السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 01:43 م - آخر تحديث: 01:43 م (43: 10) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المستقبل للوحدة
صادق‮ ‬بن‮ ‬أمين‮ ‬أبوراس - رئيس‮ ‬المؤتمر‮ ‬الشعبي‮ ‬العام
البروفسور وهيب عبدالرحيم باهديله في رحاب العُلماء الخالدين
أ.د عبدالعزيز صالح بن حبتور
ثورة الـ "14" من أكتوبر عنوان السيادة والاستقلال والوحدة
بقلم/ يحيى علي الراعي*
14 أكتوبر.. الثورة التي صنعت المستحيل
قاسم‮ محمد ‬لبوزة‮*
زخم الثورة وحاجته لسلوكٍ ثوري
إياد فاضل*
خواطر في ذكرى تأسيس الموتمر الشعبي العام
د. أبو بكر عبدالله القربي
المؤتمر الشعبي رائد البناء والتنمية والوحدة
عبدالسلام الدباء*
شجون وطنية ومؤتمرية في ذكرى التأسيس
أحمد الكحلاني*
ليبارك الله المؤتمر
راسل القرشي
ميلاد وطن
نبيل سلام الحمادي*
رؤية وطنية تلبّي احتياجات الشعب
أحلام البريهي*
المؤتمر.. حضور وشعبية
أحمد العشاري*
دين
المؤتمر نت -

المؤتمرنت-تحقيق: رضا عكاشة * -
“المفتي الإلكتروني” تقليعة يتبرأ منها الإسلام
تظهر من وقت إلى آخر استخدامات جديدة للكمبيوتر والأجهزة الإلكترونية في مجال الفتوى الشرعية وتناول أحكام الإسلام وقضاياه.. ما بين المواقع الدينية والهواتف الشرعية إلى “البصمة الإلكترونية القرآنية” التي روجت لها إحدى شركات الكمبيوتر.

آخر هذه “التقاليع” ما يعرف حاليا باسم “المفتي الإلكتروني” حيث تقوم فكرته على بناء موقع باسم الرسول صلى الله عليه وسلم بعد تخزين كل المعلومات حوله صلى الله عليه وسلم بحيث يمكن للإنسان العادي طرح السؤال على هذا الموقع لمعرفة الحكم الشرعي.

هذا الاستخدام يطرح السؤال: أين الفوائد والمخاطر في مثل هذه الاستخدامات؟ وهل يصبح الكمبيوتر وغيره من وسائط الاتصال الجديدة وسيلة لتوفير المعلومات الشرعية وتيسير الحكم الشرعي للناس، أم يصبح أداة لبلبلة العامة وإثارة الجدل والخلاف بين العامة والخاصة؟

د. عبد الصبور شاهين الداعية وأستاذ الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة القاهرة يقول: يجب ألا نعمم الأحكام على الكمبيوتر أو الاستخدامات الإلكترونية في مجال الفتوى والإفتاء، ولكن من الأهمية أن نحدد مجالات الاستخدام ونقيس حجم الضرر والأذى الذي قد يتعرض له الحكم الشرعي أو مصلحة المسلمين الدينية والدنيوية. وفي موضوع “المفتي الإلكتروني” أو محاكاة الرسول صلى الله عليه وسلم عبر الكمبيوتر، فقد كانت لي جلسة مع صاحب المشروع وهو الدكتور أنس فوزي أحد الدارسين لما يعرف باسم “الذكاء الاصطناعي” وقد تمثلت فكرته في أنه من خلال “دراسة الشخصية” يمكن توقع أسلوب تصرف الشخص في موقف ما، وهو يرى أن الناس في حاجة إلى المعلومة الشرعية وأن ثمة اختلافات في الآراء المطروحة ومن ثم حاول أن يرد الناس إلى “فتاوى الرسول” من خلال بناء موقع باسم الرسول صلى الله عليه وسلم بعد تخزين جميع المعلومات حوله صلى الله عليه وسلم، بحيث يمكن للإنسان العادي طرح السؤال على هذا الموقع المحاكي للرسول صلى الله عليه وسلم لمعرفة الحكم الشرعي. والمحاكاة هنا سوف ترد على السؤال: ماذا كان سوف يفتي الرسول في هذا السؤال لو كان موجودا “من خلال البيانات التي تم تخزينها”.

منتهى الخطورة

ويتحفظ د. شاهين بشدة على هذا الاستخدام للأسباب الشرعية التالية:

أولا: عندما يحاكى الرسول فهل يحاكى كإنسان عادي أم يحاكى من خلال الأحاديث والنصوص المنسوبة إليه أم يحاكى كنبي يوحى إليه.

وإذا كانت المحاكاة من خلال النصوص، فلماذا لا يتم الرجوع إلى النصوص مباشرة ليؤخذ منها طبقا للقواعد الشرعية والعلمية المعروفة في الفكر الإسلامي؟

وإذا كانت المحاكاة للنبي صلى الله عليه وسلم كإنسان عادي، فهي محاكاة في منتهى الخطورة وقد توقع صاحبها في مزالق دينية، لأن محمدا الإنسان لا يمكن فصله عن محمد النبي خاصة عندما يتعلق الأمر بالحلال والحرام وأحكام الدين. وإذا كانت المحاكاة للنبي الموحى إليه، فقد انقطع الوحي، ومن غير المقبول تصور نبي من دون وحي.


ثانيا: الفتوى باختصار شديد تعني إسقاط الحكم الشرعي على الواقع وفي حالة هذه المحاكاة فمن ذا الذي يقوم بهذه العمليات الثلاث وهى: الإسقاط، والحكم الشرعي، وفهم الواقع وملابساته؟

من المؤكد أن الإسقاط هنا سوف يقوم به الكمبيوتر عبر المعلومات المخزنة، إذن نحن في الواقع كأننا حوّلنا جهاز الكمبيوتر إلى عالم دين يقوم بقياس وإسقاط الحكم الشرعي، وهي مسألة خطرة جدا قد تولد لنا إسقاطات وأحكاما مضحكة لا تتماشى مع جلال الدين وقدسية الحكم الشرعي، كما أنه من المستحيل علميا وشرعا أن نترك هذه الإسقاطات والاستدلالات الشرعية لهذا الجهاز مع تعدد وتنوع وتعقد عملية الاستنباط والاستدلال الشرعي المنوط بأهل العلم والتقوى والورع والعقل والرسوخ في المعرفة.

فهم الواقع

ثالثا: سوف يفتقد هذا الاستخدام الإلكتروني أهم وأخطر خصائص الفتوى وهى “فهم الواقع”. فالفتوى لا يمكن الحكم بها إلا إذا تحددت الفتوى وعناصرها وأشخاصها وزمانها ومكانها وأهداف المستفتي والمفتي. ومن الخطأ الكبير أن نسقط الحكم دون معرفة الواقع، ولا يمكن فهم الواقع إلا عن طريق العقول العلمية الشرعية المعايشة للواقع.

ومن المؤكد أن كثيرا من أحكام اليوم لم تكن موجودة أيام الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن فهم الحكم يقوم على فهم الواقع والحكم معا.

ولو عرضنا كثيرا من المسائل الشرعية على هذا “المفتي المحاكي للرسول” فلن نجد لديه حكما بمنطق أنها مسائل جديدة أوضح فيها العلماء الحكم الشرعي بفهمهم للنص الشرعي وترجيح مصالح البلاد والعباد.

ولو لاحظنا لعرفنا أن كثيرا من المسائل التي تشغلنا اليوم لم تكن موجودة بواقعها أيام الرسول صلى الله عليه وسلم مثل: زراعة الأعضاء وفوائد البنوك والكلام بالانترنت والزواج العرفي والعلمانية والعولمة والتدخين وغير هذا من مئات المسائل فكيف يمكن تصور مثلا: “ماذا كان سيقول الرسول صلى الله عليه وسلم لو استفتي في التدخين”؟ وماذا سوف يكون عليه الرأي لو قال (الموقع المحاكي) إنه حلال؟

إن العلماء درسوا مكونات التدخين وعناصره الضارة وآثاره النفسية والاجتماعية والمالية والصحية حتى انتهوا إلى حكم يتماشى مع “الواقع” و”المصلحة” اللذين يرتبطان بالحكم الشرعي ويرتبط الحكم الشرعي بهما.

فوائد “الكمبيوتر” وأضراره

ويشدد د. علي عجوة عميد كلية الإعلام الأسبق بجامعة القاهرة وعضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية على ضرورة الاستفادة من حيث المبدأ من كل المعطيات الإلكترونية الحديثة في خدمة الدين وقضاياه، ولكنه يتخوف من الاستخدام السيئ لهذه الإلكترونيات في مجال الفتوى والإفتاء.

ويوضح د. عجوة بعض فوائد الكمبيوتر في هذا المجال، حيث يستطيع الكمبيوتر توفير أكبر قدر من المعلومات أمام الناس، وإذا كنا نقدر عدد أجهزة الكمبيوتر في العالم بنحو ملياري جهاز، ونقدر عدد الصفحات المتصفحة في الشهر الواحد عبر الانترنت بنحو 30 مليون صفحة، فإن وضع أمهات التفاسير والأحاديث والفتاوى وشروحها على “النت” يعد خدمة طيبة للدين وأحكامه.
أيضا ينبغي استخدامه في توضيح مواقف العلماء أو المؤسسات الدينية أو حتى العامة من القضايا المثارة، ووضع الأخبار الإسلامية، واعتباره وسيلة للتعبير عن الرأي العام الإسلامي تجاه قضايا المجتمع الإسلامي والرد على الشبهات التي يثيرها خصوم الإسلام وتأكيد قدرة المسلمين على إنتاج واستخدام وتطوير الصناعات الإلكترونية الحديثة بما يفيد الإنسانية.

البعد عن البلبلة والاختلافات

أما أضرار الكمبيوتر في هذا المجال فيلخصها د. علي عجوة في الخروج به عن الوظيفة التي تناسبه، ويضيف: ليس مناسبا أن يكرس البعض هذه القدرات الاتصالية الواسعة للانترنت في الإثارة الجنسية أو النعرات المذهبية أو إثارة الخلافات الدينية أو إثارة البلبلة بين المسلمين. وفيما يتعلق بالفتاوى على وجه الخصوص فإن الواقع يقول إن هناك بعض الجرأة على أحكام الله، فبعض راغبي الشهرة أو المثقفين الكارهين للتدين أو أصحاب الهوى السياسي، يستغلون الفضائيات أو الإلكترونيات الحديثة في توسيع دائرة الخلافات بين الناس، وهي سلبية خطرة يجب أن يقف ضدها كل الغيورين على المسلمين وقضاياهم.

ومن الواجب أن يتم التعاون والتنسيق بين بعض المتحمسين لاستخدام هذه الإلكترونيات من ناحية وبين المؤسسات الإسلامية من ناحية ثانية، حتى لا تسيء بعض هذه الاستخدامات إلى الإسلام ونبيه صلى الله عليه وسلم.

ضوابط شرعية

ويؤكد المعنى نفسه د. حامد أبو طالب عميد كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر حيث يقاس استخدام هذه الإلكترونيات بما تحققه من نفع أو بما تجلبه من أذى للحكم الشرعي. ومن الناحية المبدئية فإن واقع الفتوى في البلاد الإسلامية بخير، ولكنه يحتاج في الوقت نفسه إلى بعض الضوابط الشرعية التي يجب أن تحكم الممارسة وطبيعة الحكم وجهته بعيدا عن الوسيلة أو الآلة التي يعلن بها الحكم الشرعي على الناس.

ويضع د. حامد ثلاثة ضوابط شرعية يجب أن تحكم تعاملنا مع الكمبيوتر أو غيره من الإلكترونيات.


الأول: إدراك حساسية الفتوى وخطورتها، حيث لا يجوز أن يتصدى لها أي شخص سواء كان موجودا في ركن المسجد أو على موقع الانترنت.

الفتوى بلاغ عن الله ولا يجيدها إلا الثقات من العلماء وفي الحديث: “إن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم” كما أن التحريم أو التحليل حق الله ورسوله، وفي القرآن: “قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا. قل ءالله أذن لكم أم على الله تفترون”.

الثاني: لابد من مراقبة المؤسسات الدينية وهى كثيرة في دولنا الإسلامية لهذه الاستخدامات الإلكترونية. ونحن نؤمن بأنها حسنة النية وبالتالي لماذا لا تعود إلى العلماء الثقات والمجامع الفقهية عند الحديث عن الفتاوى الشرعية الحساسة أو المثيرة للاختلاف وهى والحمد الله محدودة العدد.

إن الوقت الآن مهيأ للفتنة، ولا يجوز أن يصبح بعض هذه المواقع الإلكترونية مصدرا إضافيا من مصادر الفتنة.

يجب أن نربي في الأمة الطاعة لأمر الله، والبعد عن الشبهات، والبعد عن بعض الجهال الذين يفتون بغير علم، وهو خطأ يقع فيه البعض وتروج له بعض هذه الوسائل، مع أن القرآن الكريم والسنة النبوية حذرانا من هذا الخطأ في أكثر من نص صريح، ففي القرآن الكريم يقول الحق محذرا من أهل الفتنة والاختلاف: “فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله”.

وفي الحديث: “لا يقبض الله العلم انتزاعا من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالم، اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلّوا وأضلوا”.

الثالث: مراعاة مصالح المجتمع المسلم وحاجاته، فأي أمر جديد لابد أن نراعي فيه مدى المصلحة التي قد تحققها هذه الوسيلة الجديدة.

فتح باب الشبهات


ويضيف د. حامد أبو طالب: أرى ما أثير عن “البصمة القرآنية” أو خصوصية التعداد الرقمي في القرآن أو المفتي الإلكتروني ومحاكاة الرسول صلى الله عليه وسلم عبر الكمبيوتر. هي أمور ليس فيها نفع ظاهر وضررها أكثر من نفعها، فالإعجاز القرآني محل إيمان الجميع، والمسلمون اليوم ليسوا محتاجين لعد القرآن ورصد تكراراته الرقمية بل محتاجون للعمل به في دنياهم وتطبيق حكمه في معاشهم ومعادهم. وقد أثبتت التجارب أن كثيرا من هذه الاستخدامات مشبوهة ووراءها أياد تريد صرفنا عن جوهر القرآن باعتباره كتاب هداية ووحي يسوس به الناس دنياهم.

أما محاكاة الرسول صلى الله عليه وسلم إلكترونيا فهذا عمل سوف يفتح باب الشبهات، ويولد عدم الثقة في الرأي الشرعي، ويفتح باب الاختلافات مع أن حديث رسول الله وسنته وسيرته موجودة لمن أراد استنباط الحكم الشرعي من دلالاتها.

كما أن مثل هذا الفعل سوف يفتح باب “التقول” على رسول الله، لأن أي رأي ينسب إليه كأنه تقوّل على رسول الله، وقول جديد نسب إليه، ومن يفعل مثل هذا فقد أوقع نفسه وأوقعنا في معنى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال: “من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار”.

إساءة إلى الدين

وينفي د. زكي عثمان أستاذ الثقافة الإسلامية بكلية الدعوة بالأزهر نفيا قاطعا الربط بين تحفظات دعاة الإسلام على بعض هذه الاستخدامات الإلكترونية من جانب وترغيب الإسلام في الأخذ بكل أسباب التحضر من جانب آخر.

ويقول: نحن المسلمين مدعوون للأخذ بكل أسباب التقدم المادي، ونشر ما هو جديد بين الناس، ولكننا مطالبون كذلك بابتغاء مرضاة الله ومصالح الأمة في كل جديد

وأرى أن ثقافتنا المعاصرة محتاجة لأن تفتح آفاقا واسعة مع الإلكترونيات المعاصرة، بحيث يستفيد الدعاة من هذه المعطيات الإلكترونية بكشف مقولات الآخر عنا وطرح رؤانا أمام الآخر، وتوفير الدليل الشرعي والعلمي أمام من يريده والدخول في حوار جاد مع المخالفين لنا في العقيدة أو الرأي وأيضا بإنتاج عدد من الفنون الإلكترونية الدعوية المناسبة لأطفال وشباب المسلمين بشكل خاص، ونحن نرى كيف سيطرت فنون “الكارتون” على حواس الأطفال، وكيف يمكن أن تستفيد الدعوة من هذه الفنون لو أحسن استخدامها خلقيا وسلوكيا وتربويا.

ويطالب د. زكي عثمان القائمين على هذه الاستخدامات بتقوى الله ومراعاة مصالح المسلمين. ومن غير المعقول أن يحول بعضنا هذه الوسائل الحديثة إلى أدوات جديدة للإساءة إلى الدين أو رسول الإسلام وأحكامه.

ومن الواجب في هذا الصدد أن تكثف المؤسسات الدينية الرسمية من استخداماتها لهذه الوسائط الحديثة حتى لا تترك الساحة خالية أمام مروجي الإثارة، وأن توجد لجان علمية للإشراف على ما تبثه بعض المواقع الإلكترونية. والأهم من هذا كله أن يتم بناء وعي إسلامي عند العامة، بحيث تتوافر لهم الثقافة الإسلامية والقدرة الإيمانية على معرفة الضار من النافع. فهذه الثقافة الإسلامية الواعية هي السبيل القويم لتقييم أي عمل ورده إلى حكم الله وشريعته.
*الخليج








أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "دين"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024