كرنفال ديمقراطي لم تحضره المرأة! في غمرة الكرنفال الديمقراطي الذي كان يجوب ربوع اليمن أمس، انتابني إحساس بأن ثمة شيئاً ناقصاً ينغص جمالية المشهد الانتخابي ، فالمرأة كانت غائبة ، ونحن الشرقيين لانطيق بيوتنا حين تغيب عنها المرأة!! معظم محافظات اليمن لم تشهد أمس اي حضور للمرأة في انتخابات المحافظين ، سواء كمرشحة أو كناخبة ـ ومع هذا مازلنا نتحدث بجرأة عن ان «المرأة نصف المجتمع» .. أليست مفارقة ان نراهن على مواكبة العصر ، وتفجير ثورة تنموية بـ(نصف) المجتمع «الذكوري» ونستغني عن نصفه الآخر !؟ ربما علمتم بمبادرة الأخ وزير الإدارة المحلية في الإعلان عن نيته تعيين أربع نساء بمنصب مديرات عموم أربع مديريات في أربع محافظات، لكنني علمت بعدكم ان ضغوطاً كبيرة تمارس على الوزير عبدالقادر هلال للتخلي عن مبادرته، وأنه في الايام القليلة الماضية تجاوزت تحركات بعض الشخصيات التقليدية المتنفذة مايمكن ان يبذلوه من مسعى لوقف نشاط التمرد في صعدة، ولاغرابة ، فالبعض يرى في المرأة خطراً أعظم من كل الاخطار ـ لأنها لاتنجر بسهولة إلى مستنقعات الفساد المالي والإداري..! قبل فترة قصيرة فاجأتنا بعض المنظمات النسوية بنشاط محموم بشأن «الكوتا» وآليات مشاركة وتمكين المرأة، والبعض استعرضن قائمة تعديلات قانونية مقترحة ، وبعض آخر رفعن نسب الكوتا إلى ثلاثين بالمائة ، ونقاش ساخن أدارته النساء من هنا وهناك، مالبث ان خمدت ناره ولم تعد له ألسنة في نفس الوقت الذي تحدث فيه الوزير هلال عن «مديرات المديريات» وإنني لأسجل دهشتي من موقف تلك المنظمات والناشطات اللواتي لم يكلفن خاطرهن عناء زيارة للوزير للترويج للمبادرة، وعدم تركه يخوض المعركة بمفرده مع خصوم المرأة ، رغم انه ليس له فيها ناقة ولاجمل ! في أحيان كثيرة اشعر أن مشكلة المرأة اليمنية لاتكمن في حجم مطالبها الهائلة ، والموروث السحيق الذي يعترض طريقها، بل في بحثها الدائم عمن ينوبها لحل مشاكلها ..! فأغلب المبادرات القائمة تركز على دعوة الرجال لمناصرة قضايا المرأة، سواء السياسيون منهم ام الاعلاميون والمثقفون وغيرهم. وقلما نسمع عن دعوة موجهة إلى منظمات نسوية مماثلة لتشكيل جبهة نسوية ذات كفاءات وإمكانيات قوية.. لهذا نجد لكل منظمة جمهورها الخاص الذي يأبى الانتقال إلى ضيافة المنظمة الاخرى ، لأسباب ربما لاتتعدى «حسد نسوان» !. وفي الحقيقة اننا عندما نفتقد المرأة في انتخابات المحافظين أو غيرها، فإننا لانلقي اللوم كالعادة على «صناع القرار» لأن صانع القرار قد تكون لديه رغبة مشاركتها إلا انه لايمتلك اي حق دستوري لفرض رغبته على بقية الاحزاب الوطنية .. ولا على اي شخصية اجتماعية متنفذة، إلا انه يمثل ضوءاً اخضر للمرأة بأن بوسعها الحصول على مناصرة عالية المستوى ، وعلى الدعم المادي الذي يؤهلها لخوض تجاربها الأولى، وماتبقى على المرأة نفسها أن تفكر وتخطط كيف تستثمر هذا الضوء الاخضر وتسير على هداه... ويبقى هناك ايضاً مايبعث على الدهشة حتماً حين تكون المرأة داخل حزب أو تنظيم سياسي يحرم عليها ترشيح نفسها وتبوّء المناصب والمراكز القيادية، ورغم هذا تجدها تصطف بالطوابير لمنحه صوتها الانتخابي ، ثم بعد مغادرتها صندوق الاقتراع لن تترك منبراً إلا وطالبت منه بتمكينها من المشاركة السياسية أو العامة.. أليس هذا مفارقة في غاية السخرية يابنات «حواء»!؟ *عن الجمهورية |