خواطر نقابية (3) لو أتيح لأي زميل مخضرم في العمل الصحفي أن يقف على ملفات المتقدمين لاكتساب عضوية نقابة الصحفيين اليمنيين لربما أصيب بالإحباط... وقد عشت شخصياً هذه المعاناة – أي معاناة فحص ملفات العضوية – طوال خمس سنوات بين 1999 و 2004م لتنقية العضوية بحسب قرار المؤتمر العام الثاني والمعاناة تتكرر إلى حد ما هذه الفترة مع فحص ملفات المتظلمين من عدم حصولهم على العضوية، إذ تكمن المعاناة تحديدا في عدد من الأمور التي تدل فعلاً على ضعف الحس النقابي وأحياناً على غيابه، فمن هذه الأمور على سبيل المثال أن تجد نفسك مضطراً لفحص عشرات الملفات لأناس لا ينتمون للمهنة بالمعنى المحدد والمتعارف عليه في قانون الصحافة وفي النظام الأساسي للنقابة أي أن يكون العمل الصحفي بالنسبة له مورد رزقه ،أي ليس مجرد هواية يمارسها في أوقات فراغه ناهيك عن أن تتوافر فيه التفاصيل الواردة في التعريف لأنواع العمل الصحفي... وبالطبع فالجميع محل احترام وتقدير ولاشك أن رغبتهم في الانتماء للنقابة دليل على احترامهم وتقديرهم لها وإن كان ذلك لا يعني تجاوز النظام الأساسي بحال من الأحوال. فبعض الإخوة الأجلاء يكتب بانتظام لكنه قد لا يدرك أن مكانه في هذه الحالة هو اتحاد الأدباء والكتاب مثلاً أو أية رابطة معنية بمثل هذا الأمر، فالصحفي الحقيقي هو من مارس ويمارس معظم فنون العمل الصحفي من كتابة الخبر إلى عمل الاستطلاع والتحقيق إلى إجراء الحوارات إلى كتابة المقال إلى غير ذلك من الفنون الصحفية المتعارف عليها، ناهيك عن تفرغه الكامل لممارسة المهنة باعتبارها مصدر رزقه... وللأسف فإن مثل هذه الأمور ليست واضحة للكثيرين الذين يكلفون أنفسهم مشقة تقديم ملفات لا يمكن قبولها بشكل من الأشكال... وفي جانب آخر من الصورة التي تمثل هماً نقابياً لابد من الوقوف أمامه عاجلا أم آجلاً هو الوضع الفوضوي الذي تعاني منه بعض الصحف الأهلية تحديداً – وأؤكد على كلمة بعض – حيث تلمس غياب أي عمل مؤسسي فيها وهذا ما تلمسه من ضآلة مخصصات العاملين فيها أو من عشوائية ملفات العضوية المقدمة باسمها إلى حد تقديم بعضها ملفات لأناس لا يعملون فيها حقيقة بل فقط للتجمل معهم بغرض إكسابهم عضوية النقابة، ناهيك عن ضعف مستواها المهني حيث تجدها مدبجة من أول صفحة إلى آخر صفحة بمقالات إنشائية أو بعض (الخبابير) المصاغة من نسج الخيال ودون أن تجد فيها حواراً أو استطلاعاً أو ما شابه من فنون العمل الصحفي، ومع ذلك لا تملك النقابة سوى التعامل معها كصحيفة ولا تجد مناصاً من منح هيئة تحريرها العضوية العاملة فيها باعتبار ذلك حق لا مراء فيه! بالمقابل فإن نقابة الصحفيين لا تملك في الظرف الراهن سوى تقديم النصح لمثل هذه الصحف بأن تحرص على خلق وضع مؤسسي لها وتحسين المخصصات المادية لمحرريها وأن تحرص على استيعاب خريجي كليات الصحافة والإعلام فيها، لأنه لابد أن يأتي يوم تنحصر فيه العضوية الجديدة في النقابة على خريجي الصحافة والإعلام الذين يعملون في مجال تخصصهم باعتبار أنه أصبح لدينا اليوم مثل هذه الكليات تماماً كما أن نقابة الأطباء لا تقبل في عضويتها إلا خريجي كليات الطب وتماماً كما أن نقابة المحامين لا تقبل في عضويتها إلا خريجي كليات الشريعة والقانون... وكل ذلك بالطبع دون المساس بالعضوية القديمة في نقابة الصحفيين والتي اكتسبها الكثيرون بدأبهم ومهنيتهم الصادقة, حيث لم يكن في البلاد كليات صحافة وإعلام حتى العام 1990م. *عن 26 سبتمبر |