عيــب ياشيـخ ؟! - مشكلة اليمن الحقيقية لاتكمن في الظروف المعيشية الصعبة، ولا في حقوق المتقاعدين، كما أنها لاتختزل في قضايا نهب المتنفذين والمؤلفة قلوبهم للأراضي، فهذه وغيرها أزمات عارضة بوسع الحكومة معالجتها، بمزيد من المكاشفة والإصلاحات والمواجهة الحاسمة إذا منحت الفرصة والوقت ولم تنشغل بالمكايدات الحزبية. - مشكلة اليمن الحقيقية تكمن في عقوق بعض أبنائها، وتنكرهم للقيم والمثل النبيلة، التي تؤكد في حدها الأدنى على إماطة الأذى عن الوطن، وضرورة الدفاع عنه والذود عن حياضه، وفي حال الاختلاف مع الحكومة أو الحزب الحاكم، في الجوانب السياسية والاقتصادية ينبغي ألا يتحول هذا الاختلاف.. إلى خلاف مع الوطن ووحدته، والتخطيط لإثارة البلبلة وشق الصفوف، وتهييج عواطف البسطاء، بتضخيم مشاكلهم الحياتية الصغيرة، التي تسعى الدولة لمعالجتها، والحيلولة دون تفاقمها، لكن هؤلاء يتعاملون مع مشاكل الناس وقضاياهم كمن يتعامل مع البالونات والنفيخات، وبدلاً عن أن يتعلموا من هزائمهم الانتخابية، بالانخراط الإيجابي بين الناس والمشاركة في حل مشكلاتهم وتقديم البدائل الملموسة، لا هَّم لهم ولا شغل غير اجترار الحقد والبغضاء، وتعبئة عناصرهم، وتحريضهم على إقلاق السكينة وإرعاب البسطاء وإرهابهم... وينفخون في المشكلات التي كان لهم دور معروف في صناعتها، فيملأونها بهوائهم المحتقن، ظانين - عبثاً - أنهم سيفلحون في تفجير الوطن. - ولهؤلاء نقول: إن قضايا الناس ومشكلاتهم تحل بالعودة إلى مسببات المشكلة، وتشخيصها بدقة، ومن ثم مطالبة الجهات المعنية بتوفير المعالجات الكفيلة بالقضاء عليها، فإذا لم تستجب الحكومة لذلك - وهو ما لانتوقعه - فإن أحزاب المعارضة المسئولة التي تحترم نفسها، تبادر إلى إيجاد الحلول لمشكلات الناس من خلال آلياتها الحزبية وفروعها في المحافظات، وما يفترض أن تمتلكه من رصيد جماهيري - إن كان لها رصيد - أما أسلوب إشعال الحرائق، والاندساس بين الناس، والنفخ في المشكلات فهو أسلوب لايليق بالكبار، ومن الغباء التوهم بنجاحه، فكلما زاد النفخ في البالونات وتضخم حجمها، تفرقعت في وجوه من نفخها وأصابتهم بالفزع. - إن مشكلة المتقاعدين أوشكت على الانتهاء، وهي مثل مشكلة الأراضي سببها مخلفات مواجهة الانفصال وما أفرزته من تحالفات سياسية ، وقيادات - صارت اليوم في المعارضة، وكانت آنذاك من المؤلفة قلوبهم- استولت على كيلو مترات من الأراضي، وفي عدن وحدها كانوا قد سيطروا على جولة كالتكس المنصورة، التي تندرج في إطار المنطقة الحرة، لولا إيقاف الدولة لهم، وتعويض النافذين منهم بمليارات تم إيداعها في بنك سبأ الإسلامي، وقبلهم لم تكن القيادات- التي هربت بعد فشلها في فرض الانفصال- بمنأى عن الظفر بنصيب الأسد في أراضي عدن، حيث باعوا مخططات خورمكسر وكابوتا والبريقة والبوميس في كريتر، واستلموا الثمن ليتاجروا به في الشارقة ولندن... وكان الأجدربحكماء هذه الأحزاب الإسراع بحل المشكلة، والقضاء عليها، ليس من أجل إحلال السكينة فقط، ولكن من باب تقديم أنفسهم للناس كأحزاب فاعلة ومؤثرة ليكوِّنوا رصيداً لهم في الانتخابات.. لكن أحزاب المعارضة لا تتعاطى مع الشأن اليمني بمسئولية. - أحزاب المعارضة في أمريكا وأوروبا، تسعى لإسقاط الأحزاب الحاكمة، بالتنافس الشريف، وإيجاد البدائل.. والمشاركة في حل المشكلات والأزمات، وإذا لم تمتلك الإمكانات المادية، فإنها تبادر لتنظيف الشوارع من القمائم والقاذورات، وإماطة الأذى عن الطريق... وهو ما ينبغي أن نتعلمه جميعاً إذا أردنا الظفر بقلوب الجماهير. لا أن نلجأ إلى الحيل التي تدخل في إطار التسريبات الكيدية، أحياناً بزعم أن السلطات أطلقت سراح جمال البدوي القيادي في تنظيم القاعدة، بعد أن سلم نفسه طواعية للأجهزة الأمنية، مشككين في جدية الحكومة بمحاربة الإرهاب، وبعدما ثبت كذبهم، انبرى حميد الأحمر ، لينقل الموقف من النقيض إلى النقيض، متهماً الدولة بالتفريط بالسيادة بسبب التعاون اليمني - الأمريكي في مكافحة الإرهاب. - نقول هذا، في الوقت الذي يفترض فيه أن تعي المعارضة ماتقوم به الأحزاب في الدول المتقدمة من خدمات لأوطانها، لأن من ضمن قياداتها اليوم مليارديرات يملكون بنوكاً وشركات ومصانع، على رأسهم الشيخ/ حميد الأحمر.. حيث معظم أمواله خارج اليمن، وما تبقى منها يديرها غير يمنيين، كما أنها من الاستثمارات (السفري) التي لاتحتاج إلى عمالة كبيرة، ويمكن نقلها من اليمن بسهولة ويسر.. فأين الدور الذي قدمه هذا الملياردير الشاب بموازاة ما أخذه من الوطن، أو على الأقل اقتداء بنظرائه من رجال الأعمال (غير المسيسين) وعلى رأسهم تلك المجموعة الاقتصادية الوطنية التي لها أيادٍ بيضاء في الحفاظ على الثورة والوحدة، وإسهامات ملموسة في البنية التعليمية والصحية، وتمتد زكاتهم بحيث لاتقتصر على الفقراء، بل تشمل أيضاً قيادات هذه الأحزاب. - وذكرنا هؤلاء، ليس من قبيل الدعاية - التي لانحسنها- ولكن لتذكير الشيخ حميد وإخوانه من المؤمنين.. فالمواطنون ليسوا بالونات، والوطن ليس سلعة للمتاجرة. |