|
كيد الاصلاح للنفط مازال سارياً : مأرب...مدينة خالية من السلاح تماماً !! لم يعد هاجس الخوف ينتابك كالعادة وأنت تسير في شارع المجمع وسط مدينة مأرب أو في الطريق لزيارة المعالم الأثرية ،فالخلاف وسوء التفاهم بين بطون القبيلة لم تعد تحسمه الأعيرة النارية ، لقد تخلى معظم أحفاد الملكة بلقيس عن (40) ألف كلاشنكوف وأضعافها من الذخيرة الحية التي يعتقدون انهاتزين خاصرتهم وصدروهم كمورث عتيق ثمنه أرواح أجيال متعاقبة ومآسي مزمنة في منطقة تجسد تحفة أثرية أصيلة ، وتعد مهبط حضارة يتجاوز عمرها 3000 عام . المؤتمرنت يستطلع المهمة الصعبة لنزع السلاح في مأرب : ** دوريات في مواجهة المسلحين قائد إحدى الدوريات الأمنية الرابضة في شارع المجمع بقلب مدينة مأرب - فضل عدم كشف اسمه - قال :" كانت الإجراءات في البداية غير مستساغة وكان من الصعب أن تفكر في نزع السلاح نظراً لارتباط الإنسان المأربي به منذ عشرات السنين ، ويسري الاعتقاد مثل بقية مناطق اليمن في نظرة القبيلي للسلاح. ويضيف :" ستجد دوريات الأمن منتشرة بكثافة على أبعاد متساوية تقريباً في كل منطقة ، كإجراء يومي لتكريس الوضع الذي اعتادته المدينة منذ تلقي تعليمات وزارة الداخلية بمنع حمل السلاح في 23 أغسطس 2007 م موعد سريان حظر حمل الأسلحة في عواصم المحافظات والمدن الرئيسية في اليمن ولا تزال المهمة قائمة . ويذهب الشاب محمد المأربي إلى أن إحساس القبائل بمدى فداحة الأمر في الأرواح والممتلكات الناجمة عن حمل السلاح دفعهم إلى الرضوخ لإجراءات منع حمل السلاح عبر دوريات في الشوارع وقرب المجمع الحكومي وتعزيز النقاط الأمنية والتفتيش ، وإن كانوا لا يزالون يعتقدون أنه شر لابد منه ". ويؤكد المعلم محمد السامعي " أن خلو المدينة من حاملي السلاح منظر يبعث على الاطمئنان ويبدد حالة القلق والذعر التي تنتاب الإنسان في المقوات أو الشارع العام ". ويقول المعلم محمد وهو من محافظة تعز :" لابد أن يقتنع زعماء القبائل والعشائر أن الخلافات لا تحل بالأعيرة النارية وإنما باللجوء إلى القضاء ، وتحكيم القانون بدلاً لداعي القبيلة والثأر الذي يخلف الموت ويكون الشباب والكبار والصغار قوداً له جيلاً بعد جيل ". ** القبيلة: المساواة مقابل ترك السلاح من جهته وصف عبدالله احمد حيدر شيخ بارز في مأرب العملية بالطيبة ، وقال :" هي خطوة جيدة أتمنى أن يتعامل رجال الأمن مع هذه العادة المتعمقة في المجتمع بتدرج وصبر لاستئصالها وفق طرق سليمة ". وأضاف " في مأرب صار حمل السلاح سلوك موغل في القدم وهو أعمق من الظاهرة نظراً لغياب القانون وقضاء فعال في فترة من الفترات في السابق ، وبالتالي فإن الإنسان يلجأ إلى السلاح لحماية نفسه وطالب الشيخ حيدر الجهات المختصة الاستمرار في الإجراءات وعدم التراخي والتعميم مهما كانت رتبة الفرد ودرجته العسكرية أو منصبه في الدولة كما هو محدد ، وحال تمكن طرف من الدخول بالسلاح مثلاً في مأرب فإن خصمه سيضطر إلى السلاح مرة أخرى . وقال :" بأمانة نشعر أن هناك تغييراً كبيراً جداً من حيث نتائج الإجراءات الحالية و لا شك أن حالات الثار الموغلة في المجتمع المأربي ستتراجع". وأضاف :" يجب أن لا يقتصر حل المشكلة على التحرك الأمني بالنسبة لمأرب بل هناك جهات حكومية لابد أن تستشعر مهامها في جانب التعليم و التثقيف وصرامة الإدارة ، لكي لا يصبح انتهاء مظاهر التسلح مقصوراً الانتشار الأمني للدوريات ". وحول الانعكاس الايجابي لإجراءات منع السلاح في محافظة تعد كنزا اثريا ومزارا سياحياً عالمياً أكد عبد الله احمد حيدر الأثر الايجابي ، معتبراً أن الاستفادة ستكون كبيرة إذا تحول أبناء مأرب الذين تخلوا عن حمل السلاح إلى المشاركة في صناعة السياحة بشكل متوازي مع الجهد الرسمي ، سواء من خلال إنشاء محلات وأماكن خدمات بجانب عرش بلقيس أو معبدها أو سد مأرب ، بحيث يصبح الإنسان ذا دافع ذاتي للحفاظ على هذه المعالم وحمايتها لأنه حينها سيشعر أنها مصدر رزقه وأسرته ". **فتاوى العزب: نزق ضد النفط وكشف عبدالله احمد حيدر شيخ بارز في المدينة :" عن جهات تتبنى الإساءة لسمعة هذه المحافظة والبلاد وتهويل الصورة المخيفة باستخدام بعض المنبوذين والمتقطعين الذين نبذتهم القبيلة لضرب الاقتصاد الوطني من خلال اختطاف السياح أو إقلاقهم بالحوادث الإرهابية أو اعتراض مواكب سياحية بذريعة المطالبة بمشروع ماء أو مدرسة ، والغاية لهذه الأحزاب إحداث خلل في الأوضاع للنكاية بالسلطة ، دون مراعاة الأضرار الكبيرة التي تلحق بالبلاد ككل والمحافظة بدرجة أساسية ". وبهذا الصدد تعود الذاكرة إلى الخطاب التحريضي فيما يتعلق بالنفط للقيادي في حزب الإصلاح فتحي العزب في مأرب إبان الانتخابات الرئاسية في سبتمبر 2006م الذي شرَع لجعل النفط والشركات النفطية على المدى القريب والمتوسط هدفاً لأعمال إرهابية، وربما يعتبر البعض في هذه المنطقة التي تعاني أطرافها من نقص الوعي مقولة مرشح الرئاسة العزب «مأرب مظلومة وثرواتها تنهب من تحت أقدامها ، والدولة تنهب البترول ولا توظف أبنائكم في الشركات النفطية ويا ويا...". وأضاف :" أليست أنابيب البترول تمر من تحتكم، ألا تمر أنابيب البترول من تحت أرضكم .. فماذا تنبت أنابيب البترول، تنبت قصوراً وفللاً في صنعاء"، ونسي حينها حقيقة بديهية هي أن النفط مورداً سيادياً". وجاءت بيانات شورى الإصلاح في المحافظة خلال العام الماضي لتؤكد وجود توجه إصلاحي يستهدف تحريض أبناء مأرب وغيرها من المحافظات النفطية عبر ترويج شائعات حرمان أبناء هذه المحافظات من خيرات نفطها. وتسري شائعة سيئة في أوساط المجتمع في مأرب رغم مظاهرات التنديد بحمل السلاح أن منع حمل السلاح مقدمة لنزعه وتجريد القبائل منه ليسهل إخضاعهم للسيطرة وضربهم وتشير أصابع الاتهام باتجاه قيادات الإصلاح وذلك للتقليل من تفاخر الحكومة بهذا التوجه . ** المرأة وجحيم السلاح نبيلة الحماطي ناشطة مدنية اعتبرت أن منع حمل السلاح شيء إيجابي وتمنت أن تشمل الحملة بقية المديريات حيث تنتشر حوادث الثأر وجرائم القتل لأتفه الأسباب ". وقالت :" إن ظاهرة حمل السلاح مقلقة وخصوصاً لدينا في مأرب حيث يلتقي أبناء القبائل المتناحرة بعد انتهاء الهدنة التي تتم بينهم حول قضية قتل سابقة ، وحالياً هدئ الموضوع بشكل شبه نهائي ولا أحد يتعرض لأحد ". وحول تقليد المرأة للرجال بحمل السلاح ضحكت نبيلة وقالت :" المرأة في مأرب تحمل الشريم وبعضهن صرن يحملن القلم ، ولكن كانت المرأة زمان تحمل " الكلاشنكوف " عندما تذهب إلى منطقة بعيدة لرعي الأغنام وذلك للدفاع عن ماشيتها ونفسها من الذئاب ، وحالياً من المستحيل أن تجد امرأة في مأرب تحمل السلاح". وعن معاناتها عن النتائج الوخيمة للسلاح تؤكد ذكرى أن المرأة هي أم وأخت وزوجة وبالتالي عندما يحدث اشتباك أو جريمة قتل يكون الضحية واحد من أقربائها ، فمعاناتها تزداد جراء ما يرتكبه الطرفين ". وترجع بدايات حمل السلاح للإنسان في مأرب إلى الثأرات على الأراضي والمزارع وتناحر القبائل حتى علشان امرأة وصار الأمر ضرورة ملحة لحماية نفسه من رجال القبيلة الأخرى ، وصار الناس جميعهم مسلحين وحذرين وتحول السلاح مع مرور الزمن إلى منظر جمالي حيث يعتقد الفرد أن شخصيته لا تكتمل إلا بالسلاح كتعبير عن الرجولة ". وأضافت الحماطي :" انتشرت هذه الظاهرة بكثرة وأصبح الابن الذي يبلغ الصف السادس الابتدائي يعطيه والده سلاح كونه أصبح رجل يتم الاعتماد عليه ". وتقول إن البيئة التي عاشها أبناء مأرب فرضت عليهم حمل السلاح وصارت في عادة وتقليد سائد يتوارثه الأجيال في القبيلة حتى اليوم ". وحالياً تقول الناشطة في مأرب نبيلة الحماطي :" إن تنامي الوعي بشكل كبير دفع بالشباب الذين كانوا وقوداً للثأرات وحوادث القتل بين القبائل إلى تزعم حملات للتوعية بمخاطر حمل السلاح ويروجون لمنشورات بالتعاون مع جمعيات تنشط في هذا المجال لخلق الوعي بين أبناء القبائل بترك السلاح ". **رؤية محلية من جانبه يقول مدير مديرية مأرب المدينة :" يسري انطباع ممتاز لدى أي زائر لمأرب بعد تخلي سكانها عن حمل السلاح ، وهناك قناعة تامة لديهم أن السلاح لا فائدة من حمله ، وحقيقة لم أكن أتوقع أن يأتي يوماً وأبناء هذه المدينة لا يحملون السلاح ". ويعتقد على سعيد اليوسفي :" أن حمل السلاح كان منظراً مقززاً خصوصاً وأن مأرب مزار للسياح ، ولعل هذه الحملة حققت شيء طيب وهو مهماً جداً في أن يأتي السائح من فرنسا وايطاليا وبريطانيا واسبانيا ويري أن الإنسان المأربي تخلى عن السلاح وهو أمر يدعو إ الطمأنينة وعدم الخوف ". ويعتقد المسئول الحكومي أن الشخص في هذه المدينة يعتبر أن السلاح جزء من شخصيته ، وكنا نسمع بين حين وأخر أناس يبدون استيائهم منه خصوصاً عند وقوع أي مشاجرة أو خلاف ،فسرعان ما يلجأ الفرد منهم إلى استخدام السلاح وبالتالي تنشأ قضية الثار بين الطرفين لتحصد معظم أبناء القبيلتين المتنازعتين". ويذهب اليوسفي إلى أن المواطنين رضخوا إلى مطالب الحملة الأمنية والاقتداء بمسئولي المحافظة وفي مقدمتهم المسئول الأول عارف الزوكا، ومبادرتهم من أول يوم للحملة إلى ترك السلاح في المنزل ". ويؤكد أن الحملة نجحت في جعل مدينة مأرب خالية من السلاح وهي أكبر مدينة ينتشر فيها السلاح ويحمله الجميع صغار وكبار مشائخ وأعيان نظراً لمعاناتهم من قضية الثأر ،ويعتبر أن على الأجهزة الأمنية في المحافظة يجب أن تبذل جهوداً مكثفة لضبط أي إخلال بالأمن والإقدام على جريمة قتل حتى لا يجد الناس ضرورة للعودة لحمل السلاح والدفاع عن أنفسهم والنيل من خصومهم ". مضيفاً :إن إدارته تقوم بالتعاون مع أجهزة الأمن في جانب التوعية بمخاطر وأضرار السلاح والفوائد التي تعود على المواطن نتيجة عدم حمله ". وقال:" يجب أن يفكر أبناء مأرب بالأنشطة الاستثمارية والاستفادة من سد مأرب قنواته الممتدة في طول الأودية الخصبة وعرضها فخضروات وفواكه مأرب تحظى برواج كبير ومذاق خاص وهذه التوجهات تخدم في مجملها المنفعة الاقتصادية للفرد والبلاد بشكل عام ". ** النيابة لم تسجل جرائم جسمية القاضي سيف قائد في المحكمة الاستئنافية في المحافظة حيث يقول :" بالطبع إن منع حمل السلاح وجهود الأمن في ذلك خلقت انطباعاً عظيماً تجاه هذه المدينة وصورتها لدى الناس ، فالآن لا يمكن أن تشعر بالخوف ، فالناس لا علاقة لهم بالسلاح وفي الواقع صارت المدينة جميلة جداً ". وعن نسبة الحوادث قبل حملة المنع وبعدها يقول القاضي سيف قائد :" بالتأكيد إن ترك السلاح خفف كثيراً من الجرائم ، مقارنة بما قبل تنفيذ الحملة ، فأي خلاف بسيط أو شجار عادي كان ينتهي بالقتل، وحالياً صارت الخلافات بين أبناء هذه المدينة لا يترتب عليها جريمة بل سرعان ما يفضه الناس ولا ينجم إلا إصابات طفيفة ". وقال :" عادة كان هناك حوادث قتل بالخطأ أو عن طريق المزح بالسلاح الذي ينتزع الأرواح وتنقلب القضية إلى خصومة وثأر لا تنتهي بعد حين ". ودعا القاضي أبناء مأرب للتوجه لزراعة أرضهم الخصبة والاستفادة من وجود المعالم والمعابد الأثرية وإقامة مشاريع استثمارية تدر الدخل مثل إقامة شركات حماية أمنية بالتنسيق مع الجهات المختصة والسياحية . ويعزز هذه الرؤية رئيس نيابة مأرب القاضي منصور الحاشدي بقوله :" قبل انطلاق الحملة حررت مذكرات عدة للمحافظ عارف الزوكا وكذلك مدير الأمن تحمل في مضامينها تحذيرات من استمرار حمل السلاح داخل المدينة والنتائج الوخيمة التي تظهر بشكل جلي في القضايا التي ترد إلى النيابة ونعايشها باستمرار وكان توجهات جدية للمحافظ لتطبيق هذا الحظر قبل انطلاق الحملة الشاملة رسمياً ، كونها تخدم الأمن والاستقرار ومصلحة الناس في هذه المحافظة . ويضيف القاضي الحاشدي :" استطيع أن أقول أن النيابة لم تشهد خلال شهري أكتوبر ونوفمبر جريمة قتل بالسلاح في المدينة وهذا اكبر دليل على مدى فاعلية هذه الحملة ونجاحها، فانخفاض الجريمة أو الحد منها كان حلماً وبالتالي فحظر حمل السلاح ساعد إلى حد كبير في منع الجريمة قبل وقوعها ". ويقول رئيس النيابة :" لقد نجحت حملة منع السلاح في الحد من التهديدات التي كانت تطال الموظفين في المكاتب الحكوميين من بعض الأفراد وشكلت هذه التهديدات عائقاً أمام عمل هؤلاء الموظفين وكذلك تسجل النيابة حالات تهديد ضد السياح ولكن الربع الأخير من العام الجاري 2007م لم نسجل أي بلاغات ". ويؤكد : أن الحملة حققت نتائج طيبة في عموم المحافظات وعندما يشعر الإنسان بالأمن تتكون لديه قناعة بترك السلاح كأداة قاتلة ". ويقول :" عادت مدينة مأرب إلى العرف القديم "سوق مهجر " بمعنى انه من العيب أن يقتل فيه احد أو يترصد أحدا لخصمه فيه في عرف القبائل معززاً حالياً بالوضع القانوني ". وتمنى أن تشمل الحملة المديريات والأرياف وهناك ستتراجع معدلات الجريمة بشكل كبير ، فالوضع ما يزال مؤرقاً مع انتشار السلاح في هذه الأماكن ، مؤملاً أن تدفع النجاحات التي تحققت باتجاه تطبيقها بشكل عام في جميع مناطق الجمهورية وبأسرع وقت ممكن لتعزيز الحرص على حياة الإنسان والقضاء على هذه الظاهرة المسيئة للبلاد والعباد". ** إزاحة الأذى عن السياحة وفي إجابته عن الانعكاسات لعملية الحظر بالنسبة للسياحة بادر مدير عام السياحة بمأرب إلى القول :" إن هذه الظاهرة طالما آذت السياحة وتسببت في تراجعها ، وبالطبع هذه المظاهر اضطرت السلطات الأمنية إلى تكثيف الدوريات حول الفوج القادم إلى مأرب للسياحة ويظهر بشكل جلي مظهر يوحي بالقلق لدى الأجانب ". وأكد ناصر بن زايد أن الأعمال الإرهابية كانت نتيجة لكثافة انتشار السلاح بين أفراد المجتمع واوجد بيئة لتلك العناصر في ارتكاب أعمال تخريبية وإرهابية استهدفت البلاد وسمعتها ومصالحها إلى درجة أن المحافظة لم تشهد مجيء سائحاً واحدا منذ العملية الإرهابية التي ذهب ضحيتها ثمانية أسبان ويمنيين في يوليو الماضي 2007م حتى سبتمبر من نفس العام وبداء تدفق السياح بشكل طبيعي ". وقال زايد :" منذ مطلع أكتوبر وحتى نهايته سجل مكتبه (600) سائح زاروا المعالم الأثرية وتزايد العدد ليصل في شهر نوفمبر المنصرم إلى (800) سائح بزيادة تدريجية ". وطالب الحكومة بالشروع في المرحلة الثانية من حملة منع السلاح والتي تستهدف المديريات التي لازالت المشكلة فيها قائمة رغم اختفاء هذه المظاهر غير الحضارية في عاصمة المحافظة ". وأكد إزالة ما علق بسمعة مأرب يحتاج إلى وسائل دعائية وتوعوية مكثفة عبر التلفزيون والقنوات الإذاعية والصحف ومنظمات المجتمع المدني ودعوة السفارات الأجنبية حالياً للاطلاع عن قرب على الأوضاع في مأرب وهي خالية من السلاح ** الأمن : انتزاع (40) ألف كلاشنكوف دون ضجيج من جانبه يقول العقيد محمد الغدراء مدير أمن محافظة مأرب في البداية كانت تقلقنا كثيراً قضية حمل السلاح في مأرب وعندما حاولت الإدارات المتعاقبة تنفيذ برامج أو خطط لمنع دخول السلاح ، لكنها اصطدمت بمعوقات كثيرة وصلت بعضها إلى القتل .، وعندما بدأنا التنفيذ حاولنا الاستفادة ن من أخطاء الماضي لحماية أفرادنا وحماية المواطنين من الوقوف بأي أخطاء تعرقل تنفيذ المهمة ، وبادرنا من الوهلة الأولى باتخاذ جملة من الإجراءات لتنفيذ القرار ومنع التجوال به داخل المدينة . ويضيف المسئول الأمني الأول في مأرب أن الخطة التي أتبعتها إدارته شملت تهيئة المؤسسات الرسمية وغير الرسمية للتعاون مع رجال الأمن ، وبدأنا بأنفسنا من خلال إلزام أفرادنا بالمؤسسة العسكرية والأمنية المعنيين بالأمر ليكونوا قدوة كما تم تهيئة الأماكن لتوريد السلاح على مداخل المدينة الرئيسية لضمان منع دخوله وكذا وضع برنامج عمل لنشر الدوريات الثابتة والمتحركة في الجولات والشوارع لضبط أي مخالفين أو متسليين بالسلاح إلى داخل المدينة عاصمة المحافظة ولازالت المهمة مستمرة . وحول الصعوبات مع بدء تطبيق الحملة قال الغدراء الصعوبات كثيرة فرضتها طبيعة المنطقة فالمجتمع في محافظة مأرب قبلي يغلب عليه أحياناً الحياة البدوية والسلاح يمثل لهم جزء من حياتهم لا يتخلون عنه في ترحالهم ناهيك عن الأمور الأخرى . ويضيف :" هناك وجهاء يريدون امتيازات يستثنيهم القرار بالإضافة إلى رجال الأعمال وموظفي الدولة وهذا يصَعب من مهمة رجال الأمن . وعن الاستثناء قال :" إن اللائحة واضحة فيمن لهم الحق في حمل السلاح ولا يوجد هناك استثناءات خارج اللائحة في مأرب . ويؤكد القيادي الأمني الذي تولى أركان حرب الكتائب بمدرسة الشرطة ثم قائد الكتائب وكبير المعلمين في المدرسة ذاتها:" إن أكبر صعوبة تواجه رجل الأمن هو التعامل مع أي شخص مسلح خاصة إذا كان مطلوبا ، فنتوقع المقاومة وعدم الامتثال لرجال الأمن فيحصل الاصطدام ، وكذلك قصر الواجب على عاتق رجال الأمن وعدم وجود أماكن مخصصة لأمانات الأسلحة ، إضافة إلى عدم وجود خط دائري لعاصمة المحافظة ليسهل مرور المسافرين إلى المحافظات الأخرى ( شبوة – حضرموت ) دون الدخول إلى مدينة مأرب . وعن مشكلة الثأر الملتهبة في مأرب قال الغدراء:" مشاكل الثأر وصلت إلى (122) قضية وهي تزيد الأمر صعوبة عند رجال الأمن إلا أننا نبذل قصارى جهدنا لحماية أبناء المجتمع ونسعى لمعالجة المشاكل التي تدفعهم إلى الثأر وحمل السلاح قبل كل شيء ، وتقدم المساعدة اللازمة لتسهيل مرورهم إلى الأماكن التي يقصدون الوصول ومرافقتهم بين النقاط إذا استدعاء الأمر ذلك ". وعن مؤشرات الحملة نعتمد الاستعداد المسبق لمواجهة الأحداث بإجراءات وقائية لمنع ارتكاب الجريمة والحراسات والمواقع والدوريات والتحريات منتشرة في الطرقات والمنشئات وفي عموم المديريات لفرض الأمن والاستقرار، وقد عزز قرار منع حمل السلاح قدرة رجل الأمن على تنفيذ مهمته في مجتمع خالٍ من السلاح . ويتابع:" لقد أصبح كل أفراد المجتمع في مأرب بكل شرائحه على استعداد تام للتعاون في سبيل إنجاح القرار وبدأ الناس من كان منهم يحمل سلاح يضعه في نقاط الحزام الأمني عن طواعية أو عدم الدخول بالسلاح إلى عاصمة المحافظة ، مكرراً شكره لأبناء مأرب على التعاون وفي مقدمتهم المشائخ والشخصيات الاجتماعية . وعن مؤشرات نجاح الحملة بالأرقام يقول مدير أمن مأرب:" حققنا نتائج إيجابية حيث بلغ إجمالي الجرائم خلال فترة تنفيذ الحملة (160) بينما بلغت خلال الأربعة الأشهر السابقة للحملة (183) أي بانخفاض بلغ (23) جريمة ، كما بلغ نسبة ضبط الجريمة (84%) بينما بلغت خلال الخمسة الأشهر السابقة من العام 2007م (79%) أي بارتفاع (5%) كما بلغ إجمالي المتهمين المضبوطين (172) متهما بينما بلغ إجمالي المتهمين خلال الخمسة الأشهر السابقة (134) متهما نسبة الضبط (36%) . ويضيف :" بلغ إجمالي المتهمين الهاربين (61) متهما بينما بلغ إجمالي المتهمين الهاربين خلال الخمسة الأشهر السابقة (93) متهما بانخفاض (53%) ، كما نجحت الأجهزة الأمنية في الحد من ارتكاب جرائم السرقات للمحلات التجارية بنسبة انخفاض (35%) ونسبة ضبط الجريمة داخل المدينة تتجاوز (96%) وهذه نسبة تدل على حجم الإجراءات الأمنية الناجحة التي تصب بمجملها في صالح أبناء المجتمع في هذه المدينة ".ويؤكد ضبط (40845) قطعة سلاح في نقاط الحزام الأمني وتم منعها من الدخول إلى عاصمة المحافظة" . وحول مدى إسهام حملة منع السلاح في تحقيق الأمن والاستقرار يوضح العقيد الغدراء :" محافظة مأرب تلعب دوراً كبيراً في ربط شبكة الطرقات بين المحافظات وتكتسب أهمية اقتصادية بتأمين وصول مصادر الطاقة والأماكن الأثرية التي تجلب السياح والأجانب وبالتالي فالأمن العنصر الرئيسي في ضمان تأمين تدفق الطاقة والسياحة الأجنبية ، والأمن مطالب بجهود مضاعفة لتحقيق أمن واستقرار حقيقي يساعد الشركات ورجال الأعمال على تطوير التنمية الاقتصادية وتنفيذ برامجهم وخططهم ". ويضيف :" حملة منع السلاح عززت تواجد وانتشار رجال الأمن داخل مدينة مأرب عاصمة المحافظة لأن الإجراءات الوقائية من دوريات وتحريات ونقاط تفتيش ومواقع ثابتة وإيجاد حزام أمني حول المدينة ". وعن حماية الطرقات المؤدي إلى مدينة يقول مدير الأمن:" نعمل وفق خطة أمنية مدروسة ومعتمدة بالتنسيق مع القوات المسلحة المرابطة في نطاق المحافظة لتنفيذ جملة من الإجراءات الأمنية الوقائية لحماية الطرقات والمنشآت والأجانب والمهرجانات في مختلف المناسبات وحملة منع السلاح جاءت لتعزز تلك الإجراءات ". وعن ما إذا كان إجراءات منع حمل السلاح ستسهم في الحد من الأعمال التخريبية التي تقتل سمعة مأرب كمدينة حضارية والأولى أثرياُ في اليمن يجيب القيادي الأمني بالتأكيد ..فقد أصبح حمل أي سلاح بدون ترخيص جريمة يعاقب عليها القانون وباستطاعة رجال الأمن الاشتباه بأي عناصر تحمل أي سلاح والعمل على ضبطهم فوراً وتقديمهم للمحاكمة ، وأي محاولة للإخلال بالأمن والاستقرار أو التخريب بحجة المطالبة بمشاريع أو غيرها من المبررات الواهية ستُضرب بيد من حديد ودون رحمة مادام هذا التخريب أو الإرهاب يستهدف قوات الناس ويلحق أضراراً فادحة بسمعة البلاد ". ويؤكد القيادي الأمني الذي يحمل ماجستير وليسانس شرطة وشريعة:" أن طموح الأجهزة الأمنية في مأرب تطبيق منظومة علمية ومدروسة بعناية لإحكام السيطرة على مدينة مأرب عاصمة المحافظة و إيجاد مدينة خالية من السلاح". وعن إمكانية توسيع إطار الحملة باتجاه المديريات يؤكد بالقول :" في الوقت الحالي لا نستطيع تطبيق الخطة على المديريات ولكن وهنا لدينا مدينة خالية من السلاح وهي تجربة يسعى الجميع إلى نقلها إلى المديريات خصوصاً مع شعورهم بمدى النجاح في المدينة ، ونتمنى الانتقال بشكل تدريجي ليشمل المنع كل المحافظة ". مطالباً أبناء المجتمع لمساعدة منع حمل السلاح في المديريات بتجديد الصلح الذي دعا إليه الرئيس على عبدالله صالح رئيس الجمهورية وتفعيل لجنة مكافحة الثأر ، كون الثأر من الأسباب الرئيسية لحمل السلاح الذي يحصد الأرواح ". ***الزوكا يضع أجندة للاستقرار والنهوض ويؤكد المحافظ عارف الزوكا أن تعاون أبناء مأرب مع إجراءات منع حمل السلاح كان له أثر كبير على تحقيق نتائج متميزة بخلو المدينة تماماً من السلاح ، مؤكداً أن نجاح الحظر في المدينة شكل حافزاً للاتجاه نحو المديريات ونحن بصدد الترتيب لذلك لجعل محافظة مأرب خالية من السلاح . وعن عزف أحزاب المشترك على وتر النفط وحصة أبناء مأرب منه قال المحافظ إن توجيه الرئيس على عبدالله صالح رئيس الجمهورية في نوفمبر 2007م برفع مخصصات المحافظة من عائدات النفط إلى مليون ونصف المليون دولار سنويا ابتداء من يناير الجاري 2008م وكذلك رفع الموازنات التشغيلية للمحافظة إلى ثلاثة أضعاف ما كانت عليه سيحد من المزايدات و الشائعات التي تروج لها بعض الجهات التي تتلذذ بالنكاية السياسية بذريعة نصيب أبناء مأرب من النفط التي يمر من تحتهم إلى صنعاء ، ويتناسون أنه مورد سيادي لأبناء اليمن جميعاً الحق فيه ". وحول ما إذا كان ضعف الوعي يشكل عائقاً للإجراءات لتنمية المحافظة رفض الزوكا الذي تربطه علاقة حميمة بأبناء هذه المحافظة عبارة غياب الوعي وقال بنبرة حادة :" ما أريد أن أؤكده أن أبناء مأرب يتمتعون بدرجة عالية جداً من الوعي ويدركون مصلحتهم جيداً ويهمهم مصلحة الوطن ليس كما يسعى البعض لنسبه أو ترويجه عن أبناء مأرب الذين لهم تاريخ حضاري عريق ، والدليل سرعة تخليهم عن أسلحتهم موقفهم المندد بأي استهداف للأمن والاستقرار أو أي عمل تخريبي يسئ لسمعة محافظتهم ويرفضون العناصر التي تحاول إثارة الفتن أو التعاون مع المنبوذين الذين يقدمون على ارتكاب أعمال إرهابية وتخريبية تستهدف معيشتهم والجميع يبدى تعاوناً كبيراً لتحقيق الأمن والاستقرار ". و يضيف المحافظ:" إن أبناء مأرب تركوا حمل السلاح واتجهوا نحو التعليم فعدد الملتحقين بالتعليم (52) ألف طالب وطالبة منهم (24) ألف طالبة وهناك كلية للتربية التحق بها (2000) طالب منهم (300) طالبة إن هذه الأرقام أكبر دليل على الوعي الذي يتمتع به مأرب وتوجههم مع الحكومة لتحقيق نهضة شاملة تشهدها مناطق المحافظة ". وعن ما إذا كان أبناء المحافظة النموذجية في معايير التوظيف والخالية من الغش في الامتحانات للعام 2007م سيتوجهون نحو الهم الاقتصادي ورفع مستوى المعيشة يؤكد الزوكا أن التعليم هو الهم المستقبلي الذي تنحو باتجاهه الخطط والاستراتيجيات باعتباره الركيزة الأساسية للتنمية وأن المحافظة تسعى حالياً إلى تطبيق نظام المدارس النموذجية التي تتوفر فيها كل مقومات العملية التعليمية يليه البدء بتهيئة المحافظة لاستقبال الاستثمارات بالذات السياحية لتحقيق النهوض بأوضاع المجتمع". ويقول :" لا تنقصنا المدارس فهناك (430) مدرسة في مديريات المحافظة ولكن توجهاتنا لتحسين المخرجات بحيث يكون الشاب المأربي أو الشابة رافد مهماً وعنصراً فعالاً في سوق العمل ، بجانب إنشاء كلية للمجتمع وثلاثة معاهد للتدريب المهني حالياً بحيث ينخرط فيها الشباب للمساعدة في تحقيق تنمية مستدامة تنعكس على محاربة الثأر والاستفادة من مورثات التاريخ العريق الذي تتميز به المحافظة عن غيرها ". وأوضح محافظ مأرب أن الترتيبات جارية لإنشاء إذاعة مأرب ومكتبة وطنية يجري تجهيزها وصالة رياضية تم الانتهاء منها وكل هذا سيجذب الشباب الذين يطوقون إلى مغادرة العادات السيئة التي كانت تتمثل بحمل السلاح والانتقال إلى أوضاع فكرية وعملية جديدة لجعل محافظتهم نموذجية أيضاً في التنمية والاستقرار ". وعلى الرغم من أن المحافظ يعتبر أن حمل السلاح أساء كثيراً للسياحة وسمعة المحافظة وعائقاً أمام التنمية إلا أنه يدافع بشدة عن عادات أبناء هذه المحافظة فهو يقول :" هناك من يعتقد أن الإنسان المأربي مرتبط بالقتل والجريمة ولكنني أؤكد أن هذا الإنسان لديه عادات وقيم أصيلة وعريقة تمنعه من الإساءة لأي شخص أو تهديده إنما استخدام السلاح للدفاع عن نفسه في وجه الثارات القبلية التي تتجه نحو الزوال". |