أحزاب تتخلف ! التعديلات الدستورية التي أعلنها فخامة الأخ الرئيس - خلال حواره المفتوح أمس مع قادة الأحزاب والتنظيمات السياسية - وردت معظمها في برنامجه الانتخابي، الذي حاز بموجبه على أغلبية الأصوات في انتخابات سبتمبر من العام الماضي .. وما أضافه ينحصر في أن النظام السياسي للحكم سيكون رئاسياً كاملاً ، بمعنى أن الرئيس المنتخب لخمس سنوات وفقاً للدستور بعد تعديله، سوف يشكل الحكومة ويتولى رئاستها بنفسه ، كما هو حال النظام السياسي في الولايات المتحدة الأمريكية، وتبعاً لذلك سيكون معنياً بمراقبة أعضاء حكومته، وتحمل مسئولية القصور والاختلالات في أدائهم، والعمل على تصويبها. كما ستشمل التعديلات قيام حكم محلي، واسع الصلاحيات، وانتخاب المحافظين، وأعضاء مجلس الشورى، بالاضافة إلى أعضاء مجلس النواب ، ولأربع سنوات فقط .. بالإضافة إلى التعديل في قانون الانتخابات، بحيث يتم تخصيص نسبة %15 للمرأة في انتخابات مجلس النواب.. وأحسب أن النظام الرئاسي أكثر ملاءمة وانسجاماً مع الديمقراطية ومتغيرات العصر ، لأنه سيضع أي رئيس منتخب على المحك، وسيجعله مسئولاً أمام الشعب عن تنفيذ برنامجه ، ولن يكون بمقدوره التنصل من وعوده الانتخابية ، أو إلقاء تبعات التقصير على آخرين، في ظل انحصار المسئولية على رئيس الجمهورية بشكل مباشر. ومما لاشك فيه أن مثل هذه التعديلات الجوهرية ستحظى بدعم ممثلي الشعب في البرلمان، لأنها ستكفل تحقيق المزيد من الإصلاحات في بنية النظام السياسي ، وإرساء الحكم المحلي .. علاوة على تمكين المرأة في المشاركة السياسية بشكل أوسع. وتأسيساً على ذلك .. فقد جاء تخلف قيادات اللقاء المشترك عن حضور اجتماع أمس، وعدم تلبيتهم الدعوة الموجهة لهم من فخامة الرئيس، ليؤكد أن هذه القيادات لا تقبل بالحوار، الذي يعد أساساً للممارسة الديمقراطية، فهي تنطلق من رؤى وأفكار تقصي الآخر، وتستعلى عليه، وترفض التعايش مع المختلفين معها - مع أنها لاتزال في خانة المعارضة ، التي تستوجب القبول بالآخر - فكيف سيكون حالها إذا ما شاركت في السلطة ؟! للأسف : تظن أحزاب المشترك أنها ستتسلم السلطة ،من خلال استغلالها بعض مشكلات المجتمع، وتهييج مشاعر الرأي العام ،ودفعهم للفوضى والتدمير ، ليكونوا ورقة ضغط وابتزاز في أيديهم، يحققون من خلالها طموحاتهم المشبوهة، في الالتفاف على الشرعية الديمقراطية،بدعوتهم لانتخابات مبكرة ، هم أدرى من غيرهم بأنها ستكون في غير صالحهم ، كما هو دأبهم في كل انتخابات. من يزرع الشوك لا يجنِ العنب ، والظلاميون - سواء في أحزاب اليمين أم اليسار - لا مشاريع اقتصادية ملموسة لديهم أو تنموية في الواقع ، ولا يجيدون سوى الصراخ والعويل ، والانجرار وراء المشاريع المشبوهة ، المرسومة لهم خارج الحدود.. وتستهدف عبثاً تقويض الوحدة الوطنية.. وكان الأجدر بعقلاء المشترك - إن كان القرار بأيديهم- أن يستجيبوا لدعوة فخامة الأخ الرئيس، في الجلوس على طاولة الحوار، والاستماع لصوت الحكمة والعقل، والمشاركة مع اخوانهم من قيادات أحزاب المعارضة ، في وجهات النظر، الهادفة إلى إصلاح بنية النظام السياسي، وتوسيع قاعدة الحكم المحلي، وإشراك المرأة في صناعة القرار .. وهي الأوراق التي طالما حاولوا التخندق خلفها ، وممارسة الابتزاز بتكرار طرحها .. ويدخل في هذا المضمون عودتهم للحديث عن وثيقة العهد والاتفاق، التي تم التوقيع عليها في مثل هذا الشهر عام 1994م ، من مختلف قيادات العمل السياسي ، بمن فيهم قيادات المؤتمر والاشتراكي والإصلاح، ونكث بها الاشتراكي قبل أن يجف حبر التوقيع عليها.. وهو الأمر الذي فطن له الشيخ/عبدالله بن حسين الأحمر، عندما اشترط في توقيعه عليها عودة المعتكفين إلى العاصمة صنعاء ! تلك الوثيقة - كما قال عنها رئيس حزب رابطة أبناء اليمن عبدالرحمن الجفري - انتهت صلاحيتها، ولم تعد تجدي نفعاً ، بعد ما تجاوزها فخامة الرئيس ببرنامجه الانتخابي، والذي يوشك على إجراء تعديلات هامة في الدستور، وأخرى في بعض القوانين ليتاح تنفيذها خلال الفترة المقبلة. إذا كانت المعادلة في العمل الديمقراطي تؤكد أَلا َّمعنى للديمقراطية بدون أحزاب معارضة، فبالمقابل: لا معنى لأحزاب المعارضة - بما فيها اللقاء المشترك - إذ لم تكن مسئولة، ومع الوطن. |