الحكم المحلي وإعادة ترتيب التنمية ..المؤتمر يقود الديمقراطية منفردا ليس ثمة إرهاق للمجتمع أكثر من جدل سياسي عقيم لا يؤسس الا لمزيد منه، ولا اعتقدان أي مواطن بحاجة لان يضل مشدود لصراع يغيب تقديم معالجات سريعة لمشاكله، صراع محصور بين قوى سياسية ترى في أي معالجات تهديدا لمصالحها و اخرى اجتماعية وبيروقراطية تقليديها خاضعة لشبكة من مراكز قوى لم ترتبط في يوم من الأيام بقضايا التنمية المحلية بقدر ما امتلكت على المدى الطويل أدوات انتفاع ومقدرة في التأثير والفعل السياسي الواقعي المقاوم للتغيير. ولان الحكم المحلي قادر على إعادة ترتيب أوراق التمنية، و يبرز تأثير خطوة انتخاب المحافظين على مصالح أطراف الواقع الاجتماعي بما نشهده من مقاومة بوسائل للأسف تبدو أنها مدنية وحديثة، غير انه لا يعول من أحزاب نهجت على المركزية منذ عشرات السنين ومفهومها للتغيير لا يتعدى محوري (صراع المدافع والسحل والانقلاب او الفتاوى الدينية التي لم تكن يوما من الأيام لصالح الديمقراطية الناشئة) ان يرتضى بمثل هكذا تحول في مفهوم ادارة الدولة لكونها تقود بلا شك لتأسيس التغيير في مفهوم إدارة الحزب الذي ينتظر فرعه في إحدى المحافظات مجيء أمينه العام ليصرف له القرطاسيه. وحقيقة فلا غرابة أن ظلت أحزاب المعارضة اليمنية (للأسف ) تحصد الإخفاق طالما ارتضت لنفسها أن تكون هياكل معطلة وظيفيا في واقع ديمقراطي متقدم، لم تتحرك ضمن الحيز المتاح فيه او ضمن الممكن الموجود لعمل إيجابي يخدم البناء الديمقراطي للوطن والذي يعد الركيزة الأولى لاكتساب المزيد من الخبرات والمهارات التي تعمق جدوى وجودها وتوسع رقعة بنائها التنظيمي الجماهيري. أتحدث هنا عن محطات كثيرة حرمت اليمن من إمكانيات وجهود كان يمكن ان تكون ذا شأن نافع جدا فيما لو أضيفت إلى جهود الطرف الآخر من المعادلة السياسية والمتمثل بالمؤتمر الشعبي العام الذي يقود دفة الحكم. ولعل تحنط الأحزاب المعارضة عند لغة انهيار الحكومة وسقوط النظام دون الاستفادة من أخطاء الماضي جعل من المؤتمر الشعبي العام الحاكم دوما هو المتقدم في قيادة الديمقراطية اليمنية بمزيد من آليات تطويرها وتنميتها وتثبيتها وترسيخ قيم وتقاليد التداول السلمي للسلطة ابتداء من الانتخابات النيابية مرورا بالانتخابات الرئاسية والمجالس المحلية وأخيرا بخطوة كبيرة هي انتخابات المحافظين . يكفى الرئيس صالح شرف اعلان هذه مبادرة انتخاب المحافظين ورعايتها ويكفي المبادرة المؤتمر الشعبي العام شرف تثبيت هذه الخطوة بعد أن كانت على مدى الأربعين عام الماضية بالتعيين، وهو بناء جديد في مسيرة تطوير الديمقراطية اليمنية وحدث تاريخي يجدد الريادة للمؤتمر في قيادة الديمقراطية وتنميتها، ووصمت عار لقوى سياسية أبت إلا أن تكون متراجعة ديمقراطيا ولا تؤسس في الواقع الديمقراطي المتقدم حتى لإعلان وجودها على اقل تقدير بمحاولة التأثير الايجابي بتثبيت الخطوة المتقدمة بانتخاب المحافظين إن لم يكن بالدفع بأعضائها للمشاركة فبتكريسها لقيم التداول السلمي للسلطة. في بلادنا كل شي مختلف فالحاكم هو المبادر دوما في رعاية الديمقراطية وتطويرها في وقت وصلت فيه بعض قوى المعارضة لدرجة من تضخيم الذات حد اعتبار كل اطار سياسية او راي مغاير لا يؤخذ فيه رأيها هو بالضرورة فتنة كبرى وخطر داهم سيغرق الحرث والنسل. واستدعيت كل معاجم اللغة واستخرجت منها الاسماء لتطلق على كل كيان يحمل فكرة او طرح مغاير وعوّمت وسائل (الاعدام) التابعة لها بمصطلحات مثل الفاسدين في السلطة ...العابثين بالمال العام ... اعداء الحرية والديمقراطية ...اعداء المجتمع المدني...اعداء المعارضة ...اعداء الوطن ...فالصيغة التي تنتظم عليها بعض قوى المعارضة في بلادنا في الوقت الحاضر لا تدلل على وجود منهجية استراتيجية محددة وواضحة للعمل السياسي الوطني المخلص.. وتكاد أن تتحول بعض الأحزاب على ضوئها إلى مجرد صخب فوضوي يشعر الآخرين بوجوده من خلال ما يصدره من ضجيج ، في الوقت الذي كان مؤملاً منها أن تشد الناس إلى عطاءاتها التي تبذلها لمصلحة الوطن والشعب، وبما يشيد وينمي هذا البلد. ان اكبر كارثة هي عدم قدرة بعض القوى السياسية التخلص من ثقافة نهج الصراع السياسي في الانظمة الشمولية وتغييب متعمد لإدراك أن هناك موجبات للتعاون بين الجميع لتوفير أجواء وشروط النمو الديمقراطي الذي تبنى توجهه العام الرئيس صالح والحريص دوماعلى تطوير الديمقراطية ومعالجة الاخطاء المترتبة على ممارستها بمزيد من وسائل الديمقراطية القادرة على حل المشكلات. وفي محصل كل ذلك فان المعارضة (الإصلاح والاشتراكي والناصري الوحدوي) اهدرت الكثير من طاقاتها وادواتها وامكاناتها في تتبع حركة المؤتمر الشعبي العام الحاكم مثلما اهدرت الدولة الكثير من المال والامكانات والطاقات نتيجة للمركزية –حد قول عبدالقادر هلال وزير الادارة المحلية. فالمعارضة لا نجدها الا معارضة كل خطوة يقدم عليها (الحاكم) مهما كانت إيجابية على اعتبار أن هذا الطرف هو خصمها اللدود الذي لا يجب الثناء عليه و مباركة فعله لئلا يتسبب ذلك بتعزيز ثقة الجماهير به وزيادة شعبيته على حساب الآخرين. واجدني هنا امام تناول بعض احزاب المعارضة في (الاصلاح والاشتراكي والناصري) لخطوة انتخاب المحافظين بعد ان اعلنت مقاطعتها – ولا اريد هنا ان اعدد مبررات المقاطعة التي تحمل في تناقضها وتفاهتها لو تناولت فضائح ان جاز التعبير - اذ تركز على الصراع المؤتمري المؤتمري في منافسة نفسه في انتخابات المحافظين والمراهنة على انقسامات المؤتمرين من خلال قوة المنافسة على خوض الترشح، وعلى مأزرة مرشح مؤتمري أصر على عدم الانسحاب أمام مرشح ارتأته قيادة الحزب بعد مشاورات قواعده وقناعاتهم، وو....غيره الكثير من الانجازات العظيمة للمعارضة في تتبع حركة المؤتمر وما يمكن ان يفرقه ويضعفه (في اعتقادها). ياأشاوس من جعل المؤتمر ينافس نفسة أليس انتم ...ثم أليس بكافي ابتكار المزيد من الوسائل التي تساومون بها السلطة على المزيد المكاسب السياسية التي لا يكترث بها المواطن العادي بقدر اهتمامه بما يقدم له من خدمات تحسن من مستوى معيشته ومن فرص أبنائه في حياة آمنة وزاهرة، صحيح المؤتمريين ينافسون بعضهم بشدة ولكن الا يمثل ذلك قفزة نوعية في ارساء هذه التجربة، ثم انظرو الى كيفية التنافس انه تنافس مصالح ولكن بأدوات ديمقراطية مشروعة وبمفهوم تاريخي فريدة لشرعية التغيير التي يحكمها الصناديق ..انه تنافس لا يتعدى روح الشفافية الديمقراطية إلى التكفير وهدر الدماء، خالي من لغة الرصاص والدبابات او الفتوى الدينية التي تصدرها قادة الأحزاب لاختيار شخص دون أخر. وحقيقة لو كرست ذلك الحجم الكبير من الطاقات التي تفرغها احزاب المعارضة في تقبيح (روح وفعل المبادرة من الاخر) لوفرت على نفسها اولا مقدمات الفشل الحالي والقادم ولعززت من حضور يدفعها لتوازن دفة الريادة الديمقراطية والخروج من أوهام الخصومة التي جرفتها بعيدا عن هموم الوطن والمواطن إلى همومها الخاصة، وشل قدراتها وطموحاتها بهواجس المؤامرة المعشعشة في خيالاتهم فقط. المؤتمر الشعبي العام للتذكير خليط من مشارب سياسية فكرية وقوى اجتماعية تمثل نسيج كبيرا في الوطن، يعمل بجد على ان يضيف لرصيده الكبير في صناعة التحولات ما يجعل منه يتقدم بالديمقراطية ويقودها ، ومهما بدى للبعض انه يعيش انقسامات وقاب قوسين او ادنى من تسليمه ذمته للمعارضة (المحنطة عن هذه النقطة التي تجاوزها الواقع المتقدم ديمقراطيا) لمجرد خوضه منفردا لتجربة ديمقراطية جديدة، فإنما هو يعيش مخاض انتقال تصحيح أدواته وخياراتها في معايشة الواقع اليمني والتفاعل مع همومه ومتطلباته بما يليق بأصول الممارسة الديمقراطية التنموية التي لا يتنصل من مهامها بقدر البحث عن أدوات شرعية تمكنه من الريادة في تنفيذ هذه المهام. فبمهمة أيجاد حكم محلي واسع الصلاحيات يعيد الترتيب الحقيقي للتنمية لتكون تنمية محلية تواكب التغير في مفهوم اعادة صياغة ادارة الدولة بإنهاء المركزية الشديدة التي أسهمت في تعثر مشاريع استراتيجية هامة بالمحافظات وعرقلة بصورة أو أخرى تنمية المجتمعات المحلية، فيكفي المؤتمر شرف التجربة بإرساء مفهوم انتخابات المحافظين كلبنة أولى على طريق انتخاب المحافظين بأسلوب الانتخاب المباشر ومن ثم انتخاب مديري عموم المديريات فهذا ما نحتاجه لتعزز الانتقال من شرعية التحالفات بين مراكز القوى التي تتقاسم المصالح في الأحزاب والسلطة وفي الثقافة والاقتصاد إلى شرعية الصوت الانتخابي. *عن نيوز يمن |