أيضاً تفرضه ضرورة المواكبة للمحيط الإقليمي والدولي، الأمر الذي يجعلنا أمام تحديات أكثر جسامة، وأكثر تعقيداً في وضع استثنائي لفترة استثنائية تتطلب منا جميعاً السمو فوق الصغائر وعدم الانجرار إلى المكايدات أو الارتهان إلى مفاهيم خاطئة تغلب عليها رغبات ونزعات ذاتية تجعل من وسائل وأساليب الأداء أدوات للصراعات والتباينات والتنصل من المسئولية وإلقائها على الغير، فذلك ما لا يمكن أن يساعد على تحقيق أي تقدم، بل على العكس فإن مثل تلك المماحكات التي لا تهتدي إلى العقل ولا المنطق هي من يقف حجر عثرة بصورة مباشرة أو غير مباشرة لإعاقة عملية البناء والتنمية والنهوض بالوطن، ولذا فإن الأمر يستدعي وقفةً جادة من كل القوى الفاعلة في المجتمع لمراجعة الذات وتقييم أدائها وتوجيهه في الاتجاه الذي يخدم الوطن، ويعزز من عملية التكامل والتعاون الهادف إلى الدفع بعملية التنمية والبناء باعتبار ذلك غاية نتطلع إليها جميعاً ووسيلةً يمكن من خلالها القضاء على إشكالياتنا. ولما كانت بلادنا قد تجاوزت أهم المخاطر والصعوبات التي كانت تحيط بها وتواجهها خلال الفترة الماضية والتي لم يكن من السهل تجاوزها لولا إرادة وتصميم كل أبنائها الشرفاء والمخلصين، فإنه من المهم اليوم أن ندرك بأننا في اليمن أمام مرحلة جديدة ومميزة متجددة نحو المزيد من التطور مع الفارق الذي تفرضه الطموحات والمتطلبات والمتغيرات لكل زمان والذي لا يمكن أن يتلاشى بالتقادم مع مرور الأيام ولكنه حتماً ينمو طالما ظلت العملية التطويرية قائمة كميدان لسباق لا ينتهي، فارسها وغايتها الإنسان . غير أن مسيرتنا نحو المستقبل بالتأكيد ستكون أكثر يسراً من الأمس؛ لأن ما وصلت إليه اليمن اليوم من تراكم فكري ومادي قد شكل الأسس اللازمة لخلق وتوفير العوامل التي يتطلب توفرها لإحداث التقدم والبناء والتطوير.. فهي اليوم أكثر حضوراً أو أكثر استجابة من ذي قبل لإحداث النهوض المأمول؛ خاصة وأننا نقف أمام برامج وخطط واضحة الرؤية والأهداف، و لعل من أهمها البرنامج الانتخابي لفخامة رئيس الجمهورية باعتباره يمثل انطلاقة نحو التنمية، كذلك توفر الإمكانيات المادية وإن لم تكن بالقدر المطلوب، ولكن في الحد الأدنى ، إضافة إلى المقومات الجغرافية والسياسية والاقتصادية والتاريخية سواء المكتسبة أو التي تم تحقيقها في مختلف الجوانب قد جعلت اليمن يحظى باهتمام كبير على المستوى الإقليمي والدولي وهو ما سيساعد على تعميق شراكات التعاون الاقتصادي في شتى المجالات، ولعل المؤشرات التي بدأت نتائجها تظهر بشكل واضح سواء من خلال النتائج المثمرة لمؤتمر الدول المانحة، وكذلك مؤتمر فرص الاستثمار أو من خلال توافد العديد من المستثمرين إلى بلادنا للاستثمار في عدد من المجالات الحيوية، قد أكدت ذلك، ناهيك عن الجهود الحثيثة والرعاية والاهتمام الذي تبذلها وتوليها القيادة السياسية ممثلة بفخامة الأخ رئيس الجمهورية لجوانب التنمية وهو ما يشكل دعماً أساسياً للتوجه الجاد للحكومة في هذا الجانب، لتحقيق أعلى قدر من النجاح سواءً من خلال استكمال وتطوير وتوسيع مشاريع البنية التحتية أو من خلال تهيئة المناخات المناسبة وتطوير علاقة الشراكة الاقتصادية مع الدول الشقيقة والصديقة، إلى غير ذلك من الإجراءات التي قامت وتقوم بها والتي من شأناه أن تسهل عملية الاستثمار لكل الراغبين من أبناء اليمن ومن الأشقاء والأصدقاء للاستثمار في اليمن. غير أن تلك الجهود والتوجهات يكون نجاحها مرهونا بمدى الاستشعار بأهميتها والعمل على مؤازرتها من قبل كل مواطن يمني أيا كان موقعه وانتماؤه باعتبار أن الغاية التي نسعى إلى تحقيقها لا يمكن إطلاقاً أن تكون محل خلاف أو تباين طالما وأنها تصب في مصلحة الوطن والمواطن، فتلك ثوابت يجب أن نعيها ونلقتي جميعا في مربعاتها لنكمل بعضنا البعض لا أن نتنافر. كما علينا أن ندرك – كقوى سياسية في المجتمع – أن عملية البناء أصعب من الهدم، فالبناء تظل معالمه شامخة بينما الهدم تتلاشى معالمه من الذاكرة وتبقى آثار جروحه تكشف عن نفسها يوما بعد يوم، ليتأكد للناس جميعا أن من حاول أن يزيف الحقائق ويعيق عملية البناء والتنمية تحت دوافع ونزعات ورغبات شخصية وحزبية لن يكون له مكان لدى الجماهير لأن الحقيقة لا تحمل إلا وجها واحداً. ترى هل تستوعب ذلك أحزاب المعارضة المتواجدة على الساحة.. وهل تستطيع التخلص من نزعاتها والانتقال من مشاريعها الشخصية إلى مشروع الوطن الكبير..؟ *نائب رئيس الدائرة الإعلامية للمؤتمر الشعبي العام |